[ قاتلَ اللهُ التقليدَ ما أسوأه ! ]
{وَلَئِنْ أَتَيْتَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ بِكُلِّ آيَةٍ .. }
[البقرة : 145]
ولئن أتيت الذين أوتوا الكتاب بكل آية، نكرة لو كانت “الآية”، لكن “الآية” بكل آية، فـ”بكل آية” دلّت على أن أي آية في حق الجاحد الذي أوتي الكتاب، الذي لا يريد أن يؤمن، لا تنفعه.
وهذا يفسر لك كثيرًا من الحقائق، ترى بعض النصارى متخصصًا في علم ويتكلم عن الله عز وجل، وأنه حق واحد، مثلاً، متخصص في علم البحار والمحيطات، وآخر في الأجنة، وثالث في الطب والأعصاب، الأطباء والعقلاء يرون الله في كل شيء، يرون قدرة الله عز وجل في كل شيء، فبعضهم عنده كل آية لكن غير (مسلم)، يعني واحد يتكلم لك بالإعجاز العلمي أو الإعجاز العددي، وهو كافر، هذا لا يؤمن، ما هو سر عدم إيمانه؟
الآية ، لأن عنده التعصب.
الشاطبي في “الموافقات” و “الاعتصام”، نعم في “الاعتصام” ينقل عن عالم قديمًا تعب وهو يقرأ في التوراة والإنجيل، ووقف على 70 خطأ، 70 تناقضًا، والذي فصّل في التناقضات هو ابن حزم في كتابه “الفصل”.
“الفصل” بدأ بنسب عيسى عليه السلام ، فتبين أن عيسى الذي يؤمن به النصارى على اختلاف مللهم، هذا غير ذاك وهذا غير هذا، وكل عيسى له نسب عندهم، بدأ بهذه البداية، بدأ بنسب عيسى عليه السلام.
فالشاطبي يذكر يقول: عالم جمع 70 خطأ في التوراة والإنجيل، قال فالتقى بقسيس كبير، قال فسرد عليه شيئًا من التناقضات، فقال هذا: “كم عندك؟” قال: “70” قال: “فقط؟” قال: “فقط”، فقال له القسيس: “أنا عندي 700، أنا جمعت تناقضًا في الإنجيل 700 خطأ”، فقال له العالم: “700 وما أسلمت؟!”
قال: من قبلي أفهم مني.
هذا تقليد ، قاتل الله التقليد ما أسوأه!
البلايا دخلت على المسلمين من تأجير عقولهم لغيرهم، أغلب المسلمين اليوم عقله لا يَعمل، لا يفكر بعقله، ولذا العلم ما ينتشر، والتقليد كما يقول الطحاوي: “لا يقلد إلا غبي”، الغبي يقلد، أما العاقل ما يقبل التقليد، العاقل يريد أن يفهم الحقيقة، ومن حق كل طالب علم أن يفهم الحقيقة، وما تجعلني أنا أسير في ظل الشيخ الفلاني والشيخ العلاني أو المذهب الفلاني والمذهب إلى آخره… كلهم يصيبون ويخطئون، وأنا أبتغي الحق، وأينما وجدت الحق قبلته.
ولذا أبو قلابة الجرمي التابعي الجليل، تلميذ أنس بن مالك، قال كما أسند الإمام الدارمي في مقدمة سننه، قال الإمام أبو قلابة الجرمي: “إذا أردتَ أن تعرف خطأ شيخك فجالِس غيره”.
كل شيخ يقول لك لا تأخذ إلا مني، لا تأخذ منه، كل شيخ يقول لك: “إياك أن تأخذ شيئًا من غيري”، فلا تأخذ منه، التابعون يقولون: “إذا أردت أن تعرف خطأ شيخك جالس غيره”.
لقِلة العلماء المتفننّين هذه الأيام، يحق لنا أن نقول: “إذا أردت أن تعرف الخير الذي عندي جالس غيري”، لأن القلة هم الذين يقفون على الأدلة، هم الذين يقفون على الأدلة، لكن قاعدة طالب العلم لا يَقلد شيخاً، وإذا قرأت لعلماؤنا، للعلماء الكبار، تجد له 400 شيخ وبعضهم له 1000 شيخ، 1000 شيخ استفاد من هذا شيئًا ومن هذا شيئًا ومن هذا شيئًا.
المصدر:
الدرس السابع – شرح مبحث العام والخاص في أصول الفقه – فضيلة الشيخ مشهور بن حسن.
تاريخ:
3 ربيع أول 1447 هـ
26 أغسطس 2025 م✍️✍️
◀️ رابط الفتوى: