قال به مالك وغيره من أهل العلم، وبينت ذلك في كتابي “القول المبين في أخطاء المصلين” وأما الدليل فالعمومات من مثل قوله صلى الله عليه وسلم: {لا يصلين أحدكم إلا إلى سترة وليدن منها}، أي يقرب، وقد صح أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يصلي فأرادت شاة أن تمر بين يديه فتقدم حتى ألصق بطنه بالجدار، ومرت الشاة من خلفه، فينبغي للإنسان أن يكون حريصاً.
والناس يعتقدون أن الحركة في الصلاة ليست بمحمودة، بل البعض يعتقد أن ثلاث حركات في الصلاة تبطلها، وهذه خرافة نبهنا عليها من قبل، فإن ترتب على الحركة إتمام وتحسين للصلاة فهي محمودة، فلو كان رجل يصلي في ممر الناس فتحرك خطوة وابتعد عن ممر الناس، حتى يصفو ذهنه، فهذا تقدم محمود، والأصل في الحركة الكراهة، لحديث عبادة بن الصامت في صحيح مسلم: {اسكنوا في صلاتكم}، لكن إن ترتب على الحركة القليلة في الصلاة تحسين فهذا محمود.
والضابط بين القليل والكثير في الحركة في الصلاة العرف فما يعرف أنه قليل فهو قليل، وما يعرف أنه كثير فهو كثير، وقلنا بالقليل لأن الأصل في الصلاة أفعال مخصوصة، والإنسان إن أدخل شيئاً في الصلاة لحاجة وضرورة، فعليه أن يقلل، لأنه ليس هذا الأصل، والأصل في المسبوق أنه ليس بمأمور بالسترة، لكن إن ترتب على الحركة شيء مطلوب كفتح طريق للناس، فيتحرك قليلاً ليتفرغ ذهنه ويحسن صلاته.