[ليس الفقيه الذي يميز بين الخير والشر، وإنما الفقيه الذي يميز بين خير الخيرين وبين شر الشرَّين، هذا الفقيه وهذا الداعية]
فما دام الدعاة يدعون إلى الله على بصيرة وبالأسلوب الحسن وبالطريقة الحسنة، لا نريد خيرًا كاملاً، انتبه، الخير الخالص انتهى، نريد الخير الغالب ، ليس الفقيه الذي يميز بين الخير والشر، وإنما الفقيه الذي يميز بين خير الخيرين وبين شر الشرَّين، هذا الفقيه وهذا الداعية.
قد اضطر أن أسكت عن شيء لأني إن أنكرته وقع ما هو أشد منه، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ينبغي أن نفهمه وأن نفهم درجاته.
فالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر له درجات:
① الدرجة الأولى:
إن أمرتَ فقلَّ المنكر أو زال، فإن إنكارك واجب.
② الدرجة الثانية:
إن أمرتَ فترتب على أمرك منكر، أي زال المنكر وترتب منكر آخر مثله، قال العلماء: وهذا كلام الإمام ابن القيم، قال: هذا محل نظر، أي أن يزول المنكر ويحل محله منكر مثله.
③ الدرجة الثالثة:
إن أمرتَ ونهيت عن منكر فترتب على نهيك عن المنكر ؛ منكر أكبر منه، قال: فإن إنكارك لهذا المنكر منكر، إن ترتب عليه شيء أكبر من إنكار هذا المنكر ففي الشرع هذا منكر.
يقول الإمام ابن القيم في الإعلام:
كنت ماشيًا أنا وشيخي أبو العباس، تعرفون أبا العباس شيخ الإسلام أحمد بن عبد الحليم ابن تيمية رحمه الله، قال: كنت أمشي أنا وإياه فرأينا تترياً (أي من التتار) سكرانًا، قال: فتفلت من يده وذهبت إليه لأنكر عليه، قال: فشدني إليه، شدًا، وقال لي: امشِ، قال: ” شربه للخمر أحب إلى الله من صحيانه ، اتركه مخمور.
قال:
إذا صحي قتل المسلمين ، اتركه مخمور، شرب الخمر أحسن، خليه مخمور.
هكذا العلماء يفعلون، يعني يُـنكِر ويحسب حساب ماذا يترتب على المنكر، فإن ترتب عليه منكر أكبر منه فهو منكر، فلما الآن نتكلم عن الفتن ينبغي أن ننتبه لمسائل كثيرة، وينبغي أن نبقى نسير على ما علمناه علماؤنا ومشايخنا حتى وصل للصحابة رضي الله تعالى عنهم.
المصدر:
الدورة الشرعية الثالثة للدعاة في اندونيسيا – منهج السلف في التعامل مع الفتن – المحاضرة الثالثة.
تاريخ:
29 جمادى الآخرة 1446 هـ
30 ديسمبر 2024 م✍️✍️
◀️ رابط الفتوى: