الأصل فيمن بدأ بطاعة أن يتمها ولا يجوز له أن يخرج عنها أو يبطلها إلا بنص كصيام النافلة فقد صح عنه صلى الله عليه وسلم في مسند أحمد وغيره قوله: {الصائم أمير نفسه إن شاء صام وإن شاء أفطر}، أما من انشغل بصلاة ثم أذن فلا يجوز له أن يخرج من صلاته بسبب الآذان.
لكن يستحب لمن دخل المسجد وعلم أنه إن انشغل بتحية المسجد فإنه يفوته سنة الترداد مع المؤذن، يستحب له أن ينتظر ولا يجلس ويبقى واقفاً حتى يؤذن المؤذن ويردد معه، ثم بعد الترداد ينشغل بتحية المسجد، وممن نصص على ذلك الحافظ ابن حجر في الفتح.
لكن لو أن هذا الداخل ما انتبه، وبدأ بتحية المسجد ثم سمع الأذان بعد تكبيرة الإحرام، فلا يشرع له أبداً أن يخرج من صلاته، وليبق في الصلاة، وهناك رواية عن أحمد: يتمم صلاته ويردد مع المؤذن، ولا أرى هذا، ولكن يتمم الصلاة على ما هي عليه، وفاتته سنة الترداد مع المؤذن.
والجمع بين الطاعات ما استطاع المكلف أن يفعل فهذا حسن، وإلا إن تلبس بطاعة فما ينبغي أن يخرج منها.
وهنا تنبيه لمن دخل والمؤذن يؤذن، والإمام على المنبر، فبعض الناس ينشغلون بالترداد مع المؤذن، ولما يشرع الخطيب في الخطبة يبدأون بتحية المسجد، وهذا خطأ، لأن الاستماع للخطبة على أرجح الأقوال وعلى ظاهر الأدلة والنصوص أنه واجب. والترداد مع الأذان سنة على قول الجماهير، وقد ثبت في مصنف ابن أبي شيبة أن الصحابة كانوا يتكلمون والمؤذن يؤذن. فالأصل أن ينشغل هذا الداخل بتحية المسجد وإن كان المؤذن يؤذن حتى يتمكن من الاستماع إلى خطبة الجمعة .والله أعلم