هل تثبت للصحابي صحبته بمجرد الرؤية أو الإدراك ؟
الجواب :
الصحابة أقسام، فلما قال النبي ﷺ :
« لا تَسبُّوا أصحابي فوالَّذي نَفسي بيدِهِ لَو أنَّ أحدَكُم أنفَقَ مثلَ أُحُدٍ ذَهَبًا ما أدرَكَ مُدَّ أحدِهِم ولا نصيفَهُ ».
الراوي : أبو هريرة | المحدث : الألباني | المصدر : صحيح ابن ماجه | الصفحة أو الرقم : 132
قالوا:
يوجد صحابي ملازم، وصحابي غير ملازم، لكن بركة الصحبة بمجرد اللقيا والإيمان والموت على الإسلام.
-فكل من لقي النبي ﷺ – متفاوتون الصحابة في القرب والبعد منه، لكن كلهم يشملهم اسم الصحابة، ولذا العلماء لَما يقسمون الصحابة إلى طبقات، على حسب الباب الذي يَطرقون.
فابن سعد فصّل في الصحابة وفَصّل في قربهم وبعدهم، وجعل الصحابة في كتابه “الطبقات الكبرى” خمس طبقات، بينما الإمام مسلم في كتابه “الطبقات” جعل جميع الصحابة في طبقة واحدة، وقبل أن يبدأ بالتابعين ذكر طبقة، وهذه الطبقة تكون بين الصحابة والتابعين، فبعد أن سمى الصحابة قال: باب من وُلد في عهد رسول الله ﷺ ، ثم بعد فراغه من هذه الطبقة، وقلنا هذه الطبقة هم صحابة من حيث الرؤيا، تابعيون من حيث الرواية، قال: الطبقة الأولى من أهل المدينة.
فجعل هذه الطبقة بين الصحابة وبين تابعي أهل المدينة، وإلا فالصحابة منهم المكثر ومنهم المقل ومنهم الملازم، ومنهم من لم يرَ النبي ﷺ إلا مرات قليلة، ومنهم من جاءهم من بعيد، وهكذا.
ومسلم بدأ بالصحابة بالمدينة، ثم حوالي المدينة، ثم مكة، ثم الكوفة، ثم البصرة، ثم مصر، ثم الشام.
علم الحديث النبوي استقر في أواخر عهده في الشام، وكان في الشام في البدايات ضعيفاً، وانتهى أمر أهل الحديث في الشام.
المدرسة الشامية التي تمثلت بابن تيمية وأصحابه، وعلى رأس أصحابه المزي، وكان أعلمهم وهو صاحب “تهذيب الكمال” و “تحفة الأشراف”.
تاج الدين السبكي كان على خلاف مع ابن تيمية، وكان والده أشد في الخلاف، والده عليّ ابن عبد الكافي السبكي، وهو واسم والده تقي الدين، وهو تاج الدين عبد الوهاب، قال: كنت أخرج من البيت وأدور على الشيوخ، والوالد لما أرجع يسألني: أين كنت؟ قال: فأسمي له ، فلما كنت أقول له كنت عند المزي، فكان يقول لي: ذاك الشيخ، ذاك الشيخ، ذاك الشيخ، عن المزي.
مات شيخ الحديث في المدرسة بدمشق، فعرضوا عليه أن يكون شيخ المدرسة، ووافق، فقالوا: له، واقِف المدرسة اشترط، اشترط أن يكون مدير دار الحديث النورية أشعرياً.
فقال المزي:
أنا أشعري، أنا على مذهب أبي الحسن الأشعري في كتابه “الإبانة”، أنا أشعري، فَقُبِلَ وصار شيخاً للحديث.
فقالوا لشيخ الإسلام ابن تيمية:
المزي قَبِل أن يكون شيخاً للمدرسة.
فقال شيخ الإسلام -على العادة التي فيه- ، كان يقول -رحمه الله- :
فيَّ حِـدَّةٌ وفي آبائي وأجدادي.
هذا شيء طَـبعي لشيخ الإسلام.
فقالوا له:
المزي أصبح شيخ دار الحديث.
فقال -رحمه الله-:
“باع دينه بعرض من الدنيا”، لأنه قال أنه قَبِلَ أن يكون أشعرياً.
فقال: والله إننا أقرب إلى أبي المعالي الجويني (محمد بن محمد الغزالي) ، ومن أبو إسحاق الإسفرائيني، ومن المدرسة أي أصحاب أبي الحسن، والله إننا أقرب إليه من كتابه “الإبانة” منه.
عاشوا في القرن الخامس، والقرن الخامس قرن مليء بالصراعات العقدية بين المعتزلة وبين أهل الحديث.
فكان جل صنيعهم هدم الاعتزال، وأما تقرير المعتقد والصفات الخبرية والصفات الثابتة في الكتاب والسنة، فقال بها أبو الحسن الأشعري.
المصدر:
فضيلة الشيخ مشهور بن حسن آل سلمان حفظه الله – شرح صحيح مسلم.
29 جمادى أول 1447 هـ
20 نوفمبر 2025 م✍️✍️
◀️ الرابط في الموقع الرسمي :
