اعلموا علمني الله وإياكم أن الله جل في علاه أحرص على دينه منا، وأغير على نبيه منا، وأكثر حباً لنبيه منا، واعلموا بارك الله فيكم أصلاً عَقَدياً مهماً تكلم فيه ابن أبي العز أحاط وطول، بل امتُحِن ابن أبي العز بسببه، وكتب العلماء مصنفات بسبب الفتنة التي وقع فيها، وكان بسبب هذه الفتنة ثلاث مسائل من بينها مسألة: الإيذاء والضر هل يلحق الله ورسوله؟ معتقد أهل السنة أن الكفار يؤذون الله ولكنهم لا يضرونه، وأن الكفار يؤذون رسول الله ولكنهم لا يضرونه، والدليل على ذلك قوله تعالى: “إن الذين يؤذون الله ورسوله لعنهم الله في الدنيا والآخرة وأعد لهم عذابا مهينا”، فالكفار لا يضرون الله ولا نبيه هؤلاء يضرون أنفسهم، لذا السلف الصالح كما ذكر شيخ الإسلام في الصارم المسلول كانوا يقولون: “كنا إذا حاصرنا قلعة واستعصت علينا فسمعنا شتم النبي منها استبشرنا بسرعة الفتح”
أيهما أعظم وأشد عند الله؛ شتم الله أم شتم رسول الله؟
شتم النبي صلى الله عليه وسلم أشد؛ لذا العلماء يقولون من شتم الله تقبل توبته ومن شتم النبي لا تقبل توبته، بل أقام الإمام ابن تيمية في كتابه الصارم المسلول على أن من شتم النبي هذا إمام من أئمة الكفر لا تقبل له توبة.
من يشتم الله يشتم بغضب وبحنق وهو يعلم أنه ضعيف والله قوي، لكن الذي يشتم النبي يريد إلحاق الضرر به، أما إلحاق الضرر بالله غير وارد وإلحاق الضرر بالنبي غير وارد أيضاً، هذه سنة الله في كونه وفي شرعه؛ لذا القرامطة لما جاءوا يأخذوا الحجر الأسود أرادوا أن يأخذوا جثة النبي لكن الله حماها، فالله يحمي النبي وهو حي ويحميه وهو ميت، الله يعصم نبيه صلى الله عليه وسلم.
مسائل الكلام على النبي صلى الله عليه وسلم أخذت ضجة إعلامية كبيرة جداً، الكفار ذكوراً وإناثاً كانوا يؤذون النبي في قصائد ما سمعنا هذه القصائد وما علمناها، علمنا كُليمات لأم جميل زوجة أبي لهب لا تسمن ولا تغني من جوع ولا نقلها المؤرخون، فالتفصيل في إيذاء النبي بالتدقيق ونقل العبارات وأن تسمح لنفسك أن ترى وتسمع لا أرى هذا صحيحاً، وقيام المسلمين للمظاهرات لا أرى هذا صحيحاً أيضاً، محاربة هؤلاء تكون بأن نعتصم بديننا وأن نلتزم هَدْيَ نبينا صلى الله عليه وسلم.
“وما كان ليعذبهم وأنت فيهم وما كان الله معذبهم وهم يستغفرون”
هل سألت نفسك لماذا قال الله تعالى: “وأنت فيهم” ولم يقل: وأنت منهم؟ هذان الأمانان باقيان دائمان ليوم الدين، لو كان الأمان مؤقت لقال: وأنت منهم، هل من الممكن أن يكون النبي الآن فينا؟ نعم، هل يمكن أن يكون النبي الآن منا؟ لا، لا يمكن أن يكون منا بعد أن التحق بالرفيق الأعلى، لكنه ممكن أن يكون فينا، هو فينا إذا اتبعنا سنته؛ لذا تأمل معي الآية مرة أخرى “وما كان الله ليعذبهم وأنت فيهم وما كان الله معذبهم وهم يستغفرون” لذا قال غير واحد من السلف “أعجب لأمة كيف تهلك وفيها أمانان باقيان ليوم الدين” ويعزى هذا لعلي.
الأمة هذه لا تهلك ما دام فيها أمانين؛ الأمان الأول: أن يكون النبي صلى الله عليه وسلم فيها، والأمان الثاني: أن نستغفر لذنوبنا كلما قصرنا وعصينا، فنحن الآن لما يفعل هؤلاء ما فعلوا نغيظهم بأن نلتزم بهدي رسول الله، هذا الذي يغيظهم، أما الشتم واللعن والمظاهرات وتنظهر لهذه المظاهرات فترى مسلمات متبرجات! ما هكذا علمنا النبي صلى الله عليه وسلم، عالج المشكلة بكلمات قليلات مباركات هنيئات مريئات، فلما كان النبي يسمع شتم الكفار له كان يقول: “يشتمون مذمماً وأنا محمد”، واسم محمد مجمع الخصال الحميدة، وأحمد الذي بلغ كل غاية في كل خصلة من هذه الخصال، فكأن الكفار لم يشتموا ما سماه الله محمد وأحمد
سجية النبي خلقها الله، وخلق الله محمد ليكون نبياً، وخلق الله محمد ليكون قدوة للبشرية كلها، الشُّجَّاع من الصحابة كانوا يقولون: “كنا نحتمي بالنبي وقت الشدة”.
إذا أردنا أن ننصر نبينا فنصرتنا إياه إن نتعلم هديه وظاهره صلى الله عليه وسلم، كن دعاية لدينك ولنبيك في شكلك وفي سكوتك، إن أكلت وإن شربت وإن نمت، فإذا رأيت واحد يأكل بالشمال فقل له:هدي النبي في اليمين، كم من كافر أسلم بسبب هدي يسير للنبي صلى الله عليه وسلم، بلاد فتحت بسبب أخلاق المسلمين لما تخلقوا بأخلاق النبي صلى الله عليه وسلم، أكبر تجمع للمسلمين في الكون في أندونيسيا ففيها ما يقارب مئتين مليون مسلم، ما راقت قطرة دم فيها بسبب أخلاق التجار فأين أخلاق تجارنا؟! أين اتباعهم للنبي صلى الله عليه وسلم؟!
قال تعالى: “مَنْ كَانَ يَظُنُّ أَنْ لَنْ يَنْصُرَهُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ فَلْيَمْدُدْ بِسَبَبٍ إِلَى السَّمَاءِ ثُمَّ لْيَقْطَعْ فَلْيَنْظُرْ هَلْ يُذْهِبَنَّ كَيْدُهُ مَا يَغِيظُ”، موتوا غيظاً يا من تطعنون في رسول الله، فقد قضى ربنا الذي لا يعجز عن شيء أن ينصر نبيه في الدنيا والآخرة، فنحن سعداء بنبينا وسعداء بهديه، لا تحيوا الباطل بذكره، رأينا في موسم الحج السابق الدنماركي الذي كان يرسم الرسوم المتحركة في الطعن في الرسول صلى الله عليه وسلم يبكي على ذنبه، وهناك عدة مجالات ومحطات عملت معه مقابلة فالمسألة ليست إشاعة، وتبرع بماله و بنى أكبر مسجد في الدنمارك.
الذين يحاربون الله حالهم كحال الذي ينفخ على الشمس ليطمئن، مجانين المستشرقين أعقل منهم.
زويمر في بعض المجالس قال: ايش سر القوة في المسلمين؟ قالوا: القرآن، قال: نجمع المصاحف نحره، قالوا: هذا يزيد المسلمين تمسكاً بكتابه، قال الخبيث: لكم حاجةَ أن يسيروا على نهج الشيطان فانظروا غطاء رؤوس النساء فتغطون بها القرآن فلا تصل بركات القرآن إلى المسلمين؛ لذا زويمر كان يقول: مدارس بنات المسلمين بؤبؤ عيني، سأفسد المسلمين بمدارس بناتهم؛ بالمناهج وبالمدرسات والفساد الذي سأدخله. البنت اول نشأتها إذا استطعت أن تفسدها خلاص ما في أمامك خير.
الخوف على أمتنا من هذه المؤامرات الماكرة، أما أن يشتم نبينا فإننا والله لا نخاف ولكن الحسرة اننا اذلاء، وهم ما قدروا على ذلك إلا لذلنا، وما وصلنا لهذا الذل إلا بسبب بعدنا عن ديننا، فلعل هذا الكلام يشعرنا بأهمية نبينا صلى الله عليه وسلم ونعمل على إحياء سنته والتمسك بهديه، ويكون هذا خير رد؛ رد هاديء عميق، ردُّ المتماسك بنفسه والإنسان الذي ينظر إلى عواقب الأمور. أما أن يقع هناك ثورات وتفجير لمجلة أو جريدة ليس بحسن وكله صنيع المتسرعين وصنيع غير العقلاء، وهذا منهج غير منهج النبيين لما أوذوا؛ فلما أوذي النبي صلى الله عليه وسلم كانت الأصنام على الكعبة والكفار كانت لهم مصالح كثيرة، وكان ممكن أن يؤذَوا في مصالحهم لكن الله لم يشأ لنبيه أن يصنع ذلك، بل أرسل الله ملك مع جبريل فقال جبريل للنبي صلى الله عليه وسلم: معي ملك الجبال، إن شئت اطبق عليهم الآخرين؛ فالناس علمنا اننا إن ضعفنا أن نبقى متمالكين، قال: لا، لعل الله يخرج من بين اصلابهم من يقول لا إله إلا الله، ونحن نقول لا إله إلا الله إن شتمتم ولعنتم فلعل الله يخرج من اصلابكم من يقول لا إله إلا الله.
لما كانوا يعملون هذه المظاهرات شتموا فيها الرسول أكبر مخرجة سينما أسلمت فهذا الدين هو دين الله عز وجل والغَيْرَة على نبيه هي من صنع الله عز وجل.