السؤال العاشر: هل الأذكار التي بعد الصلاة تنقطع بالكلام أو المشي؟

السؤال العاشر: هل الأذكار التي بعد الصلاة تنقطع بالكلام أو المشي؟

الجواب: أما المشي فلا، روى مسلم (591) عن ثوبان رضي الله عنه ، قال : ” كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، إِذَا انْصَرَفَ مِنْ صَلَاتِهِ اسْتَغْفَرَ ثَلَاثًا “، وَقَالَ : ( اللهُمَّ أَنْتَ السَّلَامُ وَمِنْكَ السَّلَامُ ، تَبَارَكْتَ ذَا الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ ) .
ثم يخرج يسبح في الطريق، والكلام الذي فيه حاجة وضرورة لا حرج فيه.
كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا صلى الصبح أقبل عليهم بوجهه فقال ” هل رأى أحد منكم البارحة رؤيا؟”. صحيح مسلم 2275

فيقص النبي – صلى الله عليه وسلم- تعبير الرؤى، وهذا من ذكر الله – جل في علاه-، وكذا من يدرس التفسير، وكذلك من يدرس العلم الشرعي بعد الفجر فهو في ذكر الله وهذا لا يتكلم بكلام ليس بصحيح.

وهدي النبي – صلى الله عليه وسلم- بالغالب ما ثبت في صحيح مسلم من حديث جابر بن سمرة أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا صلى الفجر جلس في مصلاه حتى تطلع الشمس حسنا”. (مسلم ٦٧٠).

الهدي الغالب يبقى النبي – صلى الله عليه وسلم- في مكانه لا يتحرك ولا يتكلم ولا يخلو بنفسه لا يتكلم مع أحد، وهكذا كان يصنع ابن مسعود،
في صحيح مسلم عن أبي وائل قال :
قال: “غدونا على عبد الله بن مسعود -رضي الله عنه- يوماً بعدما صلينا الغداة – الصبح – فسلمنا بالباب، فأُذن لنا، فمكثنا بالباب هنيّة -كأنهم يريدون التأكد من الإذن-، قال: فخرجت الجارية، فقالت: ألا تدخلون؟
فدخلنا، فإذا هو جالس يسبِّح – ابن مسعود – فقال: “ما منعكم أن تدخلوا وقد أُذن لكم؟”
فقلنا: لا، إلا أنّا ظننا أن بعض أهل البيت نائم.
ما أحببنا ندخل حتى نتأكد، قال: ظننتم بآل أم عبد غفلة؟
من آل أم عبد؟ من هم آله؟ من هو ابن أم عبد؟ هو ابن مسعود، ابن أم عبد هو ابن مسعود.
آله: أهله، زوجته: بناته.
قال: “تظنوهم غافلين؟” يجتهدون في العبادة بعد الفجر، ما هم غافلين، ما ينامون، آل أم عبد ما ينامون بعد الفجر، يجلسون يذكرون الله.
هم ظنوا أهل البيت نائمين، قال: “ظننتم بآل أم عبد غفلة؟”
قال: ثم أقبل يسبّح، ما قطع العبادة لأجل الزيارة، كان في عبادة، أكمل العبادة.
حتى ظن أن الشمس قد طلعت، قال: يا جارية انظري هل طلعت؟
فنظرت فإذا هي قد طلعت، فقال: الحمد لله الذي أقالنا يومنا هذا.
قال مهدي بن ميمون: “أحسبه قال: ولم يهلكنا بذنوبنا”.
فقال رجل من القوم: قرأت البارحة المفصّل كله.
فقال عبد الله: هذّاً كهَذّ الشعر؟” إلى آخر الحديث مسلم (775).

فالصالحون يحرصون كل الحرص على وقت بعد الفجر حتى طلوع الشمس.

وابن تيمية كان يجلس بعد الفجر لطلوع الشمس ويقول: هذه غدوتي لولاها لما استطعت أن أعيش.

البدن يريد طعام وشراب، قلبي يريد طعام وشراب، قلبي يحتاج إلى غذاء.

أعجبتني كلمة جميلة لبعض المشايخ ذكر فيها شيئًا عجيبًا سبحان الله، يقول: كنت أقرأ القرآن الكريم على شيخي فجاء شاب متغير اللون شديدًا وقلق، فقال: يا شيخ إقرأ علي.

فقال الشيخ أنا أُقْرِئُ هذا الرجل الآن، فَتقَدَّمْ للمسجد وتوضأْ وصلِّ تحية المسجد واقرأ القرآن.

فيقول التلميذ: الشيخ تَقصَّد أن أُطيل في قراءتي، فقرأتُ عليه، والرجل الذي ينتظر ماذا يعمل؟ كان يقرأ القرآن.

قال فلما أنهينا الجزء أرسل وراءه فجاء، فقال الرجل: يا شيخ خلاص ما عدت أريد أن تقرأ علي.
سأله الشيخ: لماذا؟
قال: الحمد لله أنا ما عندي شيء.
فالشيخ يعلق ويقول على هذا: كان جائعا فشبع، وسبب الجوع لأنه يحتاج لقراءة القرآن.

التقيت مع واحد نصراني بُعث من أمريكا ليصبح قسيسا، يقول: جئت للأردن حتى أدخل في دورة لاهوت وأنا جوعان أخذت كل الشهوات في الدنيا وما زلت جائعا، في داخلي أحتاج للشِّبَع.
وهو سوداني الأصل.

يقول: أنزلوني مرج الحمام مرة لآكل (فلافل و طعمية) في مطعم مقابل الشقة التي نزلت فيها، قال: وجدت الشخص الذي في المطعم يضع سورة مريم، فلما سمعتها بدأت أشعر بالشبع، وأنا جائع وأحتاج لطعام.

قال: فطلبت الشريط.

قال: فجاءني واحد مصري وأعطاني الشريط وصار يذكرني بالصلاة.

فقلت له: أنا لا أريد صلاة الآن!! أنا أريد أن أسمع القرآن.

فجاءني وقال: أنا أحفظ سورة مريم من سماعي لها، وأنا وجدت الذي أبحث عنه في رحلة كبيرة طويلة مررت بها، قال: وجدت شبعي، جوعي كان بسبب القرآن.

قلت: سبحان الله، كل البشر جائعون للقرآن، ومن لم يقرأ القرآن يبقى جائعا حتى الكفار، فغذاء الله – جل في علاه- فيه هدى وشفاء لما في الصدور كما قال الله – عز وجل-.

والله تعالى أعلم.

⬅ مجلس فتاوى الجمعة:

٥، جمادى أَوَّل، ١٤٤٠ هـ
١١ – ١ – ٢٠١٩ افرنجي

↩ رابط الفتوى:

السؤال العاشر: هل الأذكار التي بعد الصلاة تنقطع بالكلام أو المشي؟

⬅ خدمة الدرر الحسان من مجالس الشيخ مشهور بن حسن آل سلمان✍?✍?

? للاشتراك:
  • واتس آب: ‎+962-77-675-7052
  • تلغرام: t.me/meshhoor