[ بعض مسائل الرقية الشرعية والتعامل مع الجن والقرين ]

AUD-20251104-WA0036

[ بعض مسائل الرقية الشرعية والتعامل مع الجن والقرين ]

قال فضيلة الشيخ مشهور حسن آل سلمان حفظه الله:
الغيب علم نثبته بالمقدار الذي وصلَنا بالأدلة الشرعية الواضحة البينة، ومثل هذه الأدلة تحتاج إلى الثبوت وثم تحتاج إلى الدلالة الواضحة في موضوع الغيب.
قد تقع تجارب كما أسلفنا وهذه التجارب لا تُعمَّم شرعاً ، ولا يجوز أن تُتقَصَّد.
بمعنى أن يتقصد الإنسان أن يعرف القرين وأن يعرف أحواله وما شابه، فهذا أمر ممنوع شرعاً لأنه باب غيب.
لكن لعله وهو يتكلم أو وهو يعالج يأتيه خبر على لسان المصروع في موضوع القرين، فما ينبغي أن يسترسل ولا ينبغي أن يتوسع في هذا الباب.
وأنت نقلت عن بعض المشايخ الفضلاء أنهم دجاجلة ، أنا سمعت شيخنا الألباني رحمه الله يقول عن المعالجين: ثلاثة أرباع الشعوذة، عند جميعهم سوء إلا من رحم الله.
قال أقل شيء ثلاثة أرباعه شعوذة ، حتى قيل لبعض المعالجين ممن هو محسوب على إخواننا، قالوا له: الشيخ الألباني يقول كذا، قال: هو يتكلم بعلمه.
قال: هو يتكلم بعلمه، يعني هو عنده علم بالتجربة المزعومة أكثر من العلم الذي عند الشيخ الألباني من خلال الأدلة النقلية المعصومة، وهذا أمر خطير جداً أن يصبح العلم هو باب التجربة والتوسع في التجربة.
التجربة أنا أقول كلمة موجزة وتحتاج لكلام كثير، أنا أقول التجربة لها قيمة ولكنها ليست دليلاً، التجربة لها قيمة، يعني أنا الآن معالج عندي تجربة، التجربة لها قيمة أحتفظ بها.
فإذا استطعت أن أنفع أخي من خلال التجارب التي حصلت معي، فهي داخلة في عموم ما أخرجه الإمام البخاري رحمه الله في صحيحه من قول النبي ﷺ:
“مَنِ اسْتَطَاعَ مِنْكُمْ أَنْ يَنْفَعَ أَخَاهُ فَلْيَفْعَلْ” (صحيح مسلم: 2199).
فأنا أستطيع أن أنفع أخي بتراكم التجارب التي عندي.
ولعلي أمتاز على غيري، لكن تحصين العقيدة فهذا واجب، ولا يجوز لي من التجارب أن أولِّد عقيدة، ولا يجوز لي من التجارب أن أجعل قواعد مُطَّرِدة، ولا يجوز لي من خلال التجارب أن أعتدي على الغيب.
لكن هذا المقدار الذي يُرصد بمناسبات متعددة إذا استطعت من خلال تقدير الله عز وجل لي أن أنصح الناس بأشياء معينة، أن أنصح المعالجين، لكن أن أُقيدها على أنها كتاب أو أن أذكرها للمعالج على أنها قاعدة أو على أنها شيء ثابت أو شيء مُطَّرِد وشيء لا يَنخَرِم كالنصوص الشرعية، فهذا حرام.

فهي أيضاً من المشاكل الكبيرة عند المعالجين غير علم الغيب ألا وهو موضوع عدم التمييز بين سمات النص الشرعي ، وما ثبت في النص الشرعي، وما قام في عقول أو في تجارب المعالجين من أمور.

[ قال السائل : ]
شيخنا قد تُسأل البعض أنه كيف يأتي بمثل هذه الأمور، يعني كيف دخل في مسألة القرين وقال لك القرين تدلِّس عليهم الشياطين ، ويقول لك أنا القرين أنا قرين الإنسان.
وهذا كلام يؤخذ به، الرسول ﷺ قصَّ مقول في الحديث: “أَمَا إِنَّهُ قَدْ صَدَقَكَ وَهُوَ كَذُوبٌ” (صحيح البخاري: 2311).

الشيخ : صحيح.
السائل: أصل الجن أصل الكذب فيهم فكيف تعتمد هذا، وأصل القضية كما قال شيخنا هي قضية قضية غيبية تعتمد في تقرير هذه المسألة شرعاً على كلام الجن والشياطين، نسأل الله العفو والعافية ؟

الجواب:
آمين.
مثل هذا كثير حقيقة، مثل هذا كما قلنا قبل قليل عن شيخ الإسلام ابن تيمية.
كان الشياطين يتراءون بصورته ويستغيثون به، ومثل هذا ما ذكره شيخ الإسلام في مواطن عديدة في مجموع الفتاوى من الزعم أن “الخضر” يأتي للإنسان فيأتيه جني اسمه الخضر ويقول أنا الخضر.
فيتوهم هذا المسكين أن “الخضر” حي ويتوهم أن الخضر يستغاث به. ومثل هذا كثير، والناظر في تراجم بعض العلماء يقولون في تراجم بعض المحدثين من الصوفية.
مُحَدِّث صوفي هذا عجيب طبعاً، للأسف الصوفية أحيت علم الحديث ودخل فيه شر كبير من خلال مدرستين معروفتين: مدرسة الغماريين ومدرسة الكتانيين، كلاهما أصحابها من أئمة الصوفية.

الغماري أحمد من يقرأ ترجمته يجد في وفاته أنه لما مات قام فجاءه شخص ، لا يراه أحد!

قال:
فعانقه طبعاً أنت ما ترى شيء ترى بس الشيخ يعانق هواء، قال: فعانقه ثم خرَّ ميتاً، قال: من هذا الذي عانقه؟ قال: هذا الذي يأتيه في حياته ، من هو؟
قال : رسول الله ﷺ، كان يجالسه وكان يسأله إلى آخره!

وألف السيوطي في هذا رسالة ورد عليه السخاوي في استحالة رؤية النبي ﷺ يقظة، ويزعم أن هذا الذي رآه هو النبي ﷺ.

جاء يودعه، جاء قبل أن تخرج روحه جاء ليودعه فعانقه!قبل أن تخرج روحه!

هذا يُعد في مناقب القوم، يُعد مناقب القوم وهذا من الدجل، يعني العقل ينبغي أن يكون له موقف حاسم جداً من هذه المسائل.

فالمسألة أن هذا غيب وعقلي لا يقبل هذا وعقلي لا يمكن أن يقتحم الغيب، فأنا فقط أبحث عن صحة النقل صحة النص، فإذا ثبت شيء من صحة النقل كتاباً وسنة بدلالة ظاهرة معروفة عند أهل العلم وليست بالدلالات المخترعة، مثل دلالات المنامات أو دلالات حروف الجُمَّل أو دلالات الحروف المقطعة والأعداد هذه دلالات مُهْدَرَة ، مُهْمَلة لا يمكن أن يُقام عليها شيء.

الدلالات المعتبرة بالمفهوم والمنطوق والمخالفة المذكورة في كتب علم الأصول ، فهذه الدلالات إن قامت على المسألة فتناقَـش، والعلماء يذكرون آراءهم بالدلالة الواضحة والدلالة الخفية ، والدلالة الخفية هل يوجد في النصوص الشرعية الأخرى ما هو أقوى منها، وإذا وُجِد ما هو أقوى منها هل هو يعارضها أو لا يعارضها كما تُبحث بسائر المسائل العلمية.

أما أن يتكلم في الغيب ، بألغاز وبطرق يعني غير معهودة عند علمائنا، فهذا طريق بدعي وطريق ينبغي أن يُغْلَق وطريق ما ينبغي أن يُفتح أبداً.

قال السائل :
طبعاً لما يعجزوا في الحالة لما يعجزوا في الحالة يقول لك هذا القرين، هذا القرين يعني هذا القرين ليس جني، فبعضهم يُحوِّل إلى الطب النفسي وبعضهم يقول له:
خلاص انزل انزل يا قرينه فالجني ، يَخنس حتى ينتهي من مشكلة الراقي، فيقول له: رأيت كيف؟
هذا اللي فيك قرين وأنت عندك وسوسة، تَمَسك سورة الناس وأي شيء يتحرك في جسدك تتركه وتأخذه من عقلك، يذهب المريض سنة سنتين ثم يرجع عند أحد الرقاة الشرعيين، فيُفيد أن هذا كان جني وأنه كذب على ذلك الراقي.

يعني الشيء الآخر الشيخ :
طبعاً ما ذكره شيخ الإسلام ابن تيمية ، من أن الإنسان ، هل القرين يعلم ما في نفسك، كأنه وَرَدَ أثر أنه تخرج رائحة طيبة وكذا، فيقول: يعني إذا هَمَّ الإنسان بسيئة يعني ما تُكتب عليه سيئة إلا إذا فعلها.

فيقول:
وسوسة الشيطان للإنسان ، هذه الوسوسة التي تقع للإنسان في أعمال الشر وفي أعمال أذى الشياطين، يقول: القرين له دخل فيها.

وأيضاً القرين قد يُخبِـر الساحر فقط كخبر أنه سِـحر أو وسوسة الوسوسة ، قد يُخبر الساحر مثلاً بتحركات هذا الشخص المطلوب أن يُـسحَر.

قال الشيخ:
أولاً، ليس لنا ما بين السحرة وما بين الجن ، فهذه طرق العقل لا يقبل حصرها ، فحصرها متعدد وطرقه كثيرة.

والجن لهم كما قال الله عز وجل: “وَأَنَّا كُنَّا طَرَائِقَ قِدَدًا”
(الجن: 11).

فهم لهم طرق كثيرة ولهم مذاهب، وكما قال عكرمة وكما صحَّ عن عكرمة قال:
فيهم الخوارج كما فيكم وفيهم الروافض كما فيكم إلى آخره.

والروافض والخوارج وغيرهم من المذاهب كل له طريقته وكل له وسائله إلى آخره.

فحصرُ هذه المسائل يعني هو من الباطل.

الأمر الآخر ما يُذكر عن موضوع الرائحة وأن الملائكة وليس الجن في النص ، والنص ليس مرفوعاً للنبي ﷺ.

وليس أيضاً موقوفاً على الصحابي ولا على من دونه، وإنما هذا وارد عن ابن عيينة عن سفيان ابن عيينة يقول:
كان الرجل إذا أراد أن يفعل شيئاً حسناً فتنبعث منه رائحة حسنة فيعلمها الملائكة، وكذلك رائحة سيئة تنبعث منه ، إن أراد أن يعمل سيئة.

وهذا حقيقة ليس مشهوراً عنه أظن أن هذا الأثر أخرجه الدينوري أبو بكر أحمد بن مروان متوفى في الـ 444 ، في كتابه.

وأبو بكر الدينوري ، له أسانيد فيها ضعف، والعبد الضعيف حققت الكتاب في عشر مجلدات.

فالأثر ليس فيه شيء يعني ليس فيه صحة حتى عن ابن عيينة، أما أن يُرفَع أكثر من ذلك فأنا لا أعرفه ثابتاً لا عن النبي ﷺ ، ولا عن صحابي ولا عن تابعي، ومثل أقوال ابن عيينة في مثل هذه المسائل هي من الغيب وهي لا يُعقَد القلب عليها فليست عقيدة، هذا مسألة عقدية ما يُعقَد القلب عليها، فتبقى وسائل المعرفة ليست على سبيل الحصر [ غير واضح]

فالشاهد هذا ليس لنا ، نحن نؤمن إيماناً جازماً بأننا يعني مُكلَّفون بأحكام شرعية وأن الجن مُكلَّفون بأحكام شرعية، وكل مُكلَّف بقواعد عامة ومن ضمن هذه القواعد: “لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا” (البقرة: 286).

وقد ذكر الطوفي في كتاب” مختصر الروضة” أنه في بعض السنوات عقد مجلس لأهل العلم في بيان أحكام الجن.

وحضره شيخ الإسلام، هذا موجود في مختصر الروضة شرح مختصر الروضة في كتاب الأصول، وجميل أن يُشاع هذا في بعض عبارات جميلة أن يُشاع.

حضره شيخ الإسلام وقرَّر أن الجن يختلفون عن الإنس في بعض الأحكام.

فالجن والإنس الأصل الاشتراك في الأحكام، لكن طبيعة الجن غير طبيعة الإنس، ومثَّل شيخ الإسلام على ذلك بموضوع الحج، والنبي ﷺ أخبرنا أن من الجن طيارون.

من الجن من هم يطيرون في السماء، فقال: مَـقدرة الجني ممن هو من هذا الصنف على الحج غير مقدرة الإنسي ، فهو يستطيع أن يحج بكل سهولة الذي يطير بخلاف هذا الأمر.

ومرَّ بالعبد الضعيف خبر، مرَّ بي خبر في مسند أحمد وظاهر اسناده الصحة، لا أذكره وكنت أود لو راجعته لكني لا أذكره، مفاده أن جنياً يعتذر للنبي ﷺ عن أداء صدقة الفطر.

ويُخبِـر يعني أنكم لستم مثلنا في صدقة الفطر، يعني أنتم في صدقة الفطر :
الأشياء التي تحتاجونها ، والطعام الذي تأكلونه ليس مثلنا.

وهذا يؤكد هذا مرَّ بي وفرحت به كثيراً لما مرَّ بي هذا الخبر، وهذا يؤكد فهم شيخ الإسلام إنه القاعدة العامة.

ومن المخطوطات اللطيفة التي مرَّت بي ويسَّر الله لي والحمد لله منها يعني شرحها على طريقة أهل الحديث بالأدلة، وجدت منظومة وأرجوزة طويلة لعالم كبير اسمه الأقفاسي أحمد بن العماد الأقفاسي الشافعي له أرجوزة طويلة في أحكام الجن.

في أحكام الجن وضمَّنها منظومة لشيخه البلقيني عمر بن رسلان البلقيني المتوفى سنة 805 وهو من كبار علماء الشافعية.

ضمَّنها ولكن لم يُميِّز الشعر الذي في المنظومة والشعر الذي في الأرجوزة ، وطوَّل في بيان أحكام الجن الفقهية، طوَّل تطويلاً شديداً ونوَّع هذه الأحكام، وهذا الكتاب ولله الحمد أنا فرغت منه من سنوات قريباً أطبعه إن شاء الله تعالى في شرح هذا الأمر.

المقصد أن علماءنا السابقين رحمهم الله تعالى لهم عناية مميزة وجيدة في الأحكام الشرعية التي تخص الجن.

وأما الأحكام التي لا تستطيع أن تعرف بالتفصيل والتدقيق حال الجني، فأنا أعلق الأمر على الإمكانية والاحتمال فقط، أما هو الذي يُـقدِّر والذي لا يُـقدِّر، كما نُفتي الذي لا يستطيع القيام في الصلاة يجلس، فالأمر منوط بالاستطاعة وكذلك الجن.

المصدر:
القرين وتصديق الجن // لقاء الشيخ مشهور بن حسن آل سلمان والشيخ أسامة المعاني والشيخ خالد الحبشي

في تاريخ
29 محرم 1444 هـ
27 أغسطس 2022 م

◀️ الرابط في الموقع الرسمي :

[ بعض مسائل الرقية الشرعية والتعامل مع الجن والقرين ]