الجمع رخصة باتفاق العلماء وأما القصر فقد وقع فيه خلاف والراجح عند الفقهاء وهذا مذهب أبي حنيفة أن القصر عزيمة، ولا يحل للمسافر أن يتم ، وإن أتم أثم ، ويجب على المسافر أن يقصر ، لحديث عائشة {فرضت الصلاة ركعتان ركعتان فزيدت في الحضر وأقرت في السفر} فالأصل في القصر أنه عزيمة ولا يجوز للمسافر أن يتركه .
أما الجمع فله أن يفعله، وله أن يتركه ، وهو رخصة فقد ثبت أن النبي جمع في السفر وثبت أنه ترك الجمع ، فقد ثبت أنه قصر في منى ولم يجمع لأنه مستقر بها ، فالمستقر في مكانه لماذا يجمع؟ وقد ثبت عنه صلى الله عليه وسلمأنه كان إذا جد به السير جمع فمتى احتاج المسافر بل متى احتاج الإنسان للجمع جمع ، بالشروط الشرعية .
فالجمع رخصة والقصر عزيمة، فالمسافر إن صلى إماماً أو منفرداً يقصر ، أما إن صلى مأموماً خلف مقيم فإنه يتم ولا يجوز له أن يقصر ، فقد ثبت أن ابن عباس رضي الله عنهما سئل عن إتمام المسافر خلف المقيم فقال : يتم ؛ تلك سنة أبي القاسم ، وقول الصحابي تلك سنة أبي القاسم ، لها حكم الرفع كما هو مقرر في علم المصطلح .
أما مسافة القصر فهذا مما وقع فيه خلاف بين أهل العلم وخلاف شهير بينهم لوجود الآثار وقد تضاربت عن الصحابة والتابعين في المسألة ، منهم من طول كأبي حنيفة وقال القصر يكون في مسافة 24 فرسخاً فأكثر ، وجماهير الفقهاء ومنهم الأئمة الثلاثة قالوا : المسافة للقصر تكون 16 فرسخاً ، والفرسخ يساوي خمسة كيلو مترات وأربعين متراً. فتكون مسافة القصر قرابة واحد وثمانين كيلو متراً ، وهذا يكون في الذهاب دون الإياب ، والشيعة يرخصون كثيراً وأرجح الأقوال ومذهب المحققين من العلماء أن العبرة في السفر بالعرف، فما يسمى في أعراف الناس أنه سفر فله أن يقصر، ويجمع إن احتاج للجمع ، إما جمع تقديم أو جمع تأخير ويفعل الأرفق به .