السؤال:
شيخ مشهور أُحبُّك في الله، هل يجب على المؤمن أن يحيى حزيناً.
وجاءني سُؤال أيضاً أبتدأُ بهِ ثمَّ أرجعُ لِهذا، جاءني سؤال ما هي أسباب ذهاب الهمَّ والغمَّ.
الجواب:
ما أكثرُ الهمَّ والغمَّ هذه الأيام ولا سيما مع اشتداد الحاجة وكثرة الفقر الموجودة هذه الأيام.
الحقيقة الجواب يحتاج إلى تأمُّل، ويحتاج أن نَنْظُر إلى الآيات التي فيها ((فَلَا خَوۡفٌ عَلَیۡهِمۡ وَلَا هُمۡ یَحۡزَنُونَ)).
الله يقول: { فَمَنِ ٱتَّقَىٰ وَأَصۡلَحَ فَلَا خَوۡفٌ عَلَیۡهِمۡ وَلَا هُمۡ یَحۡزَنُونَ }
[سُورَةُ الأَعۡرَافِ: ٣٥].
ويقول الله عز وجل: { ٱلَّذِینَ یُنفِقُونَ أَمۡوَ ٰلَهُمۡ فِی سَبِیلِ ٱللَّهِ ثُمَّ لَا یُتۡبِعُونَ مَاۤ أَنفَقُوا۟ مَنࣰّا وَلَاۤ أَذࣰى لَّهُمۡ أَجۡرُهُمۡ عِندَ رَبِّهِمۡ وَلَا خَوۡفٌ عَلَیۡهِمۡ وَلَا هُمۡ یَحۡزَنُونَ } [سُورَةُ البَقَرَةِ: ٢٦٢]
في إثنتي عشرة آية ((فلا خوفٌ عليهم ولا هم يحزنون)).
و اعلم -علَّمني الله وإيَّاك- أنّ الجزاءَ من نفس جنس العمل، فإذا أدخلتَ سُرورًا وقدّمتَ صدقةً ومُساعدةً فإن الله يُجازيك بأن يرفع عنك الهمَ والغمَ.
فإذا فرَّجتَ عن الناس فرّج الله عنك.
ومن أسباب التفريج إدخال السرور والفرح، وإدخال السرور في قلب العبد المؤمن وأن تَجْبُرَ خاطره فضَّلَهُ النبي صلى الله عليه وسلم على الاعتكاف في مسجده شهرين، فمُراعاة جبرُ الخواطر، ومُراعاة إدخال السرور على الناس ولو بالكلمة الحسنة ولو بالحركة الخفيفة الطيبة، ولو بالهدية التي قد لا تكون تسوى شيئاً، فهذه من الطاعات المُهمَّات والتي يحتاجها الناس اليوم.
نأتي الآن للجواب.
هل المؤمن يكون حزينًا ؟
المؤمن يخاف، والمؤمن لا يكون عابدًا إلا أن يوجدَ في قلبه خوف ورجاء، وهذا ليس فقط لأتباع النبي محمد صلى الله عليه وسلم، هذا لكل أتباع الأنبياء، قال الله لنبيه صلى الله عليه وسلم :{ مَّا یُقَالُ لَكَ إِلَّا مَا قَدۡ قِیلَ لِلرُّسُلِ مِن قَبۡلِكَۚ إِنَّ رَبَّكَ لَذُو مَغۡفِرَةࣲ وَذُو عِقَابٍ أَلِیمࣲ } [سُورَةُ فُصِّلَتۡ: ٤٣]
المؤمن يعيش بين مغفرة وبين خوف، فإذا كان الحُزن بسبب الخوف، وتخاف على مَآلِك، وهل أنتْ من أهل النجاة أو من أهلِ النار، هذا الحزن يبقى في قلب العبدِ المُؤمن، لذا- أسأل الله أن يجعلنا وإياكم من أهل الجنة- لمَّا أهل الجنة يدخلون الجنة ماذا يقولون؟ {ٱلۡحَمۡدُ لِلَّهِ ٱلَّذِیۤ أَذۡهَبَ عَنَّا ٱلۡحَزَنَۖ} [سُورَةُ فَاطِرٍ: ٣٤]
الحَزَن يبقى في قلب المؤمن ليس حسرةً على الدنيا وعلى ملذاتها وشهواتها، وإنما خوفًا من أن يكون من أهل النار ، هذا الحَزن لا يزول من قلب المؤمن حتى يدخل الجنة، فأهل الجنة يقولون: ٱلۡحَمۡدُ لِلَّهِ ٱلَّذِیۤ أَذۡهَبَ عَنَّا ٱلۡحَزَنَۖ}.
فمعنى قولُهم ((ٱلۡحَمۡدُ لِلَّهِ ٱلَّذِیۤ أَذۡهَبَ عَنَّا ٱلۡحَزَنَۖ)) أن هذا الحَزَن باقٍ في قلوبهم، ويخافون من ذاك اليوم. والذي لا يخاف من الموت، والذي لا يخاف من الآخرة والمثول بين يدي الله لن يَصْلُحَ حاله، ورحم الله الإمام النووي قال : الذي يرقق القلب قراءة القرآن وتذكر الموت، قال فمن قرأ القرآن وتذكر الموت ولم يتحرك قلبه فليبحث له عن قلب، ولِيَبْكِ على قلبه، فإنه لا قلبَ له.
فالإنسان في قلبه الحَزَن خوفاً على مآلِهِ بين يدي اللهِ سُبحانه وتعالى.✍️✍️
↩️ الرابط:
⬅ خدمة الدرر الحسان من مجالس الشيخ مشهور بن حسن آل سلمان.
📥 للاشتراك:
• واتس آب: +962-77-675-7052
• تلغرام: t.me/meshhoor