وعندنا تبنى القبور ويكتب عليها إسم الميت فما حكم ذلك؟
الجواب : أما البناء على القبور فهذا منهي عنه ، أبو الهياج الأسدي وهو من تلاميذ علي بن أبي طالب تابعي جليل كان يقول : بعثني علي رضي الله تعالى عنه على ما بعثه النبي صلى الله عليه وسلم أن لا أدع قبرا إلا سويته ، وأن لا أدع صورة إلا طمستها.
القبر يسوى، القبر لا يرفع، القبر يرفع فقط شبرا من تراب ويكون مسنما مرتفع من الوسط وعلى طرفي القبر يكون منخفضا كسنام الإبل فيكون مسنما هذا هو القبر.
وتوضع الحجارة حوله حتى يبقى معلما فلا يداس ولا يؤذى الميت .
وأما الكتابة فقد ثبت في صحيح مسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن الكتابة على القبور ، والقبور الموجودة اليوم في البقيع قبور الأخيار من صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم وبناتهم وأزواجهم وأعلام الأمة الذين كانوا يموتون ويدفنون في البقيع ما زالت على ما هي عليه فهي ليست بساتين ولا زروع ، ولا يوجد عليها كتابة ، ولا يوجد عليها مقامات وأبنية فهذه هي القبور من الناحية العملية السهلة .
فمن أراد أن يعرف كيف كان السلف يفعلون بالقبور فليزر البقيع ولينظر.
الدنيا غير الآخرة، وهذه القاعدة أخبرنا الله تعالى عنها عن الكفار ، قال تعالى : ( ولئن رددت إلى ربي لأجدن خيرا منها منقلبا).
وفي آية اخرى : وَلَئِن رُّجِعْتُ إِلَىٰ رَبِّي إِنَّ لِي عِندَهُ لَلْحُسْنَىٰ ۚ فَلَنُنَبِّئَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِمَا عَمِلُوا وَلَنُذِيقَنَّهُم مِّنْ عَذَابٍ غَلِيظٍ .
فالكفار يقولون : وَلَئِنْ رُدِدْتُ إِلَىٰ رَبِّي لَأَجِدَنَّ خَيْرًا مِنْهَا مُنْقَلَبًا ، أو : وَلَئِن رُّجِعْتُ إِلَىٰ رَبِّي إِنَّ لِي عِندَهُ لَلْحُسْنَىٰ ۚ
فالله كما اعطاني في الدنيا يجب أن يعطيني في الآخرة، فأنا في الدنيا عندي ابهة وعندي منزلة عالية عند الناس يجب لما أموت يكون لي قبر ويكون لي أبهة في القبر ، ويكون القبر عليه أشجار ويكون القبر مرتفعا.
بعض الناس نسأل الله العفو والعافية طمس الله بصيرته بنى قبره بناء كبير ووضع عليه حديد، سبحان الله .
لماذا هذا ؟
هذا كبر في النفس، وهذا إعتقاد فاسد ؛ القرآن الكريم عالجه فأنا إذا الله أعطاني وكنت كبيرا في الدنيا، يجب عندما أذهب إلى الله أبقى كبيرا ، وأبقى مميزا عن الناس.
لذا نسأل الله العفو والعافية.
الكفار عندما يدخلون النار يقول بعضهم لبعض : وَقَالُوا مَا لَنَا لَا نَرَىٰ رِجَالًا كُنَّا نَعُدُّهُم مِّنَ الْأَشْرَارِ .
يبحثون عن عمار ، ويبحثون عن بلال ، ويبحثون عن الضعاف ، ويبحثون عن الفقراء من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم .
فأين بلال ؟
أين عمار ؟
كان في الدنيا مهان ويعذب لماذا هو ليس في النار؟
العقل فاسد ، يظن أن الكبير في الدنيا كبير في الآخرة ، وأن الحقير في الدنيا المعذب الضعيف هو كذلك في الآخرة، معاذ الله أن يكونوا حقراء في الدنيا ، هم أسيادنا وهم كبراؤنا.
فهذا البناء للقبور على هذا ممنوع .
والمرأة ليس لها أن تشيع الميت ، ولا أن تحمله ، ولا أن تتولى دفنه ، ففي هذا محاذير عظيمة .
والنبي صلى الله عليه وسلم قال لفاطمة لما ظن أنها تبعت ميتا قال: إذا فعلتن أي إتبعتن وشيعتن الميت قال إرجعن مأزورات غير مأجورات.
والذي ثبت لي بعد دراسة دقيقة وعميقة ودونتها في كتاب لي في ( أحكام الجنائز وبدعها ) أن الإمام البخاري مذهبه جواز زيارة المرأة للقبر وحرمة تشييع المرأة للميت .
فينبغي أن نفرق بين زيارة المرأة للقبر وبين تشييع الميت .
عند تشييع المرأة للميت تتكشف عورتها ، والمرأة ما خلقت في بنيتها لحمل الأموات ، ولا لحفر القبور ، ولا لمزاحمة الرجال ، وليس عندها استعداد أصلا أن تتولى موضوع الدفن إلا في صور نادرة
العلماء يذكرونها فيقولون :
لو كانوا في سفر ومات رجل ولم يكن إلا نساء وكانت النساء محارمه فهن يعملن على دفنه ضرورة وهذه صور مستثناة .
وأما مطلق الزيارة فقد وقع فيها خلاف بين أهل العلم وبعضهم جوّز إذا لم تصادم المرأة نصا صريحا وكانت صبورة وبعضهم قال إذا لم تكن مكثرة من الزيارة ، لأن في الحديث قال : ( لعن الله زوّارات القبور ).
زوّارات : أي فعّالات ، الفعل مضعّف وعين الفعل تضعف في اللغة العربية للدلالة على الكثرة ، فإذا زارت فإن لها حق ، ألا إني كنت نهيتكم عن زيارة القبور ألا فزوروها ، والله تعالى أعلم.
⬅ مجلس فتاوى الجمعة.
⏰ 29 ربيع الآخر 1438 هجري .
2017 – 1 – 27 إفرنجي .
↩ رابط الفتوى :
◀ خدمة الدرر الحسان من مجالس الشيخ مشهور بن حسن آل سلمان.✍✍