السؤال: بأي شيء يخرج العبد من مسمى أهل السنة والجماعة؟ وما الأصول التي من خالفها خرج من السلفية؟

السؤال:
بأي شيء يخرج العبد من مسمى أهل السنة والجماعة؟ وما الأصول التي من خالفها خرج من السلفية؟

الجواب:
هذا الصنف وقبل أن أجيب: من خرج من سنة الجماعة، ووقع في مثل هذه الأخطاء فهذا يرد عليه، يُناصح، ثم يرد عليه مع المناصحة.

ولا يلزم أن يرد عليه حتى يناصح.
لا. يناصح ويرد عليه، لأنه إذا رجعنا إلى موضوع مفاسد ومصالح، وهذه مفسدة عظيمة تخرج من مسمى أهل السنة والجماعة.

متى يخرج الإنسان من مسمى أهل السنة والجماعة؟
مبحث رائع رائق بحثه الشاطبي في أواخر كتابه الاعتصام، فقرر الإمام الشاطبي -رحمه الله- في أواخر كتابه الاعتصام: أنه يخرج الإنسان من مسمى أهل السنة والجماعة، إذا وقع في واحدة من ثلاثة، إذا وقع فيها فهذا لا يقال عنه من أهل السنة والجماعة.

١- الأمر الأول:
أن تكون أصوله غير أصول أهل السنة والجماعة.
والمراد هنا بالأصول، -والكلام مني-: أصول الاثبات، إثبات النص، طبعاً غير القرآن، إثبات النص من الحديث والأثر، أو أصول الاستدلال، كيف نستدل بالحديث.

هل أهل السنة والجماعة من الكبراء والعلماء والفضلاء متطابقون في أحكامهم؟
الجواب : لا.
لذا نحن نعتبر الأئمة الأربعة (أبي حنيفة ومالك والشافعي وأحمد -رحمهم الله جميعا-) يقيناً هم من أهل السنة والجماعة، ويقيناً هم من أئمة السلف، وكما أن الله -جل في علاه- يسر لحفظ الحديث أئمة الكتب الستة، أصحاب الصحيحين والسنن الأربعة، فإن الله يسر لضبط الفقه الأئمة الأربعة، والخارج عن اختيارات الأئمة الأربعة هذا من مظنة الخطأ، كذلك الحديث الذي يخرج عن الكتب الستة، الحديث إذا خرج عن الكتب الستة ولم يروه واحد من الستة هذا مظنة الخطأ.
لكن هل يلزم الخطأ ؟ لا.

يوجد أحاديث كثيرة خارج الكتب الستة صحيحة وليست ضعيفة، ويوجد أقوال خارج المذاهب الأربعة صحيحة.

كم فرحت كثيراً لما حَقَّقتُ ثلاث رسائل في الكنائس لتقي الدين السبكي، تقي الدين السبكي شافعي متعصب، هذا يعرفه القاصي والداني، في رسائله الثلاث كتب مرة ثم نقضها فكتب ثانية ثم نقضها فكتب ثالثة، في الرسالة الثالثة بدأ يعمل جولات مع أصحاب الشافعي، وخص فصول لتوهيم الرافعي وفصول لتوهيم النووي، وبدأ يختار الأدلة ويدرس المسائل دراسة تفصيلية بالأدلة النقلية، وأصبحت الأدلة النقلية هي المعتمدة عنده، واختار مذهب ابن جرير الطبري، وتحفظ على بعض المسائل كما يصنع شيخ الإسلام ابن تيمية تماماً حذو القذة بالقذة في كثير من المسائل .

الشاهد مما أقول الإنسان متى يخرج عن السلفية؟
سأجيب مرة أخرى على سؤال يلزم كل سلفي في الدنيا.

مشايخ السلفيين مختلفين.
لماذ أنتم مختلفين وما تقبلوا خلاف غيركم ؟
سؤال وجيه.
الجواب: خلافنا خلاف تخريج فروع وأما الأصول -أصول الاثبات-.
ما معنى أصول الاثبات؟
يعني: أئمتنا ولا أقول المعاصرين أئمتنا من عصر الصحابة إلى اليوم: يعتبرون القواعد في موضوع إثبات النص.
ما واحد منا يقول والله نحن نثبت النص بمنام، أو واحد يقول: والله أنا اثبت النص لأني أرى النبي -صلى الله عليه وسلم- رؤية مكاشفة والنبي صلى الله عليه وسلم يأتيني وأسأله ويجيبني، فنقول له: طالما النبي يسألك ويأتيك فلم نروي عن فلان؟!، قل هذا العلم منسوخ ما لنا فيه، أو اعتماد على منام أو اعتماد على كشف، هذه كلها أصول فاسدة.

فمن أعتقد أن الحديث يصح ويضعف بناءاً على أنه يرى النبي يقظة، وبناء على أنه يكاشف النبي -صلى الله عليه وسلم- هذا ليس من أهل الجماعة، هذا مبتدع، وهذه هي أصول الإثبات.

كذلك أصول الاستدلال.
ما معنى أصول الاستدلال ؟
كما فهم الصحابة من رسول الله -صلى الله عليه وسلم-.
الشاطبي لما ذكر أصول الاستدلال ، قال: ضبط فهم النص قائم على أمرين.
الأمر الأول: اللغة العربية.
الأمر الآخر: حال الأصحاب.

كيف فهم الصحابة فنفهم ، ولا يجوز لنا أن نتقدم عليهم في هذه الأصول، فأصول الاستدلال مهمة.

الآن أنا أصولي ثابتة، أصولي صحيحة، سواء إثباتاً أو استدلالاً؛ ولكن النتائج بناءاً على الأصول اختلفت: هذا خلاف يقال فيه صواب وخطأ، لا يقال فيه سنة وبدعة.

وقد يكون هو يحوم ولا يذكره أصالة فهذا أيضاً لا يقال أصول حتى نثبت أنه أصل، هذا الأمر الأول، أن الأصل اختلف.

٢- الأمر الثاني الذي نخرج به الإنسان من أهل السنة والجماعة:
أن تكثر الأخطاء في الفروع كثرةً نتيقن من خلالها أن الأصول فاسدة.

يعني: هو ما يصرح لكن هو في كل فروعه إذا سبرناها وأردنا أن نستخرج من هذه الفروع أصولاً: لم نجد أمامنا إلا أصول أهل البدعة فهذه الأصول تصبح تلحق بالأصل الأول.

٣- الأمر الثالث وهو المهم وهو مربط الفرس كما يقولون في هذا الزمان، وفيه تفصيل لبعض فروعه: أن توافق أهل البدع في مسألة هي علامة عليهم، هي شارة لهم.

يعني: لو واحد لا قدر الله، -نتكلم افتراض-، واحد موجود بينا الآن قال: أنا أحب الكتاب و أحب السنة واعتمد أصول أهل السنة واعتمد كلام أهل العلم والعلماء لكني أنا أقول القرآن مخلوق، هذا ماذا نقول عنه ؟
مبتدع و لا كرامة؛ لأنك وافقت أهل البدع في شيء هو علامة شارة.

هذه الجزئية مربط الفرس وتحتاج لتفصيل، والخلاف الشديد حول القدح والمدح لبعض الدعاة والغمز والنبز تقوم في هذه الجزئية، وهذه الجزئية لما تجد بعض الناس له انتماء لحزب، تعرف فلان من الناس إخوان مسلمين أو تبليغي أو كذا.

فبعض إخواننا ممن نحب ولا أقول إنهم غُلاة، يقول: كل من عُرف عنه أنه من هذه الجماعات؛ فهذا شارة له وهذا خارج من أصول أهل السنة، وهذا في نظري تضييق وليس بصحيح.

الذي علّمنا إياه شيخنا الألباني -رحمه الله تعالى- وعلّمنا إياه:
– بداية بلفت نظرنا من خلال مواقف عملية مع بعض المخالفين.
– ثم بالتصريح والبيان الواضح المبين في مسألة أخرى.
وهذه من المسائل المهمة.

ابدأ لكم بمواقف الشيخ الألباني العملية:
كان في الأسبوع الواحد في فترة من الفترات يأتي وفدين أو ثلاثة، يأتي وفد يمدح بفلان ثم يغيب الوفد ويأتي وفد آخر يقدح بعلان، وعلى هذا الحال استمر الأمر حوالي الثلاث أشهر كل أسبوع أو أسبوعين في مجلس أو مجلسين.
الذي لاحظته من الشيخ الألباني -رحمه الله تعالى- قبل أن أسمع منه البيان أنه للغائب -الغائب هو الذي يتكلم بلسانه-، إذا كان الحاضر يتكلم ضد فلان فالشيخ الألباني يقف مع فلان يحاول أن يجد له سبباً.

علماؤنا -رحمهم الله تعالى- حُكماء إن بينوا وصنعوا فهم حكماء بأفعالهم، وإن قالوا فهم حُكماء بأقوالهم.

الشيخ ابن عثيمين -رحمه الله- دخل على الشيخ سفر وهو يُدرّس، الشيخ سفر كان يُدرّس شرح الطحاوية في مسجد الأمير متعب في جدة -مسجد ضخم- في شرح الطحاوية كان يقعد عند الشيخ ستين لسبعين شخص، وكان بعد العشاء يُجيب على الأسئلة أسئلة حارة في السياسة وأسئلة مُهيجة -أسئلة الشباب-، فكان يحضر خمس ست آلاف شخص في درس بعد العشاء.

بعض إخوانا للأسف وخصوصاً الذين يميلون للحزبية يقول: إذا أنت خطّأت شخص وصنفته ما يجوز لك أن تصنفه من كلام، لكن يجب عليك أن تسمع كل كلامه ويجب عليك أن تقرأ كل كلامه وهذا خطأ، مستحيل؛ فأنا إذا سمعت كلام مرة واحدة لشخص أخطأ فيه أحكم عليه بما سمعت، أما أن تقول لي يجب أن تسمع كل شيء، هذا كلام يقوله كثير من الإخوان المسلمين عن سيد قطب، له كلام أو لا هذا الكلام خطأ، وهذا كلام سيد قطب وسيد قطب أخطأ.

هذه مسألة مهمة: لا يلزمني حتى أحكم على شخص أن أقرأ كل شيء، لكن في مضايق من حق شخص معروف أنه من أهل السنة والقرائن قائمة على أنه من أهل السنة ألجأ لمثل هذا بالبيان، وهذا ليس أصلاً.

الشاهد من هذا الإيراد كله أن شيخنا الألباني -رحمه الله تعالى- في البدايات والأمور عُمّيّة غير واضحة كان الشيخ -رحمه الله- تعالى يكون مع الغائب يجد له عذرا.

والله الذي لا إله إلا هو أنني أدعو لكل مؤثر للمسلمين ممن له حضور في واقع المسلمين بالهداية والسداد والتوفيق، والله الدافع لي لهذا الدعاء حب الله، والدافع لي أن ينصر الله دينه، لست محسوبا لا على فلان ولا على فلان لكن الدين في غربة وفي شدة.

الشاهد هذا لا يمنعنا ان نقول الحق.
كان شيخنا الألباني-رحمه الله تعالى- لما يتكلم عن الاخوان المسلمين يقول: الإخوان المسلمين والتبليغ والجماعات جماعة أبدان وليسوا جماعة أفهام، أفهامهم مختلفة منهم القريب ومنهم البعيد.

والله الذي لا إله إلا هو أنني سمعت الشيخ الألباني يقول بعد لقاء مع الشيخ عمر الأشقر -رحمه الله- وقد غادر المجلس: والله أن عليه سمت أهل العلم.

فالشاهد: هؤلاء الجماعات أن نقول هم شارة، هذا صحيح إذا كان الوقت وقت عز الاسلام والمسلمين لكن اذا اجتهد فرأى تحزبا فكان الشيخ الألباني -رحمه الله- يقول: هؤلاء يقربون ويبعدون على حسب فهمهم مع أن أصل تحزبهم ممقوت مرفوض ووافقوا فيه أهل الضلال.

أصل التحزب مرفوض ومبغوض، ووافقوا فيه أهل الضلال، وهذا من العدل والإنصاف، لكن هم يعاملون معاملة كلٌ على حدا.

يعني معقول نقول راشد الغنوشي مثل عمر الأشقر؟
والله بعيد.
والله لما جاء راشد الغنوشي حاضَرَ في جمعية المركز في عمان، وهو يحاضر كان هناك أستاذ – توفي رحمه الله- درسني في الجامعة أستاذ محمد أبو فارس، محمد أبو فارس حنبلي عقيدته سلفية، متعصب جدا للإخوان غفر الله.
ولما جاءنا الشيخ بكر أبو زيد إلى الاردن قال لي: أوصيك خيرا بمحمد أبو فارس، -الله أكبر- أي والله، قال لي: دير بالك عليه، فسجلت مادة عنده.

محمد ابو فارس عندما كان راشد الغنوشي في جمعية المركز يحاضر ماذا عمل؟
قام وكان جالس في الكرسي الأول ولف عليه وهو يحاضر وجاءه من وراءه وصفعه على ظهره وقال له: قم امش، ما هذا الضلال؟.
نحن نقول كما يقول شيخنا -رحمه الله تعالى- وأرى أن هذا القول وسط: أنهم هم يتفاوتون على حسب أفهامهم، وعلى حسب قربهم وبعدهم من المنهج، وهم في أصول تحزبهم في هذه الأصول وافقوا أهل البدع وهم مبتدعة لكن لا نلحقهم بأهل البدع من كل جانب، وهذا صنيع الشيخ العملي، فالشيخ كان يستقبلهم ويدعوهم.

فالشاهد من هذا الكلام كله متى يخرج الإنسان عن أصول السنة؟

الأول: من وافق أهل البدعة في أصولهم، سواء في الاثبات أو في الاستدلال.
الثاني: إذا كثرت الفروع كثرة تنبئ على أصل فاسد.
الثالث: إذا وافقوا أهل البدع في شارة.

من بديع الكتب التي كنت أحبها ونظرتها ولكن كنت أحلم أن تكون خلاف ذلك: كتاب أبي أحمد الحاكم “شعار أهل الحديث”، وأريد أن أستفيد فائدة من شعار أهل الحديث في الموضوع الذي نتكلم فيه.

شعار أهل الحديث في زمن أبي أحمد الحاكم الذي نقرأه ليس شعار أهل الحديث، لكن في زمنه هو شعار أهل الحديث، ونحن الآن نحتاج إلى مُؤلَف في شعار أهل الحديث، بل نحتاج أيضاُ إلى التركيز على أهل البدع وأصولهم الآن.

ولذا: هذه المسائل كلها ينبغي أن يكون الحاكم فيها من يعيش في ذاك العصر.

فواحد الآن يتكلم، ويُسقط أقوال لبعض السلف كانوا يُسقطونها في واقع يُعايشونه فتُسقَط الآن!!.

مع أنّي أقول قول الصحابي في العقيدة غير قوله في الفقه، وقول الصحابي الواحد ليس كقول الصحابة كلهم، وقول الصحابي أبوبكر وعمر ليس كقول غيرهما، أُفرّق بين هذه المسائل لكن نستثني الصحابة -.

قول التابعي وتابع التابعي في موضوع يُلحقه به، وما شابه: أقوال تصلح في مكان دون مكان ولقوم دون قوم، وجعلُها كالحديث وكالآية، وإعطائُها حكم النص وتبقى شاملة ثابتة باقية إلى يوم الدين: هذا ليس بسديد، وليس بصحيح.✍️✍️

↩ رابط الفتوى:

السؤال: بأي شيء يخرج العبد من مسمى أهل السنة والجماعة؟ وما الأصول التي من خالفها خرج من السلفية؟

◀ خدمة الدرر الحسان من مجالس الشيخ مشهور بن حسن آل سلمان✍️✍

📥 للاشتراك:
• واتس آب: ‎+962-77-675-7052
• تلغرام: t.me/meshhoor