أخ يقول:
ما حكم هذه الصورة من هذه المعاملة ، مالك لسيارة يعطي سيارته لمن يعمل عليها مقابل مقدار محدد من المال كأن يكون خمس مئة دينار شهرياً أو سبعة عشر دينار يومياً علماً بأن هذا هو واقع أصحاب التكاسي اليوم ، والله أعلم؟
الجواب:
على طالب العلم قبل أن يبدأ بالإجابة على أي سؤال أن يكيف المسألة ، فإن أحسن تكييفها فحاله كحال الطبيب الذي يشخص حال المريض ، فإن أحسن التشخيص أحسن التطبيب والمداواة.
الآن ، رجل عنده سيارة يعطيها لآخر ، فعلاقة من يركب السيارة بالسيارة ما هي؟
ما هو العقد؟
عقد إيجار.
أنا لما أركب في السيارة وينقلني من مكان لمكان فهذا إيجار وهذا حلال ، هذه الإيجارة هل فيها غرر؟
فيها شيء من الغرر لكن غرر ميسور لا يؤثر على صحة العقد.
ماذا نقصد بالغرر؟
الغرر أقسام.
يعني باص ينقل الركاب من ضاحية الحاج حسن إلى مجمع الزهور مثلاً أو مجمع رغدان، واحد نزل في نصف الطريق ، ممكن؟
هذا غرر.
صحيح؟
لكن غرر مضبوط لا حرج فيه ، مثل بيع البيض وبيع الجوز ، ممكن يكون البيض والجوز فاسد لكن هذا نادر ، فهذا غرر معفو عنه مثل استخدام الكهرباء وعد العداد واستخدام الماء، فلا يعرف المستأجر الكهرباء وكم تنفق وكم ستدفع فما تدري ، لكنه مضبوط بعداد ، انتهى والحمد لله ، شرط الإجارة عند العلماء أن تعرف مقدار الأجرة والمنفعة وإلخ ، فهنالك بما يستجد من أحداث ومن أمور ضبطت الأشياء بأمور تعارف عليها الناس وزالت ولله الحمد الجهالة وزال المحذور.
وأقول علاقة الذي يركب السيارة الزبون مع صاحب السيارة علاقة إجارة ، وعلاقة مالك السيارة مع الذي يعمل على السيارة، ما هي العلاقة؟ فإذا العلاقة علاقة أجارة فأنا يجوز لي أن أؤجر سيارتي لمن يعمل عليها بأي مبلغ ، لكن هل هذه العلاقة علاقة إجارة؟ أم أنها علاقة شركة؟
فالإجارة ، أنت الذي تحدد المنفعة وكيف تسير المنفعة ، وكيف تستخدم المنفعة.
وأما إذا كنت أنت لا تحدد شيئاً ، ولا يمكن أن تستثمر هذا الأمر إلا على جهة واحدة فهذه شركة، علاقة مالك السيارة مع الذي يشتغل على هذه السيارة ويعمل عليها علاقة شركة ، وهذا النوع من الشركات يسمى عند الفقهاء شركة مضاربة.
شركة المضاربة أن يكون المال من شخص واستخدام هذا المال من شخص آخر ، ومن المتفق عليه عند الفقهاء أن في شركة المضاربة لا يجتمع على المستثمر خسارة جهد وخسارة مال والأصل في الشركات أن تكون الربح بنسبة ، يعني صاحب السيارة يقول لي الثلث ولك الثلث وثلث للسيارة مثلاً يعود للسيارة وتصليح السيارة الخ.
لكن هنالك أزمة في الثقة بين الناس ولا سيما في المال فصاحب السيارة لا يقبل أن يعطيها للسائق ويقول له والله لي النصف ولك النصف ، ما أدري لعله يكذب لعله يشتغل بثلاثين أو أربعين دينار في اليوم ويقول أنا اشتغلت اليوم بعشرة دنانير ، فلا يوجد ثقة للأسف وبسبب عدم هذه الثقة كاد أن يكون القرض الحسن نسياً منسياً.
فأقول إخواني:
الأصل في علاقة مالك السيارة مع مستثمر السيارة أن يكون الربح بنسبة وأن تكون بينهما ديانة وثقة، فلما قلت الديانة اتسعت الذمم ، أصبح يقول له هذه السيارة وأريد منك كل يوم سبعة عشر دينار ، أو كل يوم خمسة عشر دينار ، فالذي أراه بعد التأمل في المسألة والله تعالى أعلم ، إذا كان السائق حصّل هذا المبلغ فأخذه المالك ، لا أرى فيه حرجاً ، لأن الأصل في المعاملات الحل ، وأما إذا كان السائق قد تعب وجهد ولم يقصر أي لم يستثمر السيارة في أموره الخاصة مثلاً ، فجهد وتعب ولم يقصر فلا يحل لمالك السيارة أن يجمع على سائقها خسارة جهد وخسارة مال ، هذا المسكين الذي تعب واجتهد ومطلوب منه آخر النهار أن يدفع سبعة عشر دينار وما أخرج إلا خمسة عشر دينار فلا يجوز لمالك السيارة أن يقول له أنا أريد سبعة عشر دينار وادفع دينارين من جيبك ، لا يحل له ذلك.
فلو حصل فحوى ومقصود العلماء من ثمرة شركة المضاربة بحيث لا يجتمع على الذي يُشغل هذا المال خسارة جهد وخسارة مال ، فدفع سبعة عشر دينار وهو كسبان ، لا أرى في هذا حرج ، لأن الأصل في المعاملات كما قلت الحل ، لكن أن نجمع على المستثمر فيخسر جهده ، وما ربح ، فهذا قدر الله عز وجل ، لكن أن نجمع عليه وأن نغرمه وأن نلزمه بأن يدفع من جيبه فهذا ظلم ما أنزل الله عز وجل به من سلطان.✍️✍️
↩️ رابط الفتوى:
⏮️ التاريخ:
4 ذو القعدة / 1427 هجري
25 / 11 / 2006 ميلادي
⬅ خدمة الدرر الحسان من مجالس الشيخ مشهور بن حسن آل سلمان
📥 للاشتراك:
• واتس آب: +962-77-675-7052
• تلغرام: t.me/meshhoor