السؤال الأول:
أخ يقول:
أنا أُدايِن أصدقاء لي إلى أجل معلوم، والأصدقاء الذين أداينهم للأسف الشديد لا يلتزمون بالسداد ولا الاعتذار، وأحتسب هذا عند الله عز وجل، وبعد هذا كله لا أُحِب أن أُداين أي أحد، ولكن يذهب عني الأجر من الله جل في علاه؟
الجواب :
أخونا جزاه الله خيراً، الناس في حاجه ومَن يَـسَّر على مُعسِر؛ يَسَّر الله عليه يوم القيامة، ولكنه يدَاين والإخوة الذين يأخذون هذا الدَّين؛ لا يوفون ولا يعتذرون، فـقرَّر أن يترك القرض.
إخواني في الحديث: «هذا الحديث رواه أحمد (4987) وأبو داود (3462) وصححه شيخنا الألباني في صحيح أبي داود .
عَنْ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُما قَالَ : سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ : (إِذَا تَبَايَعْتُمْ بِالْعِينَةِ ، وَأَخَذْتُمْ أَذْنَابَ الْبَقَرِ ، وَرَضِيتُمْ بِالزَّرْعِ ، وَتَرَكْتُمْ الْجِهَادَ ، سَلَّطَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ ذُلًّا لَا يَنْزِعُهُ حَتَّى تَرْجِعُوا إِلَى دِينِكُمْ).
675 – «إذا ضن الناس بالدينار والدرهم وتبايعوا بالعينة وتبعوا أذناب البقر وتركوا الجهاد في سبيل الله أدخل الله تعالى عليهم ذلا لا يرفعه عنهم حتى يراجعوا دينهم» .
(صحيح) …عن ابن عمر.
الصحيحة 11
(1/177)صحيح الجامع .
اذا ضن :اذا بخل .
والضَّن بالـصدقة آفة عظيمة، فيها تكالب على الدنيا، والصدقة والقرض هما فقط علاج الربا، إذا أردنا أن نعيش في رضا الله وأن لا يحاربنا الله؛ فعلينا بأمرين.
الأمر الأول:
أن نُكثِر من الصدقات.
والأمر الآخر:
أن نعطي الدَّين، وتأملوا آية الدَّين في آخر سورة البقرة، فما قبلها يخص الصدقات، وما بعدها يخص أحكام الدِّين.
فأنت جزاك الله خيراً، لك أجر. وينبغي أن تَعلَم أولاً:
هل الذي تُطالِبُه مُعسِـر أم موسِـر؟
الذي تطالبه له حالتان، الحالة الأولى:
أن يكون ميسوراً، والحالة الثانية أن يكون معـسوراّ.
فإن كان معـسوراً؛ اصبر، والله عز وجل يقول :
{وَإِن كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَىٰ مَيْسَرَةٍ } [البقرة : 280]
انتَظِر، والنبي ﷺ يقول في حديث أبي اليَسَـر:
مَنْ أَنْظَرَ مُعْسِرًا أَوْ وَضَعَ عَنْهُ، أَظَلَّهُ اللهُ فِي ظِلِّهِ»
الحديث رقم (3006)، صحيح مسلم.
(مَن أنظَر) : أي مَن أمهل.
يعني واحد لك عليه دين وهو معسور، ماذا تعمل ما هو المطلوب منك؟
المطلوب منك أن تنتظر.
أما لو كان ميسوراً النبي ﷺ يقول:
«مَطْلُ الغَنِيِّ ظُلْمٌ»
صحيح البخاري – باب مطل الغني ظلم (2400).
(4690) قال النبي ﷺ :
«لي الواجد يُحِل عرضه وعقوبته».
——–
حديث حسن، كتاب صحيح وضعيف سنن النسائي للإمام الألباني.
يعني في المجامع والمحافل وفي مجالس الرجال يحل لمن له دين على مماطل يَجِد طريقاً للسداد ولا يسد؛ أن يشكوه، ومنهم من قال :
أن يدعو عليه.
ومنهم من قال :
أن يحبسه.
أي تقول أنا لي دين على فلان وهو ظالم لي، انت في هذا عملك مشروع.
ثم الشرع وضع تدابير للدَّين، ومن تدابير الدَّين؛ أمران، الأمر الأول:
الرهن.
أنا لا أداينك حتى تحضر لي رهن، حق المُدِين هذا، تدرون يا إخواني -و نحن نعيش في بيئة واحدة وفي مجتمع واحد- :
الذي يرابي، وقد يكون بعض الناس مضطر لأن يذهب إلى الربا -إما في فهم خاطئ في ترتيب الأولويات-، كأن يقول:
أنا أريد بيت، تقول له الشرع وضع لك بدل البيت فلا يلزم أن تملك بيتاً، تستطيع أن تَتأجَّر.، فلا يجوز شرعاً أن تأخذ الربا من أجل أن تمتلك بيتاً، لأن الربا لا يجوز إلا للضرورة، عندنا ضروريات وعندنا حاجيات.
وفي هذا الدرس بينت أكثر من مرة الفرق بين الضرورة والحاجية، لكن الذي يذهب للبنك ويأخذ الربا؛ له من الأحباب والجيران والأقارب والرَّحِم؛ ما يمكنه أن يُقرِضُه، ولكن الناس لا يقرضون، والسبب الجهل بأحكام الدِّين.
ولذا أنا مضطر لأن أتكلم في شيء يسير من أحكام الدَّين، الدَّين هو مسألة لا تحل شرعاً إلا لضرورة، فلا يحل لك أن تطلب دَيناً في شرع الله؛ إلا لضرورة.
يعني يأتي لك واحد ويقول لك أنا رأيت مشروع، والمشروع كذا وكذا هو يحتاج الى رأس مال (50 ألف دينار)، فهل يوجد عندك من يقرضني (50 ألف دينار) ؟
الأصل أن يقول:
عندك من يشاركني بـ (50 ألف) دينار، وليس أن يقرضني هذا المبلغ!!
ما أحد يقرض أحد 50 الف دينار لكي يعمل مشروع وهو يعيش على أموال الناس!
الطريقة غلط، الطريقة أنانية، طريقة تفكير ما أنزل الله بها من سلطان، أنت عندك مقدرة وعندك طريقة لاستثمار المال، وما عندك رأس مال، ابحث عن مَن يدعمك بالمال، ابحث أنت وإياه على أن تعملوا شركة مضاربة، إلى آخره.
أمر اخر:
الدَّين إذا كنت لا تريده؛ فلا تكتبه، لا حرج.
يعني يأتيني إنسان فقير وأنا أعلم فقره و يطلب دَين، أعطيته الدين، وأنا في نفسي عازم على ان لا أطلب الدَّين.
ويأتي هنا واحد يقول هل يجوز لي كتابة الدَّين؟
الإجابة:
أقول لا، لا تكتب الدين، لأني أعطيته صدقة في صورة دَين، والعبره في الأحكام تتعلق بـحقائق الأمور لا بصورها، أنا ما أعطيته دَين، أنا أعطيته في حقيقة الأمر صدقة، لكن إذا أردتَ دَينك لابد أن تكتب دينك، هذا إجراء مهم.
أو تطلب الرهن، فتقول له ماذا تملك؟
عند زوجتك ذهب؟
أعطيني الذهب، تريد ان تدفع خلال كم؟
سنة؟
خذ سنتين، و بعد السنتين؛ الذهب الذي عندي أتصرَّف به، أبيعه، نصيبه آخذه، ونصيبك خذه.
هل يمكن واحد اليوم يقولوا لجاره أو يقول لقريبه إذا طلب دينا :
، أحتاج إلى كتابة (شيك)، أو أحتاج إلى كتابة الدَّين، أو أحتاج إلى رهن؟
الإجابة:
لا.
الناس تخجل من تطبيق الأحكام الشرعية، وتصادِر الدَّين، بـقولهم: أنا ليس معي، أنا أعتذر وإلى آخره.
أخونا جزاه الله خيرا وأسأل الله أن يكثر من أمثاله، فمن يبذل؛ فهذا دلالة على قول النبي ﷺ في الحديث:
والصدقة برهان.
الذي يعطي الناس دَيناً أو صدقة؛ هذا دليل على أنه مؤمن بالله، اذا بعض السلف عندما كان يأتيه الشحادين، يطلبون المال؛ ماذا كان يقول ؟
كان يقول مرحباً، بالذين ينقلون متاعنا من دار إلى دار.
أنت عندما تتصدق على فقير؛ ماذا عمل الفقير هذا؟
الإجابة :
ينقل متاعك من الدار الدنيا إلى الدار الآخرة، فـالصدقة هي دلالة وبرهان على أن الذي يتصدق هو مؤمن بما عند الله عز وجل.
وآفة الناس اليوم؛ التكالب على الدنيا، وآفه الناس اليوم الشُّح والإمساك، وهذه آفة عظيمة.
وأنا أقول لهذا الأخ جزاه الله خيراً:
أطلب الرهن ما الذي يمنعك؟
أطلب الرهن من الناس والرهن مشروع لا مانع فيه.
والله تعالى أعلم.
⬅ مجلس فتاوى الجمعة:
٢٩، رجب، ١٤٤٠ هـ
٥ – ٥ – ٢٠١٩ افرنجي
↩ رابط الفتوى: http://meshhoor.com/fatwa/2916/
⬅ خدمة الدرر الحسان من مجالس الشيخ مشهور بن حسن آل سلمان
? للاشتراك:
• واتس آب: +962-77-675-7052
• تلغرام: t.me/meshhoor