http://meshhoor.com/wp/wp-content/uploads/2016/07/س-1.mp3?الجواب :هذا هو العهد الذي كان عليه العهد في زمن رسول الله صلى الله عليه وسلـم والتابعين ، ففي المدينة ما كانت تقام الجمعة إلا في مسجده صلى الله عليه وسلـم ، والأصل في المسلمين أن تجتمع أفهامهم ، وأن تجتمع أبدانهم ، في طاعة الله عز وجل ، والعلماء مطبقون مجمعون أن أنواع المساجد ثلاثة :
1 – مسجد جامع .
2 – مسجد غير جامع .
3 – مُصلى .
والفرق بين هذه الأنواع الثلاثة أن المسجد الجامع هو المسجد الكبير الذي يتسع الناس جميعاً ، فيجتمعون فيه ، وتقام فيه الجمعة دون سواه ، فهذ الذي يُسمى مسجدٌ جامع ، وهنالك مسجدٌ غير جامع ، مسجدٌ صغيرٌ لا يتسعُ للناس كلهم ، وإنما يتسعُ لأهل الحي فحسب ، فهذا يُسمى مسجدٌ غير جامعٍ ، ثم هُناك المُصلى ، والفرق بين المُصلى من جهة ، والمسجد الجامع أو غير الجامع من جهة أخرى ، أن المسجد الجامع وغير الجامع ” وقفه مؤبد ” ، وأما المُصلى فوقفه مؤقت ، فلو أن رجلاً أتخذ مُصلى في عمارة له ، سواء كانت تجارية أو سكنية ، ثم قام مسجدٌ ضخمٌ كبيرٌ مُقابل هذا المُصلى ، فله أن يحول المُصلى إلى بيت ، أو إلى متجر ، ويباع ويشرى ، لأن المُصلى وقفه عند الحاجة ، هو أوقفه لحاجة الناس إليه ، فممكن في بعض الأحياء السكنية شخص عنده طابق لحي ناشئ يتسع لبعض من بنى ، فيجتمعون عنده في صالة ، فيصلون في جماعة ، فهل هذا مشروع ؟ قطعاً مشروع ، هل هذا يقوم مقام الجماعة ؟ نعم يقوم مقام الجماعة ، مكانٌ لا تؤدى فيه إلا الصلاة ، ويؤذن للصلاة فيه ، والناس يمشون من بيوتهم إلى الصلاة ، فهذا مُصلى ، ومتى قام مسجدٌ في الحي يصبح لا داعي للمُصلى ، وحينئذ يصبح المُصلى طابق سكني بترتيب صاحبه ، فالفرق بين المُصلى والمسجد الجامع وغير الجامع الوقف من حيث : التوقيت والتأبيد ، فإن كان مؤبداً فهو المسجد ، فإن صليت فيه الجمعة فهو الجامع ، فإن لم تُصلى فيه الجمعة فهو المسجد غير الجامع ، هذه الأصناف الثلاثة مذكورة عند فقهائنا وعلمائنا ، وماتت لما أصبح الناس يصلون في مساجدهم ، أنا أدركت مسجد معان الكبير كان مسجداً جامعاً في أوائل الثمانينات ، وكان في معان لا تقام إلا جمعة واحدة ، وكان الناس يغلقون مساجدهم ويمشون ، والشرع يريد من الناس أن يجتمعوا ، وتأمل معي اسم الجمعة ، كان اسمه في الجاهلية العروبة ، ثم حوله الشرع إلى اسم الجمعة ، الجُمعة مصدر ، والفعل ( جَمَعَ ) ، ( جُمعةً ) ، ماذا يعني ( جُمعةً ) ؟ يعني الناس كلهم يجتمعون من كل حدب وصوب ، ومن كل مكان في هذه المحلة ، والمكان ، إن اتسعَ لهم ، لذا بعض أهل العلم يُحرم قيام أكثر من جمعة مع وجود مسجد جامع ، بل بعضهم يُبطل صلاة الجمعة ، وهذا باطل ، لأن الإبطال يحتاج لدليل خاص ، والدليل الخاص مفقود ، ولما كان الإبطال قولاً لمُتأخري الشافعية ، قامت بدعة مُنكرة وهي سيئة وهي ( صلاة الظهر بعد الجمعة ) أنا أدركت في دار القرآن في ” حي الدبايبة ” وكان الشيخ ” علي الشريف ” وهو (صوفي) يُصلي الجمعة وبعدها يقوم ويصلي الظهر ، وكذلك أخبروني الإخوة أن هذا يفعل في بعض المساجد في جرش ، وهذا مذكور في كُتب متأخري الشافعية ، وحققت رسالة طبعتها في الطبعة الثانية ” كتاب اعلام العابد في حكم تكرار الجماعة في المسجد الواحد ” للعلامة الإمام اللغوي الكبير السلفي : مُصطفى الغلايني وهو رجل مشربه سلفي ، ألف رسالة في بدعية صلاة الظهر بعد الجمعة ، ونشرها العلامة الشيخ ” محمد رشيد رضا ” رحمه الله تعالى في ثلاث حلقات في مجلته البديعة “مجلة المنار” ، الشاهد كان الشافعية يقولون : النبي صلى الله عليه وسلـم يقول : الجمعة لمن سبق ، إذا تعددت الجمعة ، فالجمعة فقط لمن سبق ، ولما كانت الجمعة لمن سبق ، وتقام أكثر من جمعة في المحل الواحد ، فنحن لا نعلم هل نحن سابقون أم مسبوقون ؟ فطرأ احتمال على أن نكون مسبوقين ، فإن كنا مسبوقين فالجمعة ليست لنا ، وإنما الجمعة لمن سبقنا ، فجمعتنا باطلة ، فكيف نحل هذا الإشكال ؟ فنحل هذا الإشكال بأن نعيد الظهر بعد الجمعة ، حديث الجمعة لمن سبق كذب وزر على النبي صلى الله عليه وسلـم ، فلما تكون المسألة أصلها باطل ، وأصلها أعوج ، فالظل أعوج ، من غير الممكن ان يكون الأصل أعوج ، والظل سليم ، فأصل المسألة قائم على باطل ، لكن الله تعالى لما عاب على بني عمر بن عوف اتخاذ مسجد ضرار ، فعلل الله ذلك في سورة التوبة بقوله في معرض الذم لمسجد ضرار : كُفراً وتفريقاً بين المؤمنين ، لذا درج علماء المالكية ، ولا سيما ممن ألف في الأحكام ، ” كابن العربي المالكي ” ، ونقل ذلك عنه الإمام القرطبي في تفسيره ، وكلاهما مالكي ، أنهم يمنعون الجماعة الثانية بهذه الآية ، وكذلك يُذم إقامة أكثر من جمعة إذا فرقت المؤمنين ، وهذا يكون في أنه يوجد في هذا المكان يوجد مسجد يتسع لكل الناس ، فالأصل أن الناس كلهم يصلون فيه الجمعة ، فإذا ترك الناس الصلاة في هذا المسجد الجامع وانزوت كل فرقة وصلت في حيها فهذا تفريق ، وهذه ليست الجمعة ، ولذا أنا أشكر حقيقة وزارة الأوقاف ، وجزاها الله خيراً على هذا القرار ، وهذا القرار شرعي ، وهو الذي كان عليه الناس في العهد الأول ، لما كان الإمام الشافعي في بغداد كانوا لا يصلون الجمعة في بغداد إلا في مصلى واحد مع انه يوجد نهر يفصلها الى قسمين ، وإلى بدايات ومطالع القرن الثامن كما يذكر الإمام السُبكي رحمه الله تعالى كان يقول : خرجت من القاهرة إلى دمشق وكان في بدايات الستينات ولم يكن يُصلى في القاهرة إلا في المسجد الأزهر مقابل الحسين ، فلم يكن يصلى إلا في مسجد واحد ، فكانت القاهرة على سعتها لا يصلون إلا في مسجد واحد ، ولما أقيمت في سنة 770 وكثر في عهد المماليك بناء المدارس ، أراد بعض الامراء أن تقام فيها الجمعة ، فبعض أهل العلم منع من ذلك ، وألفت في هذه المسألة رسائل كثيرة جداً ، وعقدت كما هو مذكور في كتب التأريخ والتراجم اجتماعات عديدة للعلماء ، ومنهم من منع ، ومنهم من جوز ، أما في العهد الأول قبل هذا العهد كان الناس يوم الجمعة يصلون في مسجد واحد ، حتى أن من منع قال في مساجد بعض المدارس التي أنشأها بعض الأمراء ، قال : من المدرسة تنظر إلى محراب المسجد الذي تقام فيه الجمعة ، فكيف وأنا في المدرسة وأنظر إلى المحراب ، فوجود المساجد بجانب بعضها بعضاً أمراً ليس بمحمود ، ومذموم ، وهذا فيه معنى مسجد ضرار ، نعم وجود مسجد صغير لكل أهل حي يصلون فيه لا مانع ، لكن عند الجمعة فالأصل أن تتحقق الجمعة اسماً وحقيقةً ، وحقيقتها أن يجتمع الناس في مسجد واحد ، يقول الحافظ ابن حجر : قد ألف العراقي في هذه المسألة عدة رسائل ، يثبت فيها أن الصلاة الأصل فيها أن نجتمع وأن لا نفترق ، والله تعالى أعلم .
⬅ *مجلس فتاوى الجمعة*
15_7 _ 2016
↩ رابط الفتوى :
◀ *خدمة الدرر الحسان من مجالس الشيخ مشهور بن حسن آل سلمان .* ✍