[ قصة بقي بن مخلد مع الإمام أحمد بن حنبل]

[ قصة بقي بن مخلد مع الإمام أحمد بن حنبل]

أتعرفون من طالب العلم؟ أتعرفونه؟
طالب العلم بقيّ، أتعرفون قصة بَـقيّ بن مَـخلَد ؟

بقيّ جاء من الأندلس إلى العراق ماشيًا على الأقدام، فلما وصل بغداد، تناهى إليه أن أحمد بن حنبل عليه الإقامة الجبرية، العقوبة بالإقامة الجبرية قديمة ، بسبب فتنة خلق القرآن في زمن المأمون، فضُرِبَ على أحمد الإقامة الجبرية حتى إنه كان لا يخرج لصلاة الجماعة، فقال: فلما وصلت بغداد علمت خبر أحمد، فاغتممتُ بذلك غمًا شديدًا، أصابني غم وهمّ، جئت لأحمد ومُـنِعتُ من أحمد، ومن الأندلس ومشياً على الأقدام.

قال: فدخلت المسجد الكبير وقلت: عسى الله أن يعوضني خيرًا من أحمد، قال: فنظرت فوجدت حلقة فيها رجل محدّث يحدّث، يُسأل عن جملة من الرواة، بعضهم يزكّي وبعضهم يُجرِّح، قال: فجلست فيها، فقلت للذي بجانبي: من الشيخ؟ فقال لي: أبو زكريا يحيى بن معين، قلت: أبو زكريا إمام.

فلما سكت الطلبة، سألتُهُ عن مجموعة من الرواة، قال: فلما رأى تلاميذه استرسالي وكثرة سؤالي، قالوا لي: لا تأخذ شيخنا منّا، اتركه لنا، قال: بقي سؤالان.

فوقفت وقلت: هشام بن عمار؟ قال: فعدّله، ثم رجعت وقلت: أسأله عن أحمد، فلعله يغمز به فأتسلى بغمزه عنه، وقلت: أحمد بن حنبل؟
قال: فنظر إليّ الناس يرمقون بأبصارهم، فقال أبو زكريا: سبحان الله! أمثالي يُسأل عن أحمد؟ إنه يُسأل عني! والله لو حَمل الكِبْرَ تحت ردائه ما ضرّه شيء في دينه، قال: فزادني همًّا، فخرجت حزينًا، وتأملت حالي، وسألت عن بيت الإمام أحمد فدُلِلْتُ عليه.

قال: فتزيّيت في اليوم التالي بزي شحّاذ، وحملت العصا، وأصبحت أطرق الأبواب حتى وصلت إلى بيت الإمام أحمد، وكان حوله الجلاوزة -أي الشرطة- فطرقت الباب، فنادى عليَّ رجل: من في الباب؟ فقلت: طالب علم غريب ناءٍ عن الديار، قال: من أين؟ قلت: من إفريقيا، قال: أبعد! قلت: من الأندلس، قال: ادخل الدهليز لا يراك الجلاوزة، قال: فدخلت، فأملى عليَّ بضعًا وثلاثين حديثًا، وقال لي: عد كل يوم على مثل ذلك، قال: فكل يوم كنت أتزيّى بزي شحّاذ، وأطرق الأبواب، وأقول: المسألة رحمكم لله، حتى أصل إلى باب الإمام أحمد.

فلما كشف الله الكربة عن الإمام أحمد ورجع إلى مجلسه في المسجد الكبير في بغداد، كان قبل كل درس ينظر ويقول: أين بقيّ؟
فأقوم ويقول: ها أنا ذا، قال: فيجلسني بجانبه، ويشير إليّ ويقول: هذا طالب علم.

طالب العلم الذي يذل نفسه من أجل أن يتعلم، إياكم -كما كان يقول بعض السلف- أن يصدكم عنّا سوء صنيعنا وأخلاقنا، ما معنا من علم خذوه، وإن وجدتم شيئًا فخذوا الثمار وارموا الحطب في النار، فنحن طلبة علم، نحب أن نتعلم حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم.

المصدر:
فضيلة الشيخ مشهور حسن آل سلمان حفظه الله.
من اليوتيوب بعنوان
(لأول مرة ينشر الشيخ مشهور_بن_حسن_آل_سلمان 150- شرح مسلم)✍️✍️

◀️ رابط الفتوى:

[ قصة بقي بن مخلد مع الإمام أحمد بن حنبل]