السؤال الثاني عشر: امرأة كانت تقف في عرفات وأتاها المخاض وهي في عرفات وذهبوا بها إلى المستشفى وهنالك وضعت مولودها فما عليها، وإذا وضعت طفلها وهي في عرفات ماذا عليها؟
الجواب: هذه المسألة ذكرها العلماء قديماً واختلفوا فيها، والاختلاف فيها إنما هو قائم على حكم الطهارة للطائف.
فمن العلماء من قال: إن الطهارة ركن، ولا يمكن أن يطوف الإنسان من غير طهارة.
ومنهم من قال: إن الطهارة واجب.
روى مسلم (2378) عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَالَ : رَفَعَتْ امْرَأَةٌ صَبِيًّا لَهَا فَقَالَتْ يَا رَسُولَ اللَّهِ , أَلِهَذَا حَجٌّ ؟ قَالَ : ( نَعَمْ وَلَكِ أَجْرٌ ).
هذا الولد الصغير ما هو الضمان أن يبقى على طهارة؟
وشيخ الاسلام وابن القيم وبحث ابن القيم المسألة في كتابه الإعلام بحثاً عجيباً رحمه الله تعالى، فرأى أن الطهارة ليست شرطاً، وإنما قال الطهارة واجبٌ.
ومن طاف وهو ناس ثم رجع إلى البلاد، فحينئذ طوافه صحيح.
فهذه المرأة، جماهير أهل العلم قديماً قالوا تبقى في مكة، ثم بعد انقضاء النفاس أو الحيض، حينئذ تتطهر وتطوف في البيت وإن بعد العهد.
ولكن الركب يرجعون، ما تفعل؟
قالوا: ترجع ومتى طهرت تعود إلى مكة وتطوف.
لكن هذا الكلام يصلح مع بعض الناس.
فشيخ الإسلام رحمه الله تعالى سئل عن امرأة من الصين، فقال تشتد وتتطهر وتطوف وترجع مع الركب، ورد على علماء زمانه الذين قالوا هذه المرأة إذا رجعت إلى بلادها العام القادم ترجع وتطوف.
قال لهم شيخ الإسلام العام القادم لعلها لم تصل إلى بلادها بعد.
فالشاهد أن هذه المرأة الواجب عليها أن تطوف، وإذا الركب بقوا فحينئذ حسن، سواء كانت في نفاس أو في حيض.
إذا رجعت إلى بلادها ثم عادت وتطوف وهي طاهر، (وتبقى على التحلل الأصغر لا الأكبر، يمنع أن تجامع، التحلل الأكبر بعد ماتخلصت منه)، مثل الآن دول التعاون الخليجي، لو امرأة من النساء ولدت أو حاضت والركب ذهبوا ثم بأي وقت يمكن ان ترجع وتطوف هذا حسن وطيب، لكن ليس الناس سواء، فإن استطاعت أن تطوف وهي طاهر فهذا حسن، فإن لم تستطع تتطهر وتطوف على حالها، لأن الطهارة ليست شرطاً وإنما هي واجب، هذا الذي أراه صواباً.
وابن القيم ذكر ثمانية أقوال في كتابه إعلام الموقعين وفصل تفصيلاً بديعاً.
لو أننا طالبنا الجمهور القائلين الطهارة للطواف شرط، ما هو دليلكم عليه ؟
قالوا حديث عبد الله بن عباس قال النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( الطَّوَافُ بِالْبَيْتِ صَلاةٌ , إلا أَنَّكُمْ تَتَكَلَّمُونَ فِيهِ ) . رواه الترمذي (960) وصححه شيخنا الألباني في إرواء الغليل (121).
الطواف صلاة، والصلاة شرطها الطهارة، إلا أن الله تعالى أحل فيه الكلام، وابن القيم طول شديداً، ونقل كلام الدارقطني في كتابه العلل وذكر أن هذا الحديث هو من كلام عبد الله ابن عباس، ولم يصح عن النبي صلى الله عليه وسلم.
والله تعالى أعلم.
الخلاصة: إذا استطاعت أن تطوف وهي طاهر فهذا طيب وهذا حسن، وأما إذا كانت لا تستطع فحينئذ الواجب عليها أن تؤدي الذي في مقدرتها ولاشيء عليها بعد ذلك.
مداخلة من أحد الحضور: ياشيخ المرأة في عرفة أخذت من عرفة إلا المستشفى.
الشيخ : أدت ما عليها.
عَنْ عُرْوَةَ بْنِ مُضَرِّسِ بْنِ أَوْسِ بْنِ حَارِثَةَ بْنِ لَامٍ الطَّائِيِّ، قَالَ:
أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم بالموقف يعني بجمع قلت جئت يا رسول الله من جبل طىء أكللت مطيتي وأتعبت نفسي والله ما تركت من حبل إلا وقفت عليه فهل لي من حج فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم من أدرك معنا هذه الصلاة وأتى عرفات قبل ذلك ليلا أو نهارا فقد تم حجه وقضى تفثه .
صـحـيـح سنن أبي داود
196 / 1950.
فهذه المرأة وقفت في عرفة،
وأقل شيء في عرفة لو لحظة وقفت بعرفة فحينئذ تم حجك، وحتى لو كنت لا تعلم أن هذه عرفة، وحتى لو كنت لاتدرك أن هذه عرفة، لذا قال علماؤنا لو رجل أغمي عليه ودخل عرفة وجلس في عرفة أدى حجه ولو وهو مغمى عليه.
فهي وقفت في عرفة، أما لو لم تقف في عرفة فلا حج لها.
مداخلة من أحد الحضور: لعل الإشكال يكون أنها ذهب بها قبل غروب الشمس؟
الشيخ : نعم سواء قبل او بعد غروب الشمس، حتى قبل طلوع الفجر.
ولذا من مباحث العلماء وذكر هذا العز بن عبد السلام في كتابه قواعد الأحكام، يعني باقي دقائق حتى ينتهي وقت العشاء ويطلع الفجر، وهذا الوقت للمضطر، تقف بعرفة أم تصلي العشاء؟
يقول العز بن عبد السلام: تمشي وتقترب من عرفة تصلي وأنت تتحرك.
حتى هذه المسائل علماؤنا سبحان الله يذكرونها.
والله تعالى أعلم.
⬅ مجلس فتاوى الجمعة
٥ محرم – ١٤٤٠ – هجري
١٤ – ٩ – ٢٠١٨ إفرنجي
↩ رابط الفتوى
⬅ خدمة الدرر الحسان من مجالس الشيخ مشهور بن حسن آل سلمان✍?✍?
⬅ للاشتراك في قناة التلغرام http://t.me/meshhoor
⬅ للاشتراك في الواتس آب
+962-77-675-7052