السؤاب:
أخ يسأل عن صحة ما ذكره الإمام البغوي في التفسير (تفسير البغوي) عن قصة منافق و يهودي اختلفا إلى عمر فقتل عمر المنافق حتى بَرَدَ و ذلك عند قول الله عز وجل “فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّىٰ يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجًا مِّمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا(65)” النساء.
الجواب:
القصة وردت و مفادها أن منافقا و يهوديا تحاكما في خصومة إلى النبي ﷺ فقضى النبي ﷺ لليهودي.
فقال المنافق: نذهب إلى أبي بكر، فقضى أبو بكر لليهودي.
فقال المنافق: نذهب إلى عمر، فلما جاءا عمر سألهم عمر اتقاضيتم عند غيري؟
قالوا: تقضينا عند النبي و أبي بكر.
قال: فحكمي عليكما تمهلا حتى أعطيكم الحكم، فدخل بيته و سلَّ سيفه و قطع رأس المنافق، و قال: هذا حكمي.
فلما بلغ الخبر النبي ﷺ أنزل الله عز وجل قوله “فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّىٰ يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجًا مِّمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا (65)” النساء.
هذه القصة لا يوجد لها إسناد صحيح.
أخرجها ابن أبي حاتم في تفسيره (تفسير ابن أبي حاتم الرازي) الجزء الثالث حديث رقم ٥٥٦٠، و كذلك أخرجها ابن مرداويه في تفسيره (التفسير المسند)، و ابن لحين في مسنده و هي من مرسل أبي الأسود، ووردت أيضا من مرسل الشعبي و عكرمة و مجاهد و ضمرة ابن حبيب.
ولا يوجد لها إسناد صحيح متصل.
هذه القصة مراسيل، و المراسيل فيها علة عدم ذكر الصحابي ففيها انقطاع و فيها رفع التابعي شيئا للنبي ﷺ من غير ذكر الواسطة، و هذا ضعف عند أهل الصنعة الحديثية.
فهذه القصة لا يجوز ذكرها، ولم تثبت و لم تصح.
لكن ثبت في صحيح الإمام البخاري برقم ٢٣٥٩ و في صحيح الإمام مسلم برقم ٢٣٥٧ من حديث الزبير أن رجلا أنصاري خاصم الزبير في شراج الحرة -في سقي بستان فيه نخل-، خاصمه إلى النبي ﷺ و كان الأنصاري يقول للزبير: سرح الماء حتى يَمُر، و كان الزبير يغضب ولا يقبل، فغضب الأنصاري، فتحاكما إلى النبي ﷺ فقال النبي ﷺ: اسقي يا زبير .
راوي القصة ابن الزبير و المُخاصمة مع الزبير ابن العوام.
قال له النبي ﷺ: اسقي يا زبير، ثم أرسل الماء يمر ، اسقي أنت أولا ثم أرسل الماء يمر إلى جارك إلى بستان الأنصاري.
فغضب الأنصاري و قال: أن كان ابن عمتك، حكمت له لأنه ابن عمتك، عن الزبير .
فتلوَّن وجه رسول الله ﷺ و غضب ثم قال: اسقي يا زبير ثم احبس الماء حتى يرجع إلى الجدار، اسقي واحبس الماء عنه.
فأنزل الله عز و جل بعد أن قال النبي ﷺ قولته هذه أنزل الله عز وجل “فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّىٰ يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجًا مِّمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا(65)” النساء.
الحديث: رقم 2357 ( 129 ) حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ ، حَدَّثَنَا لَيْثٌ ح وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ رُمْحٍ ، أَخْبَرَنَا اللَّيْثُ ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ ، عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ ، أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ الزُّبَيْرِ حَدَّثَهُ، أَنَّ رَجُلًا مِنَ الْأَنْصَارِ خَاصَمَ الزُّبَيْرَ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي شِرَاجِ الْحَرَّةِ الَّتِي يَسْقُونَ بِهَا النَّخْلَ، فَقَالَ الْأَنْصَارِيُّ : سَرِّحِ الْمَاءَ يَمُرُّ. فَأَبَى عَلَيْهِمْ، فَاخْتَصَمُوا عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِلزُّبَيْرِ : ” اسْقِ يَا زُبَيْرُ، ثُمَّ أَرْسِلِ الْمَاءَ إِلَى جَارِكَ “. فَغَضِبَ الْأَنْصَارِيُّ، فَقَالَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَنْ كَانَ ابْنَ عَمَّتِكَ ؟ فَتَلَوَّنَ وَجْهُ نَبِيِّ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ثُمَّ قَالَ : ” يَا زُبَيْرُ، اسْقِ، ثُمَّ احْبِسِ الْمَاءَ حَتَّى يَرْجِعَ إِلَى الْجَدْرِ “. فَقَالَ الزُّبَيْرُ : وَاللَّهِ، إِنِّي لَأَحْسِبُ هَذِهِ الْآيَةَ نَزَلَتْ فِي ذَلِكَ : { فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا }. صحيح مسلم.
فإذن سبب نزول الآية في قصة الأنصاري مع الزبير و ليست في قصة عمر مع المنافق و اليهودي.✍️✍️
⬅ خدمة الدرر الحسان من مجالس الشيخ مشهور بن حسن آل سلمان✍️✍️
↩️ تاريخ المجلس 2006/11/11
⏮️ رابط الفتوى:
📥 للاشتراك:
• واتس آب: +962-77-675-7052
• تلغرام: t.me/meshhoor