السؤال السادس و العشرين : ما حكم أخذ الأموال لقاء لعب الكرة أو تدريب الفريق أو دفع المال لمشاهده المباريات؟
الجواب: فيه تفصيل.
إذا كان اللعب شرعياً صحيحاً، وسَلِم من المحاذير؛ فتدريب الفريق والتفرغ لتدريبه أمر لا حرج فيه.
و أما الرياضات القائمة اليوم؛ فلا تسلم من المحاذير كما قلنا.
فلعب الأندية أن المغلوب يدفع، والغالب يأخذ؛ فهذا قِمار.
وأما إن قيل من يغلب فله كذا، ويكون هذا من طرف أخر غير المشاركين في اللعب؛ فهذا جُعالة، من يغلب أجعل له كذا.
وهذه الجُعالة مشروعة.
أما ماعدا ذلك إن كان الغالب يأخذ، والمغلوب يدفع؛ فهذا قمار.
والقمار له صور، وليست العبرة في القِمار بالوسيلة.
من الممكن أن تأتي رسالة على الهاتف تقول لك: أرسل رسالة بثمن سبعين قرشاً، واختر من الذي سيفوز من الأندية؛ فترسل رسالة بسبعين قرشاً؛ تختار واختيارك قائم على حظ، وعلى ظن، وعلى تخمين؛ فماذا تُسمّى هذه العملية؟
تُسمّى قِمار.
لا فرق بين سبعين قرشاً للرسالة مع ورقة اليانصيب والدواليب؛ فهذا أيضا قِمار.
والقـمار له صور كثيرة جدا .
السؤال الثالث عشر: ماهي حدود تصَّرُف الأم في النفقة التي يدفعها الأب مصروفاً للأبناء بعد الطلاق؟ هل يجوز أن تتصدق منها؟ وهل لها أن تُتَاجِر بها بما وفَّرته منها؟ وإذا اشترت عقاراً لينتفع منه الأطفال حتى يكبروا، هل يجب أن يتم تسجيله بأسمائهم؟ أم يمكنها أن تسجل باسمها تسهيلاً للمعاملات؟
الجواب: أولا: المرأة إن طُلِّقت فنفقتها في عدتها حتى تحيض ثلاث مرات على زوجها.
المرأة لمّا تُطلق ولها أولاد فعلى الوالد النفقة، وعلى الزوج النفقة، وهي في عدتها زوجة، فلما تنتهي العدة ثلاث حيضات فالزوج الآن يوقف النفقة، فأما الأولاد فتبقى النفقة حتى يكبروا ويشتدوا ويصبحوا متكسبين، وتبقى هذه النفقة على الوالد.
قال الله عز وجل (( وَعَلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ)) البقرة 233.
فالرزق والكسوة بالمعروف على الوالد، قال الله عز وجل: (( وَعَلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ)) البقرة 233.
فالواجب على الزوج أن ينفق على الأولاد وإن قصر وإن كانت أمهم مطلقة فإن قصر فهو أثم .
والإنسان يتزوج ويترك الأولاد هملا، ويضيعهم ويتزوج غيرها، وينفق على البيت الجديد، ويترك الأولاد؛ فهذا داخل تحت الوعيد الذي في حديث عبد الله بن عمرو بن العاص أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (كفى بالمرء إثما أن يضيع من يقوت) .[حسنه الألباني وقال: رواه أبو داود والنسائي والحاكم إلا أنه قال: من يعول. وقال صحيح الإسناد. اهـ.]
صحيح الترغيب والترهيب ١٩٦٥
فهذا آثم .
طيب هذه المرأة التي ينفق عليها زوجها وتسأل الأخت – وجزاها الله خيراً وزادها حرصاً- تسأل ماذا تفعل بالزائد من النفقة؟
يعني مثلاً الزوج ينفق عليها بقوة القانون، مثلاً ثلاث مائة دينار، فمائتين دينار، ومائة دينار تدخر ها كشيء زائد،
وهذا الزائد لمن يكون؟ للأولاد .
وهؤلاء الأولاد إن اشترت لهم شيئاً فالتسجيل بإسمائهم؛ لأنه لو سجل بإسمها فلعل أباها، لعل أخاها يشاركونها ،مع الأولاد لا يرث الإخوة، ولكن الأب ممكن يرث مع الأولاد وهكذا .
فالواجب أن تكون هذه النفقة للأولاد.
هل لها أن تُنَمِّيه كما في السؤال؟
الجواب: نعم .
وقد ثبت هذا من كلام عمر رضي الله عنه : ( اتجروا بأموال اليتامى لا تأكلها الزكاة ) رواه الدارقطني والبيهقي وقال : إسناده صحيح .
مال اليتم الذي ينفق عليه أبوه وأمه ميته – مثلاً- أو الاب مات وكان يتيماً؛ فورث من أبيه الميت فالاتجار بها وتنميتها أمرٌ حسن، وكان هذا هو المعهود في العهد الأول الأنور .
السؤال التاسع عشر: ما هي صورة بيع العينة التي نهى عنها النبي صلى الله عليه وسلم؟
الجواب: الجواب موجز ومفصل.
الموجز: العينة تحايل على الربا
(الربا بسلالم)، كما يقول ابن القيم في الإعلام، ما ترابي على الأرض ترابي باعوجاج.
الربا تأخذ مبلغ وترده بزيادة.
فبعض الناس يقول: أعوذ بالله أن أكون مرابي، وبعض هؤلاء وازعه الديني ضعيف وفقهه أعوج،
فيبدأ يفكر بطريقة يحصل مال ويدفعه بزيادة ويدخل السلعة إدخالاً صورياً، كما قال عبدالله ابن عباس، لما سئل عن بعض المسائل كانت تمارس في ذلك الزمان الأول المعروفة لكن على وجه ضيق جداً.
ابن عباس فقيه فقال ناظراً إلى حقيقة المعاملة لا إلى صورتها: دراهم بدراهم دخلت بينهما حريرة .
الحريرة يعني أي السلعة.
ابن عباس أدرك أن السائل يريد درهم، ما يريد سلعة قال درهم بدرهم بزيادة، وبين الدرهمين في سلعة.
السلعة أدخلت إدخال غير حقيقي بين الدرهمين، وإنما هي إدخال صوري.
أنا أتذكر لما أتكلم عن بيع العينة زوجة المستعار (نكاح المحلل والمحلل له)، (نكاح المحلل والمحلل له) الناظر إلى صورة المسأله يراها حلالاً .
مثال: جاء زوج طلب من أبي الزوجة يد البنت، البنت مطلقة والبنت ما ترجع لزوجها الأول إلا أن تنكح زوجاً غيره، فجاء واحد راح لأبيها أو ولي أمرها وطلب يدها مثل ما يطلب الخُطاب يد البنات وزوَّجَه وصار إيجاب وقبول ودفع مهر، لكن هذه تمثيلية.
لماذا هذه تمثيلية؟
حتى تحل للزوج الأول، ولي أمرها ما يسأل لا عن أصله ولا عن فصله ولا عن أخلاقه ولا عن شيء هي تمثيلية رح يطلقها ويرجعها للأول ليش يسأل.
عن عُقْبَة بْنِ عَامِرٍ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : قَالَ : ( لَعَنَ اللَّهُ الْمُحَلِّلَ وَالْمُحَلَّلَ لَهُ ) رواه ابن ماجه ( 1936 ) ، وحسنه الألباني في ” صحيح ابن ماجه”.
وفي رواية:
لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم المحل والمحلل له”.رواه الترمذي (١١٢٠) و صححه الألباني في صحيح الترمذي.
المحلل الزوج والمحلل له الزوج الأول .
لو أن امرأة( وانتبه معي جيدا لتعرف الفروق، الفروق من دقائق المسائل)، هوى المرأة وعقلها ورغبتها في زوجها الأول وما يشرع لها أن تعود له إلا مع نكاح زوج ثاني، وجاء رجل وهو صادق يريد أن يتزوج هذه المرأة المطلقه، وتزوجها ، فوجد أن المرأة ليست صافية له فحصل بينهم شقاق لعدم صفاء الزوجة فطلق الزوجة والزوجة رجعت لزوجها الأول هل هذه الصورة حلال أم حرام؟
هذه الصورة حلال، الزوج ما له هدف إلا الزوجة وليس هدفه أن يرجعها للأول، لكن الزوجة ما وجدها مستقيمة.
لذا أهل العلم يرخصون للمرأة أكثر من الترخيص للرجل.
حدثني أخ في المدينة قال: كنت في سوبر ماركت جاءت امرأة وقالت ممكن اتكلم معك قلت لها تفضلي.
قالت: أنا امرأة مطلقة فإن تزوجتني وأنا امرأة يرغب فيَّ الرجال فلك مني مئة ألف ريال هدية.
قال: حسَبتها، فتزوجتها.
قال: تزوجتها فأخذت المئه الف ريال.
قال: عشت معها فترة ليست ببعيده.
فتقول لي: طلقني ولك مني مئة ألف ريال هدية، طلقني وخذ مئة ألف ريال هدية، هذا الطلاق ممنوع في الشرع.
الأولى صحيحة الثانية خطأ.
عَنْ ثَوْبَانَ رضي الله عنه قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : (أَيُّمَا امْرَأَةٍ سَأَلَتْ زَوْجَهَا طَلاقًا فِي غَيْرِ مَا بَأْسٍ فَحَرَامٌ عَلَيْهَا رَائِحَةُ الْجَنَّة) صححه الألباني في صحيح أبي داود
والاصل في الطلاق الحظر.
قال تعالى:(فَإِنۡ أَطَعۡنَكُمۡ فَلَا تَبۡغُوا۟ عَلَیۡهِنَّ سَبِیلًا) النساء الاية ٣٤.
والسبيل نكرة في سياق نفي فلا تبغوا عليهن سبيلا ورأس السبيل الطلاق فالأصل أي سبيل ممنوع في الشرع هذا لفظ عام يشمل أي سبيل.
نرجع الآن إلى العينة.
ما العينة؟
النبي صلى الله عليه وسلم حذر أمته من العينة، والنبي صلى الله عليه وسلم ما ينطق عن الهوى
عن ابن عمر –رضي الله عنهما- أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: “إذا ضن الناس بالدينار والدرهم، وتبايعوا بالعينة، واتبعوا أذناب البقر، وتركوا الجهاد في سبيل الله؛ أنزل الله بهم بلاء فلا يرفعه حتى يراجعوا دينهم” التعليقات الرضية اسناده صحيح ٤٠٥/٢ رواه أحمد، وأبو داود.
متى يلجأ الناس إلى العينة؟
تحت الخوف من الربا، في باعث يخافون من الربا ولا يلجؤون إلى الربا والأمر الآخر ما في قرض، مافي صدقة، ولا قرض حسن، تعطل ،ضن الناس بالدينار والدرهم.
فماذا الناس اليوم يصنعون ؟
يلجؤون للعينة .
عن عبدالله بن عمر قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: إذا تبايعتُم بالعينةِ وأخذتم أذنابَ البقرِ، ورضيتُم بالزَّرعِ وترَكتمُ الجِهادَ سلَّطَ اللَّهُ عليْكم ذلاًّ لاَ ينزعُهُ حتَّى ترجعوا إلى دينِكُم .
الألباني (١٤٢٠ هـ)، صحيح أبي داود ٣٤٦٢ • صحيح.
حتى ترجعوا إلى دينكم.
ما العينة؟
العينة: واحد بده فلوس وغير واجد إلا يبيع ويشتري ويبيع ويشتري بيع صوري ، واحد يروح على تاجر، فيسأله عندك سكر
فيقول له نعم عندي سكر، فيقول له بدي طن ، بكم الطن ؟فيرد عليه بالف دينار، فيقول له أريد اشتري دين سكر طيب بالف دينار جلس عنده في المكتب واشترى بألف دينار دين، وجالس هو والتاجر.
فقال له تشتري مني طن السكر الذي اشتريته منك(وهو ما حمل ولا اشترى ولا وجعة راس ولا أي شيء) نقداً وليس نسيئةً، فقال له نعم أشتري منك بكم ؟ بتسعة مائة دينار، تفضل هذه تسعة مائة دينار، الرجل خرج من المحل معه تسعة مائة دينار وعليه ألف دينار هذا ماذا يسمى ؟
هذا يسمى بيع العينة.
ما هو بيع العينة؟
دراهم بدراهم بينهما حريرة.
تذهب إلى بنك وتقول له اشتر لي كذا ، ويشتري لك وهو لا يفكر أبداً بإقتناء هذه السلعة.
درهم بدرهم بينهما حريرة.
ويبيعك إياها وبين البائع والشاري حريرة ،السلعة حريرة
والعبرة بالمال.
درهم بدرهم بينهما حريرة
احفظ هذه العبارة.
احفظ عبارة عبدالله بن عباس.
ابن عباس كان يقول: درهم بدرهم وبينهما حريرة.
فإذا صارت السلعه هي حريرة
صارت السلعة من أجل اخذ المال .
لذا بعض الناس اليوم يقول أنا أشتري من البنك مواد بناء أريد أعمر قال وأنا متفق مع البائع إذا جاء مندوب البنك احَمِّل البضاعة ولما يغيب ارجع له البضاعة وأعطيه خمسين دينار أو مائة دينار وأنا آخذ الفلوس اخذ القليل ، وفي ذمتي للبنك الكثير ، والسلعة أنا ليس لي بها رغبة وأنا ماذا أريد؟
أريد المال ويرجع السلعة.
من الآثم في هذه المعاملة؟
البائع، و التاجر، والبنك، والمشتري، آثمون.
السؤال الثالث والعشرون:
رجل مصري الجنسية يعمل عند رجل طلب منه الأخير تركيب زجاج في خمارة، فرفض الأول فهدده الأخير بطرده من العمل وإلغاء تصريح عمله وهو محتار ماذا يفعل؟
الجواب:
هذا يصدع لقول الله تعالى (وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ).
فالخمارة يحرم بناؤها، ودهانها ، وتبليطها ، وتأثيثا ، وتركيب الزجاج فيها وما شابه .
ولعل الله يكتب له خيرا ولا يفعل هذا الحرام.
والتهديد المعتبر بالشرع هو التهديد الملجيء (الذي يقدر عليه الانسان) ،وليس كل من هدد آخر بشيء يقدر أن يفعله .
فالواجب على هذا الأخ أن يعبد الله عز وجل وأن يبتعد عن هذا الحرام .
وإن كان قد فعل وتأول ورأى أنه قادر عليه فسولت له نفسه بهذا الفعل فأُجرته حرام .
فالواجب عليه أن يتصدق بمقدار ما أخذ .
والواجب عليه أن يتوب الى الله عز وجل.
السؤال التاسع والعشرين :
طبيب طلبت منه شركة صناعة دخان أن يعمل عندها ساعة أو ساعتين في الأسبوع.
مداخلة الشيخ:
ماذا يعمل عندها؟
طبيب لعمالها؟
الجواب:
الأصل في عمل الطبيب الحل والأصل في عمل شركة الدخان الحرمة. الدخان حرمته بيعاً وشراءً وزراعة وتصنيعاً.
وأنت تسأل عن حكم تصنيع الدخان.
الأصل أنه حرام.
فهل يدخل يطبب في هذا المكان؟
يطبب في عيادته، يقول: أنا لا ادخل هذا المكان وأي إنسان يريد يتعالج فأنا اطببه في عيادتي، يأتيني إلى العيادة وشريطة أن تكون المعاملة بينه وبين هذه شركة طريقة ما تصادم نصاً وأن تكون طريقة شرعية.
أما أن يذهب إلى مكان وهذا المكان لا يصنع فيه إلا الدخان فهذا فيه محذور.
السؤال السابع والعشرون: ما حكم إنشاء شركة لصيد الغزلان في أحد دول الكفار علما أن مناطق الصيد بعيدة عن العيون و بعيدة عن مخالطة الناس علما أن هذه اللحوم تُأكل و يُتَصدق بأغلبها؟
الجواب : لاحرج في صيد الغزال فهو حلال شرعا.
و الله تعالى قال (ورماحكم)الغزال يُصطاد بالرُمح
و ألآيه (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَيَبْلُوَنَّكُمُ اللَّهُ بِشَيْءٍ مِّنَ الصَّيْدِ تَنَالُهُ أَيْدِيكُمْ وَرِمَاحُكُمْ لِيَعْلَمَ اللَّهُ مَن يَخَافُهُ بِالْغَيْبِ ۚ فَمَنِ اعْتَدَىٰ بَعْدَ ذَٰلِكَ فَلَهُ عَذَابٌ أَلِيمٌ (94) المائدة.).
سواء تُصدق بثمنه أو لم يُتصدق.
لكن المشكلة في الإقامة بديار الكفر فمن جاز له الاقامة في ديار الكفر أو من انشأ شركة و كان هذا الذهاب عارضا و ليس باقيا فلا حرج في ذلك إن شاء الله.
السؤال الخامس عشر :
ما حكم من يأكل أموال الناس بالباطل ويصرفه على الباطل ثم هداه الله وتاب، ولم يبق من أموال الحرام شيئاً؟
الجواب: رجل -نسأل الله العافية- كان على ظلالة وتقصيره ليس فقط في حق الله وإنما تقصيره في أن أكل مال الناس بالباطل ثم لما تاب ما كان عنده شيء، فتوبته مقبوله بشرط الندم {عن ابن معقل قال دخلت مع أبي على عبد الله فسمعته يقول قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :”الندم توبة فقال له أبي أنت سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول الندم توبة قال نعم”. أخرجه أحمد وابن ماجة ، وصححه الالباني صحيح ابن ماجه 3429 .
والعزم على عدم العودة، والتوبة إذا كانت في حق الخلق فالأصل أن يعيد لهم حقوقهم، و الواجب عليه أن يقر وأن يعترف بأن للناس في ذمته حقوق، و الذمة مشغولة في هذه الحقوق وهو عاجز عن أدائها، ولو كان ذا مال فهو كصاحب الدين، فصاحب الدين يمسك حاجته وما بعد الحاجة، ماذا يعمل؟
يسد الدين.
فهذا الرجل ذمته مشغولة بالمال الذي أكله فإما أن يطلب المسامحة وتبرأ ذمته بالمسامحة وإما أن يخبرهم أنه أنتم لكم في ذمتي مال وهذا المال لا أقدر على دفعه ومتى قدرت فأنا ادفعه ودون ذلك لا تقبل توبته.
لا اقول لا تقبل توبته، بل أقصد التوبة على وجه التمام والكمال ،وإلا فمن مباحث أهل العلم أن التوبة تتجزأ، ذلك أن العاصي والمصر على المعصية عند أهل السنه ليس بكافر.
من الذي لا يقبل تجزأ التوبة؟
هو من يكفّر بالذنب.
من كفر بالذنب يقول لا تتجزأ التوبة،
لكن إنسان عنده مجموعة ذنوب فتاب من بعضها وبقي مصرا على بعض أخر منها ،فهل الذنوب التي تاب منها يقبل الله عز وجل توبته؟
نعم.
لماذا؟
لأن التوبة تتجزا بناءاً على أن العبد لا يكفر بالذنب.
ألا يوجد بين المصلين من يأكل أموال الناس بالباطل؟
يوجد وهم كثر.
هذا الذي موجود بين الناس وهو يصلي هل تقبل صلاته؟ وتقبل توبته؟
نعم تقبل توبته.
الشاهد أن التوبه تتجزأ وهذا الإنسان الواحب عليه لكي يُحصل تمام التوبة بأن يعترف وأن يقر وأن يعزم متى كان معه مال أن يوصله لأصحاب الحقوق منهم.
السؤال الحادي عشر:
ما حكم من يكفل صديقا له بالبنك؟
الجواب: إذا كان القرض ربويا فحرام لأن الله تعالى يقول: “وَلَا تَعَاوَنُوا۟ عَلَى ٱلۡإِثۡمِ وَٱلۡعُدۡوَ ٰنِ”
فإذا كان الإنسان يكفل من يرابي و لولا هذه الكفالة ما وقع الربا فهو شريكه في الإثم، فيصبح الكفيل شريك الأصيل في الإثم، و الواجب على الكفيل أن يعظ أخاه وأن يسد الذي يقدر عليه من حاجته حتى لا يوقعه في الوزر.
السؤال السابع والعشرون:
إذا كنت تاجراً صاحب بضاعة، وكان علي دين لأحد الناس، هل يجوز لي أن أسد ديني ببضاعة بدلا من المال، بموافقة صاحب الدين؟
الجواب :
قطعا، إذا كان صاحب الدين له أن يسامحك، فكيف إن سددته بضاعة لا تبرأ ذمتك.
الشرع حريص كل الحرص على أن تبرأ ذمة المكلف، فبكل وسيلة تبرأ فيها ذمة المكلف فالشرع يجوّز ذلك، ما لم يصادم نصاً واضحاً .
مثلاً : واحد له علي دين أربعة آلاف دينار، بحثت ما وجدت معي، فقلت له والله يا صاحبي أنا وإياك في سفر وليس معي سوى عشرة آلاف ريالا، (أنا ما اشتغلت معك على الصرف)، أنت لك علي دين أربعة آلاف دينارا، وأنا وأنت في العمرة، وأنت بطيب نفس منك قلت أعطني عشرة آلاف ريال، وأنا أبرؤك من ذمتي من الدين، هل هذا حلال أم حرام؟
حلال بإتفاق.
لماذا حلال بإتفاق؟
لأن من غرض الشارع أن يبرأ ذمتك.
أنت الآن لما تأخذ عشرة آلاف ريال، كم تأخذ ؟
قرابة ألفين دينار.
بكم تبرأ ذمة الدين؟
بأربعة آلاف، لكن أنت بطيب نفس منك قلت أعطني عشرة آلاف ريالا، وأنا أسامحك بالباقي،
أو تقول له أعطيني شقتك ومسامحك بالدين، أو تقول أعطني أثاث بيتك مثلا، أو أعجبك شيئا في البيت، تقول له أعطني هذا الشيء وأسامحك بالدين وبإرادتك وبدون أي شيء، بدون غرر، أنا أعرف، أعطني هذا الغرض ثمنه مئة دينار، وأسامحك بعشرة آلاف دينار، وأنا أعرف أن ثمنه مائة دينار، وأقول لك أعطني إياه وأنا أسامحك بطيب نفس، وأنا أعرف ما في غرر وليس هناك خداع ولا يوجد شيء، فلك ذلك.
فالشرع سلك كل طريقة لإبراء الذمة، أي طريقة من الطرق حتى تبرأ ذمتك فالشرع قد جوزها لك، تقول عشرة آلاف ريال، تقول دين صرف يد بيد، واحد متفيقه قليل علم، يقول الصرف يد بيد وهذا دينار وهذا ريال وهذا ليس يدا بيد، لا ، هذا ليس له علاقة بالموضوع، أنا ما أفتي بالصرف ، أنا أفتي بالصرف يدا بيد، لكن الآن أنا أريد أن أبرئ ذمة المكلف، تبرؤة ذمة المكلف يجوز لواحد أن يقول أعطني الأغراض التي معك وأنا أسامحك بالدين، ما فيه مشكلة، من أجل ماذا؟
من أجل إبراء الذمة.
وهذه القاعدة نص عليها ابن القيم – رحمه الله- في إعلام الموقعين.
من أجل إبراء الذمة يجوز لك أن تسلك أي طريقة حتى تبرأ ذمتك.
فهذا أخونا السائل يقول أنا مديون، وصاحب الدين يقول أعطني بضاعة وأنا أسامحك، فلا حرج في هذا، هذا أمر مشروع ولا حرج فيه.
السؤال الثالث والعشرين:
البضاعة المباعة لاترد ولاتستبدل، هل هذا الشرط صحيح في البيع؟
الجواب: نعم.
أنا أبيعك بشرط أن لا ترجع، إن قبلت، فالمسلمون عند شروطهم، والشروط مقاطع الحقوق.
ولذا الشرع أوجد شيئاً يسمى “خيار العيب”، أنا أشتري منك بخيار العيب، وأقول لك كما كان يقول حبان بن منقذ رضي الله تعالى عنه، وكان صحابياً يقع عند البيع والشراء في غش التجار.
فشكى للنبي صلى الله عليه وسلم غش التجار، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: اشتري وقل لا خلابة.
الحديث: [عن عبدالله بن عمر:] أنَّ رجلًا ذَكرَ لرسولِ اللَّهِ، أنَّهُ يُخدَعُ في البيعِ فقالَ رسولُ اللَّهِ ﷺ: إذا بايَعتَ فقل: لا خِلابَةَ . فَكانَ الرَّجلُ إذا بايعَ يقولُ: لا خِلابَةَ.
الألباني (١٤٢٠ هـ)، صحيح أبي داود ٣٥٠٠ • صحيح •
ما الخلابة؟
يعني أنا معي ثلاثة أيام إما أن أقبل أو أرد البضاعة.
أشتري بشرط ثلاثة ايام لي ان ارد البضاعة فيها .
فكما أن النبي عليه السلام لقنه بأن له أن يرد، إذاً هذا الحديث يدل على أنه يجوز للبائع أن يبيع بغير هذا الشرط، فالأصل من هذا شرط أن ينظم عملية البيع، والشرط الذي ينظم عملية البيع هذا لاحرج فيه.
فيجوز لي إن أردت أن أبيع شيئاً أن أقول لك اشتري من غير أن ترجع، أعجبك خذ وإن لم يعجبك خلي البضاعة مثل ما هي، إلا إن يظهر لك أولاً عيب، فالعيب لك أن ترد البضاعة، والعيب علماء الشرع يقولون: نرده بأمرين:
١ – إما ترجع السلعة لصاحبها.
٢ – إما أن أخصم من ثمن السلعة بمقدار العيب.
يعني هذه السلعة معيبة، التجار يقولون ثمنها عشرين دينار، والسليمة ثمنها ثلاثين دينار.
وأنا اشتريتها بثلاثين دينار، لي أن أسترجع منك عشر دنانير.
أو أقول لك هذه بيعة أنا الشرع أقالني فيها، خذ السلعة وأعطيني المال.
ثانيا: أو أن يظهر غبن.
وعلماؤنا في كتب المصنفات، يذكرون عن قتادة وغيره من التابعين، يجوز للعبد أن يرد السلعة بالغبن.
ماذا يعني غبن؟
يعني تبيعني السلعة بأربعين دينار وأذهب للسوق (وهذا للأسف الكبير جداً هذا يقع بين الأصحاب، ولم ننتبه لهذا إلا في فترة متأخرة.)
يعني واحد يقول لك أنا أصنع لك كذا وأبيعك كذا بأربعين دينار، ولما تسأل عنها في السوق تجدها بعشرين دينار، وأنت تحسن الظن به وتظن ان ثمنها فعلا بأربعين دينار، وتجدها في السوق بعشرين دينار، والسلعة هي هي، فمن باعك بأربعين دينار وثمنها عشرين دينار لك أن تقول له أعطني عشرين دينار .
فهذا خيار العيب والخلابة يجوز فيهما إن شاء الله تعالى.