[ما من أحد ينفق إلا وسنّة الله تعالى قاضية أنه يُخلِف عليه]
قال فضيلة الشيخ مشهور حسن آل سلمان حفظه الله:
سنشرح حديث:
«مَا مِنْ يَوْمٍ يُصْبِحُ الْعِبَادُ فِيهِ إِلَّا مَلَكَانِ يَنْزِلَانِ، فَيَقُولُ أَحَدُهُمَا: اللَّهُمَّ أَعْطِ مُنْفِقًا خَلَفًا، وَيَقُولُ الْآخَرُ: اللَّهُمَّ أَعْطِ مُمْسِكًا تَلَفًا».
صحيح مسلم: في كتاب الزكاة، باب في المنفق والممسك. (برقم: 1010).
“ما من يوم يصبح العباد فيه”، إلا وقضت حكمة الله جل في علاه أن يكون في كل يوم ملائكة تخصّ المعطي وتدعو على الممسك، وهؤلاء الملائكة أصناف، وورد ذكرهم في عدد من الأحاديث، ليس صنفًا واحدًا، ولهم صنيع يشتركون فيه، في أنهم يدعون لمن أعطى، لمن بذل: “اللهم أعط منفقًا خلفًا”، قول الله عز وجل: { وَمَا أَنفَقْتُم مِّن شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ } (سبأ: 39)، هذا كلام الله عز وجل، وهذا دعاء الملائكة ، ودعاء الملائكة مستجاب.
فما من أحد ينفق إلا وسنّة الله تعالى قاضية أنه يُخلِف عليه، {وَمَا أَنفَقْتُم مِّن شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ} (سبأ: 39).
والذي يَـتصدق به ؛ ما يَفقده وإنما يُدَّخر له، ولذا كان بعض الصالحين لما يأتيه السائل، (بالتعبير الدارج اليوم: الشحاذ)، لما يأتيه الشحاذ فكان يقول: “مرحبًا ، مرحبًا بالذين ينقلون أموالنا من دار إلى دار”.
فكان السلف يعتبرون العطية بواسطة هؤلاء الناس تنقل لهم أموالهم من دار الدنيا إلى دار الآخرة، فهي لهم، هي ما خرجت من ملكهم، لكن هؤلاء السُّؤَّال ينقلونها، ينقلونها من دار الدنيا إلى دار الآخرة، و﴿وَالْآخِرَةُ خَيْرٌ وَأَبْقَىٰ﴾ (الأعلى: 17)، تعيش في الدنيا وأنت تحتاج إلى متاع، وتحتاج إلى ما يلزمك، وحياتك في الدنيا حياة كما أخبر النبي ﷺ: “أعمار أمتي ما بين الستين والسبعين”.
الستين تبدأ بالخمسين، إذا بلغ سنك خمسين سنة بدأت بالعقد الستين، وإذا بلغ سنك ستين سنة بلغت في العقد السبعين، فأعمار أمتي بين الستين والسبعين، يعني من خمسين لستين وكسر، وخمسين وكسر.
أقل الناس أعمارًا ، وأفضل الأمم، وأكثرها أجرًا وثوابًا وقربًا من الله.
ولذا لما أخبر النبي ﷺ الصحابة أننا نِصف أهل الجنة، كَـبَّر الصحابة فرحًا، ثم أوحى الله عز وجل لنبيه ﷺ فقال: “نحن ثلثا أهل الجنة”.
الحمد لله، أمة محمد ﷺ ليس النصف فقط، أمة محمد ﷺ بين سائر الأمم منذ أن خلق الله آدم إلى قيام الساعة، أمة محمد ﷺ هذه الأمة المرحومة، والزلازل رحمة بها، والقتل رحمة بها، وما يجري اليوم رحمة بالأمة، الله يرحمها بالفتن والزلازل والقتل.
فجاءت البشارة على لسان رسول الله ﷺ أننا ثلثا أهل الجنة، ولذا سنّة الله تعالى في كونه تمهيد إلى سنته في شرعه.
فالمعطي يدعو له الملائكة.
المصدر:
البث المباشر – درس شرح صحيح مسلم – فضيلة الشيخ مشهور بن حسن آل سلمان.
تاريخ:
22 جمادى الآخرة 1445 هـ
04 يناير 2024 م✍️✍️
◀️ الرابط في الموقع الرسمي :