http://meshhoor.com/wp/wp-content/uploads/2017/04/س-2-1.mp3السؤال الثاني: ما حكم مشاهدة مباريات كرة القدم إن حرصتُ أن لا يكون فيها ما هو مُحٙرّٙم؟
الجواب:
السؤال غير واضح، لكن ممارسة الرياضة خيرٌ من النظر إليها، ومِن مخططات اليهود التي أعلٙنوا عنها: إشغال الناس بكرة القدم، وكرة القدم فيها ثلاثة محاذير.
المحذور الأول: هدر الطاقات.
فأحياناً بعض المباريات يحضرها ملايين !
لو أن المسلمين تبرعوا بِحضور يوم من أيام المباريات ؛ تٙحُلُّ بعض مشاكل البلاد الفقيرة.
والمحذور الثاني: قلبُ الموازين.
فالبطل عند الناس ؛ هو الذي يُحسنُ إدخال هذه الكرة في المرمى !!
وليس هذا البطل عندنا في شرعنا، الأبطال عندنا في شرعنا الفاتحون والمجاهدون، النجوم الذي يُقتدى بهم في وقت الظلمات :
الصحابة، العلماء، أهل الصلاح، أهل التقوى.
المحذور الثالث في كرة القدم: أنها تُحيِي النّٙعرات، وتُثٙوِّر الجاهليات، ويقع فيها التعصُّب والتّٙحزُّب لأندية ولِأسماء ما أنزل الله تعالى بها من سلطان!!
ثم هنالك محاذير كثيرة، في بريطانيا يوجد هنالك مراهنات والقمار على الغالِب من المغلوب، وإن كان هذا في كرة القدم قليل وهو في الخيول أكثر -المسابقة على الخيول-، إلا أنه موجود في بعض البلاد.
ثم تضييع الواجبات:
أن يُضٙيِّع الإنسان مٙن يعول وأن يُضٙيِّع الفرائض والواجبات التي فرض الله عز وجل.
هذا في النظر.
لو وٙقٙع النظر فٙلتة وما وقع إدمان -مع عدم نصيحتي بهذا- ؛ إلا أنّٙ الأمر يهون.
لا أنصح بتعلق القلب بالمباريات ، مٙن أراد أن يُمارِس ؛ فلا حرج.
وقٙعٙ خلاف بين الباحثين في هذا الزمان، وتٙحٙمّٙس بعضهم لشيء لا أرى مٙدعاةً للحٙماس به، قالوا: المباريات بهذا التنظيم بهذه الأسماء والمسمّٙيات، مع وجود الحٙكم ووجود عدد معين؛ قالوا: هذا ما عٙرٙفٙهُ مٙن قٙبلٙنا.
قلتُ: ولو لٙم يٙعرِفُهُ مٙن قٙبلنا ؛ إيش المشكلة بهذا؟
الأصل في الألعاب
الحل وليست لِلحُرمة، والأصل في الأقوال والمصطلحات الحِل.
استغربتُ جداً؛ جاءتني رسالة من أحد إخواننا أنُّ:
فلان يٙنتٙقِدُك، لأنك قلتٙ عن الجهاد (الفريضة الغائبة)!!
قلتُ: لا مشاحة في الاصطلاح، قال: هذا أسلوب حِزبي ، هذا أسلوب إنشائي.
قُلتُ: جوابك إنشائي، لٙما تقول عٙنّٙا كلام على عبارة (الفريضة الغائبة): (كلامُ حِزبيِّين)؛ أنت المطالٙب أن تأتيني بنقولات الحزبيين أن الحزبيين يقولون هذ!!
فإذا لٙم تأتِ بالنقولات ؛ فكلامكٙ إنشائي!!
فكلامكٙ إنشائي أيضاً، ثم يقول : قال السّٙلٙف في مِثل هذا تسقط الفريضة.
قلتُ: وأنت؛ هذا كلام إنشائي، ابحث في كل كتب السّٙلٙف وهات لي بعِبارٙتِك أنهم يقولون: “تٙسقُط” ؟
شيخ الإسلام ابن تيمية يقول عبارات التكليف، وتسقطُ وما شابه، لم تدٙرُجٙ على ألسِنٙة السّٙلف!!
لكن لا مانع منها.
ولذا عجبي لا ينتهي عن مٙن قال عن كلامه: “كلام علمي” !!
أين الكلام العلمي فيه؟!
كله ادِّعاءات وكلُّه باطل، كلُّه باطل.
الشاهد: الأصل في العبارات، والأصل في الأفعال “الحِل وليس الحُرمة”.
والله تعالى أعلم.
⬅ مجلس فتاوى الجمعة .
2 شعبان 1438 هجري
2017 – 4 – 28 إفرنجي
↩ رابط الفتوى :http://meshhoor.com/fatawa/1082/
◀ خدمة الدرر الحسان من مجالس الشيخ مشهور بن حسن آل سلمان.✍✍
◀ للإشتراك في قناة التلغرام :
http://t.me/meshhoor
التصنيف: أسئلة منهجية
السؤال أخ يسأل فيقول فإن الضرورة تدعو إلى الرد على المدعو عدنان…
http://meshhoor.com/wp/wp-content/uploads/2016/12/.mp3الجواب : بلغني أن بعض إخواننا كتب كتاباً مؤلفاً في الرد عليه، وقد وفُّقَ فيه ولله الحمد والمنة.
اعلم علمني الله وإياك أنه لا يوجد خيرٌ أو شر ٌ وليس له أصول وجذور عند السابقين.
فأهل الخير في هذا الزمان وفي كل زمان لهم أصول موصولة بالنبي صلى الله عليه وسلم والصحابة، والتابعين.
وأهل الشر؛ ما أحد يأتي بشر جديد، الوسائل هي الجديدة يعني الوسائل ( المايكروفون، والفضائيات، والتسجيلات، والاسطوانات ) هذه الوسائل جديدة، لكن أصل المادة أنه لا يوجد شر ليس له ماضٍ، ولا يوجد خير ليس له ماضٍ
هذا الرجل لم أسمع به .
وقالوا كأنه غزي من غزة، مقيم في أستراليا، كأني سمعت من بعض إخواننا هذا.
وأنا أريح نفسي ، وقلبي ، وعقلي، ووقتي ، وأعصابي؛ من شر الاتصالات الحديثة .
وإخواني جزاهم الله خير يصورون، ويبثون ، فهذه مشاركتي فيما يسمى بـالنت إلى آخره.
وأنا أقول لإخواني:
لما كنّا طلاب صغار في الابتدائية، أدركنا هذا ، كنّا نرى الشتائم، والسب، والعبارات القبيحة وغير المليحة، الله يعزكم، كنا نراها على أبواب المراحيض ، كنّا نرى هذا، وكلنا نعيش تقريباً-
في بيئة واحدة.
المرحاض اليوم الذي يكتب عليه، بدل المرحاض الذي كان يكتب عليه قديماً اليوم هو الذي يسمى (( بـالنت )) ، هذا شبيه بالمرحاض سابقاً .
والنت يحرم شرعاً أخذ العلم منه، إلا من رجل موثوق.
قال : والله الحديث من صححه ؟
قال : صححه النت وضعفه النت.
أهلاً وسهلاً بـالنت.
أخذت الحديث ، وصححه النت، وضعفه النت، من النت ؟
ما ندري من النت ؟
هذا حرام شرعاً ؛ أخذ الفتوى عن النت حرام شرعا ً؛ هذا فيه ما هب وما دب ، وما درج وعرج ، الكل يشارك.
والنبي عليه السلام أخبرنا في آخر الزمان : إعجاب كل ذي رأي برأيه .
وإعجاب كل ذي رأي برأيه يظهر -الآن في النت .
شرعا ً؛ لا يجوز لك أن تأخذ الأحكام، ولا يجوز لك أن تشاهد هؤلاء الضُلّال، هذا النت بهذا الوصف المذكور .
هذا المدعو ( عدنان إبراهيم ) هل أتى بشر جديد ؟
ما أتى بشر جديد .
هذه الأصول التي ذكرها الأخ :
التشكيك في الصحابة .
التشكيك في الأحاديث .
اعمال العقل وترك النقل .
هذه الأصول أصول من ؟
هذه أصول المعتزلة .
دين المعتزلة على ماذا يقوم ؟
تقديم العقل على النقل .
دينهم كله قائم على تقديم العقل على النقل هذه أصول المعتزلة .
فبكل سهولة واحد يدعو إلى الاعتزال ماذا نقول عنه ؟
نقول عنه : ( ضال ) ، ( مضل ) ، ( مبتدع) ، وارتحنا وخلاص.
ولكن أنا أدعو إخواني الذين يضيعون أوقاتهم على النت، ويسمعون لمثل هذا الرجل، لماذا تنشغلون به ؟
ألا تعرفون أئمة أهل السنة ؟
لماذا لا تسمعون لأئمة أهل السنة ؟
لماذا توجعون عقولكم، وتوجعون قلوبكم، وتملأون أوقاتكم بشر ؟
والله يا إخوة بعض الشبه التي تلقى ، العالم حتى يفنّدها يحتاج إلى ساعات من البحث.
فكيف لما ترد الشبهات؛ شبهة وراء شبهة، شبهة وراء شبهة، على قلب العبد في هذه الحياة ؟
هذه الشبه لها أثر، ولا بد أن يظهر لها أثر، ولو في سكرات الموت.
يقول الإمام ابن القيم :
نصحني شيخي ابن تيمية رحمه الله فقال لي :
يا بني اجعل قلبك كالمرآة، ولا تجعله كالإسفنجة؛ فإن المرآة إن وقعت عليها الشبهة، عكستها، وإن الإسفنجة إن وقعت عليها الشبهة، مصتها ، ولا بد أن يظهر أثرها ولو على فراش الموت .
أن يلقى العبد الله، وهو يبغض أصحاب رسول الله ، أعوذ بالله ،ما أقبح هذا العبد .،ما أسوى هذا العبد .
أن تلقى الله، وأنت تبغض أحباب الله عز وجل، وأنت تبغض من ناصر النبي صلى الله عليه وسلم .
يا جماعة معاوية النبي عليه السلام ناسبه ، النبي عليه السلام أخذ أخت معاوية، لو كان معاوية قبيح، أو كان معاوية رديء، أو كان معاوية سيء، -يعني- فلم يجد النبي عليه السلام أن يناسب إلا السيئين ؟!!
الناس أليس لهم عقول ؟!!
إذا كان بعض أئمة أهل السنة يقول عن معاوية :
هو خال المؤمنين.
يا من تطعن في معاوية، أنت تطعن في خالِك .
لماذا خالنا معاوية ؟
لأن أخته أمنا ؛ فهو خالنا
ولذا كان بعض الأئمة ( كابن المبارك ) يقول :
إن الغبار الذي دخل في أنف دابة معاوية خير من ملئ الأرض من أمثال عمر بن عبدالعزيز .
لأن أهل البدع يطعنون في معاوية فيقولون : عن عمر بن عبدالعزيز ( الخليفة الراشد الخامس ) .
الذي يقول عن عمر بن عبدالعزيز الخليفة الراشد الخامس ماذا يريد ؟
يريد الطعن في ( معاوية ).
بعض الخلق لما يريد يطعن يمدح من يقابل ، باعثه في المدح الطعن.
فمن يقول عن عمر بن عبدالعزيز، وهو من الصالحين، وهو من أهل العدل، وممن نحبه، وأسأل الله أن يحشرنا وإياكم معه، مع النبي -صلى الله عليه وسلم-.
لكن أين التابعي من الصحابي .
العلماء يقولون :
الصحابي الذين رأى وجه محمد صلى الله عليه وسلم، وهو صبي رضيع ، ولم يميز شيئاً، قالوا: رؤية النبي عليه السلام، لها ميزة خاصة، ولها أثر في داخل العبد، ويُرفع العبد بها رفعةً ما ينالها أحد البتتة.
فالصغير الذي رأى النبي صلى الله عليه وسلم وما سمع منه شيئاً هذا له منزلة.
هذا علماؤنا يقولون عنه ماذا ؟
يقولون : هو صحابي من حيث الرؤية ، تابعي من حيث الرواية ، وروايته نعاملها معاملة التابعين، ومن حيث الرؤية نعاملها معاملة الصحابة.
هذه الرؤية لها أثر على صلاح العبد، هذه الرؤية لها أثر على باطن العبد.
فكيف بمن ناسب النبي -صلى الله عليه وسلم ودخل عليه، ودخل النبي عليه، إلى آخره…..
فهؤلاء الذين يطعنون في هؤلاء لا يتقون الله؛ يشككون الأمة في ثوابتها ، وبدلاً من أن نحافظ على ثوابتنا ونمضي لنخدم ديننا ونشره، أصبحنا للأسف نقف ونرجع إلى الوراء، ونرجع للوراء ونحتاج إلى أن نبقى نرد على هؤلاء الذين يشككون للأسف في ثوابت الأمة .
بتاريخ : 17 – 10 – 2014
↩ رابط الفتوى :
◀ خدمة الدرر الحسان من مجالس الشيخ مشهور بن حسن آل سلمان.✍?✍?
في أحد المقررات الشرعية في فلسطين تعريف السنة بأنه ما ورد عن الرسول والصحابة من…
قول الصحابي الذي له حكم الرفع للنبي صلى الله عليه وسلم له قيود، وهذا الإطلاق الموجود في التعريف فيه توسع، وهو غير مرضي، فالصحابي إن صح القول عنه في الأمور الغيبية التي لا تدرك بالرأي ولا تعرف بالاجتهاد ولم يعرف عنه أخذ عن أهل الكتاب فقوله هذا له حكم الرفع إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وأقوال الصحابة في بعض المسائل متعارضة ونعرف أقوالاً للصحابة أنكرها آخرون.
وبعض الصحابة أخذ عن أهل الكتاب كعبدالله بن عمرو، وابن عباس التقى بمن يأخذ عن أهل الكتاب وسمع منهم، فيعامل كمعاملة عبدالله بن عمرو بن العاص الذي وقعت له صحف في أجنادين فكان يروي منها، وأبو هريرة كابن عباس التقى ببعض من أسلم من اليهود، وكانوا يتناظرون بل التقى أبو هريرة بكعب الأحبار يوماً كاملاً وهو يقص عليه من أخبار بني إسرائيل، فأصبح حكمه كحكم من يأخذ عن بني اسرائيل.
والحاكم في “المعرفة” يقول: إن تفسير الصحابي له حكم الرفع، وأنكر ذلك عليه بكلام فيه إطالة، وهو مشبع ممتع ابن حجر في “النكت على ابن الصلاح” وبين أن هذا الكلام ليس على إطلاقه، فقد يجتهد الصحابي فيفسر آية بناء على ما يعلم من العربية، وكم من صحابي فسر بعض آيات القرآن وأورد أشعاراً في أثناء تفسيره وقد تقع الإصابة وقد لا تقع، فإذا كان قول الصحابي في القرآن ليس كله له حكم الرفع، فما بالكم فيما عداه من الأحكام الفقهية، والاجتهادات؟ وسئل ابن مسعود يوماً عن مسألة فعلقها شهراً، وبقي يطلب من السائل أن يتردد عليه شهراً كاملاً،حتى فتح الله عليه وانشرح صدره لقول فيها، فلما أفتاه في مجلس قال بعض من في المجلس: لقد سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقضي بما قلت، وفرح ابن مسعود فرحاً شديداً.
لذا من أسباب اختلاف الفقهاء أن الصحابة رضي الله تعالى عنهم تفرقوا في الأمصار، والسنة تفرقت معهم، فبعضهم ذهب للشام وبعضهم ذهب للكوفة، وبعضهم للبصرة، وبعضهم نزل اليمن وبعضهم نزل مصر، وسئلوا عن مسائل النبي سئل عنها، أو قال فيها، فقد يكون بعضهم اجتهد فيها ولم يسمع النبي صلى الله عليه وسلم ولم يعرف الحديث، فمن في البصرة، مثلاً، قال يقول النبي صلى الله عليه وسلم، ومن في الكوفة اجتهد فلم يقصد الصحابي إن قال قولاً يخالف قول النبي صلى الله عليه وسلم لم يقصد أن يعارض النبي صلى الله عليه وسلم معاذ الله، وإنما اجتهد عند الاضطرار.
ولذا بما أن الحق موزع بين الصحابة، فالحق أصبح موزعاً بين التابعين، ثم بقي موزعاً بين أتباعهم حتى وصل الأمر للأئمة الأربعة، فالأئمة الأربعة أئمتنا ونحبهم، ونتبرأ إلى الله ممن ينتقص أو يطعن فيهم، لكننا لا نقول أن أقوالهم كلها حق، فكما أن الحق توزع مع من قبلهم فأيضاً توزع الحق فيهم، ولسنا ملزمين في دين الله عز وجل أن نتبع واحداً منهم، ونحن نبحث عن الحق، لا سيما أن أئمة الحديث كالبخاري ومسلم وأبو داود والنسائي والترمذي كانوا بعد الأئمة الأربعة، والأحاديث التي تفرقت في الأمصار جمعوها ودونوها وأصبح الباحث عن السنة والحق الأمر عنده ميسور.
ومخطئ في هذا الأمر اثنان:-
مخطئ من ينتقص الأئمة الأربعة
مخطئ من يقول: يجب أن نتبع واحد منهم
والصواب أن نعترف بقدرهم وأن نعرف أنهم اجتهدوا وبذلوا أقصى ما يستطيعون، ووصلوا الليل بالنهار في البحث عن الحق فمن وفق إليه فله أجران، ومن لم يوفق إليه منهم فله أجر، وبذل الذي يستطيع، والواحد منا إن بلغه حديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم يخالف قول إمام معتبر فليقل كما قال شيخ الإسلام في “رفع الملام عن الأئمة الأعلام” : (هذا الإمام معذور بتركه لهذا الحديث، وأنا لا يجوز إلا أن أتبع الحديث، ولا يجوز لي أن أقلد هذا الإمام) والله أعلم.
ما هو مذهب أهل السنة والجماعة في الصفات
مذهب أهل السنة وسط بين الجافي والغالي، وأهل السنة والجماعة، وعقيدة السلف الصالح في صفات الله عز وجل أنهم يؤمنون بما أثبته الله عز وجل لنفسه في كتابه، أو ما صح عن نبيه صلى الله عليه وسلم في سنته، وربنا يقول: {سبحان ربك رب العزة عما يصفون وسلام على المرسلين والحمد لله رب العالمين}، فبعد أن نزه الله عز وجل نفسه عن كل نقص أثنى على أنبيائه، لأن أنبيائه أعلم بالرب والمعبود، والإله سبحانه من غيرهم، فهم لا يصفون ربهم إلا بما يستحق، فنؤمن بما جاء في كتاب الله وبما جاء على لسان رسوله صلى الله عليه وسلم كما ورد من غير تشبيه ولا تمثيل ولا تكييف ولا تأويل ولا تعطيل.
وما ورد في الكتاب والسنة فعلى العين والرأس وذلك على حسب قوله تعالى: {ليس كمثله شيء وهو السميع البصير}، وهي قاعدة كلية في الأسماء والصفات، فما أثبته الله عز وجل نثبته، ولا يجوز أن نقول: ليس مراد الله كذا، إنما مراد الله كذا، لأننا إن قلنا فمعنى ذلك أن هذا المراد قد شبهناه بالمخلوق، فما أولنا وما حولنا اللفظ عن ظاهره إلى غيره إلا لما قام في أذهاننا تشبيه والأصل أن الله عز وجل حق غيب نؤمن به على وفق ما ورد دون إعمال العقول، فالعقل دوره التسليم للنص، ويبحث عن صحة النقل فإن ثبت فالعقل ينبغي أن يستسلم، ولا يجوز للعقل أبداً أن يخضع الله عز وجل إلى القواعد التي عنده، فالله غيب نؤمن به كما ورد، فربنا يقول: {يد الله فوق أيديهم}، فلله يد، كيف اليد؟ معاذ الله أن نخوض في ذلك، فإنه {ليس كمثله شيء وهو السميع البصير}.
وهذه الآية تفيدنا أصلين مهمين:
الأصل الأول: أن ما يخيل إليك من قبل الشيطان أن الله على نحو كذا أو كذا، فاضربه بقوله تعالى: {ليس كمثله شيء}، فالله عز وجل على خلاف ما يخطر في البال، وينسج في الخيال، فكل ما يخطر ببالك فالله على خلافه، لأنه {ليس كمثله شيء}.
ومن باب الفائدة بالآية علمنا ربنا أن نجمل في النفي، لما ننفي النقص عن ربنا، فليس من الأدب معه سبحانه أن نفصل في النفي، ومن الأدب معه سبحانه أن نجمل في النفي، ومن الأدب مع الله جل في علاه، أن نفصل في الإثبات لأن الله قال: {وهو السميع البصير}، فالنفي مجمل والإثبات مفصل، فليس من الأدب مع الله أن نقول: إن الله ليس بلحم، ليس بدم، ليس الله بكذا، كما يقول المعتزلة والفرق الضالة، فهم يفصلون في النفي، ويجملون في الإثبات وهذا على خلاف القرآن، والقرآن يعلمنا أن نجمل في النفي وأن نفصل في الإثبات فلا يجوز أن نعطل صفة ولا أن نؤولها ولا أن نشبهها ولا أن نخرجها عن لفظها، فمثلاً يقولون في قوله تعالى: {يد الله فوق أيديهم}، أي قدرة الله عز وجل، نقول: نحن لا ننكر أن قدرة الله فوق قدرة البشر جميعاً، لكن ننكر أن يكون المراد بالآية اليد هي القدرة، ولذا لما امتنع إبليس من السجود لآدم قال له تعالى: {ما منعك أن تسجد لما خلقت بيدي}، فلو كان المعنى بقدرتي لقال الشيطان: وأنت يارب خلقتني بيديك، فإن الشيطان خلق بقدرة الله، فإذن خلق الله آدم بيده على الحقيقة، وكيف ذلك؟ لا ندري كيف هي ونفوض أمرها إلى الله.
والصفات من المتشابهات إن أريد بها الكيفية وإن أريد بها المعنى فهي ليست من المتشابهات، وإنما من المحكمات، ذلك أن التشابه في الذوات يقتضي التشابه في الصفات، والتشابه في الصفات لا يقتضي التشابه في الذوات، فلو أخذنا صفات متعددات ونسبناها إلى ذوات مختلفات لاختلفت الصفات باختلاف الذوات، فكيف وذات الله ليست كذاتنا، ولنأخذ صفة الرأس مثلاً، ونقول: رأس جبل، رأس إبرة، فاختلفت الصفة باختلاف نسبتها إلى موصوفها، فاختلفت الصفات باختلاف الذوات، فكيف لما تكون ذات الله عز وجل، ليست كذاتنا، وبالتالي فصفاته ليست كصفاتنا.
ومن عطل صفات الله فهو في الحقيقة يعبد عدماً، وسيخرج في النهاية إلى ذات ليس لها وجود في الخارج وإنما وجودها في الذهن وهذا يفتح علينا باب الإلحاد، والقرمطة والعياذ بالله، ومن اعتقد في صفات الله أنها كصفات البشر، هو في حقيقة أمره يعبد صنماً.
وبعض الناس يقولون: نحن نثبت الصفة، كاليد مثلاً، لكن لا نعرف معناها وهذا يلزم منه أن الله أنزل على جبريل كلاماً جبريل لا يعلمه، وأنزل جبريل على رسول الله صلى الله عليه وسلم كلاماً ومحمد صلى الله عليه وسلم لا يعلمه، فمن فوض المعنى ولم يفوض الكيفية فهذا مذهب ضلالة، لأن لازم ذلك أن جبريل قال صوتاً ما علم معناه، وأنزله على محمد صلى الله عليه وسلم ولم يعلم معناه، وأصبحت يد الله كأي صفة أخرى، ولما تأتي صفات متغايرات لذات الله عز وجل فإنه يقوم في الذهن أن لهذه معنى ولهذه معنى، وأن هذه غير تلك، وهذا ينقض أصل القول: بأن الأصل تفويض المعنى، لأنه يقوم في ذهن العاقل أن هناك تغاير بين الصفات لما تأتي متغايرات في الكتاب والسنة.
إذاً نؤمن بما ورد في كتاب الله وبما ثبت في سنة رسوله صلى الله عليه وسلم، على النحو الذي ورد، ولا نعطل ولا نشبه ولا نكيف ولا نتخيل، والله على خلاف ما يخطر في بالنا، أما إن أردت ربك ومعبودك أن يدخل في عقلك هذا أمر لازمه أنك ما عرفت ربك حق معرفته، وما قدرته حق قدرته، وجاء رجل ملحد إلى أبي حنيفة، وبدأ يسأل عن ذات الله عز وجل، وكانا يجلسان على نهر الفرات، فأخذ أبو حنيفة رحمه الله يحفر حفرة صغيرة ويأخذ من ماء النهر ويضع في الحفرة، فيتكلم الملحد وأبو حنيفة يتشاغل عنه، فقال الملحد: يا هذا انقطعت في المناظرة وسقطت حجتك وليس لك كلام، أنا في ماذا وأنت في ماذا؟ فقال له أبو حنيفة: أنا أريد أن أنقل نهر الفرات في هذه الحفرة، فقال الملحد له: إنك لمجنون، فقال أبو حنيفة: هذا أنت إن عجزت أن تنقل هذا النهر في هذه الحفرة وأنت تريد مني أن أجعل ربي ومعبودي في عقلك!
فالرب حق نؤمن بأسمائه وصفاته على ما ثبت في الكتاب وصحيح السنة، ونمسك ولا نستفصل، كما ثبت نقول هو ثابت في كتاب ربنا، على مراد ربنا، من غير تعطيل ولا تخييل ولا تمثيل فهذا مذهب أهل السنة والجماعة في الصفات ومن أوّل شيئاً فهو خارج عن أهل السنة والجماعة ولا يلزم من التأويل الكفر فالذين يؤلون من أهل القبلة لا من أهل السنة ، والله أعلم .
السؤال التاسع والعشرون ما هي الأقسام الأربعة التي ذكرها شيخ الإسلام ابن تيمية في…
الجواب :
ابن القيّم نقلَ هذا عن شيخِ الإسلام في [إعلام الموقّعين] وقال:
“بعض النّاس أهل إستعانه دون العبادة..
وبعض النّاس أهل عبادة دون إستعانة..
وبعض النّاس أهلُ عبادةٍ وإستعانة..
وبعض النّاس لا عبادة ولا إستعانة..”
عندنا إستعانة وعبادة، والعِبادة هيَ الأصل..
وقال بعضهم: {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ}
هذه إستعانة بالخاص على العام..
فالإستعانة نوع من العبادة، وقدّم الله العبادة على الإستعانة لأنّ العبادة هيَ المقصد، والإستعانة هي الوسيلة،
وهذه الوسيلة هي كما قلت نوع عبادة..
لذا شيخ الإسلام يقول: أحبّ الدعاء الى الله أن يقولَ العبد: “اللهم أعنّي على ذكرك وشُكرِك وحسن عبادتك..”
أي أن تسأل ربَّك وأن تستعينَ بهِ على عبادتهِ..
فالنّاس بالنسبة الى:
{إِيَّاكَ نَعْبُدُ وإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ}
أربعة أقسام:
* قسم أهل عبادة واستعانة – اللهم اجعلنا منهم – وهذا خير الأقسام..
* قسم أهل عبادة ولكن لا يستعينون؛ قلبُه لا يتجّه للإستعانة..
وهذا الصنف يُخذَل؛
تراه يقومُ ويقعد..
يحبو وينام؛ أي ينبطح على وجهه..
فلا يستطيع العبد أن يثبُتَ على عبادة ربِّه إلا أن يتخلّصَ من قوتهِ وحولهِ و يعترِفَ بأنّه لا حول ولا قوّة لهُ إلا بالله جلّ في علاه..وهذه هي الإستعانة..
و كذلك الإستعانة معناها: الإعتماد..
أي أن تعتمدَ على الله وأن تَثِقَ به في اعتمادك عليه..
و الإستعانة تتكوّن من أمرين:
الأمر الأول:
الإعتماد على الله، وليس فقط أن تعتمد!..بل أن تعتمدَ على الله أولا..
الأمر الثاني:
أن تَثِقَ به عند اعتمادك عليه؛
أن تَثِق بأنّ الله لن يُخيّبَكَ..
وأنّ الله تعالى لن يُضيّعك..
هذه هي الإستعانة..
* قسم أهل إستعانة وليس أهل عبادة؛ وهذا لو أحكَمَ الإستعانة فإنّ الله جلّ في عُلاه يخلّصُه من داء هواه..
وأخيرا..
* قسم – نسأل الله الرحمة – وهذا شرّ الخلق ، ليس عندَه عبادة وليس عنده إستعانة نسأل الله تعالى الرحمة..
مجلس فتاوى الجمعة بتاريخ ٢٠١٦/٥/٦
رابط الفتوى : http://meshhoor.com/fatawa/19/
خدمة الدرر الحسان من مجالس الشيخ مشهور بن حسن آل سلمان
السؤال التاسع أيهما أولى للرجل طلبه للعلم أم سعيه وراء رزقه
http://meshhoor.com/wp/wp-content/uploads/2017/11/س9.mp3*السؤال التاسع: أيّهما أولى للرجل طلبه للعلم أم سعيه وراء رزقه؟*
الجواب:طلب العلم شيء؛ والواجب طلب الرزق، وهذا لا يعارض هذا، يعني أمران لا يقبلان القسمة على بعضهما البعض.
فالواجب على الإنسان أن ينفق على من يعول.
والنبي صلّى الله عليه وسلم قال كما في حديث عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما قال: كفى بالمرء إثما أن يضيع من يقوت. حسّنه شيخنا الألباني وقال:
((رواه أبو داود والنّسائي والحاكم إلاّ أنه قال: من يعول)).
وقال صحيح الإسناد. اهـ.
فالواجب على الإنسان أن ينفق؛وخير دينار ينفقه الرجل الدينار الذي ينفقه على أهله.
اما أن تطلب العلم وتضيّع أهلك؛أو تعمل وتترك طلب العلم وقراءة القرآن مثل شخص يسأل فيقول: ما هو الأفضل أأطلب العلم أم أقرأ القرآن؟
هذا لا يعارض هذا، ولم لا تطلب العلم وتقرأ القرآن، وهل بينهما معارضة.
الغلو في جانب خطأ.
أشدّ واجب في شرع الله أن تعطي كلّ ذي حقّ حقّه، أشدّ واجب في دين الله أن تعطي زوجتك حقها، وأن تعطي أمك حقها، وتعطي أختك حقها وتعطي أبوك حقّه، تعطي كل ذي حقّ حقّه.
أما أن تميل مع هواك فلا ؛ أن تميل مع الزوجة في حال صفاءها وتنسى الأم لا، وأن تميل وتغلو في الأم في حال صفاءها وتنسى الزوجة فلا.
قد يكون البرّ هوى وقد يكون الإحسان إلى الزوجة هوى.
أما أن تبقى حارسا للأحكام الشرعية قائما عليها وأن تعطي كل ذي حقّ حقّه فهذا الذي يحبه الله تعالى ويرضاه.
والله تعالى أعلم.
⬅ مجلس فتاوى الجمعة.
28 صفر 1439 هجري
2017 – 11 – 17 إفرنجي
↩ رابط الفتوى:http://meshhoor.com/fatawa/1706/
⬅ خدمة الدرر الحسان من مجالس الشيخ مشهور بن حسن آل سلمان. ✍✍
⬅ للاشتراك في قناة التلغرام:
http://t.me/meshhoor
السؤال السابع عشر كيف نستفيد في أوقاتنا في هذا الزمان
http://meshhoor.com/wp/wp-content/uploads/2017/03/AUD-20170321-WA0065.mp3الجواب : حقيقة داء العرب ،وهذه عبارة وجدتها للشيخ تقي الدين الهلالي يكررها كثيرا في رسائله ولا سيما لأخيه محمد العربي أبو منصور ، كان دائما يزجره ويقول له إياك أن يصيبك داء العرب اليوم، فداء العرب اليوم الكسل.
اليوم داء العرب الكسل ، داء الناس اليوم الكسل، الناس تشكوا من الوقت وتضيع الوقت ، وللأسف لم أرى زهدا في شيء كزهد الناس في أوقاتهم، الناس يزهدون زهدا ، والله الذي لا اله هو ،أني أخاف الناس وأخاف أن أجتمع معهم ،وأخاف أن أنبسط مخافة أن يصيبني الداء الذي أصاب الناس في تضييع الأوقات ، فبقدر استطاعتي ألجم نفسي أن لا أنبسط مع الناس، وأن لا أنقطع عن كتبي ومكتبتي ، لأن الناس إن رأيت احوالهم تستغرب، جدا ، جل الخير الذي عندهم في العلم خاصة أماني، يحدث نفسه أنه سيكون طالب علم.
طالب العلم اذا ما استفاد من وقته لن يفلح ، لا أقول لا يفلح ولم يفلح وانما اقول لن يفلح .
طالب العلم يمتاز عن غيره ببخله بوقته.
فإذا رأيت طالب العلم بخيلا بوقته فاعلم أنه طالب علم ،وأعلم أنه جاد ،واعلم أنه صادق وإذا رأيت طالب علم يبذل وقته لمن هب ودب ولمن عرج ودرج ،ويمشي مع الناس ويشم الهواء ويروح جاهات ويروح يمين ويروح شمال أعلم انه زاهد في الوقت زاهد في الطلب.
طالب العلم لن يسبق أقرانه ولن يتفوق عليهم إلا بحفظه لوقته، طالب العلم الوقت عنده حياته ،ويعلم حقيقة ما كان يقول الحسن البصري وهو أحسن تعريف حضاري للإنسان، -أسوأ تعريف للإنسان تعريف المناطقة، قالوا الإنسان حيوان ينطق، يقولون الإنسان حيوان يفكر- .
أحسن تعريف حضاري للإنسان قول الحسن البصري قال :
إبن آدم إنما أنت أيام، فإذا مضى يومك ذهب بعضك ، أنت أيام ، هذه الأيام استفد منها ، استفيد من هذه الأيام .
و الله أنا أقول عن نفسي أكثر استفادة استفدتها علما وخلقا وتربية من شيخنا الامام الألباني رحمه الله لكني أكثر ما استفدت من الشيخ رحمه الله تعالى من حرصه على وقته ، الحرص على الوقت لا تعرفه إلا اذا خالطت عالما ، إن خالطت عالما صادقا تعرف أهمية الوقت والحرص على الوقت .
فطالب العلم ينبغي أن يحرص على الوقت .
أنظر إلى النبي صلى الله عليه وسلم يقول : لا تزول قدما عبد يوم القيامة حتى يسأل عن أربع : عن عمره فيما أفناه ، وعن شبابه فيما أبلاه .
نصف الأسئلة عن الوقت تسأل عن عمرك فيما أفنيت ، وعن شبابك فيما أبليت ، الشباب والعمر ما هذا ؟
الوقت ، ولذا للأسف موضوع الوقت عند كثير من الناس يضيع هدرا ، والنبي صلى الله عليه وسلم في صحيح البخاري يقول : “نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس ( الصحة والفراغ )” ، أن تكون صحيحا سليما وأن تكون فارغا والله أنك مغبون، ما معنى مغبون ؟
يعني الشيء الذي ثمنه عشر قروش فتشتريه بعشرة دنانير، أنت مغبون تشتري هذا الشيء، انت عندك صحة وعندك فراغ ولا تصرفها للقرآن ولا للسنة ، وأن تتعلم وتعبد الله تعالى أنت مغبون، إذا ما استفدت من وقتك.
والذي يقرأ تراجم علمائنا يجد عجبا في المحافظة على الوقت .
⬅ مجلس فتاوى الجمعة
2016 – 1 – 22 إفرنجي
↩ رابط الفتوى :
◀ خدمة الدرر الحسان من مجالس الشيخ مشهور بن حسن آل سلمان.✍✍
ما رأيكم بقول القائل إن أكثر علماء الأمة أشاعرة وإن اعتقادهم هو الأصح
القول بأن الأشعرية هي الاعتقاد الأصح، فهذه فرية بلا مرية، فالصحابة ماتوا ولم يعرفوا الصفات السلبية والوجودية ولا الجوهر والعرض، ولا الاصطلاحات الفلسفية الحادثة، وكان السلف يقولون: العلم بعلم الكلام جهل، والجهل به علم، وكان الشافعي يقول: حكمي على من ترك الكتاب والسنة وأقبل على كلام الفلاسفة أن يطاف بهم بين القبائل والوديان وأن يرموا بالجريد والنعال ويقال: هذا جزاء من أقبل على علم الكلام وترك الكتاب والسنة.
وعلماء الأمة المزكون الأطهار الأخيار الذين نحبهم ونجلهم هم الذين كانوا في العصور الثلاثة الأولى وهي العصور المفضلة، وهذه العصور كانت موجودة قبل أن يخلق أبو الحسن الأشعري، فأبو الحسن الأشعري توفي سنة 330 هـ ، فهل العلماء الذين كانوا قبله وقد زكاهم النبي صلى الله عليه وسلم، هل كان دينهم ناقصاً حتى جاء أبو الحسن الأشعري؟!
وأبو الحسن الأشعري كان معتزلياً ثم لما عرف مذهب أحمد رجع وتاب، وإن كان رجوعه بالجملة وبقي عنده غبش في بعض الجزئيات، ومن كان على شيء ورجع عنه فإنه يرجع رجوعاً جملياً وليس جزئياً، فإن تعلق بعض أتباعه ببعض هذه الجزئيات فلا يجوز لهم من خلالها أن يشككوا في رجوع أبي الحسن، لأن الإنسان يظل إنساناً فيعلق به ما كان يقول به سابقاً، ورجوعه رجوع إلى قواعد كلية، فأبو الحسن الأشعري بريء مما عليه المتأخرون.
وبعض العلماء من مثل النووي وابن حجر تأثروا بكلام الأشاعرة ونقلوه وارتضوه وما كانوا محققين في علم التوحيد، فابن حجر كان محققاً في علم الحديث، والنووي كان محققاً في علم الفقه، ولما حققوا بعض المسائل حققوا ما هو على خلاف الأشاعرة، فالحافظ ابن حجر لما حقق مسألة الصوت لله في الفتح اختار خلاف مذهب الأشاعرة، والنووي في مقدمة المجموع لما حقق أول تكليف واجب على المكلف والأشاعرة يقولون إن أول واجب على المكلف النظر فلما حقق ذلك خطّأ هذا القول، وقال: أول واجب على المكلف النطق بلا إله إلا الله، لأن التوحيد الذي ندعو إليه توحيد فطري، بعيد عن الفلسفة، وعن علم الكلام، فجعل ابن حجر والنووي كالباقلاني والجويني وغيرهم من الأشاعرة الأقحاح المنشغلين بعلم الكلام، البعيدين عن نصوص الوحيين الشريفين، هذا ظلم.
فابن حجر والنووي ما أنشئا تأويلاً، ولا شيئاً جديداً عند الأشعرية، وكل الذي وقع منهم أنهم نقلوا عبارات لمؤلفين قبلهم ولبعض مشايخهم وسكتوا عنها، وفرق بين من جدد في المذهب واخترع فيه وزاد عليه وأنشأ، وبين من نقل بغفلة وعدم تحقيق فالقول بأن ابن حجر والنووي أشاعرة كسائر الأشاعرة هذا خطأ، والقول بأن علماء الأمة أشاعرة ليس بصحيح، فالأمة الطائفة المنصورة موجودة فيها، وهي ما كانت على ما كان عليه النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه، فالنبي صلى الله عليه وسلم بين لنا الدين، والله أنزله كاملاً على قلبه وهذه الاصطلاحات الفلسفية التي عند الأشاعرة ما كانت موجودة، وما كان يعرفها لا أبو بكر ولا عمر، ولا سائر أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكان سعيد بن المسيب يقول، فيما أسنده إليه ابن عبدالبر: (ما لم يعرفه البدريون فليس من دين الله في شيء)، وأهل بدر ما علموا هذه الأشياء.
وبعض الأشاعرة يريد أن يتلطف مع الصحابة والتابعين فيقولون: ما كان عليه الصحابة أسلم، وما كان عليه المتأخرون أحكم، وهذه شنشنة فارغة، فما كان عليه أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم أسلم وأحكم، وهو دين الله الذي ارتضاه وأحبه وبلغه النبي صلى الله عليه وسلم، فالزعم بأن علماء الأمة كلهم أشاعرة هذا كلام من لا يدري ماذا يخرج من بين لحييه، كلام جاهل لا يعرف شيئاً، والله أعلم.