السؤال:
شيخنا ما معنى قول أبي سعيد -رضي الله عنه- عن المعوذتين، قال: (لما نزلتا أخذ بهما النبي صلى الله عليه وسلم وترك ما سواهما.)
السؤال ما معنى ترك ما سواهما ؟
هل يفهم من هذا ترك الفاتحه مثلا وآية الكرسي أو ترك الأذكار النبوية الأخرى؟
الجواب:
أولاً الحديث صحيح والحديث عند الترمذي، فعن أبي سعيد -رضي الله عنه- قال: (كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يتعوذ من الجان وعين الإنسان، حتى نزلت المعوذتان؛ فلما نزلتا أخذ بهما وترك ما سواهما).سنن الترمذي٢٠٥٨ وصححه الشيخ الألباني.
وفهم المراد لا بد من ذكر الحديث بتمامه.
فالحديث كان النبي -صلى الله عليه وسلم- يتعوذ من الجان وعين الإنسان، حتى نزلت المعوذتان فلما نزلت المعوذتان أخذ بهما وترك ما سواهما.
فكان يتعوذ من الجان وعين الإنسان ثم ترك ما سواهما.
فالدلالة – بارك الله فيك- أن في المعوذتين غنية في الاستعاذة والتعوذ:
– من شر الإنس والجن
– وكذلك من كل مكروه.
– ومن شر ما خلق فكل شر يستعاذ به.
– وكذلك شر الغاسق إذا وقب: الليل الذي تنتشر فيه الشياطين.
– وكذلك الاستعاذة من شر النفوس الخبيثة.
– ومن شر حاسد إذا حسد.
– وشر النفاثات في العقد.
هذه نفوس شريرة كلها يتعوذ بها بالمعوذتين، وكان على هذا رسول الله -صلى الله عليه وسلم-.
ترك ما سواهما من الكلام مثل الرقية.
والأصل في الرقية:
١- إذا كانت بلغة عربية فصيحة.
٢- ولا تتحمل أوجه فيها خفاء ولا معاني فيها شرك.
٣- وليس فيها طلب استعانة من غير الله عز وجل، أو استعاذة بغير الله -عز وجل-، وكلماته.
الأصل فيها الحل.
وهذا يفيده الحديث، وكذلك قوله -صلى الله عليه وسلم- : “اعرضوا عليه رقاكم”؛ فعَنْ عَوْفِ بْنِ مَالِكٍ الْأَشْجَعِيِّ قَالَ: كُنَّا نَرْقِي فِي الْجَاهِلِيَّةِ، فَقُلْنَا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، كَيْفَ تَرَى فِي ذَلِكَ؟ فَقَالَ: “اعْرِضُوا عَلَيَّ رُقَاكُمْ، لَا بَأْسَ بِالرُّقَى مَا لَمْ يَكُنْ فِيهِ شِرْكٌ “. مسلم٢٢٠٠
فالأصل الحل وليس الحرمة في هذا كله.
لكن هدي النبي -صلى الله عليه وسلم- بعد أن نزلت المعوذتين ترك كل شيء إلا هذه الاستعاذة.
انظر إلى أبي سعيد الخدري والحديث في البخاري لما مر على قوم وكان فيهم سيد القوم لديغا فقرأ عليه الفاتحة، فعَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ ، أَنَّ نَاسًا مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كَانُوا فِي سَفَرٍ، فَمَرُّوا بِحَيٍّ مِنْ أَحْيَاءِ الْعَرَبِ، فَاسْتَضَافُوهُمْ فَلَمْ يُضِيفُوهُمْ، فَقَالُوا لَهُمْ: هَلْ فِيكُمْ رَاقٍ؟ فَإِنَّ سَيِّدَ الْحَيِّ لَدِيغٌ أَوْ مُصَابٌ. فَقَالَ رَجُلٌ مِنْهُمْ: نَعَمْ. فَأَتَاهُ، فَرَقَاهُ بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ، فَبَرَأَ الرَّجُلُ، فَأُعْطِيَ قَطِيعًا مِنْ غَنَمٍ، فَأَبَى أَنْ يَقْبَلَهَا، وَقَالَ: حَتَّى أَذْكُرَ ذَلِكَ لِلنَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-. فَأَتَى النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، فَذَكَرَ ذَلِكَ لَهُ، فَقَالَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَاللَّهِ مَا رَقَيْتُ إِلَّا بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ. فَتَبَسَّمَ وَقَالَ: “وَمَا أَدْرَاكَ أَنَّهَا رُقْيَةٌ؟” ثُمَّ قَالَ: “خُذُوا مِنْهُمْ، وَاضْرِبُوا لِي بِسَهْمٍ مَعَكُمْ”. البخاري٥٧٣٧ مسلم ٢٢٠١.
وفي رواية عند الترمذي قال: سبع مرات؛ فعن أبي سعيد الخدري قال: بعثنا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في سرية، فنزلنا بقوم فسألناهم القرى فلم يقرونا؛ فلدغ سيدهم؛ فأتونا فقالوا: هل فيكم من يرقي من العقرب؟ قلت: نعم: أنا، ولكن لا أرقيه حتى تعطونا غنما.
قال: فأنا أعطيكم ثلاثين شاة فقبلنا، فقرأت عليه (الحمد لله) سبع مرات؛ فبرأ وقبضنا الغنم.
قال: فعرض في أنفسنا منها شيء؛ فقلنا: لا تعجلوا حتى تأتوا رسول الله -صلى الله عليه وسلم-.
قال: فلما قدمنا عليه ذكرت له الذي صنعت.
قال: “وما علمت أنها رقية”، اقبضوا الغنم واضربوا لي معكم بسهم”. سنن الترمذي٢٠٦٣ وصححه الألباني.
فالنبي -صلى الله عليه وسلم- قال له: وما أدراك أنها رقية؟ يعني كان باجتهاد منه.
فقوله -صلى الله عليه وسلم- وترك ما سواهما تعود إلى أول الحديث، وأول الحديث: كان يتعوذ من الجان وعين الإنسان حتى نزلت، فلما نزلت ترك ما سواهما.
أما الرقية بآية الكرسي والرقية بسورة الفاتحة: لا حرج فيه لأن هذا غير داخل في قول (وترك ما سواهما).
والله أعلم.
مداخلة الأخ المتصل:
الحقيقة أن الرقية وحال الرقاة يحتاج إلى مجلس خاص، لعلنا نؤجله إلى مرة نفرد الكلام عن الرقية والأسئلة عن الرقية، وخاصة أن بعض إخواننا توسع في هذا كثيرا وبعضهم ينكر.
الشيخ:
زارني أخ من جدة، وأخبرني أن له قناة، وأنه يعالج وأنه من مشاهير الرقاة في العالم، وسجل مجلسا حافلا بالفوائد، وهو موجود على النت فلو أنكم تسمعوه ستجدون فوائد حسنة -بإذن الله-.
✍️✍️
↩️ الرابط:
⬅ خدمة الدرر الحسان من مجالس الشيخ مشهور بن حسن آل سلمان.
📥 للاشتراك:
• واتس آب: +962-77-675-7052
• تلغرام: t.me/meshhoor