[ فتش عن أصحاب هذه السمة في هذا الزمان لا تجدهم إلا في كتاب أو تحت تراب ]
فصَّـل الإمام السخاوي محمد بن عبد الرحمن، المتوفى سنة 902 من أشهر تلاميذ الحافظ ابن حجر، أحوال أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وكيف أنهم حصلوا المال ولكن حصلوه بحق وأنفقوه بحق، فوضعوه في مكانه، ومما قاله في كتابه البديع “السر المكتوم في الفرق بين المالين المحمود والمذموم” وهو كتاب أُفرد في هذه المسألة: متى يمدح المال ومتى يذم المال؟
فقد قال عن أحوال السلف الأول – ودائمًا نقول: إننا إن فهمنا شيئًا من النصوص فينبغي أن نلتفت إلى حال الأصحاب رضوان الله تعالى عليهم ومن بعدهم ممن اتبعهم بإحسان، شريطة الاتباع بإحسان-.
قال رحمه الله تعالى:
“فمن تكون الدنيا في يديه، ويؤدّي الحقوق منها، ويتطوّع بالأمور المستحبّة فيها، ولم تكن عائقةً له عن الوصول إلى الله تعالى، ولا لها في قلبه مزيةٌ ولا يفخر بها”.
عنده مال ليس عنده طغيان، إن للمال طغيان كما يقول ابن المبارك، كالعلم، فالعلم المحمود الذي يتواضع صاحبه لا طغيان فيه، ليس على حال أغلب من يشارك في “وسائل التواصل”، في كل رسالة له فيها طغيان، فيها اعتداء على الناس، شارك بالحق واترك حظ نفسك.
ثم قال السخاوي رحمه الله :
“خصوصاً على مَنْ دونَه ، ولا يكون بما في يديه منها أوثق منه بما عند الله”.
أن يكون ما عند الله أوثق في قلبك مما هو بين يديك، فتش عن أصحاب هذه السمة في هذا الزمان لا تجدهم إلا في كتاب أو تحت تراب، ولا حول ولا قوة إلا بالله.
المال بين يديه لكن قلبه معلق بربه، وما عند الله أقرب وأوثق إلى قلبه مما هو بين يديه، هذا حال الأصحاب رضوان الله تعالى عليهم.
قال: “ولا يفخر بها خصوصًا على من هو دونه، ولا يكون بما في يديه منها أوثق منه بما عند الله بحيث يحبسها عما شرع له صرفها فيه”.
متى احتاجه المسلمون صرفها، فكان الواحد يحرص على المال كحرص والي بيت المال على المال، يدخره وينميه ويكثره لمصالح المسلمين، وليس لشهواته ولا رغباته، ما أجمل هذا المال على هذا الحال وهذا هو الأصل وليس هو العَرَض المذموم.
ثم قال السخاوي رحمه الله:
“من التقتير على نفسه وعياله وعدم إظهار نعمة الله عز وجل، ولا ينفقها في وجوه الباطل التي لم تُشرع، ولا يُبَذِّر في ذلك”، يقول: “وكم من غني متصف بذلك وأزيد منه، مثل داوود وسليمان ويوسف عليهم السلام وطوائف من الأنبياء عليهم وعلى نبينا أفضل الصلاة والسلام”.
ص89 – كتاب السر المكتوم في الفرق بين المالين المحمود والمذموم – التفصيل في فضل الغنى والفقر – المكتبة الشاملة
كل من ذم المال اذكر له حال هؤلاء الأنبياء، فتعلم أن ذم المال ليس لذاته وإنما يُذم لعَرَضٍ دَخَلَ على المكلَّف”.
المصدر:
البث المباشر – لدرس شيخنا شرح صحيح مسلم – فضيلة الشيخ مشهور بن حسن آل سلمان.
التاريخ:
2 ذو الحجة 1446 هـ
29 مايو 2025 م✍️✍️
◀️ رابط الفتوى:
[ فتش عن أصحاب هذه السمة في هذا الزمان لا تجدهم إلا في كتاب أو تحت تراب ]