السؤال:
هذا أخ أيضاً من العراق، يقول: أنا مهندس في شركة نفطية ولكن مع هذا فأنا أريد أن أتعلم العلم الشرعي، ولكني لا أدري من أين ابدأ؟
الجواب:
طالب العلم مَتى يَبدأ يَستَشكِل فَليَحمَد الله.
يقول القرافي رحمه الله: أول مرحلة من مراحل الطلب الاستشكال.
إذا كنت جالس ما تَستَشكِل شيء -شيء تفهمه وشيء لا تفهمه- فأنت بعد مُحب و لست بطالب عِلم، إذا كنتَ تَسمَع ووصلتَ لمرحلة تَستَشكِل (الشيخ يقول كذا لكن في حديث كذا)، (الشيخ يقول كذا في شيخ آخر يقول كذا)، (الشيخ يقول كذا أنا قرأت في كتاب كذا)، (الشيخ يقول كذا ولكن في قاعدة تقول كذا).
إن بدأت تَستَشكِل فهذا أول الطلب، وهذا أول الفهم في الطلب. فالاستشكال أول بداية الطلب. والإنسان الذي ليس بِعَالِم لا بد أن يقع في حيرة.
فأخونا يقول أنا أريد ان أتعلم العلم الشرعي ولكني لا أدري من أين أبدأ، وقد قرأت لحد الآن مجموعة من الكُتُب وسمّاها، قال ولذا أرجو منكم أن تنظموا لي جدولاً يبين لي من أين ابدأ.
إخواني لا يوجد كتاب ألّفه عَالِم من لم يَقرأهُ لا يُفلِح، لا يوجد، لأن الناس جميعاً بحاجة إلى النصوص وليست النصوص بحاجة إلى أحد؛ ولو أنّ الله ما خَلَقَ فُلاناً مِن كِبار أهل العِلم لبَقِيَ الدين قائماً.
ولذا لا يوجد أحد هو مهيمن على الدِّين، فبعض الناس -وقد بَلَغَني عن بعضهم فيما سمعت في العراق- يَقول لبعض الطلبة: (مَن لَم يَقرأ كِتاب كذا ليس بِسَلَفِي، ومن لم يقرأ لِفُلان ليس بسلفي، ليس بِنَاجي)، وهذا خطأ ، ليس هكذا الدِّين، الدِّين المَنبَع، والمَنبَع ماذا؟
هو الكتاب والسُنَّة.
ونستأنس بالتطبيقات العملية، عندنا قاعدة، أستاذ الرياضيات لما يذكر القاعدة الطالب لا يفهم أبعادها حتى يأتي بأمثلة تطبيقية عملية، فكلما كَثَّر مِن التطبيقات العملية كلما فُهِمَت القاعدة أحسن.
الدِّين جاء للعمل، فإذا أردنا أن نفهم نصوص الكتاب والسُنَّة لا بد أن ننظر إلى مَن عَمِلَ، شريطة أن يكون على عِلمٍ وتَزكِية، والنّبي صلّى الله عليه وسلّم بَعثه الله فَعَلَّم وزكَّى، وأفلح أم لم يُفلح؟!
أفلح.
فالصحابة مُزَكُّون مُعَلّمُون، لأنهم طبقوا التطبيق العملي، هو مُراد الله ومُراد رسوله، ومِن ها هنا قلنا كتاب الله والسنة بفهم سلف الأمة، لأنه دين عملي، والصحابة التطبيقات العملية بنصوص الكتاب والسنة، حتى ما تَذهب الأفهام وتَشِت وتَفهَم النصوص على غير مراد الله وعلى غير مراد رسول الله صلّى الله عليه وسلّم.
فلا يوجد كتاب مُعيّن.
لذا طلبة العلم عليهم أن يحرصوا على قراءة القرآن الكريم وعلى قراءة تفسيره وعلى قراءة الصحيحين، فليس بطالب علم من لم يقرأ الصحيحين.
دُعِيت من فترة عند أخ على وليمة، فقال الأخ الله يهدي الخطيب اليوم -وكانت الوليمة بعد الجمعة- كُل أحاديثه موضوعة، فوقع في قلبي أن أستفصل، قُلت ماذا قال؟
فذكر لي أنّه رَكّز على حديثين وجعلهما مدار الخطبة ولم يسمع بهما صاحبنا، والحديثانِ في الصحيحين، وهما عنده لأنه لم يسمع بهما وجلس في دروس المشايخ الذين يقولون الصحيح الصحيح الصحيح وهو لم يسمع بهما، فقال ماذا؟
قال عنه موضوع، وهذا خطأ.
تأثرتُ كثيراً لما قرأت لأحمد شاكر في مقدمة تحقيقه لجامع الترمذي، يقول عن نفسه لما بدأت الطلب (طلب العلم)، قال قرأتُ على أبي، وكان أبوه محمد شاكر مِن العلماء الكبار في مصر وكان قاضياً، قال قرأتُ على أبي القرآن وتفسيره والكتب الستة أنا وأخي محمود، قال فبعد أن فرغنا قراءة القرآن وتفسيره والكتب الستة، قال أنا تخصصتُ في علم الحديث وأخي تخصص في علم الأدب، (يعني بدأ تخصصه بعد قراءة القرآن وتفسيره والكتب الستة)، أنا الآن تخصصتُ في علم الحديث يعني هذه قراءة القرآن و الكتب الستة هي الأرضية التي يشترك فيها كل المسلمين، فأخي ذهب لعلم الأدب وأنا تعلمت علم الحديث.
اليوم للأسف قلَّ أن نجد من يقرأ، لذا أنا أنصح إخواني أن يحيوا مجالس المذاكرة، فإذا لم يستطع المشايخ أن يقيموا دروساً ويثبتوا ويصبروا عليها، فعلى الأقل التلاميذ فيما بينهم يجلسون مجالس المذاكرة، فيقرأون فيما بينهم سنن الترمذي، سنن أبو داوود، سنن….، والآن هذه السنن الحمد لله طُبِعَت بأحكام الشيخ (شيخنا الألباني) وظاهرة الأحكام عليها، تقرأ الحُكم وتقرأ الكتاب، خلال شهر يمكن تقرأ كتاب من كُتُب السنن، أربعة أشهر تقرأ السنن الأربعة، وبودي لو أن المشايخ كلٌّ منهم دَرَّسَ كتاباً من الصحيحين أو السنن، حتى الناس تفهم مناهج العلماء أصحاب السُنَن (لأصحاب السنن مناهج)، ونفهم معنى الأحاديث وما شابه، وأرجو الله عز وجل أن يوفق الجميع لما يحب ويرضى.✍️✍️
↩️ رابط الفتوى:
⏮️ تاريخ: 2006/11/18
⬅ خدمة الدرر الحسان من مجالس الشيخ مشهور بن حسن آل سلمان
📥 للاشتراك:
• واتس آب: +962-77-675-7052
• تلغرام: t.me/meshhoor