السؤال: هل يوجد حديث عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أن تسلم عمان والشام من الفتن في آخر الزمان؟

السؤال:
هل يوجد حديث عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أن تسلم عمان والشام من الفتن في آخر الزمان؟

الجواب:
إعلم علمني الله وإياك: أن النبي -صلى الله عليه وسلم- أخبرنا أن الملائكة واضعة أجنحتها على بلاد الشام.
فعن زَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ رضي الله عنه قَالَ : كُنَّا عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- نُؤَلِّفُ، –أي نجمع- الْقُرْآنَ مِنْ الرِّقَاعِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-!:
(طُوبَى لِلشَّامِ . فَقُلْنَا: لِأَيٍّ ذَلِكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ : لِأَنَّ مَلَائِكَةَ الرَّحْمَنِ بَاسِطَةٌ أَجْنِحَتَهَا عَلَيْهَا) السلسلة الصحيحة ٥٠٣.

واعلم علمني الله وإياك: أن الفتن في آخر الزمان تصيب كل مكان.

وثبت في صحيح البخاري من حديث أسامة بن زيد رضي الله تعالى عنه: – أنَّ النبيَّ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ (أَشْرَفَ علَى أُطُمٍ مِن آطَامِ المَدِينَةِ، ثُمَّ قالَ: هلْ تَرَوْنَ ما أَرَى؟ إنِّي لأَرَى مَوَاقِعَ الفِتَنِ خِلَالَ بُيُوتِكُمْ، كَمَوَاقِعِ القَطْرِ.) البخاري ٣٥٩٧.

الأطم : الجبل الصغير -تلة مرتفعة-.
استشرف: صعد عليها.
القطر: المراد به ماء السماء.
كيف ماء السماء يتخلل أسطح المنازل؟ فإني أرى الفتن كذلك.

فالفتن لن تنجو منها المدينة ولا سيما آخر الزمان فالنبي -صلى الله عليه وسلم- أخبرنا فقال: (يَأْتي علَى النَّاسِ زَمَانٌ يَدْعُو الرَّجُلُ ابْنَ عَمِّهِ وَقَرِيبَهُ: هَلُمَّ إلى الرَّخَاءِ، هَلُمَّ إلى الرَّخَاءِ، وَالْمَدِينَةُ خَيْرٌ لهمْ لو كَانُوا يَعْلَمُونَ) مسلم ١٣٨١.

والنبي -صلى الله عليه وسلم- يقول: (إنَّ الإيمَانَ لَيَأْرِزُ إلى المَدِينَةِ كما تَأْرِزُ الحَيَّةُ إلى جُحْرِهَا) البخاري ١٨٧٦.

الحية تختبئ بجحرها؛ فإذا أراد رجلٌ أن يخرجها ليقتلها: نفخت جلدها، وتمكنت من جحرها؛ فلا يستطيع أن يخرجها منه.

فالمدينة آخر الزمان الإيمان يأرز اليها.

وتستغربون إن قلت لكم: ثبت في سنن أبي داود أن النبي -صلى الله عليه وسلم قال: (يُوشِكُ المسلمون أن يُحاصَروا إلى المدينةِ حتَّى يكونَ أبعدَ مسالحِهم سلاحٌ) سنن أبي داود ٤٢٩٩، وصححه الألباني.

(سلح): انظر في معجم البلدان لياقوت الحموي في حرف السين (سلح) تجد في معجم البلدان يقول: (سلح): قرية بعد خيبر قبل المدينة.

يعني: الإيمان عند سلح يتوقف؛ فسلح وبعد المدينة له حال، وسلح وما قبل بما فيها خيبر لها حال.

أما عمان فمن بلاد الشام، الإيمان في آخر الزمان والدين ينتشر من بلاد الشام.

فإنتشار الدين يكون من بلاد الشام، والدجال يقتل في فلسطين عند باب لد.

والدجال يطوف الدنيا كلها ولا يدخل مكة والمدينة؛ فينزل عند سبخة من سبخات المدينة، ويبعث سراياه،

ففي الحديث: (يَخْرُجُ الدَّجَّالُ فَيَتَوَجَّهُ قِبَلَهُ رَجُلٌ مِنَ المُؤْمِنِينَ، فَتَلْقاهُ المَسالِحُ، مَسالِحُ الدَّجَّالِ، فيَقولونَ له: أيْنَ تَعْمِدُ؟ فيَقولُ: أعْمِدُ إلى هذا الذي خَرَجَ، قالَ: فيَقولونَ له: أوَ ما تُؤْمِنُ برَبِّنا؟ فيَقولُ: ما برَبِّنا خَفاءٌ، فيَقولونَ: اقْتُلُوهُ، فيَقولُ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ: أليسَ قدْ نَهاكُمْ رَبُّكُمْ أنْ تَقْتُلُوا أحَدًا دُونَهُ، قالَ: فَيَنْطَلِقُونَ به إلى الدَّجَّالِ، فإذا رَآهُ المُؤْمِنُ، قالَ: يا أيُّها النَّاسُ هذا الدَّجَّالُ الذي ذَكَرَ رَسولُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ-، قالَ: فَيَأْمُرُ الدَّجَّالُ به فيُشَبَّحُ، فيَقولُ: خُذُوهُ وشُجُّوهُ، فيُوسَعُ ظَهْرُهُ وبَطْنُهُ ضَرْبًا، قالَ: فيَقولُ: أوَ ما تُؤْمِنُ بي؟ قالَ: فيَقولُ: أنْتَ المَسِيحُ الكَذّابُ، قالَ: فيُؤْمَرُ به فيُؤْشَرُ بالمِئْشارِ مِن مَفْرِقِهِ حتَّى يُفَرَّقَ بيْنَ رِجْلَيْهِ، قالَ: ثُمَّ يَمْشِي الدَّجَّالُ بيْنَ القِطْعَتَيْنِ، ثُمَّ يقولُ له: قُمْ، فَيَسْتَوِي قائِمًا، قالَ: ثُمَّ يقولُ له: أتُؤْمِنُ بي؟ فيَقولُ: ما ازْدَدْتُ فِيكَ إلَّا بَصِيرَةً، قالَ: ثُمَّ يقولُ: يا أيُّها النَّاسُ إنَّه لا يَفْعَلُ بَعْدِي بأَحَدٍ مِنَ النَّاسِ، قالَ: فَيَأْخُذُهُ الدَّجَّالُ لِيَذْبَحَهُ، فيُجْعَلَ ما بيْنَ رَقَبَتِهِ إلى تَرْقُوَتِهِ نُحاسًا، فلا يَسْتَطِيعُ إلَيْهِ سَبِيلًا، قالَ: فَيَأْخُذُ بيَدَيْهِ ورِجْلَيْهِ فَيَقْذِفُ به، فَيَحْسِبُ النَّاسُ أنَّما قَذَفَهُ إلى النَّارِ، وإنَّما أُلْقِيَ في الجَنَّةِ فَقالَ رَسولُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ-: هذا أعْظَمُ النَّاسِ شَهادَةً عِنْدَ رَبِّ العالَمِينَ)مسلم ٢٩٣٨.

فهذا الشاب طالب علم متخصص في السنة النبوية، يعرف أحاديث النبي -صلى الله عليه وسلم-.

ولذا إخواني: من أسباب النجاة من الفتنة معرفة أحاديث الفتنة.

الشاهد من هذا الحديث: أن معرفة أحاديث النبي صلى الله عليه وسلم، ومعرفة أحاديث الفتن من أسباب النجاة من الفتن.

وهنا مسألة مهمة: النبي -صلى الله عليه وسلم- لماذا أخبرنا عن أحاديث الفتن؟.

الناس في فهم أحاديث الفتن ثلاثة أصناف: طرفان ووسط.
والطرفان مخطئان والوسط هو الصواب.

فريقٌ لا يقيم لأحاديث الفتن وزناً ولا يعرفها وهذا الفريق الجريء الذي يخوض في الفتن للركب.

وفريق آخر ينظر إلى أحاديث الفتن على مذهب أهل الجبر: أن الله أخبرنا الفتن لا بد للفتن أن تقع: وهذا فهمٌ بدعي لم يفهم الصحابة ولا من بلغتهم الأحاديث عنهم هذا الفهم.

أرأيت لو كان لك ولد وذهب لديار الكفر ليتعلم مثلاً أو يتطبب، فقلت له: يا بني ترى كذا، ويا بني ترى كذا، ويا بني ترى كذا، وتذكر له مصائب القوم، فأنت تذكر له هذه المصائب من أجل أن يحذرها.

فالنبي-صلى الله عليه وسلم- رؤوفٌ رحيمٌ بنا، ومن رحمته بنا حتى لا نتفاجأ أخبرنا عن الفتن.

الفتن لها قوة ضاغطة، فحتى نسلم من الفتن، نحتاج إلى قوة إيمان بمقدار القوة الضاغطة حتى لا ننبطح على الوجوه.

والنفس في زمن الفتنة تحتاج أن تجمع قواها للمقاومة، حتى تثبت على دين الله، أخبرنا النبي -صلى الله عليه وسلم- فقال: (تَجِيءُ فتنٌ فيُدَقِّقُ بعضُها لبعضٍ ، فتَجِيءُ الفتنةُ فيقولُ المؤمنُ: هذه مُهْلِكَتي. ثم تَنْكَشِفُ، ثم تجيءُ فيقولُ: هذه مُهْلِكَتي. ثم تَنْكَشِفُ، فمَن أحبَّ منكم أن يُزَحْزَحَ عن النارِ، ويُدْخَلَ الجنةَ فلتُدْرِكْه موتَتُه، وهو مؤمنٌ باللهِ واليومِ الآخرِ) سنن النسائي ٤٢٠٢ وصححه الألباني.

الفتن بمعنى الهرج على ما بينا.

القتال قسمين :
– قتال المُحق معروف من المُبطل والواجب علينا أن ندحر المبطل.

– القتال في الفتن: لا تعرف المُحق من المُبطل، دماء تسيل والناس لا تعرف المُحق من المُبطل، وفي مثل هذا النوع، النبيَّ -صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ- ذكر فتنةً: فقال: والماشي خيرٌ من السَّاعي، فإن أدركَتْك فكُن عبدَ اللهِ المقتولَ. ولا تكن عبدَ الله القاتل) صححه الألباني في الإرواء ٢٤٥١.

الفتنة العمية الواجب علينا أن نعتزلها، ولذا النبي -صلى الله عليه وسلم- يقول: (سَتَكُونُ فِتَنٌ القاعِدُ فيها خَيْرٌ مِنَ القائِمِ، والقائِمُ فيها خَيْرٌ مِنَ الماشِي، والماشِي فيها خَيْرٌ مِنَ السَّاعِي، ومَن يُشْرِفْ لها تَسْتَشْرِفْهُ، ومَن وجَدَ مَلْجَأً أوْ مَعاذًا فَلْيَعُذْ بهِ.) البخاري ٣٦٠١.

فتنة وأنت قاعد أحسن ما تقوم تنظر، قائم خير من الماشي والماشي فيها خيرٌ من الساعي الذي يدعو اليها.

فالعزلة في وقت الفتنة واجب، والواجب على الإنسان حتى يبتعد عن الفتنة أن يعتزلها.

من لطيف كتب شيخنا الألباني -رحمه الله-: له كتاب بديع اسمه “قصة المسيح الدجال”، تتبع فيه أخبار النبي -صلى الله عليه وسلم- الصحيحة كيف يدخل الدجال على بلاد المسلمين؟.

أخبر النبي -صلى الله عليه وسلم- (إنه خارجٌ من خَلَّةً بين الشام والعراق، فعاث يمينا وعاث شمالا، يا عبادَ الله فاثبتوا) مسلم.
وقال -صلى الله عليه وسلم-: (يَتْبَعُ الدَّجَّالَ مِن يَهُودِ أصْبَهانَ، سَبْعُونَ ألْفًا عليهمُ الطَّيالِسَةُ). مسلم ٢٩٤٤.

وكل يهود الدنيا في فلسطين، إلا يهود إيران، بقوا في إيران ما خرجوا من إيران، ويتبع المسير ثم يأتي عقبة أفيق، ويأتي الأردن. (وينحاز ، أي : يجتمع – كما قال السندي في “حاشيته” (4/278) – المسلمون إلى عَقبة أَفِيق ، وهو موضع بنواحي الأردن ، قال الزبيدي في “تاج العروس” (25/15) :” بينَ حَورانَ والغَوْرِ ، وهو الأرْدُنُّ ، ومنه عَقَبَةُ أفِيقٍ “.)
وهو يسير، في الحديث: (كغيث استدبرته الريح) مسلم ٢٩٣٧.
أي: كالريح تسير سيراً سريع جداً، يأتي الأردن من شمالها، وأضيق مكان في الاردن يعني أقل مساحة عرضية في الأردن شمال الأردن.

لذا كان مكحول التابعي الشامي يقول: الأردن حصن من الدجال، الأردن حصن من الدجال هذا كلام مكحول الشامي.

ماذا يعني الأردن حصن من الدجال؟ أي: الدجال يدخل الاردن ويخرج منها سريعاً، يدخل ويخرج ما يلحق أحد أن يراه، هذا قصده والله تعالى أعلم.

التفسير مني ولكن صح عن مكحول -وبينت هذا في كتاب العراق-، في أحاديث أثار: أن الأردن يقول مكحول: هي حصن من الدجال.

لكن بلاد الشام فيها خير، وفيها بركة.

وبلاد الشام الملائكة تضع أجنحتها عليها.✍️✍️

رابط الفتوى :

السؤال: هل يوجد حديث عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أن تسلم عمان والشام من الفتن في آخر الزمان؟