السؤال الأول: أخ سائل يقول: شيخنا الفاضل وقع عندي إشكال: كيف التوفيق بين قول الله تعالى { ادْخُلُوا الْجَنَّةَ بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ (32) } وبين قوله صلى الله عليه وسلم ( لن يدخل أحدكم الجنّة بعمله )، أرجو البيان والتفصيل؟

الجواب :
أولاً اعلموا أن السنة وحي، وأنها من لدن عليم خبير.

وكان هشام بن حسان الدمشقي التابعي يقول: إنّ جبريل نزل بالسنّة كما نزل بالقرآن.

ولذا لا تعارض بين الآيات فيما بينها ولا بين الآيات و الأحاديث.

وكان إمام الأئمة أبو بكر بن خزيمة رحمه الله تعالى يقول في دروسه بأعلى صوته: من عنده حديث مع آية أو حديث مع حديث أو آية مع حديث متعارضات فليأتني بها فأنا أحلّها.

فكان هنالك علم في الشريعة هو ألفق بعلم الحديث أو بعلم التفسير ، وهو مشكل القرآن أو مشكل الآثار، وهذا العلم مختّص بالتوفيق بين نصوص الشرع .

{ ادْخُلُوا الْجَنَّةَ بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ (32) }، وقوله ( لن يدخل أحدكم الجنة بعمله ).

للعلماء أجوبة أهمها إثنان:

الأول : التركيز في الجواب على الباء.

ما معنى الباء؟

فمن المعلوم أن الحروف لها معانٍ عديدة.

وهناك باء في العربية تسمّى باء السببية.

فقالوا( أدخلوا الجنة بما كنتم تعملون): أي أدخلوا الجنة بسبب عملكم، فهذه الباء سببية.

وقالوا في قول النبي صلى الله عليه وسلم: لن يدخل أحدكم الجنة بعمله، هذه الباء باء الثمنية، فليست الأعمال ثمناً للجنة.

أنت لمّا تدخل منتزه فلا تدخله إلا بتذكرة، فلا يمكن أن تدخل المنتزه إلا بتذكرة، لكن هل هذه التذكرة ثمن المنتزه؟

فالسبب لا يكون إلا بالتذكرة، (إلا بالعمل)، ولكن هذا العمل ليس ثمناً للجنة، وهذا هو الجواب الأول.

فسلّطوا الضوء على الباء، وجعلوا معنى الباء في الآية غير معنى الباء في الحديث.

وقول جماهير الشرّاح والمفسّرين على خلاف هذا، فقالوا القول الثاني: قالوا: دخول الجنة ليس بالأعمال إنما دخول الجنة برحمة الله، فالأعمال ليست سبباً لدخول الجنة وإنّما دخول الجنة برحمة الله.

لذا ورد في الحديث على ما يسعف على هذا الفهم، لما قال النبي صلى الله عليه وسلم: لن يدخل أحدكم الجنة بعمله، قيل له: ولا أنت يا رسول الله؟ فقال صلى الله عليه وسلم: ولا أنا، إلا أن يتغمدني الله بفضل ورحمة. [البخاري: 5673].

فالنبي صلّى الله عليه وسلم في تتمة الحديث بيّن أنه لا يدخل أحد الجنة بعمله، وإنما يدخل الجنة برحمة الله.

ولكن منزلة العبيد في الجنة متفاوتة، وتكون منزلة كلٍ حسب عمله، وفقاً لعمله ، فالجنة ليس دخولها بالأعمال، وإنما منزلتك في الجنة تكون على حسب عملك.

والثاني كما قلت هو قول الجماهير وهو أقعد وأنسب مع تتمة الحديث.

والله تعالى اعلم.

⬅ *مجلس فتاوى الجمعة.*

16 جمادى الأولى1439هـجري.
2018 – 2 – 2 إفرنجي.

↩ *رابط الفتوى:*

⬅ *خدمة الدرر الحسان من مجالس الشيخ مشهور بن حسن آل سلمان.*

✍✍⬅ *للإشتراك في قناة التلغرام:*

http://t.me/meshhoor