http://meshhoor.com/wp/wp-content/uploads/2016/11/AUD-20161114-WA0011.mp3الجواب:
الإمامُ مالكٌ أكثرُ الناسِ بياناً لمنهجِ ضرورةِ إتباعِ فهمِ سلفِ الأمة. فالإمامُ مالكٌ ذكرَ المرفوعَ وذكرَ الموقوفِ وذكرَ ما عليهِ أهلُ المدينة.
شيخُ الإسلامِ في الكتابِ الذي طبعَ بعنوانِ: – نظريةِ العقدِ – يقول: أصوبَ وأرجحَ الأقوالِ في فقهِ المعاملاتِ غالباً مذهبُ الإمام مالك، لأن الإمامَ مالكٌ وجدَ البيعَ والشراءَ والمعاملاتِ في المدينةِ وأخذها جيلاً عن جيل، الإمام مالك أدرك التابعين. والتابعون أخذوها من الصحابة، فالمعاملات التي فيها مخالفات في المدينة ما كانت موجودة. وهل كل ما في الموطأ صحيح؟
الجواب: جل ما في الموطأ صحيح.
الموطأ فيه بلاغات؛ يعني مالك يقول: بلغني أن النبي صلى الله عليه وسلم قال؛ ولم يذكر إسناده للنبي صلى الله عليه وسلم، فالبلاغ ضعيف. لكن العلماء رحمهم الله تعالى وصلوا هذه البلاغات وذكروا أسانيدها، وابن عبد البر تتبع ذلك شديداً في كتابه التمهيد وهو من أحسن شروح الموطأ، والإمام الذهبي يقول من قرأ أربعة كتب ( المغني والمحلى والتمهيد والسنن الكبرى للبيهقي ) وأدمن النظر في هذه الكتب الأربعة واستحضر ما فيها يقول الإمام الذهبي فهذا هو العالم حقاً. يعني إذا أردت أن تكون عالماً – بشهادة أعلم الخلق بالرجال فيما نعلم هو الذهبي. الإمام الحافظ ابن حجر شرب زمزم ليكون مثل الذهبي في الرجال، البلقيني في الفقه، شيخ الإسلام ابن تيمية في معرفة الأديان والفرق ،لا يوجد أحد مثل شيخ الإسلام ابن تيمية في معرفة الأديان والفرق، ولا يوجد أحد في معرفة الخلاف كالبلقيني، ولا يوجد أحد في معرفة الرجال كالإمام الذهبي. الإمام الذهبي الذي يعرف بالرجال يقول: إذا هذه الكتب الأربعة قرأتها واستظهرت ما فيها وأدمنت النظر فيها فأنت العالم حقاً.
فالإمام ابن عبد البر في التمهيد وصل هذه البلاغات إلا أربع بلاغات، أربعة ما استطاع أن يقف عليها، فجاء ابن الصلاح فوصل الأربعة لكن الوصل في بعض البلاغات بأسانيد موجودة لكنها ضعيفة، فلما قال الإمام الشافعي لا أعلم كتاباً تحت أديم السماء أصح من موطأ مالك قال ذلك لأن أئمة السنة لم يدونوها، فالبخاري ومسلم جاؤوا بعد الإمام مالك ، فالأئمة الستة بخاري ومسلم وأصحاب السنن جاؤوا بعد الأئمة الأربعة، أئمة الفقه المتبوعين. فلا يجوز لأحد أن يقول أنا آخذ من فلان دون فلان، أنت تقول أنا آخذ من النبي صلى الله عليه وسلم وكل علمائنا وساداتنا على العين والرأس نأخذ من قولهم ونترك، لأنه ما أحد أحاط بالسنة. يوجد كلام للإمام الشافعي تأصيلي بديع في كتابه جُمّاع العلم يقرر فيه أنه لا يمكن لأحد من أمة محمد صلى الله عليه وسلم أن يحيط بجميع سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، فالصحابة تعلموا وتوزعوا في الأمصار، فكانت بعض السنن عند بعضهم وغابت عن بعضهم بعض السنن، فبدأ الخلاف من هاهنا. ولذا الواجب علينا أن نتلمس وأن نتتبع الثابت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وأن نحب الصحابة جميعاً وأن نحب العلماء جميعاً اسأل الله في علاه التوفيق للجميع.
⬅ مجلس فتاوى الجمعة
١١ – صفر – ١٤٣٨ هجري
١١ -١١ – ٢٠١٦ إفرنجي
التصنيف: كتب ومصنفات
كتاب القول للتثبت في صيام يوم السبت لابن حجر هل هو مذكور في الفتح وما…
أحسن كتاب عن حياة الحافظ ابن حجر العسقلاني، أمير المؤمنين في الحديث هو “الجواهر والدرر في ترجمة شيخ الإسلام ابن حجر” لتلميذه المختص به السخاوي رحمه الله، وطبع حديثاً في ثلاث مجلدات وذكر السخاوي هذا الكتاب في الجواهر والدرر، في الجزء الثاني منه ص 664، وذكره السيوطي أيضاً في ” نظم” ص 47، والكتاتي في فهرس الفهارس في الأول منه ص 247، وهذا الكتاب مفقود ، لا نعرف عنه وجوداً .
ما رأيك بكتاب أفعال الرسول وكيف نفرق بين فعل النبي صلى الله عليه وسلم الخاص…
كتاب “أفعال الرسول” للأستاذ محمد الأشقر كتاب جيد، وهو أطروحة دكتوراة له في الأزهر، وهو كتاب جمع فأوعى كل ما يخص أفعال النبي صلى الله عليه وسلم، وقرر فيه جواب السؤال السابق.
فقد قرر أن الأصل في أفعاله صلى الله عليه وسلم أنها تشريع عام للأمة ما لم تقم قرينة أو يأت دليل على أن هذا الفعل خاص به، فمثلاً عدد أزواجه صلى الله عليه وسلم فهو خاص به، لأن الله قال: {فانكحوا ما طاب لكم من النساء مثنى وثلاث ورباع} وصح في مسند أحمد وغيره عن غيلان بن أسلم الثقفي أنه لما أسلم كان تحته عشرة نساء، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم آمراً: {اختر أربع وفارق سائرهن}، فلو كان أكثر من أربع جائزاً لما أمره أن يفارق سائر النساء عدا الأربع، فالقاعدة : أن فعل النبي صلى الله عليه وسلم تشريع للأمة حتى تأتينا أدلة بأن هذا العمل خاص به.
وقد ألف جمع من العلماء في خصائص رسول الله صلى الله عليه وسلم ومن بينهم : العز بن عبدالسلام في كتابه “بداية السول في خصائص الرسول” واليسوطي في كتابه “الخصائص الكبرى” وهو مطبوع في مجلدين كبيرين، وهو من أوعبهم فاستوعب فيه كل ما كان خاصاً بالنبي صلى الله عليه وسلم، والله أعلم..
السؤال الحادي عشر هل صحيح أن كتاب نواضر الأيك للسيوطي
الجواب : نعم ، ومطبوع في لندن ، والنسخ الخطية محفوظة .
◀ محاضرة بعنوان فقه السلف في الجمع بين الصلاتين .
⏰ الثلاثاء 2016 – 11 – 29
↩ رابط السؤال :
◀ خدمة الدرر الحسان من مجالس الشيخ مشهور بن حسن آل سلمان ✍.✍?
نرجو أن تذكر لنا بعض الكتب النافعة والمفيدة في الفقه وأصول الفقه
كتب الفقه وأصول الفقه كثيرة، وأنا أحب من كتب الفقه الكتب المدللة، التي فيها الدليل وأنصح بكتب مجموعة من الأئمة من الأقدمين، منهم البيهقي وأرى أنه عرض الفقه في كتابه “السنن الصغير” عرضاً يوافق الدليل وعرضاً قوياً جداً والبيهقي مؤلفاته متكاملة، واقتصر في كتابه “السنن الصغير” على الراجح مع الدليل، وأسلوبه ناعم، بعيد عن المشاكسات والكلمات التي فيها ردود قوية.
وأنصح بقراءة كتب ابن المنذر وأرى أن ابن المنذر جميع الأمة عالة عليه ممن جاء بعده على كتابه الأوسط، فالخلاف الطويل الذي يذكر في كتاب الفقه المقارن مثل “المجموع” للنووي و”المغني” لابن قدامة، و”المحلى” لابن حزم، وماشابه فهذا كله أصله من ابن المنذر وابن عبدالبر، ولو أن كتاب”الأوسط” لابن المنذر نجا وسلم لنا لكان عندي هو كتاب الإسلام بعد الكتاب والسنة، قال الإمام العز بن عبدالسلام: (لم تطب نفسي بالفتوى حتى اقتنيت “المغني” و”المحلى”) وقال الذهبي في ترجمة ابن عبدالبر في “السير” بعد أن ذكر قول العز بن عبدالسلام، قال: (قلت: من اقتنى “المغني” و”المحلى” و”السنن الكبير” للبيهقي، و”التمهيد” لابن عبدالبر، وأدمن النظر فيها فهو العالم حقاً) وهذه شهادة الذهبي وهو أعلم الناس بالرجال، فأنا أرى قراءة كتب البيهقي، وابن المنذر وابن عبد البر، لا سيما “التمهيد”، فهو من الكتب العالية والغالية، وهو من الكتب الرائعة، وأنصح بقراءة كتب ابن تيمية، وابن القيم، فهؤلاء الخمسة أنصح بقراءة كتبهم قراءة جيدة، وكتب الإمام النووي أيضاً جيدة لا سيما الشروح الحديثية، فشرح صحيح مسلم فيه فوائد فقهية جيدة، قريبة من الدليل، وهذه الكتب تنفع المتقدمين من الطلبة.
أما المبتدئ فيبدأ بقراءة فقه السنة مع تمام المنة فهذا جيد، فإن حصل في غير الفقه شيئاً وأراد أن يحصل شيئاً في الفقه، فليقرأ “سبل السلام” أو “نيل الأوطار” أو “شرح عمدة الأحكام” وما شابه، ويبقى مع فقه الدليل، فإن أراد أن يتوسع فلا بد من أن يقرأ “المغني” و”المحلى” و”المجموع”.
أما كتب الأصول فهي مليئة بعلم الكلام والفلسفة، وفيها شيء كثير من غير الأصول؛ فقد ألف بعض أصحابنا المكيين رسالة نال بها العالمية [الدكتوراة] سماها: “ما ليس من الأصول في كتب الأصول” وكتب الأصول القديمة صعبة، كـ”المحصول” و”المستصفى”، وكتب الأصول المهمة التي ينبغي لطالب العلم أن ينظر فيها “إعلام الموقعين” لابن القيم، وهو كتاب عجيب غريب وحدثني الشيخ بكر أبو زيد قال: سمعت الشيخ عبدالعزيز بن باز يقول: (كتاب الإسلام “إعلام الموقعين” ومن قرأه يعجب من ذهن وعقلية صاحبه، وكتاب “الإحكام” من الكتب المهمة، ومن الكتب المهمة “الاعتصام” فيه ذكر لما يخص السنة والبدعة، وكتاب “الموافقات” الذي فيه ما يغطي مسألة المقاصد وهذه ينبغي أن ينظر فيها الطالب في الختام لذا قال الشافعي في مقدمة كتابه “الموافقات”: (لا آذن لأحد أن ينظر في كتابي هذا إلا أن يكون شبعان ريان من علم الشريعة).
ومن المعاصرين أرى كتاب “المذكرة” له وجهان: وجه يطل على الأقدمين، والآخر يطل على المحدثين، وقد أبدع وأحسن وحرر ويسر صاحبه مباحث أصول الفقه، والله الموفق للصواب.
السؤال الثالث قلت أكثر من مرة أن شرح صحيح مسلم دين على أمة الإسلام…
http://meshhoor.com/wp/wp-content/uploads/2017/10/AUD-20171011-WA0035.mp3الجواب : ينقصنا أشياء كثيرة، وبودي لو تفرع عن هذا الدرس درس خاص ويكون مقدمة وتمهيداً لشرح مكتوب .
بعض إخواننا ممن لا يحضر معنا جزاه الله خيراً زودني قبل أشهر قليلة بنحو ستة أشهر بجميع ما قلته في شرحي على مسلم مكتوباً فزودني بما يزيد عن خمسة آلاف صفحة مصفوفة تمهيداً للمراجعة وليكون مطبوعاً لكن هنالك أيضاً أشياء تحتاج إلى مراجعة أسأل الله عز وجل أن يوفقنا لما يحب ويرضى.
⬅ مجلس شرح صحيح مسلم.
8 محرم 1439 هجري 2017 – 9 – 28 إفرنجي
↩ رابط الفتوى:
⬅ خدمة الدرر الحسان من مجالس الشيخ مشهور بن حسن آل سلمان.✍✍
⬅ للاشتراك في قناة التلغرام:
http://t.me/meshhoor
السؤال الأول أخ يسأل فيقول شيخنا حفظك الله ما هو أفضل شرح للبخاري مختصٙر لرجل…
http://meshhoor.com/wp/wp-content/uploads/2017/05/AUD-20170507-WA0033.mp3
*الجواب:* أنصح بقراءة ( *عٙونُ الباري شرح صحيح البخاري*) لـ”صِدِّيق حسن خان” ، ذٙكٙر فيه عُصارات وخُلاصات وتقريرات الحافظ ابن حجر في “فتح الباري”، الذي قال عنه *الإمام السخاوي* في ” *إرشاد الغاوي*”: هو *كتاب الإسلام*.
أعني ” *فتح الباري*”.
وقالوا *للشوكاني*: لماذا لا تُؤلِّف شرحاً لصحيح البخاري؟
فقال – رحمه الله – : لا هجرة بعد الفتح.
ومن أراد أن يهاجر ؛ فليُهاجر إلى “فتح الباري”.
*”عٙونُ الباري”* كتاب مطبوع أنصح الإخوة بِمُذاكرته فيما بينهم ، يقرؤوه في مجالسهم.
⬅ مجلس فتاوى الجمعة .
9 شعبان 1438 هجري
2017 – 5 – 5 إفرنجي
↩ رابط الفتوى :
◀ خدمة الدرر الحسان من مجالس الشيخ مشهور بن حسن آل سلمان.
✍✍⬅ للإشتراك في قناة التلغرام :
http://t.me/meshhoor
السؤال السادس أخ من الجزائر يسأل فيقول شيخنا أحبك في الله …
الجواب :
منتقى الأخبار من الكتب النافعة الواسعة التي أضاف إليها أحاديث مسند الإمام أحمد والكتاب يحتاج إلى شروح.
ونيل الأوطار فقط فيما نعلم من شروحه غير شروح بعض المعاصرين وقد ألف العلماء قديما في شرحه كتبا أنصح بحفظه لمن عنده نهمة وهمة في ذلك.
أما الجمع في المطر فالراجح أنه لا يشرع في البيت ولو وقع جماعة
فالجمع في المطر هو عذر نوعي
والذي يجوزه بعض متأخري الحنابلة وهو قول مرجوح وليس براجح
هو قول مرجوح وليس براجح والله تعالى أعلم
.
⬅ مجلس فتاوى الجمعة.
⏰6جمادى الأولى1438 هجري .
2017 – 2 – 3 إفرنجي .
↩ رابط الفتوى :
◀ خدمة الدرر الحسان من مجالس الشيخ مشهور بن حسن آل سلمان.✍✍
هل تصح نسبة كتاب الكبائر إلى الإمام الذهبي
كتاب الكبائر قطعاً للإمام الذهبي، وقد وقفت على اكثر من نسخة خطية، وواحدة منها في الظاهرية، نقلت من خطه، لكن الكتاب المطبوع والموجود في السوق، الذي فيه خرافات وقصص وحكايات فهذا كتاب مكذوب على الذهبي.
كتاب الذهبي كتاب نظيف، وأضعف ما فيه بعض أحاديث انفرد فيها الحاكم ،وقال فيها الذهبي: (وهو حديث صحيح رواه الحاكم والتصحيح على عهدته)، فهذا أضعف ما ورد في الكتاب، أما الكتاب الموجود في السوق، وفيه أحاديث من امثال: ((تارك الصلاة يبتلى بخمس عشرة خصلة، خمسة في الدنيا، وخمسة في البرزخ، وخمسة في الآخرة….)) فأذكر منذ أكثر من عشرين سنة قرأت كتاب الذهبي وبعد فترة ليست ببعيدة، قرأت في “ميزان الاعتدال” وهو للذهبي، فيذكر ترجمة راو من الأحمدين، فيقول عنه: (وقد ركب حديث تارك الصلاة يبتلى بخمس عشرة خصلة، وقال : لا يروج ذلك إلا على حمار) فقلت كيف يروج ذلك على الذهبي في كتاب “الكبائر” فهذا الحديث لا يروج إلا على بليد لا يعرف الحديث والنقد الحديثي، فاستغربت ذلك، حتى امتن الله علي وعرفت المخطوطات، وكنت حريصاً يومها أشد الحرص أن أقف على مخطوطة الذهبي فعلمت أن منه نسخة في المكتبة الظاهرية بدمشق، فحصلت النسخة وأقبلت عليها فوجدت أن الكتاب المطبوع هذا فيه أربع أخماس حشو وكذب وزيادة على كتاب الذهبي، وهو مليء بالموضوعات والأكاذيب والخرافات.
والذهبي إمام ناقد وهو القائل: (وأي خير في حديث اختلط صحيحه بواهيه وأنت لا تفليه ولا تبحث عن ناقليه) فهو امام صاحب تحقيق، وكتابه مختصر يقتصر فيه على الأحاديث وجلها صحيحة، أو حسنة، والضعيف فيه قليل، وضعفه يسير، ونقلها من باب الترغيب والترهيب وقال فيها العهدة على الحاكم الذي صححها، والحاكم عنده تساهل في التصحيح، والكتاب الآخر المطبوع الكبير فهذا كذب وافتراء على الذهبي ولا يجوز نسبته إليه، ولا يجوز قرائته إلا لمن يميز بين الصحيح والضعيف والغث والسمين، والله أعلم.
كيف نتعامل مع أحاديث الفتن وما أحسن الكتب المصنفة فيه وهل صحيح أن أشراط الساعة…
لقد كثر الكلام عن الساعة، بل حدد بعض الناس مدة لها، بل ألف بعضهم كتاباً سماه “عمر أمة الإسلام” وبعضهم يحلف أيماناً مغلظة أن المهدي سيظهر بعد عشر سنوات، إلى غير ذلك من الخرافات التي ما أنزل الله بها من سلطان، والسعيد في عالم الغيب من دار مع ألفاظ رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يتعجل، ولم يسقط الأحاديث على أحداث قبل وقوعها، فإنه تنبؤ واعتداء على الغيب، وهذا يخالف هدي السلف في التعامل مع أحاديث الفتن.
وقد سئلت كثيراًَ عن كتاب “عمر أمة الإسلام” وهذا له تعلق بالسؤال فأقول: هذا الكتاب جل الأحاديث التي فيه صحيحة وثابتة وقد اعتمد مؤلفه تصحيح المحدثين، لكن للكتاب عقدتان، الأولى: أنه اعتمد أخبار بني إسرائيل من التوراة والإنجيل المحرفة المزيفة،وجعلها في مرئية الأحاديث النبوية، والعقدة الثانية: أنه نسج بين الأحاديث التي ذكرها، صلى الله عليه وسلم، وجعل لها تسلسلاً من رأسه، فيقول: هذا قبل هذا ، وهذا يترتب عليه هذا، وهكذا، وهذا التسلسل يحتاج إلى نص خاص، فما لم يأت نص فلا يجوز لنا أن نربط بين حديثين لا نعرف أيهما الأول وأيهما الآخر، فاستطاع بأسلوب رشيق أن يخدع القارئ ويدخل الباطل إلى عقله، ويجعله يعتقد أن عمر هذه الأمة معروف.
أما تحديد هل نحن في أشراط الساعة الصغرى أم الوسطى، فهذا كلام ذائع بين الناس، والسعيد من وقف مع ألفاظ رسول الله صلى الله عليه وسلم، وما اغتر بالاصطلاحات وإن ذاعت وشاعت، وكان الشعبي يقول: ((إذا استطعت ألا تحك رأسك إلا بأثر فافعل)) وكان سعيد بن المسيب يقول: ((ما لا يعرفه أهل بدر فليس في دين الله من شيء)) واصطلاحات أشراط الساعة الصغرى والوسطى والكبرى لم نظفر بها ولم نعرفها، لا على لسان رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولا على لسان صحبه، قد يقال: هذا اصطلاح ولا مشامة في الاصطلاح، نقول: نعم لا مشامة في الاصطلاح، لكن هذا الاصطلاح حتى أجيب على سؤال السائل ليس بمنضبط، فالصغرى بالنسبة لنا وسطى بالنسبة لآبائنا أو أجدادنا، والكبرى بالنسبة لآبائنا وأجدادنا وسطى بالنسبة لنا، وهكذا، والأحسن من هذا أن نردد مع ابن كثير في كتابه “النهاية في الفتن والملاحم” قوله: ((ما أخبر عنه صلى الله عليه وسلم ووقع)) ما أخبر عنه صلى الله عليه وسلم ووقع شطره، وينتظر وقوع الشطر الثاني منه، ((ما أخبر عنه صلى الله عليه وسلم ولم يقع)) فما أخبر عنه صلى الله عليه وسلم لا بد أن يقع، لأن أشراط الساعة من باب إخبار الله تعالى لنبيه علم الغيب.
وأحاديث يتعامل معها كثير من الناس على أصل عقدي بدعي فاسد، فلا يجوز لنا على أي حال من الأحوال أن نفهم أحاديث الفتن على غير فهم أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم.
ولا يجوز للواحد منا أن يقول: بما أن النبي صلى الله عليه وسلم قد أخبر عن الفتن، وفيها من الشرور الشيء الكثير، فنقول بما أن النبي قد أخبر فلنقف مَكْتوفِي الأيدي أمام هذه الفتنة، فلا بد أن تقع، وهدي السلف في التعامل مع أحاديث الفتن أنهم كانوا يردونها ويدرؤونها عن أنفسهم وعمن يلوذ بهم، وعن مجتمعاتهم، فلا يستسلمون لها، وكانوا يعتقدون أن إخبار النبي صلى الله عليه وسلم بها من باب الرأفة والرحمة بأمته فحسب، وليس من باب أن ينتظروها ويقولوا: لا بد أن يقع ما أخبر به النبي صلى الله عليه وسلم، فالواجب علينا أن ندرأ الفتنة عن أنفسنا وعن أمتنا، فإن انتظرنا الفتنة وجلسنا مكتوفي الأيدي لا نحاربها، فَفَهْمُنَا هذا قائم على أصل القدرية، وليس على أصول أهل السنة.
والواجب علينا في أحاديث الفتن:-
أولاً أن نتعلمها ولذا صح عن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم أنهم كانوا يعلمون أبنائهم أحاديث الفتن كما يلقنونهم السورة من القرآن الكريم، وكانت أحاديث الفتن مشتهرة على الألسنة، وكانت تشاع وتذاع في المجالس، وينبغي أن تذكر من أجل أن تُدْرَأ أو تدفع.
أرأيتم إلى الأب الحنون الحريص على ابنه لما يريد ابنه أن يغير بلده، وينتقل مثلاً من ديار الإسلام إلى ديار الكفر، فيقول له: يا أبت ترى كذا، وترى كذا وكذا، وهو يقول هذه الأمور حتى يحذره ويقوى عزيمته في داخله في أن يرد هذه الفتن، وكنت أقرأ آية في كتاب الله فأستغرب منها ولا أفهمها، وهي قول الله تعالى عن أهل بدر لما ذهبوا للقتال، وهم خير الأصحاب، بل الملائكة التي قاتلت معهم هم خير الملائكة، فقال الله عنهم في سورة الأنفال: {كأنما يساقون إلى الموت وهم ينظرون}. هل يوجد هلع أكثر من هذا؟ أن يساق الإنسان للموت وهو ينظر إليه! ووصف أهل بدر هكذا، لأن الله خيرهم بين أمرين: بين القافلة وبين القتال، والنفس إن خيرت تميل إلى السهولة واليسر، فإن وقع الأشد، وقعت الطاعة.
لكن النفس إن تحفزت وتقوت واستعدت للأمور الصعاب فإنها تبقى قوية، فأصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم كانت أنفسهم أنهم ما استعدوا في حديثهم لأنفسهم آنذاك للجهاد. فكان هذا حالهم .وليس هذا تنقيصا لهم معاذ الله ، وإنما هذا إشعار بطبيعة النفس البشرية .
فالنبي صلى الله عليه وسلم أخبرنا عن الفتن آخر الزمان ، حتى تبقى العزيمة والهمة قوية ، ويتحقق قوله صلى الله عليه وسلم: {حتى تجيء الفتنة فيرقق بعضها بعضاً، حتى تجيء الفتنة فيقول المؤمن هذه مهلكتي} كما في صحيح مسلم من حديث عبد الله بن عمر و الطويل فالمؤمن يعلم أن الفتن ستشتد وتزداد مع مضي الزمن ، فيوجد في داخله من القوة ما يعادل أو يكون أقوى من ضغط الفتنة عليه.
وكم من إنسان يحيد ويسقط؛ لأن العاصفة أقوى منه وقد يكون اعتقاده وتصوره سليماً لكن العلة في إرادته، فالنبي صلى الله عليه وسلم أخبرنا عن الفتن لكي يبقى في دواخلنا عزيمة أكيدة بأننا سنرى العجائب آخر الزمان فمهما رأيت يا عبد الله فلا تغير ولا تبدل ، مهما اشتدت بك الأمور، فانتظر الموت وسل ربك أن تموت على ألا تفتن في دينك ، ولذا علمنا النبي صلى الله عليه وسلم فيما أخرج أحمد وغيره ، من دعاءه {اللهم إن أسالك فعل الخيرات ، وترك المنكرات ، وحب المساكين وأن تغفر لي وترحمني ، وإن أردت بي وبقومي فتنة فاقبضني إليك غير مفتون} فالموت أحب للمؤمن من أن يفتن في دينه. فنتعامل مع الفتن بنفس المؤمن الحريص على أن يبقى على الجادة، وأن تبقى عنده الاستعدادات ليرى العجائب آخر الزمان ، فلا يحيد ولا ينحرف ولا ينافق ولا أقول لا يجامل ، والنفاق كثير بل النفاق والكذب أصبح شعار العصر، والنفاق هو عنوان اللباقة اليوم وشعار المجالس فهكذا نتعامل مع الفتن لا أن نستسلم لها، فنتعامل مع أحاديث الفتن على هذا المحور الذي تجعل الأحاديث تدور عليه.
وأسمع لبعض الخطباء، وأقرأ لبعض من يكتب، لا سيما في الجرائد والمجلات، فأرى أنهم يفهمون أحاديث الفتن فهماً خطيراً على أصل غير شرعي بل هو بدعي .
وأما الكتب المصنفة في الفتن، فأنا أحب الكتب المسندة وطالب العلم ينبغي أن ينظر في الإسناد، لأنه لولا الإسناد لقال من شاء ما شاء، كما قال الزهري وغيره ، فمن أوعب الكتب وأجودها تحقيقا وطباعة كتاب ” الفتن ” لأبي عمرو الداني المقرئ المشهور وكتابه مطبوع في ثلاث مجلدات وممن كتب في الفتن نعيم بن حماد ونعيم اختلط وفي حفظه شيء، فدمج الأحاديث والألفاظ لكن كتابه يستأنس به وممن جمع في الفتن ابن كثير في كتابه “النهاية في الفتن والملاحم” فجمع وأحسن واستوعب ونجد هذا أحسن ما كتب في الفتن والله اعلم