[ الرد على شبهة “أن الخروج على الحكام هو الطريق الوحيد لرجوع الأمة إلى ربها” ]

[ الرد على شبهة “أن الخروج على الحكام هو الطريق الوحيد لرجوع الأمة إلى ربها” ]

السؤال:
ما هو الرد على من يقول إن الخروج هو الطريق الوحيد لرجوع الأمة إلى ربها وتحرير المستضعفين من المسلمين ؟

الجواب :
هذا القول يعارض من كل وجه قول الله تعالى في سورة الرعد: {إِنَّ اللَّهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّىٰ يُغَيِّرُوا مَا بِأَنفُسِهِمْ} (سورة الرعد: 11).

وقلنا ما في الآيتين من ألفاظ العموم، وفي الآيتين فاعلان، {إِنَّ اللَّهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ} ، فالمُغيِّر في الأول هو الله، و {حَتَّىٰ يُغَيِّرُوا مَا بِأَنفُسِهِمْ} ، المُغيِّر في الثاني هم المسلمون، حتى يغيروا ما بأنفسهم،.

فالله يقول: {إِنَّ اللَّهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ} (سورة الرعد: 11)، والتغيير الرباني الذي سلكه الأنبياء تغيير مأمون لا سفك للدماء فيه، بطيء، بطء السلحفاة، ولكنه هنيء مريء، ويكفي أن الأنبياء سلكوه.

نعم، هناك طريق آخر للتغيير وهو الموجود في علم السياسة، وهو سريع وفيه سفك دماء، كالانقلابات العسكرية، والثورات، والمظاهرات، والعصيان المدني، ومُاشابهها، لكن هذه كلها ليست مما سلكها الأنبياء.

فقولك تغيير، نعم التغيير حاصل، لكن ليس تغييراً شرعياً، وثماره يقيناً أنها ليست مأمونة وفيها دماء، والشرع ما يأتي بهذا، فالشرع أتى ( إن الله لا يغير ما بقوم) تغييراً يحبه سبحانه، وأنت غير مؤاخَـذ إذا ما أدركت هذا التغيير فيكون حالك كحال الصحابة ، الذين ماتوا والتحقوا بالله عز وجل ، وتوفوا قبل أن تقوم دولة الإسلام ، ما عليك شيء.

{إِنَّ اللَّهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّىٰ يُغَيِّرُوا .. } (سورة الرعد: 11)، يعني تغيير إن جاز التعبير في الاتجاه، نكون بعيدين ثم نغير في اتجاه صحيح نحو الشرع، لأننا لا نُكفِّر الذين يحكمون بغير ما أنزل الله.

الحكم بغير ما أنزل الله :
الحكم سياسي، والحكم الشرعي عند العارفين بدأ من القرن السابع، وابن القيم ذَكر التغيير وِفق السياسة الشرعية، وفق السياسة وسياسة الحكم، وذكر هذا بتفصيل، وأكثر من فصَّل فيه ابن السُّبكي في كتابه “مُعيد النِّعَم ومُبيد النِّقَم”، اسم الكتاب كتاب صغير جميل يُقرأ.

وبقي حتى جرى ما جرى، احتكاك الاستعمار بنا ثم جرى موضوع مهم، وهو البِعثات العلمية، فلما بدأت مصر وهي الرأس والأم للدول العربية، لما بدأت تبتعد عن أحكام الشريعة في أواخر الدولة العثمانية بدأوا بالبعثات العلمية، وألَّف رجل مُطَّلِع اطلاعاً واسعاً وكان أميراً من أقارب فاروق في مصر اسمه “عمر طوسون”، له كتاب مطبوع استفدت منه كثيراً، استفدت منه في فهمي، في تعديل فهمي، في كتاب له اسمه “البعثات العلمية”.

وعلَّقت في كتاب حققته لـ “أعلام الشرقية في أعيان 114 هجرية”، وذكر فيها أسماء القضاة، وكيف أنهم بدأوا ينحرفون من الحكم بالشريعة أيام العثمانيين إلى القوانين، وبدأ التقنين شيئاً فشيئاً.

فأمام من قال بالتكفير يحتاج أمامه عقبات لا يستطيع أن يتجاوزها.

فموضوع التكفير كأنهم يتكلمون في الانتقال كأن الأمر وقع دفعة واحدة، الأمر قديم، وهذا يُعمِّق نظرة الإنسان في الإصلاح، وأن موضوع الإصلاح موضوع طويل ليس سهلاً، كُن لَبِنة من اللبنات في الإصلاح، ولو بالدعاء، ولو أن تدعوا لولاة الأمور أن الله عز وجل يشرح صدورهم لأن يحكموا شرع الله، أما أن ترى أن الناس على خلاف ، وأن الناس يطعنوا بعضهم ببعض، فهذه مشكلة، إذا كانت عناصر القوة في الأمة متنابدة لم يقع تطور لها وإصلاح لها.

عناصر القوة في الأمة من ناحية شرعية:
علماء ومساعدوهم، وهم الخطباء والوعاظ (من جهة) ، والسلاطين والأمراء (من جهة).

فالأصل أن تكون العلاقة بينهما علاقة تكامل.

المصدر:
البث المباشر – لدرس شيخنا شرح صحيح مسلم – فضيلة الشيخ مشهور بن حسن آل سلمان.
التاريخ
1 جمادى أول 1447 هـ
23 أكتوبر 2025 م✍️✍️

◀️ الرابط في الموقع الرسمي :

[ الرد على شبهة “أن الخروج على الحكام هو الطريق الوحيد لرجوع الأمة إلى ربها” ]