للعلماء مشارب ومذاهب في تعليم الطلبة، فالعراقي مثلاً كان يعلم صهره وتلميذه الهيثمي فأرشده إلى فكرة الزوائد، فكان صاحب فكرة كتب الزوائد للهيثمي هو العراقي، فلا يلزم من الشيخ أن يقرأ عليه الكتاب، حتى يقول عنه الطالب: شيخي، وأبو حنيفة كان من منهجه في تعليم الطلبة السؤال والجواب، فيضع الإشكال ثم يجيب ثم يضع الإشكال على الجواب، وهكذا، وكان صاحب حجة.
فالعلماء لهم أساليب والنبي صلى الله عليه وسلم قال: {طلب العلم فريضة} وما حدد الوسيلة فالواجب على الصغير والكبير والذكر والأنثى والعالم والجاهل والقاريء والأمي أن يكون طالب علم، فالوسيلة ما حددت، والطلب هو الفرض ولذا يجوز للإنسان أن يقول: قال شيخنا فلان إن استفاد منه، وعرف فقهه معرفة خاصة، وإن لم يلقه، ونجد من العلماء المتأخرين من يقول قال شيخنا ابن تيمية ويكون بينه وبين ابن تيمية أربعمائة سنة. فالذي يمعن الذهن من فقه ابن تيمية؟
والمهم في هذا الباب ألا يقع تلبيس ولا تدليس وألا يتشبع الإنسان بما لم يعط، فإن أردت أن تقول: قال شيخنا، وأنت لم تلقه وأوهمت سامعك أن لك به خاصة وأنك جثوت على الركب بين يديه، فهذا هو الممنوع أي التدليس والتلبيس وليس الممنوع التعظيم والتبجيل، فإنه إن كان مراد القائل التعظيم والتبجيل لمن استفاد منه، فهذا أمر حسن، لكن قل حقاً، واصنع عدلاً، فلا تلبس على السامع وتشعره أنك من خواص تلاميذه، وأنك رحلت إليه وما شابه، وإلا فهو من باب توقير العلماء، وتبجيلهم، والله أعلم….