أصبحت صلاة الخسوف ولله الحمد سنة مشهورة ، وشاعت وذاعت في الفترة الأخيرة ، بسبب الإقبال على العلم الشرعي فإنهم الطلبة يقومون بما يتعلمون ويظهرونه ، وأحسن سبيل للتعليم أن يظهر في الواقع ، فالقلة الذين يضبطون الأمور في التصور والذهن ، والكثرة يتعلمون بالتطبيق والعمل .
فكما حصل الكسوف من قريب ، ومن أشراط الساعة كثرة الخسوف والكسوف ، وقد أصبح كثيراً في الفترة الأخيرة .
وصلاة الخسوف والكسوف ركعتان ، في كل ركعة ركوعان ، نركع ثم نقوم ونقرأ الفاتحة وما تيسر ثم نركع ثم التسميع والتحميد ثم السجود فالسائل يسأل : رجل جاء ولم يدرك الركوع الأول من الركعة الأولى وأدرك الركوع الثاني من الركعة الأولى ، فهل يعتبر هذه الركعة أم لا ؟ فالمسألة مما وقع فيه خلاف بين أهل العلم ، وهي مذكورة في المبسوطات من كتب الفقهاء ، فقال الإمام ابن قدامة في المغني “إذا أدرك المأموم الإمام في الركوع الثاني ، احتمل أن تفوته ركعة ”
قلت : وهذا الخلاف على الرواية التي تقول أنه يركع ركوعين وبعض الفقهاء يرون أن صلاة الخسوف تكون ثلاث ركعات في الركعة الواحدة، فمن أدرك ركوعين من الثلاثة يعتد بها ركعة ، قال شارح المغني : ” فأما على الرواية التي يركع أكثر من ركوعين ، فإنه يكون مدركاً للركعة ، إذا فاته ركوع واحد ، لإدراكه معظم الركعة وقال حكاه ابن عقيل : والصواب أن صلاة الخسوف في كل ركعة ركوعان ، والصواب أنه لا يعتد المسبوق بالركعة التي فاته فيها الركوع الأول ، بل يجب عليه بعد أن يسلم الإمام أن يأتي بركعة كاملة ، ويركع في هذه الركعة ركوعين ، لأن صلاة الكسوف عبادة والعبادة توقيفية ، فيقتصر فيها على ما يثبت من كيفيتها وفق النصوص الصريحة ، وهذا مذهب غير واحد من المحققين من أهل العلم .
أما الخطبة فعلى أرجح الأقوال إنها سنة ، فقد استحبها الإمام الشافعي واسحق بن راهويه وابن المنذر وعامة أصحاب الحديث كما قال ابن حجر في الفتح ، وقد ثبت في صحيح البخاري عن عائشة رضي الله عنها قالت بعد أن ذكرت صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم الركعتين ، قالت ثم قام فأثنى على الله بما هو أهله ، ثم قال هما آيتان من آيات الله لا يخسفان لموت أحد ولا لحياته ، وترجم الإمام البخاري على هذا الحديث : باب خطبة الإمام في الكسوف ، وعلق فقال : وقالت عائشة وأسماء خطب رسول الله صلى الله عليه وسلم، والبخاري إذا علق شيئاً في صحيحه وجزم به يكون صحيحاً عنده ، ولكنه ليس على شرطه ، والله أعلم .