كثير من الناس يهجر القرآن وللهجر أشكال وضروب فمن لم يقرأ القرآن هجره بعينه ومن لم يسمعه هجره بأذنه، ومن قرأه أو سمعه ولم يتدبره، فقد هجره بقلبه، ومن سمعه وقرأه وتدبره ولم يعمل به، فقد هجره بأركانه.
وإذا رأيتم الإنسان اعتنى بالظاهر عناية زائدة، فإن في هذا دلالة ظاهرة على خراب الباطن، فكثير من الناس القرآن عنده يعلقه في السيارة يظن أن هذا المصحف يحميه، وهو لا يقرأه ولا يعمل به، وكثير من الناس يهجر القرآن، ويجعل القرآن زينة في بيته يزين به جدران البيت، والقرآن أنزل لنزين به جدران قلوبنا، ولكي تظهر ثمرته وبركته على جوارحنا، وما أنزل الله القرآن ليتخذ مناظر على الجدران فهذا نوع من الإهانة للقرآن الكريم، ورضي الله عن أبي الدرداء فإنه كان يقول: (إذا حليتم مصاحيفكم وزخرفتم مساجيدكم فالدمار عليكم) ومعنى المساجد أن تزخرف يعني أنها تعطلت مهمتها ، فمن وصايا السلف أن الإنسان المهموم يدخل المسجد لأنه لما يدخل المسجد ليجد بيتاً متواضعاً فيقول: لماذا أنا مهموم وهذه الدنيا ماذا تساوي إن كان بيت الله هكذا؟ فهذا يزيل عنه الغم، أما اليوم فزخرفة المساجد أصبح فيها مضاهاة للنصارى، والنبي صلى الله عليه وسلم أخبرنا أننا سنحمرها ونصفرها ونزخرفها، وهذا شرط من أشراط الساعة.
فالأصل في المصاحف ألا تزين ، والأصل في البيوت أن تبقى على ما هي عليه، وما أنزل الله القرآن لتزيين الجدران بالآيات ، فاعتن بالقرآن العناية الشرعية واقبل عليه واقرأه قراءة صحيحة، بأحكام التلاوة، والتدبر، ثم إياك أن تهجر جوارحك القرآن وأحكامه فاعمل به، هذا هو المطلوب.