http://meshhoor.com/wp/wp-content/uploads/2016/11/AUD-20161104-WA0018.mp3الجواب : لا ، ليس بصحيح .
لما استقرأنا القرآن الكريم ووجدنا أن الله خالق كل شيء ، وأنه من الأدب مع الله سبحانه أن لا ننسب الشر اليه ، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم فيما أخرجه مسلم في صحيحة وليس الشر إليك .
والشر في القرآن الكريم منسوب لله عز وجل على عدة نواحي :
الناحية الأولى : العموم وهو قوله سبحانه : الله خالق كل شيء .
والناحية الثانية : أن ينسب الشر لسببه كقول الله الله عز وجل : قل اعوذ برب الفلق من شر ماخلق ، فنسب الشر واضافه لسببه .
والناحية الثالثة أن ينسب الشر بالفعل المبني للمجهول كقول الله عز وجل وإنا لاندري أشر أريد بمن في الأرض أم أراد بهم ربهم رشدا .
فلما رشد قال : ربهم .
ولما ذكر الشر قال أُريد .
وهذا على وزان قول الله تعالي في سورة الفاتحة : الذين أنعمت عليهم غير المغضوب عليهم .
علماء النحو يقولون اسم المفعول يعمل عمل الفعل المبني للمجهول ، فالله ما قال غضبت ، وهذا من الادب مع الله عز وجل .
وعلمنا هذا الأدب إبراهيم عليه السلام لما كان يقول وإذا مرضت فهو يشفين ، فنسب المرض لنفسه ونسب الشفاء لربه ، وهذا من الأدب مع الله .
والله جل في علاه خالق الخير وخالق الشر ، و أما المعتزلة الذين يرون أن الله خالق الخير ولم يخلق الشر فهذا مذهب باطل حتى قال الإمام النووي في أوائل شرح كتاب الإيمان في صحيح مسلم هذا مذهب اندثر وزال ولم يقل به قائل حتى من المعتزلة المتأخرين .
ابن أبي العز في شرح العقيدة الطحاوية عالج هذا وذكر أمرين مهمين :
ذكر واحد أعرابي ليس عنده علم ، على الفطرة ، قال رجل دخل ربط الناقة عند باب المسجد ودخل ، صلى وجد الإمام صاحب لحية طويلة خرج ولم يجد الناقة ، فرجع توسم بالشيخ خيرا كان ( معتزليا ) وقال يا شيخ : ناقتي سرقت ، ادع الله ان يردها ، فدعا على مذهب المعتزلة قال : *اللهم إنك لم ترد أن تسرق ناقة هذا الرجل اللهم فارددها عليه* ، فالإعرابي على الفطرة ، قال ياشيخ : لا أريد دعائك.
قال : لم
قال : لأن ربك أراد إلا تسرق فسرقت فأخشى أن يريد أن تعود فلا تعود .
ربك الذي دعوته أنت أراد إلا يسرق فسرقت، انك لم ترد أن تسرق الناقة هذا كلام المعتزلة ، وهذا خطأ .
وذكر ابن أبي العز مناقشة جرت بين ابو إسحاق الاسفرائيني وهو من أئمة أهل السنة مع إمام معتزلي في بغداد بحضرة الصاحب ابن عباد كان وزيرا وكان معتزليا ، فدخل الاسفرائيني فلما رآه هذا المعتزلي قال : سبحان من تنزه عن الفحشاء ، يرون أننا إن قلنا أن الله يخلق الخير والشر فإننا لا ننزه ربنا عن الفحشاء ، فقال سبحان من تنزه عن الفحشاء ، ففهم أبو إسحاق ماذا يريد، فقال سبحان من لا يكون في ملكه إلا ما يشاء .
فقال المعتزلي أو يشاء ربنا أن يعصى .
فقال ابو اسحاق أو يعصي ربنا قهرا ، فبهت .
فنحن نثبت أن الله جل في علاه خلق الخير والشر ، وأن لله ارادة شرعية وإرادة قدرية كونية خلقية .
فالكافر والزاني والسارق فاعل كبائر يفعل هذا بقدرة الله الكونية القدرية لا الشرعية .
انتبه هذه أصول .
أهل السنة لايجوزون الاحتجاج بالقدر إلا بعد وقوعه .
لما التقى فيما أخبرنا نبينا صلى الله عليه وسلم موسى مع آدم.
فقال موسى لآدم أأنت الذي اخرجتنا من جنة الله ؟ أنت الذي عصيت وأخرجتنا ، لو لاك كنا في الجنة .
قال أنت الذي اخرجتنا من جنة الله على ما أخبرنا ربنا عن موسى عليه السلام .
قال : نعم شيء كتبه الله عليّ .
قال النبي صلى الله عليه وسلم : فحج آدم موسى .
قال علمائنا : يجوز الاحتجاج بالقدر بعد وقوعه ، أما الإحتجاج بالقدر قبل وقوعه فهذا صنيع الكفار .
قال الله تعالى في سورة الانعام : (سَيَقُولُ الَّذِينَ أَشْرَكُوا لَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا أَشْرَكْنَا وَلَا آبَاؤُنَا وَلَا حَرَّمْنَا مِنْ شَيْءٍ ۚ كَذَٰلِكَ كَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ حَتَّىٰ ذَاقُوا بَأْسَنَا ۗ قُلْ هَلْ عِنْدَكُمْ مِنْ عِلْمٍ فَتُخْرِجُوهُ لَنَا ۖ إِنْ تَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَإِنْ أَنْتُمْ إِلَّا تَخْرُصُونَ) [سورة اﻷنعام 148] .
الله يقول لهم : قل هل عندكم من علم فتخرجوه لنا .
عندكم علم أنكم كنتم كفار .
فالاحتجاج بالقدر قبل الوقوع صنيع المحرومين ، صنيع الكفار .
وأما المؤمن بعد الوقوع ولو كان فيه معصية يحتج بقدر الله ، وقعت في معصية تب الى الله عز وجل .
فالقدر لا يحتج به إلا بعد وقوعه ولا يحتج به قبل وقوعه ، والله تعالى أعلم .
⬅ مجلس فتاوى الجمعة
27 – محرم – 1438 هجري
2016 – 10 – 28 إفرنجي