الجواب: تطيع العالِم لِـحُجته، فإذا ما عنده حُجة؛ ما أطعته، فهذا هو التفصيل، أن يرجع الناس في أمورهم إلى العلماء.
العالِم *ولي أمرك*، والواجب عليك أن تطيعه فيما وافق الشرع.
لذا قال الله تعالى: *يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنكُمْ.* [النساء : 59]
تأمل معي الآية، لَم يقُل الله:
يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأطيعوا أولي الأمر منكم، قال: *أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنكُمْ.* [النساء : 59]
لماذا لَم يقل *وأطيعوا أولي الأمر منكم؟*
الجواب: لأن طاعة أولياء الأمور -الحكام والعلماء-، الحاكم في أمر الدنيا، والعالِم في الدِّين، وفي شأن الفتوى، إنما هو فرع عن طاعة الله ورسولهﷺ، ولذا قال النبي ﷺ : *لا طاعة إلا بالـمعروف، وقال: لا طاعةَ لمخلوقٍ في معصيةِ الخالق.* صححه الإمام الألباني في تخريج مشكاة المصابيح.
فإذا رأيتَ عالِماً مُتَهَتِّكاً ، فقد أوجب علماؤنا السابقون على العالِم المُتَهَتِّك الفاسق، الحِجر عن الفتوى، يجب أن يُحجر عليه، كما أن هنالك حجر في المرضى؛ هنالك حجر عن الفتوى، *فكم مِن مُفتٍ في هذه الأيام يجب أن يحجر عليه؟!*
فالشاهد: *الأصل أن نرجع إلى علمائنا، لأنهم أولياء أمورنا، لكن نسمعهم ونطيعهم لِبَيِّنتهم وحججهم، لا لِـذواتهم.*
*السؤال السادس عشر: أريد أن تنصحني كطالب علم مبتديء بكتاب أو متن فقهي يتصور المسائل؟*
الجواب: أولاً أنصح نفسي أولا، وأنصح إخواني، وأنصح طالب العلم بالحرص على أن يزكي نفسه، وأن يحرص على أن يعمل بما تعلم، وكلما ازددت علماً احرص أن تكون قريباً من ربك، وتشعر بلذة مناجاته، وأن تلمس أن طلبك أثر بقربك من ربك تأثيراً إيجابياً حسناً.
واحرص على الحفظ والفهم، احفظ وافهم، فمن اقتصر على الحفظ فاته خير كثير ومن اقتصر على الفهم فاته خير كثير، *وأشرف ما يُحفظ كتاب الله، وأحاديث الأحكام،* وما يكثر دورانه على الألسنة من أجوبة الناس، من أجوبة السائلين وتعليمهم، فإن كنت خطيبا أو واعظا فاحرص على أن تحفظ المُلح والزهديات وكلام السلف والصالحين والزهاد والعابدين وبعض الأشعار والمُرَقِقِات.
ولابد أن تؤصل نفسك بالطلب فتقرأ بداية كتاب فقه فيه اعتصار واختصار وفيه محاولة للوصول إلى الصواب و الراجح.
ومن المتون الحسنة التي تقرأ في يوم وتفهم الفقه بشكل جُملي *منهج السالكين للشيخ السعدي* كتاب صغير تقرؤه بيوم.
وبعض إخواننا غفر الله لنا ولهم غير منظم في الطلب أو مثالي في الطلب، تأتيه همة الطلب يقول لك أنا أريد أن أمسك المسألة وأعرف جميع الأقوال وجميع الأدلة والراجح والمرجوح والثابت والضعيف في كل مسألة، طيب أدرس المسائل دراسة طلبة علم، فيجلس ستة أشهر أو سنة فيدرس فقه المياه بدأ بالمياه والطهارات بعدين غرق في الماء ومات في الماء وما طلع من الماء وبقي في الماء ويرجع بعد سنة سنتين فتعود الكرة، فإذا صار طالب علم لعله قرأ كتاب المياه وكتاب الطهارات وكتاب الصلاة ولعله وصل للزكاة والصوم ولعله لم يصل ويعيش ويموت على هذه الحالة، وهذا خطأ.
إقرأ كتاب فقه من أوله لآخره في مجلس مجلسين، وفي مجموعة من العلماء والمشايخ شرحوا هذا الكتاب اسمع شرحهم .
فضيلة الشيخ أخونا *الشيخ علي الحلبي* حفظه الله شرح منهاج السالكين في حوالي تسعين مجلس، فيمكن تستعين بشرحه، ويوجد شرح مطبوع للكتاب، اسمع الشرح واقرأ كتابا مشروحا ثم ترقى في العلم.
فأنت إذا قرأت كتابا صغيرا أنت أزلت الأمية عنك يعني أزلت أصل الجهالات الفقهية عنك، ما تصبح مفتيا ولا تظن نفسك أنك أخذت الفقه والعلم من جميع أبوابه، لكن المطلوب أن تتعلم الكليات ثم بعد أن تأخذ الكليات تدخل في التفاصيل.
أما *التفسير* فتقرأ تفسيرا عاما موجزا ثم متوسطا ثم مطولا ثم إن رأيت في نفسك رغبة نوع من أنواع العلوم فليكن المنتهى في قراءة التفسير والحديث لكتاب يخدم تخصصك.
أعجبني جداً كلام *العلامة أحمد شاكر* في تقديمه لتحقيق *جامع الترمذي* قال: بدأت أطلب العلم أنا وأخي محمود على والدي وكان والدهم عالماً فاضلاً، الشيخ محمد شاكر، قال: فقرأنا عليه التفسير، وقرأنا عليه الصحيحين، والكتب الأربعة، وكتب السنن، قال: ثم توجهت أنا للحديث، وأخي محمود توجه للأدب.
سمعت من *الشيخ صالح آل الشيخ* يقول : لما زرت الشيخ محمود شاكر في مصر قال فاستنصحته بما أبدأ؟
قال : فقال لي: *الذي لا يقرأ لسان العرب لابن منظور، هذا ليس بطالب علم وينبغي أن يقرأه مرة ومرة ومرة.*
فالهمم سبحان الله عجيبة.
فطالب العلم ينبغي أن يبدأ بالكليات، وأن يعرف قدر نفسه.
من غير الممكن طالب علم من أول يوم يكون محققا محررا ويُخطيء الناس، فإن كانت عنده النية في الطلب للعمل بإذن الله تعالى انتفع ونفع الله تعالى به، وأن يزكي الإنسان نفسه من أهم المهمات.
وأختم بفائدة *للإمام الشاطبي* رحمه الله في كتابه *الموافقات* قال :
*النفس الطيبة إذا نزل عليها شيء طيب فإنها تنتفع، والنفس الخبيثة إذا نزل عليها شيء طيب فإنها لا تنتفع، ولعلها تتضرر بالطيب الذي نزل عليها وذكر قول الله تعالى “مَّن ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا. البقرة[ 245 ] ، قال: نزلت على أخبث نفس وهي نفس يهود، لما سمع اليهود أن الله أنزل على نبيه صلى الله عليه وسلم {مَّن ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا البقرة[ 245 ] ماذا قالوا؟ قالوا : الله فقير ونحن أغنياء، فقالوا الله استقرضنا، ولما سمع أبو الدحداح وغيره من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم الآية خرجوا من أحب أموالهم وبذلوها لله سبحانه وتعالى، ففرق بين النفس الخبيثة والنفس الطيبة*
*ولذا إخواني دائماً أقول العلم إذا لامس نفس طيبة مُزكاة صاحبها يُزكِيها، هنئ صاحبها وهنئ من يلوذ به وهنئ من يتعلم عنده وإذا نزل على نفس خبيثة والعياذ بالله تعالى كان العلم وبالاً على صاحبها وعلى من يتعلم عنده.*
أسأل الله عز وجل أن يجعل ما علمنا ربنا وما سمعنا رحمةً بالبلاد والعباد.
وأن لا يكون ذلك إلا برحمة وشفقة وحرص على الخير.
السؤال الخامس عشر: أخ يقول: أبي يمنعنا من استعمال واستخدام الأجهزة والجوالات الذكية ويقول: أخاف عليكم من أن تقعوا في شر فتنة النساء، ونحن نقسم بالله له أننا لا نستخدمها في الشر، إلا أن أبي مصرّ على رأيه، فهل أبي مخطىء أم مصيب؟
وقالوا في المثل: الباب الذي يأتيك منه ريح سده واستريح.
يعني واحد يقول لك: والله يا شيخ يأتيني أسئلة وشكاوي من بعض الأخوة الحريصين، وبعضهم أصحاب دين وطلبة العلم، يقول: والله يا شيخ الجوال الذي عندي متعبني فبعض الأوقات أتساهل وأنظر، للأسف طبعا بعض الناس بحجة أنه والله أصبح عندنا خبر من أخبار البلاد أو شيء من هذا أو طرفة أو شيء غريب، فينظر وقد يُري أخاه، وهو ينظر للعورات، وقد يكون يسمع موسيقى، فترى العجب، يا رجل اتق الله، حرام ما تنظر إليه.
فأصبح بعض الناس يتساهل في العورات، في هذه المقاطع.
فمن خانته نفسه فغلبته فأوقعته في الحرام مرة ومرة ومرة، ماذا يفعل؟
ليس بحاجة للتلفون ذكي، يأخذ له تلفون غبي بدون هذه التقنيات الجديدة، ويسلم له دينه.
والعجيب أن الشهوة المحرمة لا يشبع الإنسان منها، كالعطشان إن شرب ماء، فكلما شرب ماء زاد عطشا، ما النتيجة الآن؟
فالشهوة المحرمة لا يوجد لها علاج إلا الكي، إلا القطع، إلا البتر، إلا المنع، إلا سد الذريعة، ودرء الفساد، وما شابه.
والله تعالى أعلم.
⬅ مجلس فتاوى الجمعة
٢٢ شوال – ١٤٣٩ هجري
٦ – ٧ – ٢٠١٨ إفرنجي
↩ رابط الفتوى http://meshhoor.com/fatwa/2199/
◀ خدمة الدرر الحسان من مجالس الشيخ مشهور بن حسن آل سلمان✍?✍?
*السؤال الثامن: أخٌ يقول: شيخنا أنا أعاني من مشاكل مع أخ من أخواني في المنهج فلم يتقِ الله فيّ، فيقول عني ما ليس فيَّ ويعمل على التشهير بي بين الناس ببهتان، فماذا يتوجب عليّ في معاملته؟*
الجواب: الواجب أولاً العدل، والواجب التثبت.
كنّا في نزهة ( رحلة ) في يوم من الأيام فجرى كلام من هذا النوع وهذا الكلام عمره فوق الثلاثين سنة، فقلت يا إخواننا أريد أن نتعلم درسا عمليا في التثبت، قفوا في صف وسأهمس في أذن الأول كلمة يقولها للذي بعده والذي بعده يقولها للذي بعده حتى نسمعها من آخر واحد.
نحن كنا جالسين في مجلس واحد وكلنا طلبة علم أو يعني ممن يحبون العلم وكلنا قلبه سليم ما فيه شيء ، فقلت للذي أمامي *عدس* فقلت هيا أعطيني يا آخر واحد ما الخبر، ما الكلمة التي عندك قلتها أنا للأخ الأول .
والله يا إخوة قال: *شبشب،* أنا قلت عدس وهو قال شبشب.
يعني لو الكلمة قريبة سهلة، ولكن أين العدس وأين الشبشب، هذا يؤكل وهذا لا يؤكل، هذا حروفه مخارجها تختلف عن مخارج هذه الحروف.
فبعض الناس يسمع بلسانه، وبعض الناس نَفْسه سيئة، يحب السوء والشر في إخوانه.
والطيّب لا يحب إلا طيباً، والشرير يحب الشر ويذيعه وينشره.
إخواننا إذاعة الشر في الشرع أشد من الشر، *والأصل في المسلم أن يستر ولا يفضح.*
في صحيح البخاري النبي يخبرنا أن عيسى – عليه السلام – رأى رجلاً يسرق، فقال له عيسى: لم تسرق؟ قال: والله ما سرقت، رآهُ بعينيه، قال والله ما سرقت، فقال عيسى – عليه السلام -: صدقتك وكذبت عيني.
يعني لو سمعت واحدا والعياذ شتم الذات الإلهية فزجرته فقال: ما شتمت فما المطلوب منك تقول؟
تقول صحيح المسلم لا يشتم، مصلحتك خلاص قضيت فليس همك أن تؤذي الخلق، همك أن تُقيم الحق، تقول هذا ظني بك فليس ممكن المسلم يشتم الرب، وأكون قد علمته درسا .
بعض الناس يحمل صنيع إخوانه ويحمل كلام إخوانه على أسوأ المحامل.
ولذا أبو أيوب الأنصاري خالد بن زيد – رضي الله تعالى عنه – كيف نجاه الله تعالى من فتنة الإفك؟
سمع الناس يخوضون ، وفتنة الإفك زلزلت المدينة؛ تخيل معي الإفك يُخاض في عِرض النبي محمد – صلى الله عليه وسلم – وتكلم عن زوجه، والذين يخوضون بعض أصحابه، فتنة زلزلت ، فأبو أيوب لما سمع دخل على أم أيوب الأنصاري ،قال لها يا أم أيوب أسألك بالله هل كنت صانعةً ما قيل عن عائشة؟ قالت: يا أبا أيوب معاذ الله، فقال : هي خيرٌ منكِ فهي بريئة ومن اتهمَ بها فهو خيرٌ مني وهو بريء.
فالطيب لا تروج عليه مثل هذا الصنيع، هذا الصنيع لا يكون إلا في نفسية سيئة.
*فالواجب التثبت، والواجب النصيحة، ولا يجوز التشهير بالخلق والناس، فكيف إن كان من يُشهُر بهم مثلاً له فضل واسبقية، وله قدم صدق.*
*فنصيحتي بارك الله فيك – أن تزور هذا الأخ، وأن تذكره بالله، وأن تبين له، وأن تنصحه، وهذه معاملة له بالفضل، وفي زمن الفتن ينبغي للمسلم أن يعامل الناس عموماً وخصومهُ خصوصاً بالفضل لا بالعدل.*
*مداخلة : شيخنا لو تكلمت الله يحفظك في تتمة لهذا السؤال بأن كثير من الإخوة لا يشتغلون إلا في أعراض إخوانهم ويشتغلون بعيوبهم وإظهارها بشكل عام وليس بشكل خاص.*
الشيخ : هذه من نتائج خطايا وقعوا فيها، المشغول بخطايا الناس هذه عيوب فيه، وخطايا تراكمت عليه والعاقل عيوبه تكفيه، ولا ينشغل بالناس، لكن يغار على التوحيد والسنة، فإن سمع أناس والعياذ بالله أعداء للتوحيد والسنة يُنبه يُحذر، لكن عمله أن يدرس الناس وعمله الخير، وليس عمله أن يتتبع ثغرات وعثرات الناس، *فمن تتبع عثرات الناس قيد الله من يتتبعُ عثرته حتى يفضحه الله تعالى وفي بيته.*
السؤال الرابع : ما هو التصرف المناسب عندما أسمع أحد الأشخاص يسب الذات الإلهية بشكل مثير للغضب ؟
الجواب : طبعاً الذي يسبّ الله تعالى كافر ؛ فإذا كان الشتم ليس بكفر ماذا بقي من الكفر .
وهذا ينبغي أن ينكر عليه فإن سمعت من لك عليه ولاية فالواجب عليك أن تأدبه ، فأن تسمع لاقدر الله ولدك أو زوجتك أو من لك عليه ولاية ، فإن لم تكن لك عليه ولاية فارفع أمره لصاحب الولاية .
جلست مع بعض القضاة وكتبت رسالة؛ قديماً ولم أنشرها بعد حول شتم الذات الإلهية وأخبرني أكثر من واحد من القضاة يقول تأتينا حالات ونحن ولله الحمد و المنة مسلمون نغار على ربنا وبين أيدينا عقوبات من – إلى ويقول أما أنا فأوقع أشد العقوبات على هذا الشاب .
فالرجل والعياذ بالله تعالى خلع رقة الحياء وخلع الإيمان من قلبه وأصبح يصيح ويصرّخ
في مجالس الناس العامة والشارع بشتم الرب والدين هذا ينبغي أن يشهد عليه مجموعة من الناس ويرفع للقضاء وتتابع أموره في القضاء ،ولله الحمد والمنة يوجد في المغافر لله الحمد والمنة أصحاب ديانة وأصحاب صلاة وأصحاب غيرة ويوجد في المحاكم كذلك فمن صنع ذلك بإذن الله تعالى صنع خيراً ، وليس المراد أن نؤذي الناس فالمراد أن نؤدب الناس وأن نجعل هذا العمل تأديباً لغيره من الناس فقد صح عند أبي شبة في تاريخ المدينة أن عثمان بن عفان رضي الله تعالى عنه قال (إن الله ليزع بالسلطان ما لا يزع بالقرآن) ، بعض الخلق ينتفع بزجر السلطان ولا ينتفع بوعيد القرآن لضعف إيمانه وهذا الذي بلغ به هذا الحال هذا والعياذ بالله تعالى صنع من الموبقات وصنع من المعاصي ما الله به عليم ، فلا يقتحم سوار هذا الأمر إلا – والعياذ بالله تعالى – شقي ،ونصيحتي أن يزجر ويقال له كلاماً شديداً في نفسه كما قال الله عز وجل لنبيه صلى الله عليه وسلم في المنافقين في سورة النساء { وَقُل لَّهُمْ فِي أَنفُسِهِمْ قَوْلًا بَلِيغًا }سورة النساء 63.
فيقال له في نفسه قولاً بليغاً ثم يرفع أمره للسلطان
*السؤال الثاني عشر: هل الاستخارة تكون إذا تردد في الامر أم إذا عزم؟*
الجواب : إذا هم أحدكم.
الإنسان الذي يريد أن يستخير يستشير أولا ويفكر هل فيه مصلحة أم ليس فيه مصلحة.
مصلحتي فيها هوى في نفسي، فاذهب الى عاقل بدون هوى اذهب الى رجل صاحب عقل رجل صاحب تقوى اشاوره وحينما اشاوره انا الان اريد عقله لأنه بلا هوى وانا الذي بي هوى ،متى تكون المشورة؟ عندما تجتمع عند الانسان هوى مع مصلحة ولا يحسن التميز بينهما، فما هو السبيل الان ؟
ان يلجئ الى فئة فيها مصلحة دون هوى، مصلحة خالصة هذه هي المشورة، والله امر نبيه فقال: *وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ*، وحاشى للنبي عليه السلام ان يكون صاحب هوى ولكن حتى تتعلم امته المشورة منه، فقال الله تعالى في الآية الأخرى في نفس السورة سورة الشورى *وَأَمْرُهُمْ شُورَىٰ بَيْنَهُمْ،* لا يشاور الناس الا صاحب العقل الراجح ولا يلزم إن شاورت ان تلتزم المشورة ،انا إذا شاورت وانت اشرت علي بشيء وانا خالفته ليس لك ان تعترض علي وليس لك ان تتنقص منى، انا اتلمس مصلحتي واتلمس المصلحة الخالصة، لي هوى ولي مصلحة وأنت عندك مصلحة دون هوى فرجعت إليك ثم أنا أقرر ،حتى النصيحة لا يلزم أن التزم نصيحتك قد استنصحك فأرى المصلحة في غير ما تقول فليس لك أن تنقم علي لأنى استنصحتك فنصحتني وانا خالفت نصيحتك.
الالزام يكون فيما فيه منكر، في الامر بالمعروف والنهي عن المنكر، فرق بين النهي عن المنكر والنصيحة، النهي عن المنكر يكون فيما فيه مخالفة ظاهرة، والنصيحة لا أكون كذلك فهي في الأمور أيهما الأفضل، فرق في هذه أو في هذا، فرق بين ذلك وذاك.
وبالتالي بارك الله فيك بعد أن تستشير تستخير، *إذا هم احدكم بأمر فليركع ركعتين،* فاستخير.
فإن صار عندك ميل للفعل وليس ميلا للترك، وليس شكّا، صار في ميل للفعل فحينئذ تستخير.
والله تعالى اعلى واعلم
⬅ مجلس فتاوى الجمعة.
١٥ شوال – ١٤٣٩ هجري
٢٩ – ٦ – ٢٠١٨ إفرنجي
⬅ خدمة الدرر الحسان من مجالس الشيخ مشهور بن حسن آل سلمان.✍?✍?
*رابط الفتوى*
*السؤال الحادي عشر: ولد شاب يستخدم الجوالات الحديثة على وجه فيه ما حرم الله، وفيه مخالفات شرعية؛ وأبوه لا يستطيع أن يمنعه إلا بالنصيحة ولكن دون جدوى، ودون فائدة، هل يجوز للأب أن يطرده من البيت حتى يتوب، وما هو الحل الشرعي؟*
الجواب : إلى أين يطرده؟
ابنك إذا يستخدم الآن الجوال وطردته يرجع لك يتعاطى الحشيش، ليس فقط يتعامل مع الجوال.
إذا أنت أيها الأب ما صبرت على ابنك، وإذا أنت ما عالجت ولدك فمن الذي سيعالجه ولمن تتركه؟
فأنت صالح، حرصك على صلاح ولدك يدل على صلاحك.
والله أعطاك سلاح قوي وهو أن الله يستجيب دعاء الوالد لولده
فلماذا تهمل هذا السلاح؟
لماذا لا تنشغل بالدعاء لولدك؟
ثم ولدك وصل إلى هذه المخالفة بعد مخالفات سبقت؟ فالإصلاح يحتاج إلى وقت، فاصبر وأدّ حق الله تعالى في ولدك؛ فإن لم يؤد ولدك حق الله فيك فاصبر،
لا تملّ من النصيحة.
والأصل بالوالد إذا كبر ولده أن يصاحبه، وأن يلاطفه وأن يتحبب إليه، فحُب الوالد في قلب الولد حب فطري، فلا تُبَغِّض ولدك فيك.
التربية ليست بالبهدلة، بعض الناس يقول لك أنا ربيت ابني
كيف ربيته؟
يعني صرخ عليه وشتمه !ليست هكذا التربية.
فكما أن الولد قد يكون سيء الخلق أحيانا الوالد يكون سيء الخلق في معالجة الأمور،
الوالد إذا أراد أن يعالج الأشياء ينبغي أن يعالجها بمحبة ولين ورفق و يأخذ معه العلاج زمن طويل.
وكان الله في عون الشباب، الشهوة مسعورة، ودائما أنا أقول الخدمات الموجودة على الهاتف مقابل ماذا؟
أصحاب هؤلاء الخدمات لما وضعوا هذه الخدمات في هذه الهواتف أنفقوا أموال طائلة وتأتيك بالمجان.
لماذا؟
يريدون دينك؛ يريدون ما يسمى العولمة، يجعلون أخلاق الكفار وأخلاق المسلمين سيّان، ما يريدون الخلق فقط يريدون عقيدتك، الكفار يريدون دينك، يريدون أخلاقك، يريدون مُثُلك ويريدون عاداتك وتقاليدك المتبقية التي ورثتها من الآباء والأجداد، ولكنهم بإذن الله تعالى لا يقدرون ،يريدون العائلة أن يفرقوها حتى لا تجتمع على صحن واحد.
كان في حيِّنا رجل فاضل و أبناءه بالنسبة إلى طعام كل واحد يحب شيء هذا يحب برغر وهذا كذا وهذا، حتى أطعمتنا أصبحنا نتنصل منها وهذا أمر مدروس ومخطط لكن الله جل في علاه سبحانه وتعالى يحبط كيدهم
*فاجتماع الأسرة في رمضان على طعام واحد منتظرين الأذان هذا إحباط للعولمة، وهذا اجتماع للأسرة، وهذا تعميق لوجود الصلة بمن قبلنا،* قراءتك في الصلاة *إياك نعبد وإياك نستعين اهدنا الصراط المستقيم،* هذا من أكبر العوامل لعدم قطعك من جذورك عن آبائك وأجدادك، فلا يقدرون على قطعنا من جذورنا بإذن الله تعالى.
فأنت اجعل ابنك يعود عودا حميدا.
الإنسان التارك للذكر وتارك لقراءة القرآن هذا الشيطان يلبسه،
وإذا لبسه الشيطان يبدأ يبحث عن الشهوات المحرمة.
فما الذي يُبعد الولد عن الشهوات؟
الصلاة ، الاذكار ، تلاوة القرآن.
عالٍج المسألة من أصلها.
ابنك صار عبدا للشهوة أرجعه عبدا لله، تفقد صلاته، اترك الجوال ولا تتكلم عن الجوال.
يا أيها الوالد لا تتكلم لولدك عن الجوال، تكلّم لولدك عن الصلاة، وتكلم لولدك عن أذكار الصباح والمساء، وأعطه كتاب *حصن المسلم*، هذا الكتاب المبارك
وقُل له اقرأ يا بُنيّ هذا الكتاب في الصباح والمساء، وقبل هذا صاحِب ابنك وتحبب إليه وحاول أن تجد شيخا لولدك يعلمه القرآن يقرأ كل يوم جزءا من القران
والأمران لا يجتمعان التعلق بالشهوات المحرمات والتعلق بالقرآن لا يجتمعان، إن تعلق بالقران زال هذا، واذا ترك القرآن وترك الذكر انشغل بالشهوات المحرمات.
ففي خلل ينبغي أن تنظر للأمور بمنظار بعيد ومنظار عميق وتجِد الحل من الداخل وليس الحل بإملاء الأوامر، وإنما الحل من الذات، ومن الداخل.
السؤال: الأخ يسأل عن صلاة الفجر، بعض المساجد لا يلتزمون بالوقت المحدد سابقاً، ففي رمضان يُقيمون الصلاة بعد الأذان بخمس دقائق، فما حكم الصلاة إذا أُقيمت مباشرةً بعد الأذان؟
الجواب:
أولاً: بارك الله فيك، الأردن على صغرها مدينة ذات جبال.
شاركتُ في ورشة عمل حول ضبط الأوقات، وجاء خبراء من عدة بلاد، وكان موضوعها المعادلات الحاسوبية في ضبط الأوقات في مصر، والعراق، وقطر.
وهم خبراء معروفون وأسماء معروفة في العالم الإسلامي، يعتمدون نظام الحاسوب، وهذه المعادلات ما كانت تُراعي موضوع الارتفاع، لأن هذه البلاد كلها ليست فيها جبال كبلادنا، فكان يظهر من خلال اعتماد هذه البرامج عَوار في موضوع الأوقات.
أنا ممن دُعيت لمنطقة من مناطق ناعور بالأردن، وشيخنا الألباني -رحمه الله- كتب هذا في كتابه السلسلة الصحيحة المجلدة السادسة.
دعانا بعض إخواننا جزاه الله خيرا لتناول الطعام، وقدم لنا الطعام، وأذن المؤذن، ولما أردنا أن نشرب رأينا قرص الشمس بتمامه وكماله أمامنا.
أمامك قرص الشمس كامل وأذّن.
وأخونا المُضيف يقدم الشراب والتمر، والشمس أمامنا بالتمام والكمال وهذا الكلام أظن في عام ( ١٩٩٧) فكان هناك خلل.
مع أن المعادلات يقينية، لكن المعادلات هذه تلاحظ البلاد التي من حولنا.
تبين لي أن المركز الجفرافي الملكي نقطة الإرتكاز في التوقيت الموجود في تلاع العلي.
الأماكن البعيدة، أجمعت الكلمة في أثناء البحث أن شرق سحاب غير تلاع العلي، وهناك فرق قرابة (١٣ – ١٤) دقيقة في الوقت.
الكلام متشعب وطويل ولا أريد أن أطيل.
أولاً: تبين أنه نحتاج في الأذان الموحد إلى أكثر من خارطة للأردن، ما تصلح خارطة واحدة لكل الأردن.
مثلاً: الرصيفة إذا لم تتبع عمان في الأوقات؛ فهي أقرب في اتباعها للزرقاء من عمان في التوقيت، في الرصد النظري.
وقامت أثناء الورشة مجموعة رصدوا الوقت بالعين.
فأنت تسألني وتحدثني: أين أنت؟
وأنا يجب أن أنظر.
فالذي يقول: والله بعد ربع ساعة، بعد ثلث ساعة لطلوع الفجر: هذا خطأ.
ربع ساعة وثلث ساعة، هذا شيء تقديري.
أنت الأن تسأل عن إقامة الصلاة، وعن الطعام والشراب، فيجب أن أضبط الوقت في المكان الذي أنت فيه، هذه واحدة.
الثانية: الأمر القبيح جداً أن الناس يأكلون ويشربون هكذا على الهوى، هذا يأكل ويشرب بعد الأذان بربع ساعة، وذاك بعد خمس وعشرين دقيقة، وبدون ضبط، هكذا بالهوى.
أنت شربت بناءً على ماذا؟.
الخبر من أين جاءك؟.
إذا رصدت أين رصدت؟.
صحيح أن بلادنا صغيرة، ولكنها بلاد مباركة وجبال، والجبال ترصد من مكان لمكان.
فأنت إذا ما ضبطت وتيقنت ليس لك أن تقلّد غيرك.
يجب تكون ضابط المكان الذي أنت فيه، وتكون صاحب خبرة.
أما أن لا تكون صاحب خبرة، فذاك يقول: عشر دقائق وذاك يقول: خمسة عشر دقيقة، وذاك يقول: ثلاثون دقيقة، من أين ذلك؟ وممن يُقبل ذلك؟
فالذي لا يعلم الواجب عليه أن يتقيد بالاذان، متى أذن المؤذن عليه أن يُمسك.
أما الذي يضبط فيحرم عليه أن يثير فتنة؛ فإذا أراد أن يأكل ويشرب: يأكل ويشرب وحده، بعد أن يكون خبيراً، وبعد أن يكون متيقناً على عمله.
أما هكذا الأمور تترك للهوى فهذا الأمر لا يشرع.
فمن يسأل الأن أنه أنت تقول للمصلي متى يصلي؟
أنا قلت: تضبط الوقت.
فمن لم يضبط الوقت: إن صلى مع الإمام وهو لا يعلم: فالإمام ضامن، كما في رواية عند أبي داوود ٥١٧ وصححه الألباني.
يعني: إذا أنا صليت مع إمام وأنا لا أعرف الوقت فالإمام يضمن.
أما إذا كنت أعلم الوقت فقد أخبرنا النبي ﷺ: في الحديث: “كيف بكم إذا أتت عليكم أمراء يصلون الصلاة لغير ميقاتها قلت: فما تأمرني إن أدركني ذلك يا رسول الله؟ قال: صل الصلاة لميقاتها واجعل صلاتك معهم سبحة” رواه أبو داود ٤٣٢ وصححه الألباني.
ما معنى سُبحة؟
نافلة.
فالذي ضبط الواجب عليه أن يتحقق من الصلاة.
ولذا لماذا يتعجل الناس في الصلاة؟
لماذا يتعجل الناس في الإقامة؟
لماذا لا يبقوا في دائرة الأمان كما يقولون، ويبقون على حالهم؟.
لا نحتاج إلى قيام الليل مع تضييع فرض الفجر، يعني ما نحتاج نقوم الليل اذا ترتب على إقامتنا للليل تضييع فرض الفجر.
وعلماؤنا رحمهم الله تعالى منذ القدم يشكون أن الناس يصلون الفجر في غير وقتها، وممن شكا من هذا الحافظ ابن حجر في فتح الباري.
قال رحمه الله تعالى: (من البدع المنكرة ما أحدث في هذا الزمان من إيقاع الأذان الثاني قبل الفجر بنحو ثلث ساعة في رمضان، وإطفاء المصابيح التي جعلت علامة لتحريم الأكل والشرب على من يريد الصيام، زعماً ممن أحدثه: أنه للاحتياط في العبادة، ولا يعلم بذلك إلا آحاد الناس، وقد جرهم ذلك إلى أن صاروا لا يؤذنون إلا بعد الغروب بدرجة، لتمكين الوقت زعموا، فأخروا الفطر، وعجلوا السحور، وخالفوا السنة، فلذلك قل عنهم الخير، وكثر فيهم الشر، والله المستعان) فتح الباري (٤/١٩٩)
قوله: ( بعد الغروب بدرجة):أي: بثلث ساعة.
الشيخ صالح المقبلي في كتابه (العلم الشامخ)، يقول: الذي يطوف حول الكعبة ويصلي الفجر لو أنه صعد على جبل أبي قبيس.
تعرفون جبل أبي قبيس؟
جبل أبي قبيس كان بجنب الكعبة بالضبط وزال الآن.
قال: لو أن الواحد منهم بعد أن صلى الفجر، صعد على جبل أبي قبيس لوجد أن الفجر لم يطلع.
في مكة كانوا قديماً يصلون قبل الوقت، ونبه على هذا أكثر من عالم من العلماء السابقين.
شاركت أيضاً في ندوة أخرى في القدس قامت على التلفون، وسردت أقوال اثني عشر عالما، يرون أن الأوقات في زمانهم على اختلاف بلدانهم واختلاف أماكنهم كانوا يشكون من وقت الفجر.
فالظاهرة التي يُشكى منها موجودة، وليست جديدة، هي ظاهرة قديمة.
لكن: الواجب ضبط الأمر، وعدم السماح للخوض في مثل هذا الأمر الدقيق، كأن يُخاض فيه بجهل، أو بهوى، أو يُخاض فيه بغير علم، أو يُتكلم فيه من غير عُدَّة، ومن غير المتخصصين.
اليوم هم يقولون: نحن نؤخر ونقدم الفجر والمغرب بقليل، تمكين للوقت، يعني نقدم الفجر ثلاث أربع دقائق، نؤخر المغرب ثلاث أربع دقائق، قال: تمكينا للوقت.
فأنت الآن لما تصلي بعد الفجر بأربع دقائق من الوقت فالوقت بعد ما دخل، حتى على من زعم ووضع الأوقات، فالوقت بعد ما دخل.
وهذا أكثر ما يلزم النساء في البيوت، المرأة الصالحة تقوم الليل في البيت، ولعلها لا تنام ولعلها ترى الأسهل لها أنها تعد السحور، وتخدم أولادها وزوجها.
وبعض النساء مجرد ما يؤذن الفجر، تصلي الفرض وتنام، يعني: مجرد ما يؤذن الفجر.
فأقول لها: لا يا أختي انتبهي، تأخري قليلاً، لا تصلي بعد الأذان مباشرة، اجلسي لك نصف ساعة، انتبهي هذا أحوط لدينك، وأحسن وأورع وأبعد عن القيل والقال.
فأنا ما أستطيع أن أقول أن صلاة من صلى كذا باطلة، إلا بعد أن يتثبت الإنسان، ويكون من أهل الخبرة ويتيقن على الرؤيا.
لعل هذه المعالم تفيد في مجمل الجواب وأحواله.
مداخلة من أحد الحضور:
إخواننا الذين يرصدون ويطَّلعون، ممن جمعوا بين العلم في هذا الباب وعلم الشريعة يقولون: أن البحرية الأمريكية لها برنامج على التلفونات، وبرنامجها أدق البرامج في ضبط الأوقات ومعرفة الأوقات للأسف، وهم يفعلون هذا لحركة الرياح وطريقة السفن، فيما يخصهم.
والله تعالى أعلم.
⬅ المجلس الثالث من مجالس الوعظ في شهر رمضان لعام ١٤٣٩ هجري.
*السؤال الثاني: الكبير إذا حفظ القرآن يجد صعوبة في المحافظة على هذا الحفظ فما هي الوسيلة لتثبيت حفظ القرآن العظيم خاصة في سن كبير؟*
*الجواب:* أولاً: إعلم أن حافظ القرآن منزلة يصلها بعض العباد ويخصهم الله تعالى بها، فبعض الناس محروم منها بغفلته أو بذنوبه.
*شكوت إلى وكيع سوء حفظي*
ينسبون هذا إلى الإمام الشافعي رحمه الله.
*الشافعي* كان يحفظ موطأ شيخه *الإمام مالك* قال كان لما يحفظ اليمين يغطي الشمال حتى ما يتداخل اليمين والشمال ولما يحفظ الشمال يضع يده على اليمين ثم أصبح يشكو فيقول:
*شكوت إلى وكيع سوء حفظي* *فأرشدني إلى ترك المعاصي*
*وأخبرني بأن العلم نور*
*ونور الله لا يهدى لعاصي.*
لذا بعض الناس لما كان ينسى القرآن يقول هذا من ذنبي، يبحث له عن الذنب الذي جعله ينسى القرآن، أو يترك قيام الليل، أو يترك بعض الأعمال الصالحة.
*القرآن كما أخبرنا صلى الله عليه وسلم أشد تفلتا من الإبل في معاقلها.*
العلم والقرآن ثقيل ولكنه مريء، والعلم والقرآن يحتاج إلى معاهدة، مثل الإبل إن تركتها معها طعامها ومعها شرابها فهي ليست بحاجة إليك، فالإبل العرب تعقلها.
*ما معنى تعقلها؟*
تربطها.
فالقرآن كالإبل إن تركته مشى، فهو أشد تفلتا من الإبل في معاقلها.
*ماذا يحتاج القرآن؟*
يحتاج إلى ربط.
ماذا يعني ربط؟
أي يحتاج إلى مراجعة دائمة.
فحفظ القرآن الكريم منزلة كما قلت لكم الله أكرم بعض الخلق بها.
*وأحسن سبيل لحفظ القرآن ألا تهجر القرآن لا بقلبك بالتدبر ولا بلسانك بالقراءة ولا بسماع القرآن ولا بجوارحك أن تهجر القرآن ولا تعمل به.*
قال علماؤنا: *هجران القرآن بالقلب ألا تتدبره وألا تفهمه، هجران القرآن بالعين ألا تقرأه، هجران القرآن بالأذن ألا تسمعه، هجران القرآن بالجوارح ألا تطبق الأوامر الموجدة في القرآن.*
*علماء التربية والتعليم* يقولون الجوارح التي تشاركها بالعلم إذا تعددت ثبت العلم، لذا يجعلون الطلبة ينسخون الدروس ويستخدمون السمع.
فالقرآن يحتاج لهذا.
يعني إخوانا في *المغرب العربي* خصوصا في *ليبيا* وكذلك في *موريتانيا* حفظهم كتابة، يعني تشوف حافظ ليبي تقول له أنت حافظ قرآن يقول أنا كتبت القرآن على اللوح مرتين أو ثلاثة أو أربعة.
ماذا يعني كتب القرآن على اللوح؟
يعني يقرأ ويمسح، يقرأ ويمسح، فحفظه عبارة عن كتابة، كتبت القرآن على اللوح، يعني الشيخ يقول له احفظ واقرأ واكتب، إخوانا في *موريتانيا* يردد، عندهم مدارس تحفيظ يرددوا، طول وقته وهو يردد الآية ستين سبعين مرة، يكثر من الترداد.
*حافظ القرآن ينبغي أن يزيل الوحشة بينه وبين القرآن.*
نحن بفضل الله علينا في رمضان الوحشة تزول بينه وبين القرآن نقرأ، أول يوم ثاني يوم لما تقرأ القرآن يصبح كأنك تربد تحمل على حالك، بعد كم يوم تصبح قراءتك للقرآن سهلة ميسورة.
الحافظ لا يعرف الوحشة مع القرآن.
الحافظ ماينبغي أن يهجر القرآن أبدا.
الحافظ حتى يكون حافظا لا بد أن يكون القرآن جزءا منه مثل اليد، مثل الرأس، ما ينفك عنه أبدا.
كلما أدمنت النظر في القرآن وأكثرت القراءة في القرآن عن حاضر أصبح الحفظ يسير.
*علماؤنا يقولون ورد الحافظ خمسة أجزاء في اليوم،* الذي ما يقرأ كل يوم خمسة أجزاء ليس بحافظ.
فالقرآن يتفلت منه إذا لم يداوم على قراءته.
فورد الحافظ خمسة أجزاء، كل جمعة عنده ختمة، يعني في الأسبوع يختم أربع مرات على الأقل، كل شهر يختم خمس مرات على الأقل، فورد الحافظ خمسة أجزاء، خذ ورد الحافظ واقرأ كل يوم خمسة أجزاء وداوم عليه فترة من الزمن تصبح حافظا، بدون كبير تعب، أنت الآن *سورة الكهف* لما تقرأها كل يوم جمعة يصبح سهل جدا تحفظها وتلمم أطرافها لأنك داومت عليها كل يوم جمعة، فالذي يقرأ قرآن كل يوم خمسة أجزاء هذا حافظ للقرآن، *أما واحد هجر القرآن وما ختمه كل أسبوع يتفلت منه القرآن ،كائن من كان يتفلت منه القرآن.*
فحافظ القرآن يحتاج أن يملأ وقته بالقرآن الكريم، ولا يهجر القرآن، وينظر في القرآن ويسمع القرآن ويتلذذ بالقرآن.
واليوم الذي لا يقرأ فيه القرآن يشعر أنه فقد شيئا، كأنه سقطت منه رجله أو أنه سقط منه عضو من الأعضاء، إذا وصل الإنسان مع القرآن لهذا الحال فليحمد الله، الآن هو بدأ على مشارف أنه حافظ، بدأ المشروع يثمر، أما أن تتعب، تحفظ سورة وتنسى وتنام وبعد شهر شهرين تحفظ سورة وبعدين تحفظ سورة والسورة الأولى نسيناها وحفظنا الأخرى فهذا ليس بحافظ وليس هذا صنيع الحافظ.
والله تعالى أعلم.
◀ *المجلس ( ٤ ) من مجالس الوعظ في شهر رمضان المبارك (١٤٣٩ هجري/٢٠١٨ أفرنحي).*
⬅ *خدمة الدرر الحسان من مجالس الشيخ مشهور بن حسن آل سلمان.*✍✍
*السؤال الأول: ما المطلوب منا لما نعلم أولادنا هل هو الحفظ أم الفهم؟*
الجواب: العلم حفظ وفهم .
وأولى الشيء في الحفظ القرآن الكريم، وأولى شيء في حفظ القرآن الكريم أن تبدأ بالميسور والسهل، تحفظ جزء عم مثلاً وهكذا.
إلا إذا أردت أنه الولد يخرج عالما فحينذ يسلم لعالم، ويكون عنده قراءة للقرآن بداية حتى يستقيم لسانه بالقرآن، وإذا وجدت هذه القراءة ممن يعطي إجازة موصولة بالنبي صلى الله عليه وسلم لأولادك فهذا حسن، وهذا ولله الحمد والمنة موجود في الواقع بكثرة، ثم بعد ذلك أن تفهم ماذا تحفظ، وهذا يصلح للصغار ،فإذا فاتك قطار العلم بمعني قلب الكبير يفهم فإذا فات الحفظ يكفي الفهم، أن تفهم كليات ما يلزمك.
وطالب العلم هو أصلا طالب نجاة.
طالب العلم لماذا يتعلم؟
لكي ينجوا عند الله عز وجل، حتى يؤدي الواجبات التي يحبها الله تعالى، وكل خير يسبقه علم، فالعمل بلا علم لا يسوي شيئا والعمل بلا علم كالذي يبني بلا أساس، تخيل واحد باني بناية من دون أساس ما هي نتيجة البناية؟
أن تهدم وتسقط على رؤوس أصحابها.
ولذا نحن نحتاج أن نتعلم سواء كان فهما أو سواء كان حفظا.
الصغير الغالب عليه الحفظ والغالب عند الكبير الفهم.
ويمكن بعض الكبار الله يكون رزقه ذاكرة، والحفظ عضلة من العضلات، فإذا هذه العضلة اشتغلت عليها وقويتها تصبح سهلة بإذن الله تعالى، تطاوعك وتعينك، والتوفيق بيد الله، *وسالت أودية بقدرها*،فكل إنسان وادي في علم وكل وادي له قدر هذا عميق هذا ضعيف ،المطلوب منك تعيش طالب علم لكن أين أوصل في العلم هذا ليس لك، هذا لله، لكن يجب على كل مسلم أن يعيش طالب علم، ممكن واحد يطلب علم خلال سنوات قليلة يصبح علم ويمكن واحد يطلب علم طول عمره ويبقى مكانه، لكن الطلوب في حق هذا وحق هذا أن يكون كل الناس طلبة علم، وأن يتعلموا دين الله سبحانه وتعالى .
◀ *المجلس ( ٤ ) من مجالس الوعظ في شهر رمضان المبارك (١٤٣٩ هجري/٢٠١٨ أفرنحي).*
⬅ *خدمة الدرر الحسان من مجالس الشيخ مشهور بن حسن آل سلمان.*✍✍