الشيخ : المسألة مهمة ، والكلام طويل وخطير ، شيخنا الألباني الله يرحمه لما كان يُسئل عن أمثال هؤلاء ، فكان يقول فيهم نزعة خارجية ، الخارجي الذي يُكفر بالذنب ، من كفر حكامنا اليوم بمجرد الحكم بغير ما أنزل الله فهو خارجي ، لماذا تكفره ؟ لأنه يحكم بغير ما أنزل الله ، هذا التعليل يلزم أن تُكفر صاحب البيت الذي يحكم بغير ما أنزل الله ، وصاحب المتجر ، والمعلم ، إلى أخره ، فمجرد الحكم بغير ما أنزل الله فهذا يكون خارجي ، وهذا يترتب عليه سيف ، الخروج بالسيف ، الأوضاع في العصور المتأخرة ليست كالأوضاع في العصور الأولى ، من كفر الحاكم بقرائن قامت عنده وليس لمجرد معصية الحكم بغير ما أنزل الله واحتفت به ، ورائه كافرا ، فرأى الخروج عليه هذا يخطأ ، لأن الخروج لا يأتي إلا بشر ، ولا يضلل ولا يبدع ، مثلاً انسان عند حاكم ، هذا الحاكم ليس بمسلم ، فرأى القيام عليه ، الحاكم نصراني ، أو الحاكم نُصيري ، أو الحاكم كافر أصلاً ، غير مسلم أصلاً ، فرأى الخروج عليه ، فماذا نقول عنه ؟ نحن لا نضلله ، لكننا نخطئه للأثر المترتب على الخروج ، مثال أخر ، رجلٌ ما رأى أن حاكم ما باعتبارات ما ليس بمسلم ، فرأى الخروج ، فلو أنّ تصوري كتصوره لكان حكمي كحكمهِ ، فقواعدي وقواعده في الحكم واحده ! لكن تصوري يختلف عن تصوّره ، فأنا الآن أُخطّئه وانا الان لا أضلّله ، أخطّئهِ وأُحاربُ قوله الباطل واتبرأ الى الله تعالى منه ، ولا أستطيع أن اقول أنّه مبتدع وأنّه ضالّ ، اذا كانت قواعده كقواعدي في الحكمِ على التكفير ، وأنّه لا يكفّر بمجرد المعصية وإنّما عنده قرائن على التكفير ، أنا لا أقرّ بها ، هذا الصنف القلق هو أسباب مشاكل المسلمين هذه الأيام ، وهذا الصنف القلق هو الذي يُتعِب الدعوة السلفيّة هذه الأيام ، فبعض الناس لمّا تقول له تكفّر من حكم بغير ما أنزل الله ، يقول لك : لا أنا ما أكفّر بمجرد الحكم بغير ما أنزل الله ،وانّما أنا أُكفّر بكذا وأُكفّر بكذا ، فيبدأ يسرد لك أشياء هي في عرف الشرع قرائن ، فيقول أنا لا أكفّر بمجرد الحكم بغير ما أنزل الله ، أنا أكفّر فلانًا لأنه لبس صليبًا ، أنا أُكفّر فلانًا لأنه سجد لشي ما ! يعني عنده قرائن ، وعنده شُبه ، يعني هو لا يُكفّر ، هو متبرئ أصالةً من مذهب الخوارج الذين يكفرون بالمعصية ، هو قامت عنده قرائن فيُكفّر بسبب هذه القرائن التي احتفت بشخصية معينة ، مثلا القذافي كان أكثر شخصيتان مقلقتان جدا في الكلام على النّاس وهما :
1 – الشخصيّة الأولى صدام حسين .
2 – الشخصية الثانية القذافي .
القذافي شُهِر عنه أنه ما كان يقرأ “قل” ، كان يقول ” هو الله أحد ” ولا يقرأ قل ، غفر الله شديدًا وكثيرًا للشيخ عبد الحميد كِشك ، الشيخ عبد الحميد كشك في ذاك الزمان كان شريطه بمثابة محطة من المحطات الفضائية ، وكان له شريط في تكفير القذافي ، وكان يردد ويقرر أن القذافي كان يُنكِر ” قل ” واضطر القذافي وانا عندي مصحف الجماهيرية الليبية ، عندي المصحف وحصّلته من بعض إخواننا الليبيين المصحف عندي وطبعه القذافي وكلمة ” قل ” كتبها بيده
يعني الذي يقرأ مصحف الجماهيرية الليبيّة يجد أن ” قل ” ليست مطبوعةً طباعةً ، ” قل ” مكتوبه بخط يد ، فرأى القذافي حتى يردّ على كشك أنّه هو بخطّه يكتب ” قل ” ، كتب ” قل ” بخط يده ، وموجود المصحف الآن وعليه خط يده .
فواحد اعتقد أنّ الحاكم الفلاني للا يعتقد قرآنية آية ، دعنا من الحاكم ، واحد مسلم قال : سورة كذا ليست من القرآن ! ماذا نقول عنه ؟ ، نقول هذا كُفُر ، ونقيم عليه الحجّة إذا قامت عليه الحجّة وبقي يقول به فهذا كافر خارج من الملة ، من زاد في القرآن شيء او نقص منه فقد كفر ، حتى لو كان هذا حاكم ! حاكم أو محكوم سيّان ، فنحن وجدنا وبلونا بعض النّاس يتكلّم في خواص بعض الحكّام فيُكفّره لا لأنه يحكم بغير ما أنزل الله ، هو يُكفّره بقرائن ، فأنا أُخالِفه في تصوّره ، الخلاف بيني وبينه في التصوّر ، فهذا التصوّر أنا أقول يترتب عليه ظن ، والأصل اليقين لا يزول بالظنّ قولا واحدا ، والكلام في الحكّام ، بعض من تكلّم في الحكام كأنه خبرهم وعجنهم وخبزهم وعاش معهم ويعرف ما في بواطنهم ، ويحكم عليهم من دواخلهم ، ويأتي بالشيء ثمّ يجعل هذا العمل أمرٌ لا ينفكّ عنه الكفر ، والصواب خلاف ذلك ، فلو أنّ رجلًا مثلا رأيته يسجد للصنم ، هذا كُفر ، فقربت منه فوجدته يصلي وهو أعمى ، أعمى ويصلي رأيته ساجد ، هل تقيم عليه الكُفر الآن ؟ ، لا أحكم عليه بالكُفر لأنه رجل أعمى ، ويصلّي صلاة المسلمين ، وقام وسجد وركع وdقرأ ولا يعلم أن الصنم موجود ، فبعض الناس عنده مجرد هذه السجدة ، مجرد هذا العمل لأنه يسبق هذا الحكم بُغض ويسبق هذا الحكم سوء ظن ، فأنا أقول أن بعض الناس يحتاج الى أن ينعدل عقله في طريقة اسقاطه الأحكام وليس في أصول مبادئه ، يعني مبادئه أصلًا أنت وإياه تتوافقوا ، لكن هو يفسّر ما يرى وما يسمع تفسيرات فيها تهويل وتهويش و خروج عن الجادّة ، فخطأه من نفسيته ، خطأه ليس في موافقة الخوارج في التكفير بالذنب ، هو يُنكِر على من يُكفّر بالذنب .
هذا النوع قلق جدا وهذا النوع مزعج جدًا وهذا النوع غالبا ما يكون مثل الزئبق ، لا ترى له ملمس ، وله في كل بيئة ميل ، و يختلف الميل ، إن رأى بضاعة رائجة استرسل وان رأى بضاعة غير رائجة أحجم وسكت ، هذا الصنف متعب جدًا جدًا .
وبعض الناس بحكم أنه أعتدي عليه من بعض الجهات الأمنية في يوم من الأيام أو ما شابه ؛ هو ينتقم لنفسه من حيث لا يشعر ؛ كمن حُرِم من وظيفة وحُرِم من شيء فتجده هو دائما ينظر للأمور بنظرة أشبه ما تكون نظرة تشاؤمية
أنا أذكر أن واحدا لو قال عن هذا الكأس مثلا الذي أمامنا ، واحد يقول أن هذا الكأس نصفه مليء وآخر يقول نصفه فارغ ؛ فالذي يقول أن نصفه فارغ يميل للنظرة التشاؤمية ، والذي يقول ألآن نصفه مليء ينظر النظرة التفاؤلية ، مثل امرأتين جالستين في حديقة و جاءهم عامل التنظيفات ، وعندهم اولادهم ، كل واحدة عندها ولدها ، فواحدة نظرتها تشاؤمية ؛ تقول لولدها : يا أبني اذا فشلت في دراستك ستكون مثل هذا الزبال ! والأخرى نظرتها أسمى وأعلى ، نظرتها نظرة تفاؤلية ؛ فتقول لابنها : يا أبني ان درست تنجح والله يوسّع عليك وتساعد أمثال هذا النوع من الناس ، فهذا كلام وهذا كلام ! لكن فرق بين هذه النظرة وبين هذه النظرة .
فبعض الناس لا يعمل دائماً ناقد وحاقد ، دائما يشتم ، دائما يلعن ، ليس بإيجابي ، لا يبني شيئا ، ويُشعرك أنه فلان مشكلة واذا ذهب فلان الدين قام ، واذا بقي فلان لا يصبح للدين وجود ، نظره تشاؤمية من أسوأ ما يمكن ، وهذا علّته تبدأ كما قلت في نفسه ، هو يحتاج أن يغيّر نفسه ، والله تعالى أعلم .
السائل : شيخنا الله يحفظك لو كان السؤال أدق أقل بدرجة أو أعلى بدرجة ، لو كان هذا الرجل صاحب سنة ومعروف عنه انه صاحب سنة في اعتقاده ومنهجه وسلوكه ، الا أنّه في هذا الجانب تغيّر ، رأى مثلا جواز الخروج ، او رأى على الأقل أن هذا فيه مصلحة ، فهل يُعامل معاملة المبتدع ، أو يُعامل معاملة المُحذّر منه الذي لا يؤخذ عنه اطلاقًا .
الشيخ يقول : هذا سؤال غير الأول ؟ هذا غير الأول تمامًا
السائل : هو متمم للأول يا شيخ .
الشيخ : أنا أقلب عليك السؤال بسؤال حتى تتضح الأمور
رجل معتقده سليم مئة بالمئة ، يوافق أهل البدع في مسألة هي علمٌ وشارةٌ لهم ، يقول : كل شيء تمام الا أن القرآن مخلوق ، كل عقيدتي تمام بس القرآن المخلوق ، قول القرآن مخلوق اشارة الى المعتزلة ، هل هذا سُني ؟ لا هذا بدعي ، هذا بدعي ، وهنا مسالة وهي مهمة جدًا ، وكثير من الناس ما ينتبه لها ، هل يَلزمُ فيمن أتكلم فيه أن أعرف جميع أحواله ؟ لا ، لا يلزم ؛ متى ثبت عندي بيقين أن فلانًا وافق المبتدعة في شعار لهم ومسألة هي عَلمٌ عليهم ، ألحقتُه بهم ، لا يَلزمني معرفة كل شيء ، لا يلزمني أن يكون علمي محيط إحاطةً كامله بالذي أتكلم عليه ، أنا يَلزمني في شرع الله تعالى إن حكمت أن أحكم بعدل ، فان تيقنت ان فلاناً له مذهب ، وهذا المذهب علامة على أهل البدع فلا يلزمني ان اقول عنه انه ضال ، متى ثبت عندي بيقين أن فلان وافق المبتدعة في شعار لهم ، ومسألة هي علم عليهم ألحقته بهم ، فأنا لا يلزمني أن احيط إحاطة كاملة بالذي أتكلم عليه ، أنا يلزمني في شرع الله تعالى إن حكمت أن أحكم بعدل فإن تيقنت أن فلانا له مذهب وهذا المذهب علامة على أهل البدع فلا يلزمني أن أقول عنه ضال حتى اعرف عنه كل شيء لا يلزمني انا اضلله بهذا المقدار انا اضلله بهذا المقدار ، لذا من ثبت عندنا بيقين انه يرى الخروج على الحكام لأنهم يحكمون بغير ما أنزل الله فهذا فيه خارجية ، هذا خارجي ، هو يوافق الخوارج كما أن ذاك وافق المعتزلة بشيء هو شعار لهم ، هذا غير ذاك ، فلو انسان يكفر بمجر الحكم بغير ما أنزل الله هذا هو بداية الشر وهذا بداية التثوير و هذا بداية التفجير و هذا بداية السوء التي لا يعلم مداها إلا الله جل في علاه ، الشر يبدأ من هنا ، والله تعالى أعلم .
السائل : من جوز وأوجب الخروج على الحاكم الفاسق و ليس الكافر ، كيف نرد عليه ؟
الجواب : القول بالخروج على الحاكم الفاسق له تعلقات و ذكره القاضي أبو يعلى في كتابه الأحكام السلطانية و هو مذهب ليس بصحيح و هو مذهب قطعا ليس بصحيح فهذا الصنف من الناس قد يقال إنه وقع في بدعة لكن لا يقال انه مبتدع حتى يناقش و حتى ترفع الشبه عنه ، انا اتكلم في الوقوع عن بدعة قد حصلت ، يعني يقال انه قد وقع في البدعة ، أما إسقاط حكم مبتدع و إسقاط حكم الكافر و إسقاط حكم الفاسق فلابد من انتفاء الموانع ولا بد من تحقق الشروط و الله تعالى أعلم .
التصنيف: أسئلة منهجية
http://meshhoor.com/wp/wp-content/uploads/2017/04/S14-03-08_03.mp3السؤال: ما نصيحتك لمن يريد تدريس كتاب رياض الصالحين؟
الجواب:
كتاب رياض الصالحين كتاب مبارك وكتاب نافع طيب، ولكن كتاب رياض الصالحين أحاديثه كثيرة وفيه كثير من الغرائب فنصيحتي لمن أراد أن يدرس رياض الصالحين أن يبيّن معنى الحديث و أن نقرأ الحديث لنفهمه ثم لنعمل به أما أن نسمع الكلام للبركه فقط ولا نفهم ماذا يقول لا القارئ يفهم ولا المستمع يفهم ما تعلمنا شيئا، فالأصل في من يدّرس أن يكون متميزا عن الناس و أن لا يجلس المجلس الذي يجلسه رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يقرأ و يخلط و يرفع المنصوب وينصب المرفوع وينطق بالكلمات على غير الوجه الصحيح، ولعله يقول كلاما إن فهمه أعرابي قح لعله فهم منه الكفر، إن غيّر الرفع مع النصب و ما شابه فالواجب على الإنسان أن لا يكذب على الرسول صلى الله عليه و سلم وأن ينطق كما نطق النبي صلى الله عليه وسلم بالحديث و الله تعالى أعلم
⬅ مجلس فتاوى الجمعة
2014 – 3 – 21 إفرنجي
20 جمادى الاولى 1435 هجري
ما رأيك في سيد قطب
سيد قطب أخطأ فيه اثنان، واقول هذا عبادة، وأعبد الله عز وجل فيما أقول: فقد أخطأ في سيد قطب من كفره، وقد عامله وحمل عباراته ما لايخطر بباله ولواحد كتاب في تكفير سيد قطب، وهذا ظلم له، فمن الظلم له أن نحمل ألفاظه ما لا يخطر في باله، بل من الظلم لسيد قطب أن نعامله وأن نحاكم ألفاظه وعباراته بعبارات واصطلاحات العلماء، وإنما نحاكمها بعبارات واصطلاحات الادباء، وهناك فرق كبير بين الأمرين.
سيد قطب في كتبه يقول عن ربنا عز وجل “ريشة الكون المبدعة” ويقول أيضا ًعن ربنا “مهندس الكون الأعظم” فيا ترى لما يقول سيد عن ربنا الريشة المبدعة، هل يظن سيد أن الله ريشة؟ وهل يظن انه مهندس عنده أدوات هندسية؟ قطعاً لا، فمن يكفر سيد لأنه يظن أن سيد يعتقد أن الله ريشة، هذا ظلم لسيد قطب، ولذا من كفر سيد قطب فإنه يحاكم ألفاظه باصطلاحات العلماء، وسيد قطب من الأدباء وليس من العلماء، ولو نفهم فقط هذا الأمر لارتحنا، وهذا يقصر علينا مسافة واسعة، وهذا فريق غلا في الحط على سيد.
وعندنا فريق آخر اعتبر سيد قطب منطقة محرمة، والويل كل الويل لمن تكلم عليه، فيقول : سيد فعل وفعل…. نقول: ما فعله له، ونسأل الله أن يتقبله وهو أفضى إلى أحكم الحاكمين.
لكن الخطورة فيما كتب وفيما كتب أشياء ينبغي أن تُقَوَّمْ، وأوجب الواجبات في تقويم ما كتب يلقى عاتق أخيه الأستاذ محمد قطب، ويا ليت محمد قطب يطبع كتب أخيه وفي هوامشه تعليقات فيها بيان لأخطاء سيد قطب، ويبين أنه ليس مراده كذا وكذا، فحينئذ نرتاح من غلو الكافرين ونرتاح من تاويل المأولين الذين لا يريدون أن يقولوا إن سيد قد وقع في كلامه خطأ، وانا أرى أن هذا واجباً فمهما كتب العلماء في أخطاء سيد قطب، تبقى كتبه شائعة، ولا يصل التقويم الذي كتبه أهل العلم، من أمثال الشيخ ربيع وغيره، بلغة العلم ونقد العلماء، لا يصل إلى كل الناس، لاسيما المعجبين بسيد قطب.
فسيد قطب كتب بعاطفة، وكتب بتجوز، وكتب بعبارات الأدباء، فوقعت في كتبه أشياء مرودوة، مرفوضة بلغة العلماء. ونحن نتكلم عن التوحيد فسيد ينكر ان يكون الله استوى على عرشه، ويقول استوى بمعنى استولى، وهذا خطأ كبير، بل ينكر العرش ويأوله، ويوجد في كتب سيد قطب عبارات شديدة حول الصحابة، لا سيما عمرو بن العاص ومعاوية، فمثلاً في كتابه “كتب وشخصيات” (242) يقول: (وحين يركن معاوية وزميله إلى الكذب والغش والخديعة والنفاق والرشوة وشراء الذمم لايملك علي أن يتدلى إلى هذا الدرك الأسفل)، فهذه عبارات خطيرة جداً، في أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا يقولها من يعرف العقيدة، ويعلم أن الواجب علينا أن نكف عما شجر بين أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فكما جاء في الحديث: {إذا ذكر أصحابي فأمسكوا}، أما أن يوصف معاوية وعمر بالكذب والغش والخديعة فنبرأ إلى الله من هذا، وفي كتابه “العدالة الاجتماعية” (172) يصف حكم الخليفة الراشد عثمان بأنه فجوة بين حكم أبي بكر وعمر وبين علي، وفي ص 159، يقول عن حكم عثمان: (تغير شيء ما على عهد عثمان، وإن بقي في سياج الإسلام)، بل يقول: (جاء علي ليرد التصور الإسلامي للحكم إلى نفوس الحكام والناس) فكأن عثمان ما كان يحكم بالإسلام، وهذه عبارات شديدة لا نرضاها.
فمن يكفر سيد قطب مخطئ، ومن يسوغ ويبرر لسيد أخطاؤه مخطئ، وينبغي ان نكون جريئين كي لا نجرئ السفهاء على سيد، فنصرح ونقول: هذا خطأ وهذا خطأ ومراده كذا كي تكون حجراً في وجه من يكفر سيد قطب، ونضع الأشياء في اماكنها ففي سيد غلو في الحب وغلو في البغض، وكثير من شباب اليوم للأسف يتعلمون دين الله وينشأون على كتب سيد قطب، وكتب سيد قطب لا يوجد فيها علم شرعي، فيها خواطر وعواطف وأدب، وليس علماً شرعياً، فالأصل في الشباب أن يتأصلون في العلم الشرعي من خلال كتب الأئمة والفقهاء والعلماء، فينبغي أن يكون الإقبال على الكتاب والسنة وهذا ما عندي في هذه المسألة وفقني الله وإياكم للخيرات وجنبني وإياكم الشرور والمنكرات.
هناك من يقول بأن للمسلم الحق بأن يختار الطريقة التي يريد بها القيام بها ببعض…
أما عن خروج إخواننا التبليغيين فلنا في الحقيقة كلام، والكلام في هذا الموضوع كثير لكن أوجزه بالآتي:
يا ليت إخواننا التبليغيين يعاملون الخروج كمعاملتهم في المشي إلى المسجد وأن الأمر يجوز، يا ليت اقتصر عند هذا الحد، لكان الأمر سهلاً، ولكان الخطب يسيراً، لكن عند إخواننا الخروج طاعة بذاتها، ويخرجون ليخرجوا، ما يخرجون من أجل الصلاة ، فيخرجون لدعوة الناس إلى الخروج ويدعون الذين يخرجون أن يخرجوا حتى يخرجوا، ثم ماذا ؟ لا ندري.
والخروج وسيلة من وسائل الدعوة إلى الله عز وجل، فلو أنا رأيت قرية من القرى، تحتاج إلى التعليم ، فمشيت إلى هذه القرية (وحصل ولله الحمد) فبت ليلتين أو ثلاثة أو أكثر في المسجد، فدرست وعلمت، فلا حرج، ومن يمنع هذا؟ لكن أن أعتقد أن من لم يقم بالخروج هذا فهو ليس داعية إلى الله فهذا خطر شديد، فهم يعتقدون أن الخروج طاعة تراد لذاتها، وهذا بدليل أنهم عند خروجهم يقولون: إننا خرجنا حتى نخرِّج، وهذا خطأ كبير، فالخروج وسيلة من وسائل الدعوة إلى الله ، هذا أولاً.
وثانياً : هذه الوسيلة ينبغي أن نعرف حجمها في الشرع، فلو أن واحداً مثلاً نادى بأعلى صوته: يا أيها الناس لا تذهبوا إلى المسجد إلا مشياً، ولا تركبوا السيارات ، فهذا الحصر نقول له: أنت مخطئ فيه، لماذا ضيقت واسعاً، وبعض المفسرين يفسرون قوله تعالى: { ومن أحسن قولاً ممن دعا إلى الله}، بالمؤذن، فالمؤذن داعية إلى الله، وهذا الدرس دعوة إلى الله، وخطيب الجمعة داعي إلى الله، والذي يقرأ أو يتعلم ويحصل داعي إلى الله، والذي يزور المسلمين ويرد الشارد منهم ويذكرهم بالصلاة داعي إلى الله، فالدعوة إلى الله ليست بأنها لا تتحصل إلا من خلال المشي إلى مسجد معين، والخروج أياماً معينة، وجولة محلية، وجولة مقامية، فأن تحصر الدعوة إلى الله وأن يقوم في ذهنك تصور أنه ما يوجد داعية مقبول يأتي بثمار إلا إن حصل كذا وكذا، فهذا حاله كمن يقول للناس لا تذهبوا إلى المسجد مشياً إلا بالسيارة.
والأمر الثالث: وجدنا في هذا الخروج إسقاط لآيات وأحاديث واعتقاد أجور وفضائل لم ترد، فقالوا الخطوة التي تمشيها أحسن من عبادة سبعين سنة، والدرهم الذي تنفقه أحسن من سبعين ألف درهم، فمن أين هذا؟ وبعضهم يقول: الصحابة خرجوا، نعم الصحابة خرجوا، فاخرج كما خرج الصحابة، فالصحابة علمهم النبي وخرجوا يعلمون فخرج معاذ قاضياً، وخرجوا مفتين، وخرجوا ولاة، وخرجوا مجاهدين، أما الخروج بالطريقة الموجودة، فهو رؤية منامية، رآها شيخ فجعلها سنة متبعة، فهذا الإسقاط إسقاط عملهم على تصور الأجور، والفضائل للأعمال، وإسقاطه على أفعال الصحابة ، فيه مؤاخذة شديدة.
وهذا الخروج فيه محاذير لأن لهم شروط ما أنزل الله بها من سلطان ، فالخارج على أصولهم ممنوع أن يزور بيته، فلو احتاج الخارج أن يزور أباه المريض يمنع، ولو احتجت شيئاً من الدنيا كأن أغير الثياب فهذا ممنوع، فمن أين هذه الشروط (وكل شرط ليس في كتاب الله فهو باطل) فهذا الخروج لا يجوز أن يجعل المباح حرام، فالمباح يبقى مباح، والمسنون مسنون، والفرض فرض، فالنبي صلى الله عليه وسلم في يوم من الأيام استيقظ من الليل وقرع باب علي رضي الله عنه، فقال له: {قم الليل}، فقال علي- وهو يفهم أن النبي خاطبه من باب الحرص لا من باب أنه نبي- فقال: {إن أرواحنا بيد الله إن شاء أمسكها وإن شاء أرسلها} فخرج النبي صلى الله عليه وسلم وهو يقرأ قول الله {وكان الإنسان أكثر شيء جدلاً}، وعلق الحافظ ابن حجر في فتح الباري على هذا الحديث فقال: (أمر الأمير بالطاعة المسنونة لا يجعلها واجبة)، فالأمير إن قال لك صم الإثنين، يظل الصيام سنة ولا يصير فرض ، وأميرٌ يكلف بسنة أو يفرض لا يحق له، فمن أين هذه الشروط؟
وهم يعتقدون أن الذي لا يخرج كل سنة أربعين يوماً وكل شهر ثلاثة أيام وهكذا ، يعتقدون أنه قصر.
ومن أسوأ ثمار الخروج على الإطلاق الحب والبغض والولاء والبراء من خلال الخروج فلا يحب الإنسان ولا يوالي إلا على الخروج، والحب والبغض والولاء والبراء في ديننا لا يكون على الوسائل وإنما على الحقائق، فربما إنسان أخطأ ورأى أن الذي يعيد للأمة عزها التنظيم، [فيجعل الولاء والبراء من خلال التنظيم فمن دخل التنظيم فله الحب والولاء، ومن لم يدخل التنظيم فلا حب ولا ولاء].
وأقول- والله و أباهل من شاء- لو كان عز الأمة يعود بتنظيم أو بخروج لذكر صريحاً في كتاب ربنا أو سنة نبينا، فالنبي صلى الله عليه وسلم ما ترك شيئاً حتى الخراءة، إلا وعلمنا إياه.
والذي يعيد الأمة عزها المنشود، أن تقع التزكية والتربية في الأمة، فالنبي بعثه الله ليزكي ويعلم، وقال تعالى: {وجعلنا منهم أئمة لما صبروا وكانوا بآياتنا يوقنون}، {أئمة}: أي أئمة دين، {ولما صبروا} أي : زكوا أنفسهم. و {كانوا بآياتنا يوقنون} أي: تعلموا ؛ فعلم وعمل وصلاح، وكما قال الإمام مالك والفضيل ابن عياض : (لا يصلح آخر هذه الأمة إلا بما صلح به أولها) فعقيدتنا أن الذي يصلح الأمة أن يجثوا الناس على الركب بين الصادقين من أهل العلم، يتعلمون ويعملون.
فهذا أسهل الإصلاح لكنه يكاد يكون عسراً هذه الأيام؛ لأن الناس قد هجروا العلم وحلقات العلم، وما وجد الأطباء فيهم، وأيضاً قالوا: الذي كان يخرج وترك الخروج، ميتة لفظها البحر، فهم يحبون ويوالون على الخروج فإن كان خروج فيوجد حب، وولاء، وإلا فلا، وكذلك غيرهم في التنظيم، فيبشر الوجه ويشد على اليد ويزار إن دخل التنظيم، وإلا فلا، ونقول لمن هذا حاله: كن بيننا ربانياً وافتح قلبك، ووسع أفقك، فهذه وسائل، فالحب والبغض يكون على دين الله، فالنبي صلى الله عليه وسلم يقول: {أوثق عرى الإيمان: الحب في الله، والبغض في الله}، ويقول: {من أحب لله ومن أبغض لله، وأعطى لله ومنع لله، فذلك أوثق عرى الإيمان } فالخروج فيه هذه المحاذير وياليتهم يجعلونه كالمشي إلى الصلاة لكنهم يعتبرونه من أجل الطاعات وأهمها.
وقد دعاني يوماً أخ فاضل، إلى طعام الغداء، فذهبت إليه ووجدت عنده أناس كثير، وكان من الموجودين أمراء التبليغ، وأنا لا أعرفهم إلا بأسمائهم، فتكلم واحد منهم – وحالهم أنهم يظهرون أنهم أوصياء على الدين- تكلم عن الخروج، وأشعر الجالسين أن الخروج هو لب التوحيد وأصل الدين، وهذا هو التوحيد عندهم، بدليل أن الذين يخرجون في بلاد الحجاز يعرفون التوحيد، وأن الذين يخرجون في الهند والباكستان أصحاب خرافة، ولا يعرفون التوحيد، فعقائدهم مختلفة، لكنهم مجتمعون على وسيلة ، فبعد أن تكلم على الخروج قلت: أتأذن لي بسؤال؟ قال : تفضل، قلت: ما حكم الخروج هذا الذي تدعو إليه؟ فغضب، وبدأ يتكلم تارة جالس، وتارة بين القائم والجالس، ويقول: ينبغي أن نسأل ؛ ما هو حكم القعود هذه الأيام؟ فقلت له بعد كلام: أنت ما سألتني عن حكم القعود حتى أجيبك، سلني عن أي قعود تريد أجيبك فهنالك قعود مع الرحم واجب، وقعود في الصلاة واجب، وقعود عن الدعوة حرام، لكن لا تكون الدعوة إلى الله بالخروج فقط، فيوجد دعوة من غير خروج، وأنتم مشكلتكم أنكم لا تجعلون داعية إلى الله إلا من خرج، فما لم يخرج لا يكون داعية، فجعلنا الوسائل كأنها مقاصد وغايات.
وهذا الأمر له آثار تربوية خطيرة على النفس فواحد ينشأ ويُربى على الخروج، فيتصور أن الدين كله خروج، فإن ضعف وما خرج، فيظن نفسه أنه ارتد، وكذلك من يعتقد التنظيم، ويسمع دائماً منهم ((من فارق الجماعة قيد شبر……) (من مات وليس في عنقه بيعة فقد خلع الإسلام من عنقه) ثم يضعف عن التنظيم ويتركه، يبدأ يشك بدينه، لكن لما يفهم أن هذه وسيلة [وتحتمل الخطأ والصواب]، وأن المسلم وجماعة المسلمين من يقول “لا إله إلا الله” ما لم ينقضها سواء خرج أم لم يخرج وسواء كان في تنظيم أم لم يكن، تتحقق الأخوة الإيمانية بين الناس، وإن ضعف لا تظهر هذه الآثار التربوية على النفس بهذه الطريقة الموجودة عند الناس.
وجماعة المسلمين جماعة فهم، وليست جماعة بدن، فلو قلنا لهؤلاء أبعدوا الحزبية عنكم، وأبعدوا الخروج وهذه الوسائل عنكم، وتناقشوا في دين الله، وفي تصوركم عن هذا الدين، لكفر بعضهم بعضاً، لأن أفهامهم متناقضة جداً، فالذين يخرجون في الهند ليسوا – كما قلنا- كالذين يخرجون في الجزيرة العربية، فهؤلاء عرفوا التوحيد وأولئك تربوا على العقائد الخرافية، فجماعة المسلمين كما قال الشافعي ، جماعة فهم وليست جماعة بدن، ولذا قال يوسف بن أسباط: (إن كنت في المشرق وأخ لك في المغرب فابعث له بسلام فما أعز أهل السنة هذه الأيام)، فأهل السنة في المشرق وفي المغرب دينهم هو هو، ما عندهم تغيير ، فدين الله كتاب وسنة، مع احترام العلماء والنظر إلى أقوالهم واستنباطاتهم بتفصيل وتمعن.
لذا نقول : إن الخروج في سبيل الله على النحو المذكور فيه محاذير كثيرة جداً، وإسقاط هذا الخروج على النصوص الشرعية إسقاط غير موفق، والله أعلم .
السؤال الثاني ما حكم مشاهدة مباريات كرة القدم إن حرصت أن لا يكون فيها ما…
http://meshhoor.com/wp/wp-content/uploads/2017/04/س-2-1.mp3السؤال الثاني: ما حكم مشاهدة مباريات كرة القدم إن حرصتُ أن لا يكون فيها ما هو مُحٙرّٙم؟
الجواب:
السؤال غير واضح، لكن ممارسة الرياضة خيرٌ من النظر إليها، ومِن مخططات اليهود التي أعلٙنوا عنها: إشغال الناس بكرة القدم، وكرة القدم فيها ثلاثة محاذير.
المحذور الأول: هدر الطاقات.
فأحياناً بعض المباريات يحضرها ملايين !
لو أن المسلمين تبرعوا بِحضور يوم من أيام المباريات ؛ تٙحُلُّ بعض مشاكل البلاد الفقيرة.
والمحذور الثاني: قلبُ الموازين.
فالبطل عند الناس ؛ هو الذي يُحسنُ إدخال هذه الكرة في المرمى !!
وليس هذا البطل عندنا في شرعنا، الأبطال عندنا في شرعنا الفاتحون والمجاهدون، النجوم الذي يُقتدى بهم في وقت الظلمات :
الصحابة، العلماء، أهل الصلاح، أهل التقوى.
المحذور الثالث في كرة القدم: أنها تُحيِي النّٙعرات، وتُثٙوِّر الجاهليات، ويقع فيها التعصُّب والتّٙحزُّب لأندية ولِأسماء ما أنزل الله تعالى بها من سلطان!!
ثم هنالك محاذير كثيرة، في بريطانيا يوجد هنالك مراهنات والقمار على الغالِب من المغلوب، وإن كان هذا في كرة القدم قليل وهو في الخيول أكثر -المسابقة على الخيول-، إلا أنه موجود في بعض البلاد.
ثم تضييع الواجبات:
أن يُضٙيِّع الإنسان مٙن يعول وأن يُضٙيِّع الفرائض والواجبات التي فرض الله عز وجل.
هذا في النظر.
لو وٙقٙع النظر فٙلتة وما وقع إدمان -مع عدم نصيحتي بهذا- ؛ إلا أنّٙ الأمر يهون.
لا أنصح بتعلق القلب بالمباريات ، مٙن أراد أن يُمارِس ؛ فلا حرج.
وقٙعٙ خلاف بين الباحثين في هذا الزمان، وتٙحٙمّٙس بعضهم لشيء لا أرى مٙدعاةً للحٙماس به، قالوا: المباريات بهذا التنظيم بهذه الأسماء والمسمّٙيات، مع وجود الحٙكم ووجود عدد معين؛ قالوا: هذا ما عٙرٙفٙهُ مٙن قٙبلٙنا.
قلتُ: ولو لٙم يٙعرِفُهُ مٙن قٙبلنا ؛ إيش المشكلة بهذا؟
الأصل في الألعاب
الحل وليست لِلحُرمة، والأصل في الأقوال والمصطلحات الحِل.
استغربتُ جداً؛ جاءتني رسالة من أحد إخواننا أنُّ:
فلان يٙنتٙقِدُك، لأنك قلتٙ عن الجهاد (الفريضة الغائبة)!!
قلتُ: لا مشاحة في الاصطلاح، قال: هذا أسلوب حِزبي ، هذا أسلوب إنشائي.
قُلتُ: جوابك إنشائي، لٙما تقول عٙنّٙا كلام على عبارة (الفريضة الغائبة): (كلامُ حِزبيِّين)؛ أنت المطالٙب أن تأتيني بنقولات الحزبيين أن الحزبيين يقولون هذ!!
فإذا لٙم تأتِ بالنقولات ؛ فكلامكٙ إنشائي!!
فكلامكٙ إنشائي أيضاً، ثم يقول : قال السّٙلٙف في مِثل هذا تسقط الفريضة.
قلتُ: وأنت؛ هذا كلام إنشائي، ابحث في كل كتب السّٙلٙف وهات لي بعِبارٙتِك أنهم يقولون: “تٙسقُط” ؟
شيخ الإسلام ابن تيمية يقول عبارات التكليف، وتسقطُ وما شابه، لم تدٙرُجٙ على ألسِنٙة السّٙلف!!
لكن لا مانع منها.
ولذا عجبي لا ينتهي عن مٙن قال عن كلامه: “كلام علمي” !!
أين الكلام العلمي فيه؟!
كله ادِّعاءات وكلُّه باطل، كلُّه باطل.
الشاهد: الأصل في العبارات، والأصل في الأفعال “الحِل وليس الحُرمة”.
والله تعالى أعلم.
⬅ مجلس فتاوى الجمعة .
2 شعبان 1438 هجري
2017 – 4 – 28 إفرنجي
↩ رابط الفتوى :http://meshhoor.com/fatawa/1082/
◀ خدمة الدرر الحسان من مجالس الشيخ مشهور بن حسن آل سلمان.✍✍
◀ للإشتراك في قناة التلغرام :
http://t.me/meshhoor
السؤال أخ يسأل فيقول فإن الضرورة تدعو إلى الرد على المدعو عدنان…
http://meshhoor.com/wp/wp-content/uploads/2016/12/.mp3الجواب : بلغني أن بعض إخواننا كتب كتاباً مؤلفاً في الرد عليه، وقد وفُّقَ فيه ولله الحمد والمنة.
اعلم علمني الله وإياك أنه لا يوجد خيرٌ أو شر ٌ وليس له أصول وجذور عند السابقين.
فأهل الخير في هذا الزمان وفي كل زمان لهم أصول موصولة بالنبي صلى الله عليه وسلم والصحابة، والتابعين.
وأهل الشر؛ ما أحد يأتي بشر جديد، الوسائل هي الجديدة يعني الوسائل ( المايكروفون، والفضائيات، والتسجيلات، والاسطوانات ) هذه الوسائل جديدة، لكن أصل المادة أنه لا يوجد شر ليس له ماضٍ، ولا يوجد خير ليس له ماضٍ
هذا الرجل لم أسمع به .
وقالوا كأنه غزي من غزة، مقيم في أستراليا، كأني سمعت من بعض إخواننا هذا.
وأنا أريح نفسي ، وقلبي ، وعقلي، ووقتي ، وأعصابي؛ من شر الاتصالات الحديثة .
وإخواني جزاهم الله خير يصورون، ويبثون ، فهذه مشاركتي فيما يسمى بـالنت إلى آخره.
وأنا أقول لإخواني:
لما كنّا طلاب صغار في الابتدائية، أدركنا هذا ، كنّا نرى الشتائم، والسب، والعبارات القبيحة وغير المليحة، الله يعزكم، كنا نراها على أبواب المراحيض ، كنّا نرى هذا، وكلنا نعيش تقريباً-
في بيئة واحدة.
المرحاض اليوم الذي يكتب عليه، بدل المرحاض الذي كان يكتب عليه قديماً اليوم هو الذي يسمى (( بـالنت )) ، هذا شبيه بالمرحاض سابقاً .
والنت يحرم شرعاً أخذ العلم منه، إلا من رجل موثوق.
قال : والله الحديث من صححه ؟
قال : صححه النت وضعفه النت.
أهلاً وسهلاً بـالنت.
أخذت الحديث ، وصححه النت، وضعفه النت، من النت ؟
ما ندري من النت ؟
هذا حرام شرعاً ؛ أخذ الفتوى عن النت حرام شرعا ً؛ هذا فيه ما هب وما دب ، وما درج وعرج ، الكل يشارك.
والنبي عليه السلام أخبرنا في آخر الزمان : إعجاب كل ذي رأي برأيه .
وإعجاب كل ذي رأي برأيه يظهر -الآن في النت .
شرعا ً؛ لا يجوز لك أن تأخذ الأحكام، ولا يجوز لك أن تشاهد هؤلاء الضُلّال، هذا النت بهذا الوصف المذكور .
هذا المدعو ( عدنان إبراهيم ) هل أتى بشر جديد ؟
ما أتى بشر جديد .
هذه الأصول التي ذكرها الأخ :
التشكيك في الصحابة .
التشكيك في الأحاديث .
اعمال العقل وترك النقل .
هذه الأصول أصول من ؟
هذه أصول المعتزلة .
دين المعتزلة على ماذا يقوم ؟
تقديم العقل على النقل .
دينهم كله قائم على تقديم العقل على النقل هذه أصول المعتزلة .
فبكل سهولة واحد يدعو إلى الاعتزال ماذا نقول عنه ؟
نقول عنه : ( ضال ) ، ( مضل ) ، ( مبتدع) ، وارتحنا وخلاص.
ولكن أنا أدعو إخواني الذين يضيعون أوقاتهم على النت، ويسمعون لمثل هذا الرجل، لماذا تنشغلون به ؟
ألا تعرفون أئمة أهل السنة ؟
لماذا لا تسمعون لأئمة أهل السنة ؟
لماذا توجعون عقولكم، وتوجعون قلوبكم، وتملأون أوقاتكم بشر ؟
والله يا إخوة بعض الشبه التي تلقى ، العالم حتى يفنّدها يحتاج إلى ساعات من البحث.
فكيف لما ترد الشبهات؛ شبهة وراء شبهة، شبهة وراء شبهة، على قلب العبد في هذه الحياة ؟
هذه الشبه لها أثر، ولا بد أن يظهر لها أثر، ولو في سكرات الموت.
يقول الإمام ابن القيم :
نصحني شيخي ابن تيمية رحمه الله فقال لي :
يا بني اجعل قلبك كالمرآة، ولا تجعله كالإسفنجة؛ فإن المرآة إن وقعت عليها الشبهة، عكستها، وإن الإسفنجة إن وقعت عليها الشبهة، مصتها ، ولا بد أن يظهر أثرها ولو على فراش الموت .
أن يلقى العبد الله، وهو يبغض أصحاب رسول الله ، أعوذ بالله ،ما أقبح هذا العبد .،ما أسوى هذا العبد .
أن تلقى الله، وأنت تبغض أحباب الله عز وجل، وأنت تبغض من ناصر النبي صلى الله عليه وسلم .
يا جماعة معاوية النبي عليه السلام ناسبه ، النبي عليه السلام أخذ أخت معاوية، لو كان معاوية قبيح، أو كان معاوية رديء، أو كان معاوية سيء، -يعني- فلم يجد النبي عليه السلام أن يناسب إلا السيئين ؟!!
الناس أليس لهم عقول ؟!!
إذا كان بعض أئمة أهل السنة يقول عن معاوية :
هو خال المؤمنين.
يا من تطعن في معاوية، أنت تطعن في خالِك .
لماذا خالنا معاوية ؟
لأن أخته أمنا ؛ فهو خالنا
ولذا كان بعض الأئمة ( كابن المبارك ) يقول :
إن الغبار الذي دخل في أنف دابة معاوية خير من ملئ الأرض من أمثال عمر بن عبدالعزيز .
لأن أهل البدع يطعنون في معاوية فيقولون : عن عمر بن عبدالعزيز ( الخليفة الراشد الخامس ) .
الذي يقول عن عمر بن عبدالعزيز الخليفة الراشد الخامس ماذا يريد ؟
يريد الطعن في ( معاوية ).
بعض الخلق لما يريد يطعن يمدح من يقابل ، باعثه في المدح الطعن.
فمن يقول عن عمر بن عبدالعزيز، وهو من الصالحين، وهو من أهل العدل، وممن نحبه، وأسأل الله أن يحشرنا وإياكم معه، مع النبي -صلى الله عليه وسلم-.
لكن أين التابعي من الصحابي .
العلماء يقولون :
الصحابي الذين رأى وجه محمد صلى الله عليه وسلم، وهو صبي رضيع ، ولم يميز شيئاً، قالوا: رؤية النبي عليه السلام، لها ميزة خاصة، ولها أثر في داخل العبد، ويُرفع العبد بها رفعةً ما ينالها أحد البتتة.
فالصغير الذي رأى النبي صلى الله عليه وسلم وما سمع منه شيئاً هذا له منزلة.
هذا علماؤنا يقولون عنه ماذا ؟
يقولون : هو صحابي من حيث الرؤية ، تابعي من حيث الرواية ، وروايته نعاملها معاملة التابعين، ومن حيث الرؤية نعاملها معاملة الصحابة.
هذه الرؤية لها أثر على صلاح العبد، هذه الرؤية لها أثر على باطن العبد.
فكيف بمن ناسب النبي -صلى الله عليه وسلم ودخل عليه، ودخل النبي عليه، إلى آخره…..
فهؤلاء الذين يطعنون في هؤلاء لا يتقون الله؛ يشككون الأمة في ثوابتها ، وبدلاً من أن نحافظ على ثوابتنا ونمضي لنخدم ديننا ونشره، أصبحنا للأسف نقف ونرجع إلى الوراء، ونرجع للوراء ونحتاج إلى أن نبقى نرد على هؤلاء الذين يشككون للأسف في ثوابت الأمة .
بتاريخ : 17 – 10 – 2014
↩ رابط الفتوى :
◀ خدمة الدرر الحسان من مجالس الشيخ مشهور بن حسن آل سلمان.✍?✍?
في أحد المقررات الشرعية في فلسطين تعريف السنة بأنه ما ورد عن الرسول والصحابة من…
قول الصحابي الذي له حكم الرفع للنبي صلى الله عليه وسلم له قيود، وهذا الإطلاق الموجود في التعريف فيه توسع، وهو غير مرضي، فالصحابي إن صح القول عنه في الأمور الغيبية التي لا تدرك بالرأي ولا تعرف بالاجتهاد ولم يعرف عنه أخذ عن أهل الكتاب فقوله هذا له حكم الرفع إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وأقوال الصحابة في بعض المسائل متعارضة ونعرف أقوالاً للصحابة أنكرها آخرون.
وبعض الصحابة أخذ عن أهل الكتاب كعبدالله بن عمرو، وابن عباس التقى بمن يأخذ عن أهل الكتاب وسمع منهم، فيعامل كمعاملة عبدالله بن عمرو بن العاص الذي وقعت له صحف في أجنادين فكان يروي منها، وأبو هريرة كابن عباس التقى ببعض من أسلم من اليهود، وكانوا يتناظرون بل التقى أبو هريرة بكعب الأحبار يوماً كاملاً وهو يقص عليه من أخبار بني إسرائيل، فأصبح حكمه كحكم من يأخذ عن بني اسرائيل.
والحاكم في “المعرفة” يقول: إن تفسير الصحابي له حكم الرفع، وأنكر ذلك عليه بكلام فيه إطالة، وهو مشبع ممتع ابن حجر في “النكت على ابن الصلاح” وبين أن هذا الكلام ليس على إطلاقه، فقد يجتهد الصحابي فيفسر آية بناء على ما يعلم من العربية، وكم من صحابي فسر بعض آيات القرآن وأورد أشعاراً في أثناء تفسيره وقد تقع الإصابة وقد لا تقع، فإذا كان قول الصحابي في القرآن ليس كله له حكم الرفع، فما بالكم فيما عداه من الأحكام الفقهية، والاجتهادات؟ وسئل ابن مسعود يوماً عن مسألة فعلقها شهراً، وبقي يطلب من السائل أن يتردد عليه شهراً كاملاً،حتى فتح الله عليه وانشرح صدره لقول فيها، فلما أفتاه في مجلس قال بعض من في المجلس: لقد سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقضي بما قلت، وفرح ابن مسعود فرحاً شديداً.
لذا من أسباب اختلاف الفقهاء أن الصحابة رضي الله تعالى عنهم تفرقوا في الأمصار، والسنة تفرقت معهم، فبعضهم ذهب للشام وبعضهم ذهب للكوفة، وبعضهم للبصرة، وبعضهم نزل اليمن وبعضهم نزل مصر، وسئلوا عن مسائل النبي سئل عنها، أو قال فيها، فقد يكون بعضهم اجتهد فيها ولم يسمع النبي صلى الله عليه وسلم ولم يعرف الحديث، فمن في البصرة، مثلاً، قال يقول النبي صلى الله عليه وسلم، ومن في الكوفة اجتهد فلم يقصد الصحابي إن قال قولاً يخالف قول النبي صلى الله عليه وسلم لم يقصد أن يعارض النبي صلى الله عليه وسلم معاذ الله، وإنما اجتهد عند الاضطرار.
ولذا بما أن الحق موزع بين الصحابة، فالحق أصبح موزعاً بين التابعين، ثم بقي موزعاً بين أتباعهم حتى وصل الأمر للأئمة الأربعة، فالأئمة الأربعة أئمتنا ونحبهم، ونتبرأ إلى الله ممن ينتقص أو يطعن فيهم، لكننا لا نقول أن أقوالهم كلها حق، فكما أن الحق توزع مع من قبلهم فأيضاً توزع الحق فيهم، ولسنا ملزمين في دين الله عز وجل أن نتبع واحداً منهم، ونحن نبحث عن الحق، لا سيما أن أئمة الحديث كالبخاري ومسلم وأبو داود والنسائي والترمذي كانوا بعد الأئمة الأربعة، والأحاديث التي تفرقت في الأمصار جمعوها ودونوها وأصبح الباحث عن السنة والحق الأمر عنده ميسور.
ومخطئ في هذا الأمر اثنان:-
مخطئ من ينتقص الأئمة الأربعة
مخطئ من يقول: يجب أن نتبع واحد منهم
والصواب أن نعترف بقدرهم وأن نعرف أنهم اجتهدوا وبذلوا أقصى ما يستطيعون، ووصلوا الليل بالنهار في البحث عن الحق فمن وفق إليه فله أجران، ومن لم يوفق إليه منهم فله أجر، وبذل الذي يستطيع، والواحد منا إن بلغه حديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم يخالف قول إمام معتبر فليقل كما قال شيخ الإسلام في “رفع الملام عن الأئمة الأعلام” : (هذا الإمام معذور بتركه لهذا الحديث، وأنا لا يجوز إلا أن أتبع الحديث، ولا يجوز لي أن أقلد هذا الإمام) والله أعلم.
ما هو مذهب أهل السنة والجماعة في الصفات
مذهب أهل السنة وسط بين الجافي والغالي، وأهل السنة والجماعة، وعقيدة السلف الصالح في صفات الله عز وجل أنهم يؤمنون بما أثبته الله عز وجل لنفسه في كتابه، أو ما صح عن نبيه صلى الله عليه وسلم في سنته، وربنا يقول: {سبحان ربك رب العزة عما يصفون وسلام على المرسلين والحمد لله رب العالمين}، فبعد أن نزه الله عز وجل نفسه عن كل نقص أثنى على أنبيائه، لأن أنبيائه أعلم بالرب والمعبود، والإله سبحانه من غيرهم، فهم لا يصفون ربهم إلا بما يستحق، فنؤمن بما جاء في كتاب الله وبما جاء على لسان رسوله صلى الله عليه وسلم كما ورد من غير تشبيه ولا تمثيل ولا تكييف ولا تأويل ولا تعطيل.
وما ورد في الكتاب والسنة فعلى العين والرأس وذلك على حسب قوله تعالى: {ليس كمثله شيء وهو السميع البصير}، وهي قاعدة كلية في الأسماء والصفات، فما أثبته الله عز وجل نثبته، ولا يجوز أن نقول: ليس مراد الله كذا، إنما مراد الله كذا، لأننا إن قلنا فمعنى ذلك أن هذا المراد قد شبهناه بالمخلوق، فما أولنا وما حولنا اللفظ عن ظاهره إلى غيره إلا لما قام في أذهاننا تشبيه والأصل أن الله عز وجل حق غيب نؤمن به على وفق ما ورد دون إعمال العقول، فالعقل دوره التسليم للنص، ويبحث عن صحة النقل فإن ثبت فالعقل ينبغي أن يستسلم، ولا يجوز للعقل أبداً أن يخضع الله عز وجل إلى القواعد التي عنده، فالله غيب نؤمن به كما ورد، فربنا يقول: {يد الله فوق أيديهم}، فلله يد، كيف اليد؟ معاذ الله أن نخوض في ذلك، فإنه {ليس كمثله شيء وهو السميع البصير}.
وهذه الآية تفيدنا أصلين مهمين:
الأصل الأول: أن ما يخيل إليك من قبل الشيطان أن الله على نحو كذا أو كذا، فاضربه بقوله تعالى: {ليس كمثله شيء}، فالله عز وجل على خلاف ما يخطر في البال، وينسج في الخيال، فكل ما يخطر ببالك فالله على خلافه، لأنه {ليس كمثله شيء}.
ومن باب الفائدة بالآية علمنا ربنا أن نجمل في النفي، لما ننفي النقص عن ربنا، فليس من الأدب معه سبحانه أن نفصل في النفي، ومن الأدب معه سبحانه أن نجمل في النفي، ومن الأدب مع الله جل في علاه، أن نفصل في الإثبات لأن الله قال: {وهو السميع البصير}، فالنفي مجمل والإثبات مفصل، فليس من الأدب مع الله أن نقول: إن الله ليس بلحم، ليس بدم، ليس الله بكذا، كما يقول المعتزلة والفرق الضالة، فهم يفصلون في النفي، ويجملون في الإثبات وهذا على خلاف القرآن، والقرآن يعلمنا أن نجمل في النفي وأن نفصل في الإثبات فلا يجوز أن نعطل صفة ولا أن نؤولها ولا أن نشبهها ولا أن نخرجها عن لفظها، فمثلاً يقولون في قوله تعالى: {يد الله فوق أيديهم}، أي قدرة الله عز وجل، نقول: نحن لا ننكر أن قدرة الله فوق قدرة البشر جميعاً، لكن ننكر أن يكون المراد بالآية اليد هي القدرة، ولذا لما امتنع إبليس من السجود لآدم قال له تعالى: {ما منعك أن تسجد لما خلقت بيدي}، فلو كان المعنى بقدرتي لقال الشيطان: وأنت يارب خلقتني بيديك، فإن الشيطان خلق بقدرة الله، فإذن خلق الله آدم بيده على الحقيقة، وكيف ذلك؟ لا ندري كيف هي ونفوض أمرها إلى الله.
والصفات من المتشابهات إن أريد بها الكيفية وإن أريد بها المعنى فهي ليست من المتشابهات، وإنما من المحكمات، ذلك أن التشابه في الذوات يقتضي التشابه في الصفات، والتشابه في الصفات لا يقتضي التشابه في الذوات، فلو أخذنا صفات متعددات ونسبناها إلى ذوات مختلفات لاختلفت الصفات باختلاف الذوات، فكيف وذات الله ليست كذاتنا، ولنأخذ صفة الرأس مثلاً، ونقول: رأس جبل، رأس إبرة، فاختلفت الصفة باختلاف نسبتها إلى موصوفها، فاختلفت الصفات باختلاف الذوات، فكيف لما تكون ذات الله عز وجل، ليست كذاتنا، وبالتالي فصفاته ليست كصفاتنا.
ومن عطل صفات الله فهو في الحقيقة يعبد عدماً، وسيخرج في النهاية إلى ذات ليس لها وجود في الخارج وإنما وجودها في الذهن وهذا يفتح علينا باب الإلحاد، والقرمطة والعياذ بالله، ومن اعتقد في صفات الله أنها كصفات البشر، هو في حقيقة أمره يعبد صنماً.
وبعض الناس يقولون: نحن نثبت الصفة، كاليد مثلاً، لكن لا نعرف معناها وهذا يلزم منه أن الله أنزل على جبريل كلاماً جبريل لا يعلمه، وأنزل جبريل على رسول الله صلى الله عليه وسلم كلاماً ومحمد صلى الله عليه وسلم لا يعلمه، فمن فوض المعنى ولم يفوض الكيفية فهذا مذهب ضلالة، لأن لازم ذلك أن جبريل قال صوتاً ما علم معناه، وأنزله على محمد صلى الله عليه وسلم ولم يعلم معناه، وأصبحت يد الله كأي صفة أخرى، ولما تأتي صفات متغايرات لذات الله عز وجل فإنه يقوم في الذهن أن لهذه معنى ولهذه معنى، وأن هذه غير تلك، وهذا ينقض أصل القول: بأن الأصل تفويض المعنى، لأنه يقوم في ذهن العاقل أن هناك تغاير بين الصفات لما تأتي متغايرات في الكتاب والسنة.
إذاً نؤمن بما ورد في كتاب الله وبما ثبت في سنة رسوله صلى الله عليه وسلم، على النحو الذي ورد، ولا نعطل ولا نشبه ولا نكيف ولا نتخيل، والله على خلاف ما يخطر في بالنا، أما إن أردت ربك ومعبودك أن يدخل في عقلك هذا أمر لازمه أنك ما عرفت ربك حق معرفته، وما قدرته حق قدرته، وجاء رجل ملحد إلى أبي حنيفة، وبدأ يسأل عن ذات الله عز وجل، وكانا يجلسان على نهر الفرات، فأخذ أبو حنيفة رحمه الله يحفر حفرة صغيرة ويأخذ من ماء النهر ويضع في الحفرة، فيتكلم الملحد وأبو حنيفة يتشاغل عنه، فقال الملحد: يا هذا انقطعت في المناظرة وسقطت حجتك وليس لك كلام، أنا في ماذا وأنت في ماذا؟ فقال له أبو حنيفة: أنا أريد أن أنقل نهر الفرات في هذه الحفرة، فقال الملحد له: إنك لمجنون، فقال أبو حنيفة: هذا أنت إن عجزت أن تنقل هذا النهر في هذه الحفرة وأنت تريد مني أن أجعل ربي ومعبودي في عقلك!
فالرب حق نؤمن بأسمائه وصفاته على ما ثبت في الكتاب وصحيح السنة، ونمسك ولا نستفصل، كما ثبت نقول هو ثابت في كتاب ربنا، على مراد ربنا، من غير تعطيل ولا تخييل ولا تمثيل فهذا مذهب أهل السنة والجماعة في الصفات ومن أوّل شيئاً فهو خارج عن أهل السنة والجماعة ولا يلزم من التأويل الكفر فالذين يؤلون من أهل القبلة لا من أهل السنة ، والله أعلم .
السؤال التاسع والعشرون ما هي الأقسام الأربعة التي ذكرها شيخ الإسلام ابن تيمية في…
الجواب :
ابن القيّم نقلَ هذا عن شيخِ الإسلام في [إعلام الموقّعين] وقال:
“بعض النّاس أهل إستعانه دون العبادة..
وبعض النّاس أهل عبادة دون إستعانة..
وبعض النّاس أهلُ عبادةٍ وإستعانة..
وبعض النّاس لا عبادة ولا إستعانة..”
عندنا إستعانة وعبادة، والعِبادة هيَ الأصل..
وقال بعضهم: {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ}
هذه إستعانة بالخاص على العام..
فالإستعانة نوع من العبادة، وقدّم الله العبادة على الإستعانة لأنّ العبادة هيَ المقصد، والإستعانة هي الوسيلة،
وهذه الوسيلة هي كما قلت نوع عبادة..
لذا شيخ الإسلام يقول: أحبّ الدعاء الى الله أن يقولَ العبد: “اللهم أعنّي على ذكرك وشُكرِك وحسن عبادتك..”
أي أن تسأل ربَّك وأن تستعينَ بهِ على عبادتهِ..
فالنّاس بالنسبة الى:
{إِيَّاكَ نَعْبُدُ وإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ}
أربعة أقسام:
* قسم أهل عبادة واستعانة – اللهم اجعلنا منهم – وهذا خير الأقسام..
* قسم أهل عبادة ولكن لا يستعينون؛ قلبُه لا يتجّه للإستعانة..
وهذا الصنف يُخذَل؛
تراه يقومُ ويقعد..
يحبو وينام؛ أي ينبطح على وجهه..
فلا يستطيع العبد أن يثبُتَ على عبادة ربِّه إلا أن يتخلّصَ من قوتهِ وحولهِ و يعترِفَ بأنّه لا حول ولا قوّة لهُ إلا بالله جلّ في علاه..وهذه هي الإستعانة..
و كذلك الإستعانة معناها: الإعتماد..
أي أن تعتمدَ على الله وأن تَثِقَ به في اعتمادك عليه..
و الإستعانة تتكوّن من أمرين:
الأمر الأول:
الإعتماد على الله، وليس فقط أن تعتمد!..بل أن تعتمدَ على الله أولا..
الأمر الثاني:
أن تَثِقَ به عند اعتمادك عليه؛
أن تَثِق بأنّ الله لن يُخيّبَكَ..
وأنّ الله تعالى لن يُضيّعك..
هذه هي الإستعانة..
* قسم أهل إستعانة وليس أهل عبادة؛ وهذا لو أحكَمَ الإستعانة فإنّ الله جلّ في عُلاه يخلّصُه من داء هواه..
وأخيرا..
* قسم – نسأل الله الرحمة – وهذا شرّ الخلق ، ليس عندَه عبادة وليس عنده إستعانة نسأل الله تعالى الرحمة..
مجلس فتاوى الجمعة بتاريخ ٢٠١٦/٥/٦
رابط الفتوى : http://meshhoor.com/fatawa/19/
خدمة الدرر الحسان من مجالس الشيخ مشهور بن حسن آل سلمان
السؤال التاسع أيهما أولى للرجل طلبه للعلم أم سعيه وراء رزقه
http://meshhoor.com/wp/wp-content/uploads/2017/11/س9.mp3*السؤال التاسع: أيّهما أولى للرجل طلبه للعلم أم سعيه وراء رزقه؟*
الجواب:طلب العلم شيء؛ والواجب طلب الرزق، وهذا لا يعارض هذا، يعني أمران لا يقبلان القسمة على بعضهما البعض.
فالواجب على الإنسان أن ينفق على من يعول.
والنبي صلّى الله عليه وسلم قال كما في حديث عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما قال: كفى بالمرء إثما أن يضيع من يقوت. حسّنه شيخنا الألباني وقال:
((رواه أبو داود والنّسائي والحاكم إلاّ أنه قال: من يعول)).
وقال صحيح الإسناد. اهـ.
فالواجب على الإنسان أن ينفق؛وخير دينار ينفقه الرجل الدينار الذي ينفقه على أهله.
اما أن تطلب العلم وتضيّع أهلك؛أو تعمل وتترك طلب العلم وقراءة القرآن مثل شخص يسأل فيقول: ما هو الأفضل أأطلب العلم أم أقرأ القرآن؟
هذا لا يعارض هذا، ولم لا تطلب العلم وتقرأ القرآن، وهل بينهما معارضة.
الغلو في جانب خطأ.
أشدّ واجب في شرع الله أن تعطي كلّ ذي حقّ حقّه، أشدّ واجب في دين الله أن تعطي زوجتك حقها، وأن تعطي أمك حقها، وتعطي أختك حقها وتعطي أبوك حقّه، تعطي كل ذي حقّ حقّه.
أما أن تميل مع هواك فلا ؛ أن تميل مع الزوجة في حال صفاءها وتنسى الأم لا، وأن تميل وتغلو في الأم في حال صفاءها وتنسى الزوجة فلا.
قد يكون البرّ هوى وقد يكون الإحسان إلى الزوجة هوى.
أما أن تبقى حارسا للأحكام الشرعية قائما عليها وأن تعطي كل ذي حقّ حقّه فهذا الذي يحبه الله تعالى ويرضاه.
والله تعالى أعلم.
⬅ مجلس فتاوى الجمعة.
28 صفر 1439 هجري
2017 – 11 – 17 إفرنجي
↩ رابط الفتوى:http://meshhoor.com/fatawa/1706/
⬅ خدمة الدرر الحسان من مجالس الشيخ مشهور بن حسن آل سلمان. ✍✍
⬅ للاشتراك في قناة التلغرام:
http://t.me/meshhoor