*السؤال: ما هي أقرب صورة لصفة صلاة النبي صلى الله عليه وسلم في التراويح، وهل تكون بعد نومٍ، أو تكون في المسجد، أو تكون في البيت؟*
الجواب: جزاك الله خيرا.
الجواب على السؤال يقبل البسط ويقبل الاختصار، وسأتوسط، لن أبسط طويلاً، لأن البسط يحتاح لوقت طويل، والاختصار لعله لا يكون واضحا في أذهان بعض الأخوة.
فأقول، وبه سبحانه وتعالى أصول وأجول، وعليه الإعتماد والتكلان:
من رحمة النبي صلى الله عليه وسلم لأمته أنه ما صلى بهم *التراويح* جماعة إلا مرات قليلة، فخرج عليهم يومين أو ثلاثة، أو أربعة كما في رواية عند مُسلم.
فلما سمع الناس بخروجه لصلاة *التراويح* وكانوا يحبونه حُباً جما، تداعى الناس من المدينة، وجاءوا من أطرافها، وكانوا يدخلون المسجد وينتظرونه، والنبي صلى الله عليه وسلم علمَ بحالهم، فكان لا يخرج، حتى في رواية في صحيح مُسلم أنهم رموا بيته بالحجارة، ظنا منهم أنه نائم، يريدوا أن يصحوه.
وفي رواية عند ابن حبان أن سبب عدم خروجه صلى الله عليه وسلم حتى لا تكون صلاة *التراويح* جماعة، حتى لا يفرضها الله جماعة، لأنها لو كانت الصلاة جماعة فقط ما جاز أن نؤدي صلاة *التراويح* إلا جماعة.
فالنبي صلى الله عليه وسلم أدى صلاة *التراويح* جماعة وأداها مفردة.
صلى مرات قليلة جماعة.
ثم كان الناس كما في موطأ الإمام مالك يصلون *التراويح* في زمن *أبي بكر* رضي الله عنه، وفي بُرهة من زمن *عمر بن الخطاب* رضي الله عنه *عزيين، ومنفردين.*
*ما معنى عزيين؟*
يعني متفرقين، كل أثنين وثلاثة بإمام في نفس الوقت.
يعني لو صلاة *التراويح* صلاها إمام هنا، وإمام هناك، وإمام فوق، وإمام تحت، هذا ليس حراماً، وهذا لا يُبطل الصلاة، بخلاف الإشتراك مع صلاة الفريضة، الإشتراك في صلاة الفريضة لا يجوز.
وصلاها *عمر بن الخطاب* رضي الله عنه كذلك.
ثم *عمر* كان يصلي الفريضة ويخرج، ويتأمل، وينظر، فرأى أن العلة التي من أجلها لم يواظب النبي صلى الله عليه وسلم على صلاة *التروايح* زالت، وما داوم عليها مخافة أن تفرض على أمته، والوحي انقطع، والأحكام استقرت، فما كان من *عمر* رضي الله عنه إلا أن جمع الرجال على *أبي بن كعب*، وجمع النساء على *تميم الداري،* جعل إمام للنساء وامام للرجال، طبعا لا يوجد عندهم سماعات ومكبرات صوت، فجعل الصلاة على *نوبتين* في المسجد، نوبة لأبي بن كعب يصلي بالرجال، ونوبة لتميم الداري يصلي بالنساء.
ثم رأى أن الناس يقلون في الصلاة في أخر وقتها، فكان رضي الله تعالى عنه هو بنفسه لا يصلي على من جمعهم عليه، فنقل الصلاة إلى *أول الليل،* وكان عمر رضي الله عنه يمر عليهم ويقول: *والله إن التي ينامون عنها خيرٌ من التي يصلونها،* لكن لو بقي الأمر لصلاها عدد قليل.
لذا علماؤنا يقولون: *الصلاة مع الإمام ولو كانت مفضولة مع الاجتماع خيرٌ من صلاة الفرادى إلا في حق الآحاد الذين لا تقوم الصلاة بهم، لو أنهم تخلفوا عنها لقامت الصلاة، أما من تخلف، والصلاة لا تقوم، فصلاته المفضولة في جماعة أفضل من صلاته وحده.*
لذا قيل *للحسن البصري* أيهما أفضل أن أصلي *التراويح* في البيت لوحدي وأطول،أم أصليها في المسجد؟
قال رحمه الله: *صل حيث تجد قلبك، ويذرف دمعك.*
أين تجد خشوعك فصلي، الأمر واسع في صلاة *التراويح.*
*فعمر* رضي الله عنه هو الذي جمع الناس على إمام واحد.
وكان *علي* رضي الله عنه يترحم على عمر، وكان يسرج المساجد، وكان يقول في حق عمر: *رحمك الله يا عمر، لقد نورتَ مساجدنا.*
أي أنت يا عمر كنت أول واحد ممن جمع الناس.
ودرجَ الناس من بعد فعل *عمر* رضي الله عنه على أن يصلوا *التراويح* جماعة.
النبي صلى الله عليه وسلم هناك إشارات في أحاديثه على جواز أن نجتمع على إمام واحد، بل قال النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح: *من صلى مع الإمام حتى ينصرف كُتبت له قيام ليلة.*
ما معنى هذا الحديث؟
أنه يجوز الصلاة خلف الإمام حتى ينصرف.
*و لا يجوز أن ننظر إلى هدي النبي صلى الله عليه وسلم في فعله بمعزلٍ عن قوله.*
*أنا أعجب كُل العجب من شخص يصلي خلف الإمام، ولما الإمام يريد أن يصلي الوتر، ينهزم ويفارقه ويمشي، والنبي يقول لك: من صلى مع الإمام حتى ينصرف كُتبت له قيام ليلة*.
*أنت أوتر بوتر الإمام، واجلس في دارك، وقيام طول الليل مكتوب لك، لحديث النبي من صلى مع الإمام حتى ينصرف كُتبت له قيام ليلة.*
هذا بإيجاز حال صلاة *التراويح.*
ومنه يعلم أن صلاة *التراويح* تجوز جماعة، وتجوز فرادى، *وأن الأفضل والأحسن ما استقر عليه الحال من أدائها في جماعة.*
قال علماؤنا رحمهم الله: *كُل سُنة في البيت أفضل منها في المسجد، إلا نوعين من السُنن:*
1 – النوع الأول: *التطوع قبل صعود الإمام المنبر يوم الجمعة.*
فمن السنة أن تأتي مبكراً وتتطوع.
ما هو الاحسن أن تصلي تطوع في البيت أم في المسجد قبل صلاة الجمعة؟
في المسجد.
2 – النوع الثاني: *صلاة التراويح.*
*فصلاة التراويح* في المسجد أحب إلى الله من *صلاة التراويح* في البيت.
وما عدا هاذين النوعين، فصلاة التطوع في البيت أحب إلى الله من صلاة التطوع في المسجد، ودليله ما أخرجه *الشيخان* من حديث ابن عمر: *أحب الصلاة إلى الله صلاة الفرد في بيته إلا المكتوبة.*
هذا البيت المسكين، الذي أصبح اليوم يشكو ويأن، وأصبح هذا البيت لا يصلى فيه النوافل أبداً للأسف.
✍✍
*رابط الفتوى*