[ من اعتقد أن نعمة الله هي فقط المأكل والمشرب والمَركب ..
فهذا في حقيقة أمره دابة من الدواب ]
لو أنك سألت نفسك في خلوتك وتأملت لتعلم نعمة الله عليك، يا طالب العلم، أيهما الأفضل:
المال أم العلم؟
النبي ﷺ في قصة غنائم حنين أعطى من هو دون مالاً ، وأبقى نفسه لبث العلم وللتعليم الشرعي مع الأنصار، فمن الأفضل؟
العلم.
العلم لا يحتاج من يحرسه، هو الذي يحرسك ، والمال يحتاج من يحرسه ويكلؤه ويشغل النفس والقلب والعقل والوقت فيه، ففرق كبير.
وهذه عبارة استفادها عن علي رضي الله تعالى عنه، لما نصح تلميذه الكميت بن زيد فقال: “العلم يحرس صاحبه والمال يحتاج إلى من يحرسه” ، وذكر له وصية بديعة جداً بين فيها أوجه التفاضل بين العلم والمال ، وشرحها في مساحة واسعة الإمام ابن القيم في كتابه البديع العجيب “مفتاح دار السعادة” قارَنَ بين المال وبين العلم.
وبلا شك أن العلم خير من المال، بدلالة أن الله يعطي المال لمن يحب ولمن لا يحب، والعلم لا يعطيه إلا لمن يحِب، وأن العلماء هم ورثة الأنبياء فهم خير من أصحاب الأموال.
كم من عالم فقير ، وكم من غني غبي لا يعرف شيئا من العلم!
دخل إمام من أئمة النحو ، دخل السوق، فسمع الباعة ينادون على بضائعهم ويلحنون، لا يَعرفون العربية، فوقف يسمع وتعجب، سكت ، ثم قال: “سبحان الله، يَـلحنون ويرزقون!”
قال: “يَـلحن ويُـرزَق !”
يعني لو كان الأمر له لكان الذي يلحن لا يرزق، لكن الأمر الله عز وجل وليس لأحد فهو الرزاق.
يلحنون ويرزقون، ليس فقط يلحنون ويرزقون، بل يرزقون ويعربدون ويضيعون أمر الله ويفعلون الموبقات”.
صحيح، فهذا حال كثير من الأغنياء!
لكن العلم يربي صاحبه ويهذبه ويقوده إلى الخير، إلى خير الدنيا والآخرة.
فقوله عليه الصلاة والسلام “لسلكت شعب الأنصار”، فهذه لفتة فيها إيماء بدلالة الإيماء في المفاضلة بين الغنى والعلم ، وأن العلم أحسن من الغنى.
فأنت في نعمة عظيمة ، أنت تقدرها ، لو صرتَ غنياً لعلمتَ النعمة التي أنتَ فيها ، فكل إنسان يبحث عن السعادة فيما لا يملكه، وما هو فيه من السعادة ينساها.
فهذه نعمة من الله عز وجل ، ومن اعتقد أن نعمة الله في المأكل والمشرب والمَركب، ولا نعمة لله إلا في هذه الثلاثة، فهذا في حقيقة أمره دابة من الدواب.
لو سُألتَ ما هي أعظم نعمة لله عليك؟
الجواب : أعظم نعمة الله عليَّ أن عرفني به ، وبعث لي رسولاً ﷺ ، وعرفني كيف أذل بين يديه ، وكيف أصلي لله بالشروط والأركان المذكورة بالنصوص، هذه أعظم نعمة لله عز وجل ، الله لا يعطيها لأي أحد.
المصدر:
شرح صحيح مسلم – فضيلة الشيخ مشهور بن حسن آل سلمان.
التاريخ:
12 ربيع أول 1447 هـ
04 سبتمبر 2025 م✍️✍️
◀️ رابط الفتوى:
[ من اعتقد أن نعمة الله هي فقط المأكل والمشرب والمَركب .. فهذا في حقيقة أمره دابة من الدواب ]