[باب الجنائز – تغميض عين الميت]

[باب الجنائز – تغميض عين الميت]

٥٣٨ – وَعَنْ أُمِّ سَلَمَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ: دَخَلَ رَسُولُ اللَّهِ – صلى الله عليه وسلم – عَلَى أَبِي سَلَمَةَ – رضي الله عنه – وَقَدْ شُقَّ بَصَرُهُ فَأَغْمَضَهُ, ثُمَّ قَالَ: «إِنَّ الرُّوحَ إِذَا قُبِضَ, اتَّبَعَهُ الْبَصَرُ» فَضَجَّ نَاسٌ مِنْ أَهْلِهِ, فَقَالَ: «لَا تَدْعُوا عَلَى أَنْفُسِكُمْ إِلَّا بِخَيْرٍ. فَإِنَّ الْمَلَائِكَةَ تُؤَمِّنُ عَلَى مَا تَقُولُونَ». ثُمَّ قَالَ: «اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِأَبِي سَلَمَةَ, وَارْفَعْ دَرَجَتَهُ فِي الْمَهْدِيِّينَ, وَافْسِحْ لَهُ فِي قَبْرِهِ, وَنَوِّرْ لَهُ فِيهِ, وَاخْلُفْهُ فِي عَقِبِهِ». رَوَاهُ مُسْلِمٌ.

قال الشيخ مشهور حسن شارحاً الحديث:

هذه حادثة مهمة يستنبط منها أحكام فقهية وتربوية ، كيف لا وهي ثابتة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أخرجها مسلم في صحيحه.

حضر النبي صلى الله عليه وسلم احتضار أبي سلمة, قال وقد شق بصره أي حضره الموت ، وصار ينظر إلى الشيء وهو شاخص ينظر ولا يرتد إليه بصره.

فإذا أصبح الإنسان على هذا الحال يشخص بصره ولا يرجع ، ولا يرتدي إليه طرفه ؛ يقول العرب هذا شَق بصره ، صَرف اتجاه واحد ، لا يرجع إليه فدخل النبي صلى الله عليه وسلم على أبي سلمة وقد شق بصره ، وهو في الاحتضار.

فمن صعدت روحه ؛ أغمض النبي صلى الله عليه وسلم عينيه ، فمن حضر ميتاً فشخُـص و فارقت الروح الحياة ؛ فأول عمل ينبغي أن يعمله المسلم أن يغمض عينيه ، يغمض العينين.

قال :
فأغمضه.

ثم عمم النبي صلى الله عليه وسلم ، وليس هذا خاصاً بأبي سلمة هذا عام للناس جميعاً مسلمهم وكافرهم.

قال:
«إِنَّ الرُّوحَ إِذَا قُبِضَ, اتَّبَعَهُ الْبَصَرُ».

إذا خرجت الروح من الجسد تبعه البصر ناظراً ، أين تذهب هذه الروح ؟
تخرج الروح ، البصر يتعلق بالروح ، ويبقى الإنسان شاخصاً ، يفارق الحياة وهو شاخص ، والله أعلم بعد ذلك ماذا يجري.

انتقل من دار إلى دار ، والدار الثانية لا يجوز لنا أن نتكلم فيها إلا بدليل فلا يجوز فيها القياس ، ولا يجوز فيها الإلحاقات ، وما شابه ، إن الروح إذا قبض أتبعه البصر.

قال :
«فَضَجَّ نَاسٌ مِنْ أَهْلِهِ».

أي صاحوا.

والصياح عند المكروه والجزع ؛ في الشرع مذموم وليس بمحمود.

النبي صلى الله عليه وسلم وكلامه دقيق ، قال :
«لَا تَدْعُوا عَلَى أَنْفُسِكُمْ إِلَّا بِخَيْرٍ. فَإِنَّ الْمَلَائِكَةَ تُؤَمِّنُ عَلَى مَا تَقُولُونَ».

الملائكة في ذاك الوقت تؤمن ، فالعبد في ذاك الوقت لا يدعو إلا بخير ، ولا يشرع له الدعاء إلا بخير.

ثم دعا النبي صلى الله عليه وسلم لأبي سلمة :
«اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِأَبِي سَلَمَةَ, وَارْفَعْ دَرَجَتَهُ فِي الْمَهْدِيِّينَ, وَافْسِحْ لَهُ فِي قَبْرِهِ, وَنَوِّرْ لَهُ فِيهِ».
وفي الصحيحين كما سيأتينا من قول النبي صلى الله عليه وسلم:
«.. إنَّ هذِه القُبُورَ مَمْلُوءَةٌ ظُلْمَةً علَى أَهْلِهَا، وإنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ يُنَوِّرُهَا لهمْ بصَلَاتي عليهم..»

صلى النبي ﷺ :
بمعنى دعا.

فالله جل في أولى ينور هذا القبر بدعاء النبي صلى الله عليه وسلم ، ثم دعا لأهله قال:
«وَاخْلُفْهُ فِي عَقِبِهِ»

في هذه الحادثة :
جواز النظر إلى وجه الميت.
واستحباب تغميض عيني الميت بعد وفاته.
والنهي عن الضجيج والصراخ عند المصيبة.
واستحباب الدعاء بالخير عند الوفاة.
وأخبرنا النبي صلى الله عليه وسلم بهذا الحديث أن من رحمة الله بخلقه أن جعل الملائكة يواسون المسلمين عند مصائبهم فيؤمنون على دعائهم ويحضرون عندهم.
واستحباب الدعاء للميت وأهله وعقبه بأن يخلفهم الله عز وجل خيراً مما فقدوا.

وكما هو معلوم في الحديث منقبة لأبي سلمة المخزومي القرشي فهو من السابقين ، وهو ممن شهد هجرة الحبشة ، وممن هاجر إلى النبي صلى الله عليه وسلم ، ثم شهد بدراً ، وشهد أحداً ، فهذه فوائد هذا الحديث.

المصدر:
القناة الرسمية لفضيلة الشيخ مشهور حسن آل سلمان على يوتيوب.
البث المباشر – المحاضرة الثانية 🔸شرح بلوغ المرام (باب صلاة العيدين – آخر كتاب الزكاة)
بتاريخ :
10 محرم 1447 هجري
05 يوليو 2025 ميلادي✍️✍️

◀️ رابط الفتوى

:https://meshhoor.com/fatwa/f1087/