الرصد هو تصور غيبي عقدي لم يقم عليه دليل، وقد لعب المغاربة، قديماً وحديثاً في عقول الناس ولا سيما في عقول أهل مصر، ومن قرأ مقدمة ابن خلدون – وقد فصل كيف كان المغاربة يلعبون بعقول أهل مصر، ويقولون لهم سنفك الرصد ويرسمون لهم أشياءً ويذكرون أشعاراً- يعلم مدى الخرافة التي كان عليها الناس آنذاك.
وذكر أبو حيان- وياليتكم ترجعون إلى كلامه- في تفسيره “البحر المحيط” في تفسير سورة الزخرف ، كيف أن أهل مصر كان الواحد منهم يترك العمل، وينشغل في البحث عن الذهب، حتى أنه يضيع من يعول، وقد نقلت كلام ابن خلدون وأبي حيان في كتابي “المروءة وخوارمها” .
فالاعتقاد أنه يوجد ذهب، والذهب عليه رصد، والجن يؤذي فلا نعرف على هذا دليل، لكن لا يبعد أن يكون موجوداً في الأماكن البعيدة، كالفيافي والقفار والأماكن المهجورة والخالية والكهوف، فهذا يكون فيه جن، فلا يبعد أن يدخل أحد فيها ليأخذ شيئاً فيؤذي لكن تصور أنه لا شيء مدفون من الذهب إلا وعليه جن، فهذا تصور خاطئ و آثِم ما أنزل الله به من سلطان.
ومن وجد ذهباً، وتيقن عليه ورآه باستطاعته أن يخرجه، وفي الشرع له أحكام: هل هو من مال الجاهلية؟ أو هو من مال الإسلام فلكل حكم، وانقطاع الناس عن أعمالهم وانشغالهم بالبحث عن الذهب هذا من خوارم المروءات وفيه إثم إن ترتب عليه أن يضيع الرجل من يعول، والله أعلم.