الثابت من فعله صلى الله عليه وسلم أنه لما ضحى قال: {من محمد وآل محمد وأمة محمد} صلى الله عليه وسلم وذلك فيما أخرج مسلم في صحيحه بإسناده إلى عائشة رضي الله عنها قالت: {أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بكبش أقرن يطأ في سواد ويبرك في سواد وينظر في سواد فأتي به ليضحي به، فقال لها: {يا عائشة هلمي المدية}، ثم قال: {اشحذيها بحجر}، ففعلت، ثم أخذها، وأخذ الكبش، فأضجعه ثم ذبحه، ثم قال: {باسم الله اللهم تقبل من محمد وآل محمد ومن أمة محمد} ثم ضحى به}، ففي هذا الحديث إشارة إلى أنه لا تجوز الأضحية عن الميت استقلالاً، وإنما تجوز تبعاً، ولهذا قال الفقهاء: الواجب على كل بيت أضحيه واحدة وهذه الأضحية تجزئ عن الأحياء منهم والأموات.
والعجب من الناس فإنهم يقصرون في الأضحية في الحياة، ثم يتقصدون ويشعرون بالقصور إن تركت عن الأموات، وقد ذكر من جواز الأضحية عن الأموات استقلالاً لا تبعاً، قالوا: ومع ذلك فهذا عمل مرجوح لأنه لا إيثار في القربات فالأصل في الإنسان أن لا يؤثر غيره في القربات وإن كانا أبويه سواء كانا أحياءً أو أمواتاً.
ويؤكد ذلك هديه العملي صلى الله عليه وسلم وصحبه؛ فالنبي صلى الله عليه وسلم مات عمه في حياته وماتت زوجتان له وهما خديجة وزينب بنت خزيمة رضي الله تعالى عنهما، ومات قبله أيضاً ولده ابراهيم وثلاث من بناته، ولم يؤثر عنه قط أنه ضحى عن واحد من الأموات، فالأضحية تكون على أهل البيت الواحد أضحية واحدة على الوجوب، ويجوز الزيادة عليها، وهذه تجزئ عن الأحياء والأموات، ولا يشرع أن يخص الأموات بالأضحية دون الأحياء، والله الهادي الموفق.