إن شاء ذبح العقيقة عن نفسه إن كان ذلك بمكنته، ولا يدخل عليه حرج بذلك، فقد صحح بعض الحفاظ أن النبي صلى الله عليه وسلم قد عق عن نفسه بعد النبوة، لكن ليس هذا على وجه الإلزام، وإن كان هذا واجباً محدداً بين طرفين قضاؤه يحتاج إلى أمر جديد، فإن فعله صلى الله عليه وسلم هو الأمر الجديد، ولكن فعله يدلل على السنية لا الوجوب.
والواجب على الوالد أن يذبح عن ولده إن كان مستطيعاً في اليوم السابع أو الرابع عشر أو الحادي والعشرين، فإن فاتت هذه الأوقات، فإن كان جاهلاً بالتوقيت فيعذر بالجهل فيذبح، في أقرب وقت، وإن لم يكن جاهلاً فله أن يذبح، لكن ذبحه اللاحق ليس كذبحه السابق، ولا يحتاج في هاتين الحالتين إلى أمر جديد، لأن فعل النبي صلى الله عليه وسلم فيه إذن عام، فأصبح فعله صلى الله عليه وسلم إذن لمن فاته التوقيت بعامة.
ويعق عن الذكر بشاتين وعن الأنثى بشاة، على الراجح لقوله صلى الله عليه وسلم: {عن الذكر شاتان وعن الأنثى شاة}، وورد أن النبي صلى الله عليه وسلم عق عن الحسن والحسين، كل منهما بشاة، فقال الشوكاني يجمع بين قوله وفعله، فأصل السنة شاة وتمامها شاتان، لكن روى النسائي في سننه أن النبي صلى الله عليه وسلم عق عن الحسن بكبشين أملحين، وعن الحسين بكبشين أملحين، وهذا أصح طرق الحديث، فوافق قوله صلى الله عليه وسلم عمله، فالأصل في العقيقة عن الذكر أن تكون شاتين فإن لم يقدر إلا بواحدة فلا حرج، ولا مانع بأن يعق الجد عن المولود كما فعل صلى الله عليه وسلم عن الحسن والحسين.
والعقيقة تكون بالأنعام ولا يجوز الشركة فيها، فلو أن اثنان اشتركا بجمل فهذا غير جائز على الراجح، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: {كل مولود مرتهن بعقيقته}، فكل واحد له دم مستقل وعقيقة خاصة، فلا يوزع الدم بين اثنين، والعقيقة إن تعينت ثم فقدت فلا بد من العقيقة ولا تسقط، إلا إن كان الأب لا يستطيع إلا هذه المفقودة، فليس عليه العقيقة لعدم استطاعته لا لأن التي ضاعت قد أجزأت ولا يوجد سن معين للعقيقة، لكن يستحب أن نقتدي بفعله صلى الله عليه وسلم فتكون العقيقة كبشاً مليحاً أقرناً، ويستحب في الشاتين عن الذكر أن تكونا متساويتين لقوله صلى الله عليه وسلم: {عن الذكر شاتان متكافئتان}، وما قيده الشرع في الأضحية من السن والعيوب لا نقيسها على العقيقة فكل منهما باب بوحده، والله أعلم…