السؤال:
تقول السائلة: أبي رجل مريض شبه مقعد وكذلك أمي، ولهم من الأولاد سبعة أولاد وثلاث بنات، الأب له طبع غريب وشديد على أبنائه، -شيخنا هكذا السؤال-، والبنات يتناوبون في خدمة أبيهم وأمهم بالتناوب كونهم متزوجات، الأولاد -وهنا المعضلة شيخنا- ممنوعون من دخول البيت من قبل أبيهم، بل يغضب عليهم دائما ويلعنهم بالرغم من حاجته لهم ومن تودد الأولاد إلى أبيهم.
السؤال شيخنا: هل للأولاد من دخول البيت رغما عن أبيهم لرؤية أمهم وخدمتها أم لا؟
الجواب:
أولًا: أسأل الله عز وجل أن يثبت هذا الأخ السائل وسائر الإخوة.
أكبر واجب في الشريعة إعطاء كل ذي حق حقه، فأن يعطي الولد حق أبيه، وكذلك حق أمه فهذا واجب شرعي، بل هو من أكبر الواجبات. والسعيد من انتبه وما داخل بين الحقوق، حق الزوجة، حق الأب، حق الأم، حق الإخوة، حق الجيران، حق الأخوة في الله، وكل له حقه بمقداره ولا يقع تعدي، الواجب الطاعة كما قال النبي صلى الله عليه وسلم : “إنما الطاعة في المعروف”.البخاري٧١٤٥، مسلم١٨٤٠
فإذا الأب منع الأولاد من رؤية أمهم والدخول على أمهم، فليس له طاعة ولكن هو يأمرهم بمعصية فحينئذ نذكر قول الله تعالى: ﴿وَإِن جاهَداكَ عَلى أَن تُشرِكَ بي ما لَيسَ لَكَ بِهِ عِلمٌ فَلا تُطِعهُما وَصاحِبهُما فِي الدُّنيا مَعروفًا﴾[لقمان: ١٥].
الواجب على الأولاد ما يطيعوا الوالد وليس عقوقا إن لم يطيعوا الوالد وبروا الأم، الأصل بر هذا وبر هذا، سواء كان الوالدين مفترقين بينهم طلاق أو بينهم مشاكل، أو متفقين، الواجب للأم حق وللأب حق.
الأم مقدمة على الأب في النفقة، والأب مقدم على الأم في وجوب الطاعة؛ فالأم يجب عليها أن تطيع زوجها، فإذا أمر الأب بشيء وأمرت الأم بشيء، فطاعة الأب مقدمة على طاعة الأم، واذا كان الولد فقيرا لا يستطيع إلا النفقة على واحد من الإثنين فنفقة الأم مقدمة على نفقة الأب.
فالوالد له حق في الطاعة في المعروف، وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: “لَا يَجْزِي وَلَدٌ وَالِدًا، إِلَّا أَنْ يَجِدَهُ مَمْلُوكًا، فَيَشْتَرِيَهُ، فَيُعْتِقَهُ”.مسلم ١٥١٠، وهذا تعليق على شيء مستحيل.
هذا الأمر تعليق على شيء أشبه أن يكون مستحيلًا، مستحيل أن يكون الولد حرا والوالد عبد، ويستطيع الولد أن يُجزأ عن والده، ويقدم حقه إن وجده عبدا مملوكًا؛ فيشتريه ويعتقه.
فالشاهد أن الولد ينبغي أن يستحضر مهما فعل مع أبيه فهو مقصر، وحيئند ينتقي ويختار الطاعة التي هي بمعروف، وإن جاهداه على الشرك فالواجب المطلوب أن يصاحبهما في الدنيا معروفا، ولا يجوز أن يطيع الولد ولده في معصية.
فلعل الجواب ظهر بأن زيارة الأم ليست عقوقا للوالد، ويخشى إذا ما زاروا الوالدة يكونوا عاقين لها، وعدم طاعة الوالد في عدم حبه لزيارة الزوجة، أم الأولاد لا طاعة له في ذلك.
والله تعالى أعلم.
مداخلة الأخ المتصل:
شيخنا ينظر للمصالح والمفاسد في هذه الحالة؟
الجواب:
أنا أتكلم بوجه عام، أما التفاصيل هذه تحتاج أن يكشفها السائل، والسائل ما كشف عن شيء.
فأنا أتكلم بالاصول العامة التي توافق السؤال العام.
مداخلة الأخ المتصل:
شيخنا بالمناسبة أيضا النفقة على الوالدين من الأولاد إذا كانوا محتاجين النفقة هل هي على الأولاد جميعا ذكورًا وإناثًا، الكل متزوج والكل مستقل في بيته شيخنا، فهل النفقة واجبة على الجميع ذكورًا وإناثًا أم هناك تفصيل شيخنا؟
الجواب:
الله يقول في النفقة: ﴿وَعَلَى الوارِثِ مِثلُ ذلِكَ﴾[البقرة: ٢٣٣]؛ فالأب متى مات فالولد يرث، فالذكر والأنثى إن كانت الأنثى غنية ومعها مال، والمال خاص بها وليس المال الذي عندها لزوجها فتجب على الجميع، فعلى الوارث مثل ذلك وإن تصدى واحد من الأغنياء ذكورًا و إناثًا بالنفقة، وأراد أن يستأثر بالبر وقبل الآخرون فهذا أمر حسن.
الواجب أن يتنافس الأولاد ذكورًا و إناثًا في النفقة على أبيهم، وإن استأثر واحد منهم فهو الذي قد كتب الله له الخير، وأخذ الخير من جميع جوانبه، فالنفقة تجب على الغني منهم سواء ذكورًا أو إناثًا، والنظر في الغنى ما تملكه المرأة من مال لها وليس لزوجها، ومن المعروف أن الرجل وزوجه كل منهما أجنبي عن الآخر في المال.
والله تعالى أعلم.✍️✍️
↩️ الرابط:
⬅ خدمة الدرر الحسان من مجالس الشيخ مشهور بن حسن آل سلمان.
📥 للاشتراك:
• واتس آب: +962-77-675-7052
• تلغرام: t.me/meshhoor