[ ما رأيتُهُ في رحلة اندونيسيا العلمية / الإسلام انتشر بالسلم./ والجهل أكبر الآفات / المذهبُ الشافعيُّ وهممُ الطلبة / القضيةُ الفلسطينيةُ والداءُ الأصيلُ ]

[ ما رأيتُهُ في رحلة اندونيسيا العلمية / الإسلام انتشر بالسلم./
والجهل أكبر الآفات /

المذهبُ الشافعيُّ وهممُ الطلبة / القضيةُ الفلسطينيةُ والداءُ الأصيلُ ]

قال فضيلة الشيخ مشهور حسن آل سلمان حفظه الله:
إنَّ الحمدَ للهِ، نحمدُهُ ونستعينُهُ ونستغفرُهُ، ونعوذُ باللهِ من شرورِ أنفسِنا ومن سيئاتِ أعمالِنا، من يهدِهِ اللهُ فلا مُضلَّ لهُ ومن يُضلِلْ فلا هاديَ لهُ، وأشهدُ أن لا إلهَ إلا اللهُ وحدَهُ لا شريكَ لهُ، وأشهدُ أنَّ محمداً عبدُهُ ورسولُهُ، أما بعد:

الحمدُ للهِ الذي جمعَنا بعدَ فِراق، وكان الفِراق بسببِ السفرِ في دورة شرعية علمية إلى البلاد الإندونيسية، وجديرٌ بنا أن نعرفَ شيئاً يسيراً قبلَ أن نبدأَ بالدرسِ عن إندونيسيا.

إندونيسيا هي أكبر عددٍ للمسلمينَ فيها، فعددُ سكانِ إندونيسيا 280 مليوناً، وفيها من المسلمينَ قرابةُ ربعِ مليارٍ، فيها 250 مليوناً، نسبةُ المسلمينَ في إندونيسيا 87%.

والباقي أديانُهم تتوزعُ بينَ النصرانيةِ، ولا يوجدُ حملةٌ شديدةٌ في التنصُّر والتبشير في العالم مثل إندونيسيا، فباقي الأديانِ تتوزعُ بينَ النصرانيةِ والبوذيةِ والهندوسيةِ وأديانٍ أخرى قليلةٍ.

الذي فتحَ إندونيسيا أسلافُنا التجارُ بأخلاقِهم وحُسنِ معاملتِهم مع هؤلاء القومِ، وأهلُ إندونيسيا أهلُ أخلاقٍ وسكينةٍ وفيهم بُرودة، يعسُرُ أن يثوروا وأن يقوموا، حتى لما احتلتْهم هولندا ومكثتْ فترةً في ديارِهم ما قامَ على المستعمِرِ إلا الحضارمة ممن سكنوا إندونيسيا، والحضارمة اليمنيون لهم وجودٌ وحضورٌ قويٌّ ويتولونَ في كثيرٍ من الأحيان بعضَ المناصبِ المرموقةِ والوزاراتِ المعروفةِ، وفيهم عددٌ كبيرٌ من أصحابِ الأموالِ، وكثيرٌ منهم جزاهم ربي خيراً ممن يعملونَ على نشرِ دينِ اللهِ عز وجل هناكَ.

وإندونيسيا مثالٌ حيٌّ قائمٌ يَرُدُّ تلكَ الخُرافةَ التي رددَها الإسبانُ أولَ ما رددُوها وكتبوا في ذلكَ وطُبِعَ كتابُهم سنةَ 1550 للميلاد، من أوائلِ ما كُتبَ حولَ تلكَ الفِرْية التي لا يزالُ بعضُ الناسِ يرددُها ويكررُها بأنَّ الإسلامَ انتشرَ بالسيفِ، وكلُّ عاقلٍ يعلمُ أنَّ الإسلامَ ينجحُ بالسلمِ أكثرَ من نجاحِهِ بالحربِ، فإذا وُجِدتِ النفوسُ الهادئةُ والظروفُ العاديةُ، كما شهدناهُ في فترةٍ طويلةٍ مضتْ في أوروبا وأمريكا والأحداثُ السياسيةُ هادئةٌ، فالناسُ يلجؤونَ للإسلامِ لا مَحالةَ.

فالإنسانُ يبحثُ عن الحقِّ والحقيقةِ وليسَ أمامَهُ إلا الدخولُ في الإسلامِ، ولذا الإسلامُ دخلَ إندونيسيا بسببِ الأخلاقِ الطيبةِ التي وصلتْهم من خلالِ المعاملةِ مع التجارِ المسلمينَ الذين جاؤُوهم من أجلِ التجارةِ.

إندونيسيا بلادٌ كبيرةٌ جداً، يعني جاكرتا عاصمةُ إندونيسيا حجمُها يُقاربُ العشرةَ أضعافِ حجمِ الأردنِ، لا ليسَ عمَّانَ، إنما حجمُ الأردنِ، هذه “جاكرتا”.

فالناسُ هناكَ يعيشونَ بسكينةٍ ووداعةٍ وفيها أمنٌ كبيرٌ في تلكَ الديارِ، والمجتمعُ جُلُّهُ شبابٌ، والآفةُ العامةُ هي آفةُ المسلمينَ بالجملةِ، وهذه الآفةُ ينبغي أن تكونَ راسخةً وعليها أدلةٌ، وينبغي أن تكونَ بعضُ هذه الأدلةِ محسوسةً ملموسةً لأمثالِكم طلبةَ العلمِ، حتى تعلموا أنَّ مشكلةَ المسلمينَ الأولى إنما هي الجهلُ، والواجبُ على من علَّمَهُ اللهُ أن يرتقيَ بنفسِهِ وأن يُحصِّلَ ما استطاعَ وأن يعملَ على الأمرِ بالمعروفِ والنهيِ عن المنكرِ بعامةٍ، وإن استطاعَ أن يتفرغَ لأن يُعلِّمَ الناسَ ويُفقِّهَهم في حدودِ ما تعلَّمَ بيقينٍ، فهذا واجبٌ وقد يصلُ إلى الوجوبِ العينيِّ في حقِّ بعضِ النابهينَ، ولا سيَّما إن اعتراهُم داءُ الكسلِ أو داءُ الخمولِ، فالذي يستطيعُ أن يَنْهضَ بنفسِهِ حتى يُشارك في رفعِ الإثمِ عن سائرِ المسلمينَ في دعوتِهم إلى دينِ اللهِ القويمِ فهذا أمرٌ واجبٌ.

وأكثرُ ما يظهرُ الجهلُ كما شاهدتُهُ ورأيتُهُ في “كوسوفو” بوضوحٍ في رحلةٍ سابقةٍ في حقِّ النساء، فالمُراةُ في الشارعِ تراها مُتبرجةً جداً شبهَ عاريةٍ، ولما ياتي وقتُ الصلاةِ تُصلي، ولما تُذكِّرُها بأنَّ هذا ليسَ اللباسَ الشرعيَّ تستغرب!

لأنها تعتقدُ أنَّ اللباسَ الذي أوجبَهُ الشرعُ إنما هو للصلاةِ وليسَ لأنها امرأةٌ، فهي لها أن تلبسَ ما شاءتْ، ولكن إن صلَّتْ فيجبُ عليها أن تتقيدَ بالقيودِ المذكورةِ من خلالِ النصوصِ الشرعيةِ وبيَّنها الفقهاءُ والعلماءُ، فالمُراةُ جاهلةٌ، بل الناسُ بالجملةِ جُهَّالٌ، وإن كانَ الغالبُ فيهم أنهم فقهاءُ شافعيةٌ، المشيخةُ والذين يُديرونَ المسائلَ الشرعيةَ يُفتونَ الناسَ على مذهبِ الشافعيةِ، لكن قَلَّ من طلبةِ العلمِ من يعتني بالحديثِ.

ووجدنا وللهِ الحمدُ والمِنَّةُ في رحلتِنا هذه التي ذهبنا إليها هِمَماً كالجبالِ الرواسخِ، وهنالكَ أناسٌ حريصونَ كلَّ الحرصِ على أن يتعلموا دينَ اللهِ عز وجل، رأيتُ واحتككتُ ببعضِ من حضرَ الدورةَ الشرعيةَ التي عقدناها في “جاكرتا” في معهدِ ابنِ حجرٍ العسقلانيِّ “خاتمة أمراء المؤمنين” صاحبِ فتحِ الباري، له معهد ، أعلنوا عن الدورةِ الشرعيةِ، فقالَ لي المسؤولُ عن المعهدِ:
“الإعلانُ استمرَّ يومينِ ثم قطعنا الإعلانَ”.
قلت : لِم؟ قالَ: “لأنهُ في اليومينِ سجَّلَ 1500 طالبٍ، ولا سَعةَ عندنا في المعهدِ لهذا العددِ للمبيتِ والطعامِ والشرابِ”.

فالمعهدُ تُعقدُ فيه الدورةُ من بعدِ صلاةِ الفجرِ إلى الساعةِ العاشرةِ فما بعدُ، ويأخذونَ راحةَ القيلولةِ ما بينَ الظهرِ والعصرِ، وقِسْمٌ من أصحابِ الهممِ يُحبونَ أن يُراجعوا المذاكراتِ في الدرسِ السابقِ فيُعيدُ النظرَ إلى التسجيلِ الصوتيِّ والمرئيِّ في صالةٍ خاصةٍ والبقيةُ يرتاحونَ.

كان معي في الدورةِ أخوانِ شيخانِ عالمانِ فاضلانِ: أخونا الشيخُ عوايشةُ وأخونا الشيخُ باسمُ الجوابرةِ حفظهم اللهُ تعالى، فكانَ الشيخ باسم يبتدئُ من الفجرِ إلى قرابةِ الظهرِ، والشيخُ حسين يبدأُ من بعدِ العصرِ إلى المغربِ، وأنَا العبدُ الضعيفُ أُواصلُ إلى الساعةِ العاشرةِ إلى ما بعد ، حسبَ الحاجةِ والسؤالِ والجوابِ.

التقيتُ ببعضِ الطلبةِ وتعرَّفتُ على أحوالِ بعضِهم، تبيَّنَ لي أنَّ الطلبةَ جاؤُوا لحضورِ الدورةِ من أماكنَ بعيدةٍ وبعيدةٍ جداً، والذي سمعتُهُ فرَّحَني وذكَّرَني بهِمَمِ ونَهَمِ السلفِ في طلبِهم للعلمِ، فقالَ لي واحدٌ منهم:
“ركبتُ الطائرةَ أربعَ ساعاتٍ لما وصلتُ إلى جاكرتا”.

إندونيسيا واسعةٌ، إندونيسيا فيها 16 ألفَ جزيرةٍ ، بلادٌ واسعةٌ جداً، فلما وصلَ، ركبَ أربعَ ساعاتٍ، يعني الأربعُ ساعاتُ لما تركبُها من عمَّانَ تكادُ تصلُ لندنَ!
الأربعُ ساعاتِ من هنا إلى لندنَ!

هناكَ من مدينةٍ إلى مدينةٍ تصلُ أربعَ ساعاتٍ، وقالَ لي آخرُ: “ركبتُ في السفينةِ خمسةَ أيامٍ حتى وصلتُ لها”، وقالَ لي ثالثٌ: “ركبتُ أنا وزوجي على الدراجةِ دراجةٍ ناريةٍ لمدةِ أربعةِ أيامٍ بلياليها”، فقلتُ لهُ: “كيفَ كنتَ تنامُ؟” قالَ: “سهلٌ، متى حلَّ الليلُ أخذتُ مكاناً ونِمْتُ فيه”.

فالبلادُ بلادُ أمانٍ، وأرجو اللهَ أن يُديمَ الأمانَ على بلادِ المسلمينَ.

الله يَعلم كم فرحنا لما حصل ما حصل في سوريا بسبب الأمان الذي حَل بهم ، وبسبب أن الله خلصهم من ذاك الطاغية الكافر ، وانسلخ أولئك عن حكم الشام ، وعادت إن شاء الله إلى ما أخبرَ عنه نبينا ﷺ لتعود لتأخذَ مجدها ، وتأخذَ عِـزها ، وتأخذ مكانتها اللائقة بها ، الواردة في أحاديث رسول الله ﷺ .

فأهلُ إندونيسيا من الطلبةِ منهم أن يتقنَ العربيةَ، وكانتِ الدورةُ متخصصةً لمن يُتقنُ العربيةَ، فالمحاضراتُ كانت مع وجود مترجِم ، وهي قليلة ، وأما الدورةُ الشرعيةُ فكانتْ بالعربيةِ الخالصةِ، فكانتْ معقودةً لِرؤساءِ الجامعاتِ والمدرسينَ فيها ولأئمةِ المساجدِ والمُتقنينَ للغةِ العربيةِ.

ويتكلمُ باللغةِ العربيةِ بلغةٍ فصيحةٍ، فيتكلمُ كلمةً بالرفعِ ثم يقولُ لكَ: “معذرةً”، فيُعيدُها بالنصبِ على حالِها الصحيحِ، فتقولُ: “سبحانَ اللهِ!
ما سمعنا بهذا من الطلبةِ عندنا في الأردن !

فيتكلم فإن زلَّ فرفعَ منصوباً أو عكسَ، فيقولُ لكَ: “معذرةً”، فينطقُ الكلمةَ على الوجهِ النحويِّ الصوابِ، فهم يتكلمونَ العربيةَ تعلُّمًا وتحصيلاً ، لا سليقة فلا يعرفونَ العاميةَ ولا يعرفونَ الدارجةَ التي نعرفُها نحنُ الآنَ في خطابِنا.

فلا يحضرُ هذه الدوراتِ إلا أولئك الطلبةُ الذين تعبوا على أنفسِهم شديداً فأتقنوا العربيةَ، وأما المحاضراتُ العامةُ فكنتُ أُراقبُ المترجمَ فيقولُ كما أقولُ.

والذي رأيتُهُ وفرحتُ بهِ أنَّ شروطَ الطلبِ وشروطَ الدرسِ مُتمثلةٌ عندَهُم، شروطُ الدرسِ أربعةٌ مُتمثلةٌ عندَهم، أنا لا أراها في درسي هذا، لا أرى الشروطَ مُجتمِعةً، شروطُ الدرسِ:
① المُدرِّسُ.
② والطالبُ .
③ والمادةُ التي يدرسُها .
④ والقلمُ والورقةُ.

فما تكلمتُ كلمةً إلا وهي في الأوراقِ، فالكبيرُ يكتبُ والصغيرُ يكتبُ، وفي المحاضراتِ العامةِ النساءُ تكتبُ، وترجعُ وأنتَ مطمئنٌ إلى أنَّ هؤلاءِ قد أحكموا هذه الآثار العمليةُ الدينية التي يحبها اللهُ تعالى ويرضى.

هذه الآثارُ كما تعلمونَ بهذه الشروطِ تحصيلاً ثم تعليماً لا توجدُ بيننا نحنُ، كثيرٌ منا يسمعُ، يسمع (فقط دون كتابة).

بعضُ إخواننا، احتاج بعضُ الناسِ فترة من الفترات للخطباء، تتكلمُ مع بعضِ الإخوةِ ؛ يقول لك أنا لا أَخطُب!
أنتَ لك 40 سنةً تسمعُ، 30 سنةً تسمعُ، أنتَ هذا الدرسَ تسمعُ 20 سنةً، هذه السنواتُ ما لها زكاةٌ؟!

أليسَ واجباً عليكَ أن تؤديَ زكاةَ الذي سمعتَ وأن تتعلمَهُ وتُعلِّمَهُ؟
هذا كسلٌ، وهذه قلةُ دِيانةٍ، قلةُ سلوكِ سُبلِ النجاةِ عندَ اللهِ عز وجل.

النجاةُ عندَ اللهِ:
أن تتعلمَ وأن تُعلِّمَ وأن تصبرَ على ما تسمعُ جرَّاءَ كلامِكَ وجرَّاءَ تدريسِكَ.

فأسبابُ النجاةِ متوفرةٌ عندَهم، لكن للأسفِ الحياةُ شاغلةٌ لهم، يعني يخرجونَ من العملِ من الساعةِ الثامنةِ ويرجعونَ الساعةَ العاشرةَ ليلاً، طعامُهم غالباً خارجَ البيتِ، وهم في سِترٍ وليسوا في غِنىً إلا القلةُ القليلةُ.

القلةُ القليلةُ الأغنياءُ في البلادِ الكبيرةِ العددِ ثراؤُها فاحشٌ ولا يُتصوَّرُ، ولكن الغالبُ على الناسِ السِترُ، فهم ليسوا أهلَ حاجةٍ، وهم أهلُ نظامٍ، يسلُكُونَ النظامَ، الشارعُ إذا وجدتَ فيه أزمةً في بعضِ الأماكنِ أو جاءتْ أزمةٌ مباشرةً ؛ واحدٌ من الناسِ يقومُ فينظمُ السيرَ، فلما ينتهي من تنظيمُ السيرِ يعودُ ويركبُ السيارةَ ويمشي، فلا يوجدُ عندَهم مراقبُ سيرٍ رسميٌّ من الدولةِ، إنما هم الذين يراقبونَ الطريقَ وهم الذين يَعملونَ على تنظيمِ هذا الأمرِ، فهو شعبٌ مثاليٌّ في التنظيمِ وفي السكينةِ والهدوءِ.

هذه الأعدادُ لما تنتقلُ من مكانٍ لمكانٍ تحتاجُ أوقاتاً، فهم صابرونَ، أصحابُ صبرٍ.

فهذه نُبذةٌ يسيرةٌ عن إندونيسيا، لنعلمَ أنَّ غيرَنا من إخوانِنا المسلمينَ يحتاجوننا ، هذه الأعدادُ الكبيرةُ قرابةُ 250 مليوناً، ربعُ مليارٍ من المسلمينَ لا يوجدُ له مثيلٌ في هذا العددِ، هذا العددُ مُؤَمَّلٌ، هذا ما يُسمُّونَهُ في علمِ العسكريةِ:
البعدَ الاستراتيجيَّ للمسلمينَ.

أفلحوا بأن يشغلوهُ، وليسَ لهُ دورٌ في أيِّ مَسْألةٍ من مسائلِ القضايا التي تخصُّ بلادَ المسلمينَ ، والسببُ حرصنا على عروبتِنا ، فأسقَطَنا الإسلامَ، نحنُ قومٌ عَربٌ، ونأبى أن نقولَ نحنُ مسلمونَ!

وبعد قضيةُ العربِ -وهي القضيةُ النابضةُ الحيةُ التي يجبُ أن تكونَ في عروقِ كلِّ مسلمٍ-:
قضيةُ فلسطينَ.

حصرُوها في منظمة التحرير الفلسطينية ، وأبعدوا سائرَ الشعوبِ العربيةِ، ولا يوجدُ مؤامرةٌ أكبرُ من مؤامرةِ حصر قضيةِ فلسطينَ في العربِ أو حصرِها في الشعبِ الفلسطينيِّ.

كلُّ مسلمٍ يقولُ:
“لا إلهَ إلا اللهُ محمدٌ رسولُ اللهِ” لهُ حقٌّ في الأقصى ولهُ حقٌّ في فلسطينَ، وفُتِحتْ فلسطينُ بدماءِ الصحابةِ رضوانُ اللهِ تعالى عليهم، وشاركتْ في محاربةِ اليهودِ الجيوشُ العربيةُ وإخوانُنا من الأردنِ ومن العراقِ ومن سوريا ومن مصرَ، كلُّها مجبولٌ دماؤها، من استُشهِدَ إن شاءَ اللهُ يكونُ في سبيلِ اللهِ في تلكَ الديارِ وقتَ النكسةِ وقتَ النكبةِ سنةَ 48 وسنةَ 67، الدماءُ الأرضُ مجبولةٌ بدماءِ هؤلاءِ.

فهي ليستْ خاصةً بفلسطينَ، فلسطينُ لكلِّ مسلمٍ بما حباها اللهُ تعالى من ميزةٍ:
من وجودِ الأقصى فيها، ومن فرَّطَ في الأقصى فرَّطَ في مسجدِ رسولِ اللهِ وفرَّطَ في الحرمِ المكيِّ الشريفِ، فيبدأُ التفريطُ بالبعيدِ ثم ينتقلُ إلى القريبِ.

فهؤلاءِ الشعبُ شعبٌ كبيرٌ يحتاجُ أن نرفعَ عنهُ الآفةَ الأمَّ والأصلَ وهي الجهلُ.

الطبيبُ لما يأتيهِ مريضٌ يوصي دائماً الأطباءُ بفحصِ الدمِ، ليشَ فحصُ الدمِ؟
لأنهُ الدمُ ممتدٌ مِنْ على الرأسِ لأسفلِ القدمينِ، فيعرِفُ الطبيبُ الآفةَ من خلالِ الدمِ.

الفحصُ النموذجيُّ الشرعيُّ الصحيحُ لحالِ أمةِ الإسلامِ يُعرَفُ إما من المواسمِ العامةِ كالحجِّ والعمرةِ، ولا سيَّما في رمضانَ، أو من خلالِ هذه الشعوبِ الكبيرةِ العددِ، فلو أنَّكَ عملتَ لهم فحصاً وأردتَ أن تعرفَ الداءَ الذي فيهم لوجدتَ بطريقةٍ محسوسةٍ ملموسةٍ أنَّ الداءَ الأصيلَ إنما هو الجهلُ.

كنا في إندونيسيا في أيامِ عيدِ الميلادِ، في أواخرِ شهرِ ديسمبرَ الميلاديِّ، والناسُ يحتفلونَ بعيدِ الميلادِ على أنهُ عيدٌ وطنيٌّ ولا يعرفونَ أنهُ عيدٌ شرعيٌّ للنصارى وأنَّ هذا الاحتفالَ ممنوعٌ في الشرعِ، إنما يعني يُجارونَ الاحتفالَ الوطنيَّ بهِ فلا يعلمونَ حُرمتَهُ، فالجهلُ كبيرٌ للأسفِ في تلكَ البلادِ، وإخوانُنا بدأوا بفضلِ اللهِ تعالى يُعلِّمونَ الناسَ، فأسألُ اللهَ جلَّ في علاهُ أن يجعلَنا وإياكم مِفتاحَ خيرٍ مِغلاقَ شرٍّ، ونسألُهُ سبحانَهُ أن يستخدمَنا لنُصرةِ دينِهِ ونشرِ سُنةِ نبيِّهِ صلى اللهُ عليه وسلمَ.

المصدر:
البث المباشر – لدرس شيخنا شرح صحيح مسلم – فضيلة الشيخ مشهور بن حسن آل سلمان.
تاريخ:
9 رجب 1446 هـ
09 يناير 2025 م✍️✍️

◀️ الرابط في الموقع الرسمي :

[ ما رأيتُهُ في رحلة اندونيسيا العلمية / الإسلام انتشر بالسلم./ والجهل أكبر الآفات / المذهبُ الشافعيُّ وهممُ الطلبة / القضيةُ الفلسطينيةُ والداءُ الأصيلُ ]