[ بدعة إطعام المعزين ومخالفتها للسنة النبوية ]
جاء في الحديث:
وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَعْفَرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ: لَمَّا جَاءَ نَعْيُ جَعْفَرٍ -حِينَ قُتِلَ- قَالَ النَّبِيُّ – صلى الله عليه وسلم – «اصْنَعُوا لِآلِ جَعْفَرٍ طَعَامًا، فَقَدْ أَتَاهُمْ مَا يَشْغَلُهُمْ».
أَخْرَجَهُ الْخَمْسَةُ، إِلَّا النَّسَائِيَّ.
الشرح للشيخ مشهور حسن:
أخرجه الخمسة (السنن ، وأحمد) ، إلا النسائي.
«لما جاء نعي جعفر»:
فيه جواز النعي ، ومعنى الجواز في النعي وذكرنا هذا سابقاً أي الإخبار ، لتكثير عدد المصلين ، على خلاف النعي المنهي عنه ، وهو نعي الجاهلية أن يطاف في الطرقات ، ويرفعون الأصوات مباهاة في حال الميت وبيان ما كان يصنع في حياته.
وهذا النعي لا حرج فيه ، فنعى النبي -صلى الله عليه وسلم- لما جاءه نعي جعفر حين قتل في مؤتة ؛ قال النبي -صلى الله عليه وسلم- اصنعوا لآل جعفر طعاماً.
من آل جعفراً ؟
زوجته أسماء بنت عميس ، امرأة فاضلة قرشية تعاقَب عليها عددا من الأصحاب ، فكان زوجها الأول جعفر ، وكان زوجها أيضاً أبو بكر بعد جعفر ، ثم تزوجها علي ، وكانت امرأة عاقلة لبيبة ، فزينة المرأة حسن إدارتها وحسن كلامها ، وهكذا كانت أسماء.
فلما مات جعفر قال النبي ﷺ :
اصنعوا لآل جعفر طعاماً.
الطعام المعهود ، وكل يطعم على قدر حاجته ، وعلل النبي صلى الله عليه وسلم ذلك فقال: فقد أتاهم ما يشغلهم.
الميت جاءته مصيبة الموت ، وتشغله عن أن يصنع طعاماً ، فمن القبح بمكان ، في الشرع وفي العقل وفي العادات الشرعية الصحيحة أن يصنع أهل الميت طعاماً للمعزين ، الأصل أن الناس تصنع طعاماً لهم.
وتأمل معي قول النبي صلى الله عليه وسلم اصنعوا لآل جعفر ، ما قال النبي ﷺ :
اصنعوا لآل طالب ، أو لآل المطلب ، أو اصنعوا مثلاً لقريش ، كما يفعل الناس اليوم!
اصنعوا لآل جعفر (زوجته واولاده) ، يصنعوا لآل جعفر الزوجة والأولاد.
هذا الطعام لا يكون لكل الناس ، اصنعوا لآل جعفر طعاماً ، فقد أتاهم ما يشغلهم ، وكانت وفاته في السنه الثامنة ، لما مات جعفر في مؤتة في الأردن.
وهذه سنة بدأت من جعفر ، ما عرف قبلها ، وتوارثها المسلمون إلى يوم الدين أن يقفو مع أهل الميت ، وأن يواسوهم في صنع الطعام لهم ، وهذا من محاسن الإسلام ، وفيه تكافل اجتماعي ، ولم تذكر الأحاديث المدة التي يُصنع لهم الطعام فيها ، هل يصنع لهم الطعاما في وجبة ؟ في يوم؟ في يومين؟ في ثلاثة ؟
ما دامت الحاجة تقتضي بالإطعام ؛ نطعم حتى يزول الحزن ، وتعود الحياة إلى أن يمارس الإنسان الأكل والشرب وما شابه ذلك.
والبدعة الشنيعة التي كانت مشهورة في الجاهلية وفيها سرف وفيها إنفاق ، وهي عكس السنة النبوية وقد يكون فيها اعتداء على الصغار بأن يؤخذ من مال الميت ، وله أولاد صغار ، ويُطعَم الأحياء ؛ فهذه عادة قبيح ، وهذه بدعة ، وهذه مجاراة لأهل الكتاب ، ولا سيما إذا تحمل أهل الميت الدين ، يستدينون.
يخبرني بعض إخواننا ولا سيما في مناطق جنوب الأردن الميمون ، أن بعض العزاء في بعض الحالات يكلف صاحبه أكثر من 10,000 عشرة آلاف دينار أردني!
وهذا مال يتحمله الصغار يسدون دين أبيهم.
هذه مصيبة من المصائب ، وهذه بدعة من البدع ، وهذه البدع ينبغي للحريصين من أهل الديانة والراحمين بالخَلق أن يتحركوا لإبعاد هذه البدعة ، وأن يحيوا صنع الطعام لأهل الميت والله تعالى أعلم.
المصدر:
المحاضرة الثالثة لفضيلة الشيخ مشهور حسن آل سلمان حفظه الله ، من كتاب بلوغ المرام من أدلة الأحكام ت الزهيري ، لابن حجر العسقلاني رحمه الله.
الموافق :
10 محرم 1447 هـ
05 يوليو 2025 م✍️✍️
◀️ رابط الفتوى: