السؤال السابع ما رأيكم بعلم الكلام وكيف يرد على من يقول إنه علم شريف…

http://meshhoor.com/wp/wp-content/uploads/2016/08/س-7.mp3الجوابُ: أصحابُ عِلْمِ الكلامِ كانوا في مَتاهاتٍ ، وكانوا يتكلَّمونَ كلامًا لا يُوصلُ إلى اليقين، ولذا كان الإمام الشافعيُّ – رحمه الله تعالى – يقول :” حُكْمِي في أهلِ الكلامِ أنْ يُطافَ بهم في البَوَادِي ، والوديانِ ، وأنْ يُرمَوا بالحجارةِ والعَسيفِ ، وينادي منادٍ ويقول : هذا جزاءُ مَنْ تَرَكَ كِتابَ اللهِ وسنَّةَ رسول الله – صلى الله عليه وسلم – وأقْبَلَ على عِلْمِ الكلامِ ” ، وكان الإمامُ أبو يوسف يعقوبُ بنُ إبراهيمَ يقول :” العلمُ بالكلامِ جَهْلٌ ، والجَهْلُ بعلمِ الكلامِ عِلْمٌ”، العلمُ بهِ جهلٌ ، والجهلُ به علمٌ ، وَأعيانُ رؤوسِ عُلماءِ الكلامِ كالفَخْرِ الرازيِّ ، وغيرِهِ كانوا يقولون : ” يا ليْتَنَا نموتُ على عقيدةِ العجائزِ” ؛ لأنَّهُ علم الكلام يُدْخِلُ الشَّكَّ ، ويُدخِل الريبَ في القلبِ.
لَعَمْرِي لَقَدْ طُفْتُ المَعَاهِدَ كُلَّهَا         وَسَيَّرْتُ طَرْفِي بَيْنَ تِلْكَ المَعَالِمِ
فَلَمْ أَرَ إلَّا وَاضِعًا كَفَّ حَـــائرٍ       على ذَقْنٍ أو قَارِعًا ســِــنَّ نَادِمِ
فيقولُ : طُفْتُ فما وجدتُ يقينًا ، اليقينُ والإيمانُ الفطريُّ هو المطلوبُ . الإيمانُ العقليُّ ومعرفةُ أنَّ اللهَ حقٌّ بالعقلِ لا يُنَجِّي عندَ اللهِ ، قد يعرفُ عبدٌ أنَّ اللهَ حقٌّ ، لكنَّه لا يعرفُ النبيَّ ، ولا يعرفُ الرِّسالةَ ، فقط أنَّهُ دَرَءَ الإلحادَ عن نفسهِ ، فهذا كُفْرٌ ، كُفَّارُ مَكَّةَ ما كونوا مُلْحِدِين .
يدَّعونَ أنَّ معرفةَ علمِ الكلامِ ثمرتُهُ رفعُ الشَّكِّ ورَفْعُ الرَّيْبِ . إنَّ الإلحادَ ، ورفعَ الشَّكِّ ، ورفعَ الرَّيْبِ أمرٌ طارئٌ على الإنسانِ ، لا سِيَّمَا إنْ أصابَتْهُ الشِّدَّةُ فإنَّ فِطْرَتَهُ إنَّما تلجأُ إلى اللهِ – عز وجل – ، لذا سأل دَهْرِيٌّ أبا حنيفةَ عن دليلٍ على أنَّ اللهَ حقٌ فقال : ” هل ركبتَ البحرَ؟  قال: نعم ، قال : هل اضطرَبَتْ بكَ الأمواجُ ؟ قال : نعم ، قال : هل شَعَرْتَ أنَّ فيكَ شيئًا يَعلمُ أنَّ هُناكَ قوةً تُنقِذُكَ ؟ قال : نعم ، قال : هذا هو الدليل”. يعني: الشيءُ الفطريُّ الموجودُ في داخلِ الإنسانِ.
فعِلمُ الكلامِ يقولون : ثمرتُهُ رفْعُ الشُّبَهِ ! بالعكس ثمرةُ عِلمُ الكلامِ إدخالُ الشُّبَهِ على الإنسانِ، فعِلمُ الكلامِ يُدْخِلُ الشُّبَهَ على الإنسانِ.
القَصَيْمِيُّ معروفٌ ، كان مِنْ شيوخِ الأزهرِ، ولهُ مباحثُ مع شيوخِ الأزهرِ في نُصْرَةِ السُّنَّةِ ، وله كتابٌ في تأويلِ مُشْكِلِ الأحاديثِ ، ” رفعُ التعارُضِ بين الأحاديثِ ” أظُنُّهُ مِنْ أحْسَنِ الكتبِ، ثُمَّ – والعياذُ باللهِ تعالى – ارتَدَّ وخرجَ مِنَ الدينِ ووصَلَ إلى الإلحادِ ، فجاءَ مجموعةٌ مِنْ عُلماءِ المملكةِ ، وذهبُوا إلى مِصْرَ وجلسُوا معَهُ ، وناقشُوهُ ، فقال : ” أوْصُوا تلاميذَكُم أنْ لا يخوضُوا في علمِ الكلامِ، فإنَّ الذي أنا فيه إنَّما هو ضحيةُ عِلمُ الكلامِ ، أنا وصلْتُ إلى ما وصلْتُ إليهِ لأنِّي أعرضْتُ عن الكتابِ والسنَّةِ واشتغلْتُ في تفاصيلِ عِلمِ الكلامِ ” ، فتفاصيلُ عِلمُ الكلامِ تُوصِلُ العبدَ إلى الإلحادِ ، وتُوصِلُ العبْدَ إلى الشُّكوكِ، فلا أنْصَحُ أبَدًا بعِلمِ الكلامِ.
 
مجلس فتاوى الجمعة 29 – 7 – 2016
 
رابط الفتوى :
 
خدمة الدرر الحسان من مجالس الشيخ مشهور بن حسن آل سلمان