[هل الظاهرية هم أهل الحديث؟ (خطأ شائع) ]
قال فضيلة الشيخ مشهور حسن آل سلمان حفظه الله:
انتبه!
شيء مهم لا يتفطن له كثير من طلبة العلم:
مذهب أهل الحديث غير مذهب الظاهرية.
كثير من الناس يعتقد أن مذهب أهل الحديث هو مذهب الظاهرية.
وأكثر شيء يميز بين مذهب أهل الحديث و مذهب الظاهرية:
أن أهل الحديث يُـعمِلون القياس ويرون حجية القياس، وأن أهل الظاهر يَجمدون ولا يعملون بالقياس.
شيخ الإسلام له تقرير بديع لا أظنك تجده في كتاب ولا تسمعه على لسان، ووضحه وفصله طويلاً شديداً ابن القيم، وأخذ مساحة طويلة في كتابه إعلام الموقِّعين عن رب العالمين.
قَرَّر أن الشريعة كلها معقولة مطَّردة، وكلها على وِزان واحد، وليس فيها شيء خارج عن القياس، كلها قياس صحيح.
يقول ابن القيم في المجلد الرابع، صفحة 158 من إعلام الموقِّعين عن رب العالمين -عبارات قليلة، ثلاث أربع أسطر، لكنها بديعة، وقالها بعد جهد كبير وبعد بيان شديد-، قال:
وهذا مما حصلته من شيخ الإسلام قدس الله روحه وقت القراءة عليه، وهذه كانت طريقته، وإنما يقرر أن القياس الصحيح هو ما دل عليه النص، وأن من خالَف النص للقياس ؛ فقد خالف النص والقياس معًا.
إذاً -من باب التأكيد-:
مَن خالف النص للقياس ؛ فقد خالف النص والقياس معًا.
الشريعة مطردة سهلة.
لذا ابن القيم قبل ما يقرر هذه الحقيقة قدم لها بمقدمتين في كتابه إعلام الموقِّعين عن رب العالمين:
المقدمة الأولى أمثال القرآن التي نحن نقرأها الآن مع إخواننا، والمقدمة الثانية الرؤى والمنامات.
الرؤى والمنامات قائمة على أصول مطردة، الرؤى والمنامات تلخّص الأصول بورقة، إن حفظتها وكنت صاحب فراسة ومَلكة فحينئذ تصبح مُعبِّراً.
فالشريعة كلها مطردة تسير في اتجاه واحد.
وأزيدكم شيئاً نفيساً ذكره ابن القيم، ولكن لا أستطيع التفصيل، أذكره إجمالاً، لما بيَّن ابن القيم أن أحكام الشروع غير أحكام الوقوع، وأحكام البدايات غير أحكام النهايات، قال في كثير من الفروع:
ولجأ شيخ الإسلام إلى أن أحكام الشروع غير أحكام الوقوع لأنه رأى أن الشريعة مطردة قائمة على وزان واحد.
فلما تكون الشريعة قائمة على وزان واحد لابد أن تراعي أن أحكام الوقوع غير أحكام الشروع، أحكام الانتهاء غير أحكام الابتداء، وفصَّل هذا الإمام ابن القيم وطوَّل فيه.
هؤلاء العلماء الربانيون الذين يفهمون الشريعة بفهم سهل ميسور، ويفهمونها على أنها قواعد مطردة سهلة، وليس فيها شيء خلاف القياس.
كان يُدرّس في الدراسات العليا، الشيخ عمر بن عبد العزيز العراقي رحمه الله، خلاف القياس، وألَّف كتاباً مطبوعاً وهو جميل للغاية سماه:
المعدول به عن القياس عند شيخ الإسلام ابن تيمية.
وردَّ ابن القيم على كثير من الفقهاء بزعمهم أن هذا يخالِف القياس، فلما كان يوجّه أن هذا الفرع ليس مخالفاً للقياس وإنما هو وفق القياس، يضطر أن يقول:
هذا أحكام وقوع وليس أحكام شروع، وهذه ومضة تكفي.
المصدر:
البث المباشر – درس شرح صحيح مسلم – فضيلة الشيخ مشهور بن حسن آل سلمان.
تاريخ:
08 جمادى الآخرة 1445 هـ
21 ديسمبر 2023 م✍️✍️
◀️ الرابط في الموقع الرسمي :