السؤال: كيف يتأكد الإنسان أنه مخلص في عبادته لله عز وجل، وما هي نصيحتكم في إخلاصه ؟

السؤال:
كيف يتأكد الإنسان أنه مخلص في عبادته لله عز وجل، وما هي نصيحتكم في إخلاصه ؟

الجواب:
أما من شهد أنه مخلص في عبادته لربه، فإخلاصه بحاجة إلى إخلاص، والذي يتهم نفسه، فهذا الاتهام علامة خير، ولا يخشى من الرياء إلا مخلِص ، فمن علامة العافية والرجاء أن يخشى الإنسان على نفسه.

وهذا حال السلف الصالح، فكان يجتمع في قلبهم الخوف والرجاء، والخوف والرجاء جناحان لا يطير العبد إلا بهما ولا يصل إلى الجنان إلا بجناحين اثنين، الجناح الواحد لا يحلق الطائر به، فالإخلاص يحتاج إلى أن تكثر طاعتك في خلوتك، وأن تطيلها، وأن تستحضر النية قبل الفعل، وفي أثناء الفعل، وبعد الفعل.

وأن تسأل ربك الإخلاص دائما، وأن تدعو:
اللهم إني أعوذ بك أن أشرك بك شيئا أعلمه، وأستغفرك لما لا أعلمه، وأن تعلم أن للإخلاص بركات وثمارا عديدة جدا.

ويذكرون قصة جميلة:
رجل كان يتزيّى بزي النساء ويدخل معهن في الأعراس والمآتم.

فدخل يومًا من الأيام في المآتم، وهو متزيٍّ بزي النساء، يسمع حديثهن وينظر إلى عوراتهن، فسُرقِـت في المجلس دُرّة ثمينة، فتوجّه إلى الله بإخلاص: يا رب، إن نجيتني من هذه الورطة فإني سأتوب ولن أعود، فبقوا يفتشون وبقي يؤخِّر نفسه، فلم يبق إلا هو وامرأة.

فوجدوا الدُّرّة مع التي قبله ، فقالوا: أطلقوا الحرّة فقد وجدنا الدُّرّة.

فالإخلاص من أسباب النجاة، وحديث الكهف، الثلاثة الذين دخلوا الكهف واضح جلي في هذا الباب، فالإنسان في الورطات والظلمات إذا توجه إلى الله بإخلاصه نجّاه الله، فمن يعلم قيمة الإخلاص يعلم أن الإخلاص يحتاج إلى مجاهدة.

ويبقى الإنسان يجاهد نفسه حتى يصبح مخلَصًا، فإذا أصبح مخلَصًا الشيطان لا يقدر عليه، كما قال الله عن يوسف عليهالسلام:
{ .. إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُخْلَصِينَ} [يوسف : 24]

وصرف الله عز وجل عنه السوء والفحشاء، قال تعالى:
{ … كَذَٰلِكَ لِنَصْرِفَ عَنْهُ السُّوءَ وَالْفَحْشَاءَ ۚ إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُخْلَصِينَ} [يوسف : 24]

فمن جاهد نفسه على الإخلاص يصبح مخلَصًا، المخلِص يجاهِد، والمخلَص لله ينجيه من حظوظ نفسه.

لذا قالوا عن أيوب السختياني وغيره من الزهاد -وكان يجاهد نفسه- ، وكان في مجالس الوعظ تَدمع عيناه، فيرى الناس ينظرون إليه والدموع في عينيه، فيقول: ما أشد الزكام! ليتظاهر أنه مزكوم.

ولذا الإنسان عند الله بإخلاصه، أتعرفون الفرق بين المنافق والصحابي؟
إنه الإخلاص.

الصحابي مخلِص ، والمنافِق كذاب، وفي ظاهر الحال أمرهما واحد، لكن الإخلاص هو الذي يفرق بينهما، فالإخلاص ينجي صاحبه.

وثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم قوله:
«إنَّما يَنصرُ اللَّهُ هذِهِ الأمَّةَ بضَعيفِها، بدَعوتِهِم وصَلاتِهِم ، وإخلاصِهِم».
الراوي : سعد بن أبي وقاص | المحدث : الألباني | المصدر : صحيح النسائي
الصفحة أو الرقم: 3178

إن أحسنّا لضعفائنا ووجِـد الإخلاص فينا، نصرنا الله تعالى.

فالإنسان يبقى يجاهد نفسه ليكون مخلِصًا، فإن أفلح واصطفاه الله يصبح مخلَصًا، الله يجتبيه، فالله ينجيه، ينجيه من حظوظ النفس ، ومن المعاصي.

ولذا قالوا عن أبي أيوب السختياني:
كان إن أراد أن يعصي الله لا يستطيع.

وبعض الناس من شدة إخلاصه لو أَن النفس، حدثته بمعصية، الله يحفظه.

يحفظه بإخلاصه وصدقه، فالإنسان في حقيقة أمره عند ربه ؛ بقلبه ونيته، لذا قالوا: نية المؤمن أبلغ من إيش؟
من عمله.

تأملوا معي صنفين أو رجلين أخبر عنهما النبي صلى الله عليه وسلم في حديثين في الصحيحين ، كل على حدة :
«أنَّ رَسولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ قالَ: قالَ رَجُلٌ: لَأَتَصَدَّقَنَّ بصَدَقَةٍ، فَخَرَجَ بصَدَقَتِهِ، فَوَضَعَهَا في يَدِ سَارِقٍ، فأصْبَحُوا يَتَحَدَّثُونَ: تُصُدِّقَ علَى سَارِقٍ فَقالَ: اللَّهُمَّ لكَ الحَمْدُ، لَأَتَصَدَّقَنَّ بصَدَقَةٍ، فَخَرَجَ بصَدَقَتِهِ فَوَضَعَهَا في يَدَيْ زَانِيَةٍ، فأصْبَحُوا يَتَحَدَّثُونَ: تُصُدِّقَ اللَّيْلَةَ علَى زَانِيَةٍ، فَقالَ: اللَّهُمَّ لكَ الحَمْدُ، علَى زَانِيَةٍ؟ لَأَتَصَدَّقَنَّ بصَدَقَةٍ، فَخَرَجَ بصَدَقَتِهِ، فَوَضَعَهَا في يَدَيْ غَنِيٍّ، فأصْبَحُوا يَتَحَدَّثُونَ: تُصُدِّقَ علَى غَنِيٍّ، فَقالَ: اللَّهُمَّ لكَ الحَمْدُ، علَى سَارِقٍ وعلَى زَانِيَةٍ وعلَى غَنِيٍّ، فَأُتِيَ فقِيلَ له: أَمَّا صَدَقَتُكَ علَى سَارِقٍ فَلَعَلَّهُ أَنْ يَسْتَعِفَّ عن سَرِقَتِهِ، وأَمَّا الزَّانِيَةُ فَلَعَلَّهَا أَنْ تَسْتَعِفَّ عن زِنَاهَا، وأَمَّا الغَنِيُّ فَلَعَلَّهُ يَعْتَبِرُ فيُنْفِقُ ممَّا أَعْطَاهُ اللَّهُ.»
خلاصة حكم المحدث : [صحيح]
الراوي : أبو هريرة | المحدث : البخاري | المصدر : صحيح البخاري | الصفحة أو الرقم : 1421

آخر مجاهِد، عالِم، قارئ القرآن ، كريم، يضع الأشياء في أماكنها، وهو أول ما تُسعَّر به النار، الفرق أن ذاك صادق وهذا منافق.

ولذا الإخلاص، إخواني، يتحصل عليه الإنسان بالمجاهدة، وباستحضار النية، وبإخفاء العمل، والفرق بيننا وبين السلف أن بواطنهم خير من ظواهرهم، وأن أفعالهم أبلغ من أقوالهم، ونحن ظواهرنا خير من بواطننا، وأقوالنا أبلغ من أفعالنا، هذا الفرق بيننا وبينهم.

إذا كان الواحد منهم ينام، يضع رأسه عند رأس زوجته ويبكي، ويبل الوسادة من البكاء، وزوجته بجانبه لا تشعر به.

الواحد منا اليوم يعمل عملاً، فيبقى الشيطان يطغيه حتى يُحدّث ويصيبه العجب ويتكلم فيه، إن استحضر النية من البداية، فإنه في النهاية لا يسلم من العُجب.

المصدر:
فضيلة الشيخ مشهور حسن آل سلمان حفظه الله.
من اليوتيوب بعنوان (لأول مرة ينشر الشيخ مشهور_بن_حسن_آل_سلمان 150- شرح مسلم)✍️✍️

◀️ الرابط في الموقع الرسمي :

السؤال: كيف يتأكد الإنسان أنه مخلص في عبادته لله عز وجل، وما هي نصيحتكم في إخلاصه ؟