السؤال الثالث الثلاثون أخ يريد علاجا ويقول ألجأتني الحاجة والضرورة لاستعمال الجوالات الحديثة في عملي…

http://meshhoor.com/wp/wp-content/uploads/2017/11/س33.mp3السؤال الثالث الثلاثون: أخ يريد علاجا، ويقول: ألجأتني الحاجة والضرورة لاستعمال الجوالات الحديثة في عملي وتجارتي، إلا أن الشيطان إذا جنَّ الليل يوقعني ويغويني في الوصول في بعض المواقع المحرمة التي أصبحت من السهولة الدخول عليها، وكلما تبتُ وندمت أرجع مرة أخرى حتى أصبحت توبتي معلولة جداً حيثُ أصبحتُ أسيرَ شهوتي، أرشدوني حفظكم الله، هل هنالك عمل أعمله من الأعمال الصالحة غير التوبة تُكفر عني ذنوب الخلوات، والله نحنُ الشباب مبتلون .. مبتلون .. مبتلون بتلك الوسائل الحديثة؟
الجواب:
أولاً:
إياك أن يُيئسُكَ الشيطان من التوبة.
وأعلم علمني الله وإياك أن من تاب ثم نقضَ توبتهُ ثم تاب ثم نقض توبتهُ فالعبرة تكون بإنما الأعمالُ بالخواتيم، فإن أقبلتَ على ربك تائباً فإنَّ الله جل في علاه يقبلك.
ثانياً:
أن التوبة على مذهبِ أهل السنة والجماعة تتجزأ، فمن كان يرتكبُ مجموعة ذنوب، وبقي على ذنب ما استطاعَ أن ينفكَ عنهُ فالواجبُ عليهِ أن يتوبَ، وأن يُحدِثَ نفسهُ بإحداثِ توبةٍ من هذا الذنب، فإن تابَ من بعضٍ دونَ بعض فإنَّ التوبةَ تُقبل إلا عند الخوارج، فالخوارج عندهم التوبةُ لا تتجزأ.
لماذا؟
لأن العاصي عندهم كافر، والكافر لا تُقبل توبته.
وأما أهلُ السُنة فالعاصي عندهم ليس بكافر.
فمن كان على ذنبٍ فما ينبغي أن تُسَوِلَ لهُ نفسُه، وأن يوسوسَ لهُ شيطانه بأن يسترسلَ في المعاصي لأنهُ مبتلى بذنب، فالخوف من الذنب أن لهُ أخوات كما كان يقول بعض التابعين: ( إني أعملُ الحسنةَ طمعاً في أختها التي هي أكبرُ منها، وإني أترُكُ المعصيةَ خوفاً من أختها التي هي أكبرُ منها، فإنَّ للحسناتِ أخوات وإنَّ للسيئاتِ أخوات).
وخطورةُ السيئة التي تسألُ عنها فهو فيما بعدها، ثم خطورتُها – والعياذُ بالله تعالى – أن لا تهنأ وأن لا تلتَذَ بما أحلَ اللهُ لك، بعضُ الناس تحتهُ زوجة مليحة حسنة، وضيئة، مؤدبة، عفيفة، صالحة، يترُكُها ويبحث عن نساء، لو أنهُ رأهنَّ فحالُهُنَّ في أنهُنَّ بذلنَّ أعراضَهُنَّ وعوراتِهِنَّ أمرٌ يُتَقَزَزُ منه، فكيف الإنسان يترك الطيب الخاص به ثم يلجأ لشيء عام.
ثم تفقد حالك، وتفقد معاصيك، فهذه المعصية سبقتها معصية، ولا سِيَّما معصية عدم بر الوالدة والقصور مع الوالدة.
لماذا؟
( جُريج ) عابد – والقصة في الصحيح في حديث الرسول – صلى الله عليه وسلم – كان يُصلي وكانت لهُ صومعة، كان يعبدُ الله تعالى فيها، كان في الصلاة فنادتهُ أمُّه، فقال: أمي، و لا صلاتي، أمي ولا صلاتي، – عابد غير فقيه يقع في اضطراب – اضطرب بين الصلاة أو أن يرد على والدته( أطيع الوالدة)، فبقيَ في صلاته، فقالت له أمُّه: اللهم لا تمتهُ حتى تُريهُ وجوه المومسات، -قصة ذكرها مسلم في صحيحه- ، فكانت امرأة بغي في بني إسرائيل يُضربُ بها المثل في الجمال، قالت: أُغري لكم جُريج، فراودتهُ عن نفسهِ فأبى، فمكنت نفسها من راعٍ بجانب صومعته، فحملت منهُ وقالت للناس: هذا من جُريج، وكان العابدُ إذا زنا في ذاك الزمان قتلوه، فجريج – رحمه الله تعالى – أُتيَ به ليُقتل، فقيلَ: ما بالكم؟ فقالوا: هذه المرأة زنيت بها، قال: أروني إياها، فتحقق دعاء والدته، فرأى وجه المومس لأنه ما أطاعها في أن يترك النافلة ويستجيبُ لأمرها، فهذا الذي ينظر في الجوالات هذا عاصي لوالدة( هذا النظر إلى وجوه المومسات)، قالت: اللهم لا تمته حتى تُريه وجوه المومسات، فالنبي – صلى الله عليه وسلم – أخبرنا فقال: فوضع يديه على الجنين ( الرحم )، وقال للولد: من أبوك ؟، فأكرمهُ الله عز وجل فنطق الجنين فقال: فلانٌ الراعي، فاعتذروا له وقالوا له: نبني صومعتك بلبنة من ذهب ولبنة من فضة، قال: دعوها كما كانت.
هذا جُريج الصالح فقط تردد في أن يستجيب لأمر أمهِ فقال: أمي صلاتي، أمي صلاتي، فقالت أمه اللهم لا تمتهُ حتى تُريهُ وجوه المومسات.
أنت ما الذي يُلجئك إلى أن تحمل الجوال؟
إذا علمت أن حملكَ للجوال سببٌ لا بد أن تقعَ بالمعصية بحمله فالوسيلة للحرام حرام، فإذا كنت تعصي الله في الجوال يَحرُمُ عليكَ أن تقتنيهُ.
وهناك غلو في الجوالات اليوم.
اجعل جوالك من الجوالات التي ما فيها صور، يعني قالوا : الباب: الذي يأتيك منه الريح سده واستريح، ريح رأسك، لست صاحب زوجة تزوج، الشهوة رُكِبت فيك ليبقى لها أثر حسن، وهو ولد صالح، الشهوة لت تراد لذاتها، الطعام لا يراد به لذاته، وإنما يُراد لثمرته، فما الذي يمنعك أن تترك هذا، حسن أن يجتمع عندك وأن تفيد وتستفيد لكن إذا كنت لا بد أن تعصي الله عز وجل فلا.
وذكرت لكم لما زرت الشيخ عبد الكريم الخضير في الرياض وهو من أهل الحديث من المحدثين يقول: الطلبة أقنعوني أنه في تلفون ذكي وهذا التلفون فيه نفع ، قال فجئت بالتلفون وبرمجوه لي فقال: هجمت علي صور عارية امرأة عارية، قال: وأنا أبحث في برامج الحديث ، قال: أنظر امرأة عارية !! قلت : خذوا هذا الهاتف الذكي وارجعوا لي الهاتف الغبي، أريد يبقى عندي الهاتف الغبي ما أريد الهاتف الذكي، إذا كان هذا حال الهاتف الذكي فلا أريدهُ ، فإذا كان هذا أمر قد أقلقكَ فوحُقَ لك أن تقلق، وأشغلكَ والشهوة المحرمة إذا تمكنت من الإنسان جعلتهُ أعمى، والعجيب في أمر هذه الشهوة أن صاحبها لا يوجدُ حدٌ يقنع به منها،وإنما حالهُ كحال العطشان كلما شرب ازدادَ عطشاً، والجائع كلما أكل ازدادَ جوعاً، وبعدين فلا بد من الفطام، ولابد من الإستغناء بما أحَلَ الله، زوجة ما تكفيكَ تزوج ثانية، أما أن تقع في الحرام فلا تقع في الحرام وتُبْ إلى الله عز وجل.
فنصيحتي أولا لهذا الأخ أن لا ييأس من التوبة.
ثانياً: أن يترك الحرام وأسباب الحرام، وأن لا يخلوَ بنفسهِ كثيراً.
ثالثاً: أن يتقي الله عز وجل بالإكثار من الذكر وببرِ الوالدين، وأن يفتحَ على نفسهِ حسنات تُحيطُ به، فكما قال الله عز وجل: ( وأحاطت بهِ خطيئتُه ) فهنالك إحاطة بالحسنات، فبعضُ الناس من شدة إحاطة الحسنات به إذا أراد أن يعصي الله فلا يستطيعَ أن يعصيه، وبعضُ الناس من شدة إحاطة المعاصي به إذا أرادَ أن يُطيعَ الله فإنهُ لا يستطيع أن يُطيع الله.
وأسأل الله عز وجل أن يجعلنا من الصنف الأول، ممن أحاطت بهِ طاعته وإن سولت له نفسهُ بعمل سيء فإن الله يحفظه، احفظ الله يحفظك احفظ الله تجدهُ تجاهك.
والله تعالى أعلم .
 
⬅ مجلس فتاوى الجمعة.
28 صفر 1439 هجري
2017 – 11 – 17 إفرنجي
↩ رابط الفتوى:http://meshhoor.com/fatawa/1731/
⬅ خدمة الدرر الحسان من مجالس الشيخ مشهور بن حسن آل سلمان. ✍✍
⬅ للاشتراك في قناة التلغرام:
http://t.me/meshhoor