والفائدة اليوم حول الفاتحة:
ما هو السر في أن الله تعالى لم يذكر اليهود والنصارى في أواخر سورة الفاتحة، وإنما ذكرهم بالوصف لا بالاسم؟
فقال تعالى { ..غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ} [الفاتحة : 7]
بحثت في هذه المسألة سنوات، ولم أجد جوابًا.
فكّرت في المسألة طويلًا، وكفضلٍ من الله عز وجل عليَّ في تأملاتي في سورة الفاتحة، فانقدح في نفسي شيء، فإن كان صوابًا فالحمد لله تعالى، وإن كان خطأً فأسأل الله أن يعلّمني ويرشدني إلى الصواب .
الذي أراه:
أن قول الله تعالى في أول سورة الفاتحة: (الحمد لله رب العالمين)، فبدأها الله تعالى بالحمد لله رب العالمين، وختمها بذكر من هم الذين الله جل في علاه مربوب عليهم.
والبشر سواء من حيث استجابتهم أو عدمها أو توسطهم فيها ، أعني من قص الله علينا قصصهم من الأنبياء ، ومن لم يقص.
هم ممن أنعم الله عليهم ، وغير المغضوب عليهم ولا الضالين ،
أسأل الله أن يجعلني وإياكم من الذين أنعم الله عليهم، آمين.
من رُزق حسن الفهم وحسن القصد.
والمغضوب عليهم هم من لم يُرزقوا حسن القصد، والضالون من لم يُرزقوا حسن الفهم.
فالناس على هذه الأصناف الثلاثة.
فأتباع الأنبياء جميعًا، حتى ممن لم يقصَّ الله جلّ في علاه، ليسوا فقط المسلمون واليهود والنصارى، وإنما هم ممن أنعم الله عليهم، والمغضوب عليهم، والضالين.
فلو أن الله تعالى ذكر: “غير المغضوب عليهم ولا الضالين”، فذكر “غير اليهود ولا النصارى”، لما تحقق أن الله رب العالمين؛ فالله ربّ المغضوب عليهم، وربّ الضالين، وربّ الذين أنعم عليهم.
فكل الخلق هكذا يندرجون تحت هذه الأصناف الثلاثة، ولكن لو قال الله تعالى: “ولا اليهود ولا النصارى”، ما شمل ذلك العالمين كلهم.
فالعالمون من حيث أصنافهم وصلتهم بالله، هم:
ليسوا فقط مسلمون ونصارى ويهود ، وإنما هم ممن أنعم الله عليهم، وغير المغضوب عليهم، ولا الضالين.
هؤلاء هم الأصناف الثلاثة.
فهذا يتناسب مع قوله: “رب العالمين”. من هم العالمين الذين الله هو سبحانه ربهم؟ هم الأصناف الثلاثة.
فكل الخلق صلتهم بالله بهذه الصفات الثلاث.
نسأل الله أن يجعلنا وإياكم ممن أنعم الله عليهم، آمين، وممن رزقهم الله تعالى حسن الفهم وحسن القصد.
فلا توجد لله نعمة أعظم على العبد من أن يرزقه حسن فهمٍ وحسن قصد.
فحسن الفهم دون حسن القصد مصيبة، وحسن القصد دون حسن العلم مصيبة.
فالذين أنعم الله عليهم يمتازون بالأمرين:
فهمهم صحيح على فهم الأنبياء، وقصدهم في تألّههم وتوجّههم لربهم صحيح.
فهذه أكبر نعمةٍ من الله على عباده.
هذه فائدة في سر الربط بين أول الآية وآخر الآية في سورة الفاتحة. وعجائب الفاتحة لا تنتهي.
المصدر:
المحاضرة 1 – نيل المرام في آيات الأحكام – الشيخ مشهور بن حسن آل سلمان – الدورة السنوية 27
بتاريخ :
02 صفر 1447 هجري
27 يوليو 2025 ميلادي✍️✍️
◀️ رابط الفتوى في الموقع الرسمي :