السؤال :
الإبن الذي ابتُلي بأبٍ يأكل الحرام، يأكل حراماً و هو لا حيلة له في ذلك، ماذا يصنع؟
و هل يتأثر الابن الصغير في ذلك؟
إذا كان الرجل ماله من حرام هل أبناؤه الذين يأكلون من ماله أيضاً لا يُستجاب دعاؤهم؟
الجواب:
أولاً : الإثم الأكل و الثمرة المترتبة عليه ينبغي أن يقع فيها الانفكاك.
و تذكرون الحديث الذي في صحيح مسلم حديث الجرو الذي دخل تحت سرير النبي صلى الله عليه وسلم فما نزل جبريل عليه.
فالملائكة قد لا تدخل مسجداً فيه صورة أو فيه كلب، و لكن الحِل و الحُرمة شيء و الثمرة المترتبة شيء آخر.
موضوع القبول و عدمه أمر خالص لله عز وجل، و النبي صلى الله عليه وسلّم ما نفى بل قال (أنّى يُستجاب له)، استغراب، سؤال فيه استغراب، (أنّى يُستجاب له).
إذا أنت تريد أن يكون الله معك وأنك إذا رفعت يديك فشكوت الخلق إليه مَن ظلمك، ومَن يظلم الناس فينبغي أن تكون حريصاً أشد الحرص على الحلال وأن تكون بعيداً عن الحرام، فموضوع أنه يُستجاب الدعاء أم لا فالأمر لله عز وجل، و الله قد يستجيب ممن يأكل الحرام – قد – و لكن على استبعاد، (أنّى يستجاب له؟ أنّى يستجاب له؟) استغراب واستفهام و الاستفهام فيه إنكار، (أنّى يستجاب له؟).
أما الصغير و البنت و الزوجة ممن كان الوالد يعمل حراماً فهم يأكلون حلالاً، الولد غير المتكسِّب، فالولد إن أصبح رجلاً و متكسِّباً و كان أبوه مكسبه حرام صَرْف، فالواجب عليه ألّا يأكل من مال أبيه، الواجب عليه أن ينفكّ عن مال والده و أن يتكسّب و يعمل و يُطعم نفسه بنفسه حلالاً، و لا يجوز له.
أمّا و هو صغير و هو طالب و كذلك البنت و كذلك الزوجة فهم يأكلون حلالا.
قال أهل العلم لو أن الحرام انتشر و اشتهر و كادت أن تُطبق السماء على الأرض بكثرة و اشتهار الحرام، قالوا المؤمن يأكل منه حاجته حلالاً، يأخذ حاجته من هذا المال بمقدار الحاجة وتكون حلالاً.
و ينبغي أن يفرَّق بين الأموال، فهنالك مال تتعلق فيه الذمم، و هناك مال كسَبه صاحبه بالحرام.
فالمال الذي يكون تحت ملك الإنسان بكَسْب و لكن الكسب غير مشروع، غير المال الذي هو ليس لصاحبه وإنما هنالك ذمة أخرى تُنازع فيه، فالأول أسهل من الثاني.
و جُل أموال الناس أموال من حلال و حرام، جُل أموال الناس هذه الأيام أموالهم مخلوطة، و معنى أنها مخلوطة من أموال حلال و حرام، ولشيخ الإسلام قاعدة في المال المخلوط موجودة في الفتاوى وطُبعت على حِدة أكثر من مرة، ويتساهل أهل العلم في المال المخلوط أكثر من تساهلهم في المال الحرام الصّرْف، الحرام المخلوط أهون من الحرام الصّرف، و أغلب الأشياء التي بين يدي الناس هي أموال مخلوطة.✍️✍️
أخ يقول:
ما حكم هذه الصورة من هذه المعاملة ، مالك لسيارة يعطي سيارته لمن يعمل عليها مقابل مقدار محدد من المال كأن يكون خمس مئة دينار شهرياً أو سبعة عشر دينار يومياً علماً بأن هذا هو واقع أصحاب التكاسي اليوم ، والله أعلم؟
الجواب:
على طالب العلم قبل أن يبدأ بالإجابة على أي سؤال أن يكيف المسألة ، فإن أحسن تكييفها فحاله كحال الطبيب الذي يشخص حال المريض ، فإن أحسن التشخيص أحسن التطبيب والمداواة.
الآن ، رجل عنده سيارة يعطيها لآخر ، فعلاقة من يركب السيارة بالسيارة ما هي؟
ما هو العقد؟
عقد إيجار.
أنا لما أركب في السيارة وينقلني من مكان لمكان فهذا إيجار وهذا حلال ، هذه الإيجارة هل فيها غرر؟
فيها شيء من الغرر لكن غرر ميسور لا يؤثر على صحة العقد.
ماذا نقصد بالغرر؟
الغرر أقسام.
يعني باص ينقل الركاب من ضاحية الحاج حسن إلى مجمع الزهور مثلاً أو مجمع رغدان، واحد نزل في نصف الطريق ، ممكن؟
هذا غرر.
صحيح؟
لكن غرر مضبوط لا حرج فيه ، مثل بيع البيض وبيع الجوز ، ممكن يكون البيض والجوز فاسد لكن هذا نادر ، فهذا غرر معفو عنه مثل استخدام الكهرباء وعد العداد واستخدام الماء، فلا يعرف المستأجر الكهرباء وكم تنفق وكم ستدفع فما تدري ، لكنه مضبوط بعداد ، انتهى والحمد لله ، شرط الإجارة عند العلماء أن تعرف مقدار الأجرة والمنفعة وإلخ ، فهنالك بما يستجد من أحداث ومن أمور ضبطت الأشياء بأمور تعارف عليها الناس وزالت ولله الحمد الجهالة وزال المحذور.
وأقول علاقة الذي يركب السيارة الزبون مع صاحب السيارة علاقة إجارة ، وعلاقة مالك السيارة مع الذي يعمل على السيارة، ما هي العلاقة؟ فإذا العلاقة علاقة أجارة فأنا يجوز لي أن أؤجر سيارتي لمن يعمل عليها بأي مبلغ ، لكن هل هذه العلاقة علاقة إجارة؟ أم أنها علاقة شركة؟
فالإجارة ، أنت الذي تحدد المنفعة وكيف تسير المنفعة ، وكيف تستخدم المنفعة.
وأما إذا كنت أنت لا تحدد شيئاً ، ولا يمكن أن تستثمر هذا الأمر إلا على جهة واحدة فهذه شركة، علاقة مالك السيارة مع الذي يشتغل على هذه السيارة ويعمل عليها علاقة شركة ، وهذا النوع من الشركات يسمى عند الفقهاء شركة مضاربة.
شركة المضاربة أن يكون المال من شخص واستخدام هذا المال من شخص آخر ، ومن المتفق عليه عند الفقهاء أن في شركة المضاربة لا يجتمع على المستثمر خسارة جهد وخسارة مال والأصل في الشركات أن تكون الربح بنسبة ، يعني صاحب السيارة يقول لي الثلث ولك الثلث وثلث للسيارة مثلاً يعود للسيارة وتصليح السيارة الخ.
لكن هنالك أزمة في الثقة بين الناس ولا سيما في المال فصاحب السيارة لا يقبل أن يعطيها للسائق ويقول له والله لي النصف ولك النصف ، ما أدري لعله يكذب لعله يشتغل بثلاثين أو أربعين دينار في اليوم ويقول أنا اشتغلت اليوم بعشرة دنانير ، فلا يوجد ثقة للأسف وبسبب عدم هذه الثقة كاد أن يكون القرض الحسن نسياً منسياً.
فأقول إخواني:
الأصل في علاقة مالك السيارة مع مستثمر السيارة أن يكون الربح بنسبة وأن تكون بينهما ديانة وثقة، فلما قلت الديانة اتسعت الذمم ، أصبح يقول له هذه السيارة وأريد منك كل يوم سبعة عشر دينار ، أو كل يوم خمسة عشر دينار ، فالذي أراه بعد التأمل في المسألة والله تعالى أعلم ، إذا كان السائق حصّل هذا المبلغ فأخذه المالك ، لا أرى فيه حرجاً ، لأن الأصل في المعاملات الحل ، وأما إذا كان السائق قد تعب وجهد ولم يقصر أي لم يستثمر السيارة في أموره الخاصة مثلاً ، فجهد وتعب ولم يقصر فلا يحل لمالك السيارة أن يجمع على سائقها خسارة جهد وخسارة مال ، هذا المسكين الذي تعب واجتهد ومطلوب منه آخر النهار أن يدفع سبعة عشر دينار وما أخرج إلا خمسة عشر دينار فلا يجوز لمالك السيارة أن يقول له أنا أريد سبعة عشر دينار وادفع دينارين من جيبك ، لا يحل له ذلك.
فلو حصل فحوى ومقصود العلماء من ثمرة شركة المضاربة بحيث لا يجتمع على الذي يُشغل هذا المال خسارة جهد وخسارة مال ، فدفع سبعة عشر دينار وهو كسبان ، لا أرى في هذا حرج ، لأن الأصل في المعاملات كما قلت الحل ، لكن أن نجمع على المستثمر فيخسر جهده ، وما ربح ، فهذا قدر الله عز وجل ، لكن أن نجمع عليه وأن نغرمه وأن نلزمه بأن يدفع من جيبه فهذا ظلم ما أنزل الله عز وجل به من سلطان.✍️✍️
السؤال:
يقول: لدي صديق اشترى سيارة جديدة من شخص آخر واشتراها هذا الأخير مؤمنة من كل الأخطار وهي مفروضة على كل السيارات الجديدة في بلدنا -سموه اليوم عندنا التأمين الشامل، شتري سيارة موديل سنتها ويكون تأمينها شامل- فهو اشترى من رجل سيارة، وكان هذا الرجل قد أمنها تأمينا شاملا لأنه اشتراها جديدة، لأنه اشتراها من شركة لبيع السيارات وهذا الصديق وقع له حادث بهذه السيارة وتضررت كثيرا فهل يجوز أن يتم إصلاحها على نفقة شركة التامين أم لا؟
الجواب:
أولا: التأمين ليس بحلال, التأمين ضرب من ضروب القمار, فقد تدفع مرة وتأخذ الكثير, وقد تعيش وتموت وأنت تدفع ولا تأخذ شيئا, وهذا هو القمار.
القمار أن يكسب الانسان أو أن يخسر بمحض الحظ والصدفة, فالتأمين قمار.
لكن السيارات من الحاجيات في حياة الناس, واستخدام السيارة حلال فتستخدم في الطاعة والعبادة من حضور دروس العلم والمشي للخطباء الموفقين وحضور دروس طلبة العلم الخ.
فلا حرج من شرائها إذ هذه مخالفة لا صلة لها باستخدام السيارة فهي كمخالفة وقوع البصر على امرأة متبرجة في الطريق من غير أن يقصد الإنسان النظر, فيمكن طالب علم فقير يركب باص ويسمع غناء وهو ماشي للخطبة أو للدرس فهل ركوبه الباص حرام، وقد يمشي في الطريق على رجليه فيرى امرأة متبرجة, فهل نقول له اجلس في بيتك؟
فالتأمين شبيه برؤية المرأة المتبرجة أو سماع الغناء في الباص أو ما شابه, فهذا شيء عارض يأتي في الطريق.
إنسان أمن ثم احتاج للتأمين، فحصل معه حادث، فهل يبقي المال للشركة أم يأخذ المال؟
الذي اراه بعد تأمل الآتي:
فإن كان صوابا فأرجو الله رب العرش العظيم أن يجعل له قبولا وأن ينشره وإن كان خطأ فأرجو الله أن يبصرني وأن يعلمني وأن يسددني ويصوبني
الذي أراه بعد تأمل أن الإنسان يأخذ هذا المال ويصلح فيه السيارة ومطلوب منه رغما عنه في السنوات القادمة أن يدفع .
لنقل مثلا رجل يدفع تأمين للسيارة كل سنة 100 دينار، أخذ الف دينار للتصليح فيعتبر نفسه عليه دين ألف دينار ويكتب في وصيته الألف دينار التي أخذتها من التأمين تخرج من مالي.
جاءت السنة الثانية دفع مئة بقي عليه دين تسعمئة، جاءت السنة الثالثة دفع مئتين بقي عليه ثمانمئة جاءت السنة العاشرة ودفع ألف ماذا أصبح؟
برئت ذمته.
إذا أخذ وبعد عشر سنين حدث معه الحادث؟
فيقدر ماذا دفع.
فإذا الذي دفعه بمقدار ما أعطوه فقد حصّل ما دفع رغما عنه ، حصل الذي أخذه فلا حرج والله يعلم منه أنه لو خير ما دفع
فالدفع خسارة.
خسارة مال وارتكاب محذور.
فالذي أراه أن يأخذ هذا الإنسان وهو قطعا مادام أنه مالك للسيارة فسيبقى يدفع للتأمين، فالذي دفعه يسقطه مما أخذه ويبقى على تسديد ومقاربة.
سددوا وقاربوا.
هذا الذي أراه صوابا.
والله تعالى أعلم.✍️✍️
السؤال:
هذا أخ من أمريكا يسأل فيقول:
ما حكم بيع الشعر الاصطناعي؟
الجواب:
الشعر هذا الذي يصنع، ما حكم بيعه؟
هذا الشعر الاصطناعي متى عرف؟
هذا الشعر الذي يؤخذ من النساء ثم يصنع ويلبس، هذا معروف في القديم أم غير معروف؟
هذا الذي–يسميه الناس اليوم الباروكة- هذا معروف وسأسمعكم انه كان معروفا كما ثبت في صحيح الامام البخاري
الوسيلة للحرام حرام.
فلبس الشعر ووصله حرام.
وإذا كان هذا الشيء لا يستخدم إلا في الحرام فتصنيعه حرام وبيعه حرام وشراؤه حرام.
فالوسيلة عند العلماء، الوسيلة للواجب واجب والوسيلة للحرام حرام والوسيلة للمندوب مندوب.
أخرج الامام البخاري في صحيحه برقم 5932 بسنده إلى حميد بن عبد الرحمن ابن عوف أنه سمع معاوية بن أبي سفيان عام حجه وهو على المنبر ويقول: وتناول قصة من شعر كانت بيد الحارس.
قصة من شعر بيد الحارس, تناولها ثم قال معاوية رضي الله تعالى عنه: أين علماؤكم؟
لماذا لا ينهون عن هذا؟
يقول معاوية للمسلمين:
أين علماؤكم ؟
إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم ينهى عن مثل هذه ويقول: إنما هلكت بنو اسرائيل حين أتخذ هذا نساؤهم.
هلاك الأمة لما اتخذ الناس الزور.
وعند البخاري أيضا برقم 5938 بسنده إلى سعيد بن المسيب قال: قدم معاوية المدينة، آخر قدمة قدمها فخطبنا فأخرج قبة من شعر يعني الباروكة والظاهر أنه اخذها من يد الحرس، قال فأخرج قبة من شعر, قال ما كنت أرى أحدا يفعل هذا غير اليهود, إن النبي صلى الله عليه وسلم سماه الزور.
الشعر الاصطناعي زور،
يعني الواصلة في الشعر.
وقد ثبت في الصحيحين من حديث ابن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (لعن الله الواصلة والمستوصلة).
فالتي توصل الشعر والتي يوصل لها الشعر ملعونة على لسان رسول الله صلى الله عليه وسلم
فالباروكة والشعر الاصطناعي بيعا وشراء وصنعا واستعمالا حرام .
والله تعالى أعلم.✍️✍️
السؤال:
هل صح عن بعض السلف أنّه كان يستدين -يتقصد الاستدانة- لما ورد في ذلك من الأجر؟
الجواب:
وَجَدتُ خبراً عند الدارمي والبخاري في التاريخ الكبير وابن ماجة والبيهقي وابن عساكر عن عبدالله بن جعفر رضي الله تعالى عنهما، قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إنّ الله مع المدين حتى يقضي دينه ما لم يكن فيما يكره الله)، قال وكان عبد الله بن جعفر يقول لخازنه: اذهب فخذ لي بدينٍ فإني أكره أن أبيت ليلة إلا والله معي، بعدما سمعتُ مِن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، وهذا إسناد رجاله ثقات ولكن فيه سعيد بن سفيان لم يُوَثِّقهُ غير ابن حبان، وابن حبان مِن المُتَسَاهِلِين في التوثيق.
والله تعالى أعلم.✍️✍️
السؤال:
شاب في مقتبل العمر يعمل أثنى عشر ساعة يوميا، ما هي نصيحتك له في طلب العلم ؟
الجواب:
النبي صلى الله عليه وسلم قال طلب العلم فريضة، والطلب يكون بالقراءة ويكون بالسماع، وأما الإقبال على الدنيا والإكثار منها فهو مشغلة، فالدنيا والآخرة كالمشرق والمغرب، فإن قربت من هذه بعدت عن تلك، كضرتان إن أرضيت هذه أسخطت الأخرى، ولذا إذا استطاع الإنسان أن يقلل من عمله بأن يعيش حياة فيها كفاف وعفاف ولا يضيع من يعول وأن يكون له نصيب في حياته من الآخرة وطلب العلم فهذا حسن، وإلا فعلى قول من قال الأجسام في الحانوت والأرواح في الملكوت، يعني وهو جالس في الحانوت يسمع ويتعلم ويتفقه ويقرأ ويبتهل أي فرصة فيجمع، فقاعدة الجمع هذه بين الخيرات إذا جازت فمن باب أولى أن تجوز إذا كان هذا الجمع قد دخل فيه الدنيا، فالإنسان الذي يبيع ويشتري أو يعمل تمر عليه ساعات ولحظات يجد فيها صفاء فبإمكانه أن يستفيد من هذه الساعات بأن يسمع النافع والمفيد أو يقرأ النافع والمفيد، وأمن طريق وأقصر طريق وأحسن طريق للعلم أن يجثو طالب العلم على الركب بين يدي المشايخ الأكفاء.✍️✍️
⬅ خدمة الدرر الحسان من مجالس الشيخ مشهور بن حسن آل سلمان✍️✍️
السؤال:
ما حكم من يبحث في القبور عن الذهب، علما بأن القبور أثرية وقديمة؟
الجواب:
أن يبحث عن الذهب في القبور بظن فهذا فيه إضاعة وقت وإضاعة جهد وإضاعة مال وإضاعة عيال.
وثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (( كفى بالمرء إثما أن يضيع من يعول)).
في سنن أبي داود
برقم 1691
عن عبد الله بن عمرو قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ” كفى بالمرء إثما أن يضيع من يقوت ” وحسنه الشيخ الألباني .
فواحد لا عمل له وفقير إلا أن يبحث عن الأموال وعن الذهب بظن فيترك عياله و يستدين ولا يعمل.
فتضييع العيال حرام والأصل في القبر أن يكون فيه ذهب أم أن لا يكون فيه ذهب ؟
الأصل أن لا يكون فيه.
فأن تترك العمل الذي من خلاله يرزقك ربنا عز وجل وتنفق فيه على العيال وتنشغل بشيء احتماله ضعيف هذا ليس فيه أخذ بالأسباب، وهذا فيه إثم وقد نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن إضاعة المال، فالانشغال بمثل هذه المسائل نبه عليه أبو حيان قديما في تفسيره “البحر المحيط” في تفسير سورة الدخان، فلا يجوز للإنسان أن يترك الأسباب المشروعة المعلومة ويلجأ إلى أسباب و أمور ليست هي أسباب للرزق، ويحلم بالغنى بوقت قصير فهذا ليس من صنيع العقلاء ولا من صنيع من ينظر إلى عواقب الأمور.✍️✍️
⬅ خدمة الدرر الحسان من مجالس الشيخ مشهور بن حسن آل سلمان✍️✍️
السؤال:
حكم المتاجرة في الأسهم وبيع الأسهم والبورصة وما شابه ؟
الجواب:
ينظر في موضوع الأسهم من أكثر من جانب، إذا أراد الرجل أن يكون له نصيب في شركة أو مصنع يعمل بالحلال وبطريقة حلال، فكان له نصيب فاشترى أسهم واحتفظ بهذه الأسهم، وهذه الشركة وهذا المصنع وهذه المؤسسة تشغل أيدي عاملة وتخدم المجتمع فلا حرج في ذلك.
وشركة الأسهم شركة حادثة لم تكن معروفة عند من قبلنا، وشأن كل جديد لما يهجم ويحتل موقعا في الحياة ويصبح ظاهرا للعيان فالفقهاء والعلماء يختلفون، ثم تستقر الكلمة، فأول ما ظهرت الأسهم بشركات الأسهم فمن العلماء من منع، وحجة من منع قالوا الشركاء لا يعرف بعضهم بعضا، الشركاء في هذه الشركات لا يعرف بعضهم بعضا، وهذه الحجة ليست ظاهرة إذ فيها خروج عن الأصل، إذ الأصل في المعاملات الحل حتى تصادم نصا، فيا من اشترط وجوب معرفة الشركاء لبعضهم بعضا هل احتججت بنص؟ هل عندك دليل نقلي يوجب مثل هذا الأمر ؟
فيقول لا.
فنقول الأصل في الشركة أن تبقى على الحل.
أتعلمون لو كانت شركات الأسهم حرام بالكلية لحرموا علينا الإضاءة بالكهرباء، و شركة الكهرباء شركة مساهمة، ولحَرم علينا ركوب الباص لأن الباصات شركة مساهمة وهكذا، فشركات الأسهم لا يوجد لأصلها مثال سابق، لكن لا يوجد ما يمانع في الشرع من مشروعيتها.
يعني لا يوجد لها مثيل سابق. وسمعت من شيخنا الألباني رحمه الله كلمة يقول :
من آثار هذه الشركة أن النافذ فيها رأي من يملك أكبر نصيب منها والأمر في الشرع شورى، فالأصل أن ينفذ رأي الأكثرية بغض النظر عن نصيب الشركاء.
لما كان الأصل لا وجود له عند من قبلنا وجاءت بكلها وكلكلها من نظام الغرب واحتكاك الغرب بنا، ولا مانع من أصل هذه الشركات، لكن على أصول ديننا فالذي يحكم الرأي والحجة والبرهان وليست الأموال.
في هذه الشركات من الذي يحكم؟ صاحب المال.
يعني رجل قليل إدارة وقليل فهم وقليل علم وقليل خبرة وقليل تجربة يملك واحد وخمسين بالمئة فأكثر من هذه الشركات يغلب رأي مئتين واحد مقابله من أصحاب الخبرة والفهم والعلم والتجربة وما شابه.
هذا المدرك فيه ما فيه، لكن هذا لا يؤثر على أصل مشروعية شركات الأسهم.
بقي بعد ذلك وأظن أن ما سبق ليس جوابا على أسئلة كثير من الناس، كثير من الناس اليوم يريدون الربح العاجل ولو بالمقامرة، يجلس في السوق في البورصة المالية يشتري أسهم ويبيع أسهم يشتري أسهم يبيع أسهم، أصبح السهم عبارة عن مال، فيبيع ويشتري من غير أن يكون هنالك ثمرة ولا مقصد للبائع والمشتري لأن تقوم مشاريع وأن تشغل أيدي عاملة وأن يخدم المجتمع، فهمه الجشع والبيع والشراء فيخرج إما قد ربح كثيرا أو خسر كثيرا بمحض الحظ والصدفة من غير كد ولا تعب، ومن غير وجود خدمة صحيحة في المجتمع، فهذا البيع والشراء بهذه الطريقة ضرب من ضروب القمار.
فنفرق بين من يشتري سهما في شركة أو في مشروع يخدم الأمة والمجتمع ويشغل الأيدي العاملة ويريد أن يستثمر هذا المال استثمارا حقيقيا وبين من يريد أن يقامر وأن يبيع ويشتري.
فالأول حلال بشرطين:
– الشرط الأول:
أن يكون العمل حلالا فلا يجوز شراء أسهم البنوك ولا أسهم شركات الخمر وما شابه.
– الشرط الثاني :
أن تعمل بطريق حلال .
لا يوجد فيه ربا ولا يوجد فيه مخالفة .
والله تعالى أعلم.✍️✍️
⬅ خدمة الدرر الحسان من مجالس الشيخ مشهور بن حسن آل سلمان✍️✍️
السؤال :
ما حكم أخذ ما تضعه الفنادق للنزلاء في الغرف من الأغراض الشخصية.
الجواب :
إذا كان في العُرف يتساهلون فيه فلا حرج.
أما إذا كان هذا في أعراف الفنادق والأعراف العامة السائدة في البلد فيحرم على نزيل الفندق أن يأخذ هذه الأشياء.
مثلًا الشيء الباقي الغطاء، الفراش فهذه الفندق لا يأذن بأخذها.
أما الشيء الذي يستهلك والبقايا اليسيرة أمرها سهل ويتساهل فيها.
فالعبرة بالعرف العام.
فما تعارف عليه الناس من أخذ بعض الأغراض فلا حرج فيها.
والله تعالى أعلم.
⬅ مجلس فتاوى الجمعة
٢٨- جمادى الآخره – ١٤٤٤هـ
٢٠ – ١ – ٢٠٢٢م
السؤال :
مكتب مُرخَص من الحكومة متخصص لنقل الطلاب إلى المدارس الحكومية، ولديه عدد من الباصات يملكها ويوجد باصات لأشخاص آخرين يملكونها ولا يُرّخص لهم نقل الطلاب من الحكومة، إلا عن طريق هذا المكتب، فينتسب أصحاب هذه الباصات إلى المكتب كي يقوم بالترخيص والتأمين الإلزامي للباصات فازداد عدد الباصات، فقامت شركة التأمين بعمل خصم على التأمين بقيمة خمسين دينار على كل باص، فهل يجوز للمكتب بأخذ هذا الخصم لنفسه دون علم أصحاب الباصات المنتسبة له؟
الجواب :
هذا يسمى عند العلماء حق معنوي. الحقوق قسمان:
حق مادي.
وهو أخذ الأُجرة مقابل أشياء معروفة.
حق معنوي.
الحق المعنوي إذا كان الرجل يكتسبه بمهارته فله الأخذ عليه، وإن كان الشرع أعطاه لصاحبه فليس له أن يأخذ عليه شيئًا.
أضرب لكم أمثله حتى تتضح الأمور .
الشرع أعطاك حق الشُفعة، فليس لك أن تبيع حق الشُفعة.
بيتك قيمته مئة ألف، فرأيت من يشتريه بمئتين ألف، فخشيت من جارك أن يأخذ حق الشُفعة، فيفوتك ربح مئة ألف، فذهبت للجار قلت له أنا جاءني شخص يريد أن يشتري البيت واترك الموضرع يتم وما في داعي لحق الشُفعة وأعطيك عشرة آلاف، فتم البيع، ولم يعطيه العشرة آلاف، فرفع عليه قضية، هل له حق أن يأخذ العشرة آلاف ؟
لا ليس له أن يأخذ العشرة آلاف. لماذا ؟
لأن حق الشُفعة من الشرع.
الشرع الذي أعطاك حق الشُفعة، والأوضح من هذا والأسلم
رجل لديه زوجتان فقالت زوجة للثانية: أُعطيك كذا وتنازلي عن هذه الليلة، هذه الليلة ليست لكِ وهي في الشرع لها، النوبة لها، لكن لغرض ما قال هذه الليلة أريدها، فليس لها أن تأخذ مالًا للتتنازل، لأن الشرع الذي أعطاه إياها وهكذا.
لماذا لا تُعلِم أصحاب الباصات؟
الخصم حقك وأنت الذي تملك ترخيص توصيل الطلاب للباصات وسبب الخصم خمسين دينار هو كثرة الباصات، ولو رَضّيت أصحاب الباصات هذا حسن، ومن كان يعمل صوابًا ليس عليه حرج، وليس واجبًا عليه أن يكتم الصواب الذي يفعله على الناس، قل له لو أنت ذهبت ترخص لم يعطوك الخمسين دينار، فأنا آخذه مقابل حق معنوي أنا الذي أملِكُهُ فالترخيص لي ومع هذا لو رضّاه بشيء من المبلغ حتى تطيب النفسُ فهذا أمرٌ حسنٌ ونافع .
⬅ مجلس فتاوى الجمعة
٢٨- جمادى الآخره – ١٤٤٤هـ
٢٠ – ١ – ٢٠٢٢م