الجواب: قلنا أن العلماء رحمهم الله تعالى ذكروا أن ترك المأمور أعظم عند الله من فعل المحظور .
لذا قال العلماء : الصبر على فعل الواجبات أعظم عند الله من الصبر على ترك المنهيات أو المحظورات .
لشيخ الاسلام قاعدة ما زالت أصولها محفوظة في الظاهرية ذكر أربعين وجها في ان ترك المأمور أعظم عند الله عز وجل من فعل المحظور ، وذكر تلميذه ابن القيم في الفوائد بعض الوجوه و بسطها اكثر في كتابه إعلام الموقعين .
أنظر الى ابليس ، ذنب ابليس انه ترك مأمورا ، وذنب آدم انه فعلَ محظورا ، ابليس ترك السجود لآدم ، وآدم نُهي عن أكل الشجرة فأكل ، فذنب آدم فعل محظور ، وذنب ابليس ترك مأمور ، وانظر الى مآل هذا الفعل ومآل هذا الفعل ، مآل ترك المأمور كان والعياذ بالله كفراً لأنه فعله تكبرا ، ومآل فاعل المحظور أن الله تاب عليه فالله يتوب على من تاب ، أما ترك المأمور فتبقى ذمته مشغولة به ، وأشد المأمورات التي تبقى الذمة مشغولة بها المأمورات التي لم ينصص الشرع على كفارة لها ، كفارة لمن تركها ، يعني رجل مثلا ترك الصلاة أو نسي الصلاة ، تارك الصلاة ليس له كفارة ، وتبقى ذمته مشغولة ليوم القيامة فأمره الى الله تعالى، أما ناسي الصلاة فكفارته يصليها متى ذكرها ، ففرق كبير بين من نسي الصلاة فيأتي بالكفارة ولا ذنب عليه ، وبين من ترك المأمور ولا كفارة فيها ، وكذلك المحظورات ، انسان نازعته نفسه فلم يصبر على شبقه وشهوته فأتى أهله في نهار رمضان فعليه كفارة وإذا اتي الكفارة ذهب الذنب ، لكن رجل والعياذ بالله زنا في نهار رمضان فلا كفارة فيه ، نعم يصوم يوما يجب عليه أن يقضي يوما لأنه بطل صيامه ويحرم عليه الاكل والشرب ، لكن لا كفارة فيه فيبقى هذا الذنب معلق ويبقى الأمر بينه وبين الله عز وجل .
لذا بعض الناس عندما يسأل يقول ما في كفارة ، فيستخف الذنب لعدم وجود الكفارة ، وفي بعض الأحيان عدم وجود كفارة هو تعظيم للذنب وما ينبغي أن يستخف به ، مثل إتيان الزوجة في الدبر لا يوجد كفارة ، لكن لا يلزم من عدم وجود الكفارة أن الأمر سهل ، وكذلك عدم وجود الحد مثل السرقة من المال العام ، رجل سرق فاذا أقيم عليه الحد فالحد يجبر الذنب ، لذا فالذي كان يزني يأتي الرسول عليه الصلاة والسلام ويقول طهرني ، لكن رجل سرق من مال عام من مسجد مثلا أو سرق مال الدولة ، سرق مال عام ، صنيعه أشد من صنيع الذي يسرق من مال خاص ، فالذي يسرق من مال خاص بالشروط المعهودة المعروفة عند الفقهاء إذا استدعت وجود الحد فأقيم عليه الحد ذهب ذنبه ، كُفر عنه ، لكن السرقة التي لا حد فيها ، المال العام ليس فيه حد ، والسرقة من المسجد ليس فيها حد ، لكن هذا لا يقلل من ذنب سرقة المسجد ، فذنبه عند الله تعالى أعظم ، وهكذا والله تعالى أعلم.
مجلس الفتوى الجمعة 13-5-2016
رابط الفتوى : http://meshhoor.com/fatawa/68/
الدرر الحسان من مجالس الشيخ مشهور بن حسن آل سلمان